|
ثقافتنا العربية اسئلة البحث عن الوجود والهوية
علي حسن الفواز
الحوار المتمدن-العدد: 1493 - 2006 / 3 / 18 - 11:31
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هل تعيش الثقافة العربية مأزقا وجوديا حقيقيا؟ وهل ثمة غياب فاضح لاي مشروع ثقافي فاعل يخرج ثقافتنا من مأزقها وعزلتها؟ وهل وضع المثقف العربي التنويري ساقا على ساق واستسلم لسكرته او هزيمته ؟ وهل دخلت الدولة العربية لعبة التوافق المخذول ما بين دور الحارس على الماضي التليد ودور العسكري المهووس بلعبة النصر حتى ولو على الوهم !!؟ تلك الاسئلة تحتاج حقا الى وقفة تتجاوز التأمل وتدخل في عمق الفحص والقراءة البنيوية الكاشفة عن معطيات هذا المأزق الذي يبدو انه قد وصل الى نخاع الهوية والوجود والذات ، فما الذي حدث ؟ ومن المسؤول عن ذلك ؟ ان ما نفترضه من واقع ومن ازمة ومن اوهام طاعنة انخرطنا جميعا في تداولها لم يكن حادثا بفعل الصدفة .. ولم يتحول الى تهديد حقيقي للفكر دون معطيات وتداعيات وضعت الفكر ذاته خارج حقائق الفحص والتجديد و شرعنة الحرية كخطاب وارادة ومسؤولية وكأن فكرنا هو الوحيد الذي يملك الحصانة ضد حرية الاخرين ويملك شروط وفحولة القوة لانه فكر امة خا لدة!! وبالتالي انتج هذا التقوقع ما بين المحنة والخلود فكرا يابسا انكسر مع اول مواجهة حقيقيا مع العقل الاستعماري ذات الصبغة الامريكية طبعا ! وربما انتج نوعا غرائبيا للمثقف الشرس في عاداته وعقده واوهامه بانه الحارس الامين للهوية !!! ان حديث الهوية هو حديث في غياب انتاج الافكار وتجديد الفاعلية الثقافية عبر تبني الوعي النقدي كضرورة ومفاهيم وصيانة دائمة للفكر .. وهذا ماجعل ثقافة الهوية ثقافة تقوم على الثوابت والمسلمات وتنأى عن التجديد تحت ايهام الذوبان في ثقافة الاخر والانزياح الى مشروعه الاستحواذي...وربما اعطى هذا الفهم الضيق والعزلة مبررا للاخر في فرض معاييره وتسريب ثقافته كمشاريع في الاصلاح السياسي والاقتصادي وفي تسويق تصورات عن مفهوم ديمقراطية الدولة وتعددية والمكونات السياسية في هذه الدولة ،أي تدمير مركزية الدولة العربية التقليدية ذات المرجعيات العسكرية الانقلابية والقبائلية وكذلك في مجال الاصلاح الاقتصادي في فرض نظام الخصخصة ووضع الشروط السوقية للدخول في نظام التجارة العالمي مع افتراض وجو د السوق المتحررة في نظامها البضائعي والاستيرادي والضرائبي بما فيها اقتصاديات الثقافة!! ان هذه الحقائق تبدو غائبة عن بصائر الكثيرين ،ومخفية تحت اوهام كبيرة لم تدرك اسبابها حتى النخب الثقافية العربية التي بدت هزيلة ازاء تداعيات الصراع التنويري الجهالوي !!اذ هربت النخب الثقافية العربية الى المهجر المطمئن وبدأت بتسويق ثقافة الانترنت وثقافة الاعلام الضاج في المكان الغربي و المحدود بنتائجه في حاضنتنا طبعا !!!! وكذلك خلت الجامعات العربية بكل هيلمانها القديم من أي دور فاعل وتأثير حقيقي على الاجيال الجديدة في مجال اشاعة قيم الثقافات الانسانية،،مقابل تحول هذه المؤسسات العريقة في علميتها وتنويرها ورموزها الى مفقس لتفريخ ثقافة العزلة والكراهية والعطالة !! ان مشكلة الصراع مع الاخر تحتاج الى شروط داخلية فاعلة وضرورية وذات موصفات على درجة من العلمية والموضوعية وحتى السبرانية كما يسميها الدكتور علي حرب من اجل افتراض مواجهة حقيقية تحاول منع الاستحواذ والاحتلال وفرض ثقافة الحرمان وتغييب الهوية كما يقول اصحابها،دون النكوص والاستكانة عند مجموعة من المفاهيم المستهلكة والعاطلة وغير القادرة على تحويل الوعي الى سلوك ، والسعي الى تأسيس مشروع ثقافي/ حضاري يقوم على حراك الفكر وانتاج المفاهيم التي تجعل المثقف/ البطل في نسق يؤكد حيويته خارج اطار ادلجة التاريخ والعقائد والمعنى.. من هذه الزاوية يمكن النظر الى الواقع مكشوفا ومؤنسنا ،وخاليا من عقد وامراض نخب اصحاب الهويات ، الذين لايعرفوا ان يدافعوا عن هوية وجودهم سوى الانعزال والعطالة وفرض خطاب الحرب العشوائية على كل القيم والمعايير الخارجة عن سياقهم ،،وبالتالي سيكون الوجود العربي هو الهدف الواضح للبلدوزر الغرب/ امريكي وسياساته التي تعمد الى القسوة والتطعيم الاجباري !! لذا نحن اما م استحقاقات حقيقية في ضرورة الانعتاق من هذه الواحدية والعمل على انتاج معنى اخر في التعاطي مع اليات الصراع والتحول من صناعة الايدولوجيات الى صناعة مشاريع حضارية تدرك ان الهوية ليست خارج الحضارة وليست خارج التواصل والتحول ،اذ هي غير محددة الشكل والمعنى لانها تأخذ شكل الوجود المتحرك والمفتوح على طاقة الانسان في عمله وفي قدرته على بناء علاقات انسانية منتجة تقوم على التسوية او على الاعتراف المتبادل كما يقول علي حرب .. ان تقويم هذه التوجهات لايحدث خارج نظام الدولة ،وان حديث الثقافة النقدية وتشكيل ملامح نخب ثقافية فاعلة واعادة الثقة بالجامعة كمؤوسسة حقيقية للتنوير العلمي والتعليمي والثقافي لايحدث ايضا خارج وجود دولة حقيقية وقوية لها مؤسساتها ولها خطابها ولها شرعنتها في الادارة وتصريف شؤون العباد ضمن سياقات العدل الاجتماعي وحقوق الانسان ، اذ تمثل الدولة هنا الواقع العياني والجهة التخطيطية والتمويلية والرقابية التي تضمن وتحمي المتحقق على الارض ..لذا لا بناء حقيقي دون دولة حقيقية ، واظن ان بناء الدولة هو المشكلة الحقيقية التي ينبغي ان تدركها القوى الصراعية ، وان تقف ازاءها بحجم مسؤولياتها وايمانها بجدية وجود الدولة التي تنتمي الى العصر وتتفاعل مع المحيط العالمي ومع تحولاته ، اذ لاوجود لدولة خارج العالم !!! ولا وجود لدولة تضع التاريخ فقط ايديولوجيا وحيدة لها ..ان وجود الدولة القوية ، الدولة المؤسسية هو الضامن الوحيد للحفاظ على الوجود ،وهو الكفيل بانتاج النخب الفاعلة الحاملة لحراك الهوية والفكر ضمن سياق حضاري يمشي على قدمين ...
#علي_حسن_الفواز (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الهوية الوطنية اشكالات واسئلة الحلقة الاولى
-
اصعد قريبا من مراثيك يا عراق
-
حرية المرأة العربية وشروط الحاكمية السياسية
-
اديب كمال الدين محاولة في كتابة اللذة
-
عدت وحيدا الى وجهي
-
الثقافة العربية/ موت المركز
-
المثقف00تراجيديا الاسئلة وكوميديا الاخطاء
-
كيف نرمي الحجر على التكرار؟ كيف نصنع سؤالنا في الحداثة؟
-
مراثي الجسد
-
مطاع صفدي قراءة في اجندة المثقف الاشكالي
-
امال موسى // الكتابة بشروط
-
اعلامنا العربي حريات هاربة وحلول مؤجلة
-
جمانة حداد الكتابة عند احتمال الحرية
-
الشعرية الكوردية الجديدة انكشافات الجسد والمعنى الشاعر ئاوات
...
-
ثقافة الاستبداد اوهام الدولة وخواء النخب السياسية
-
الشاعرة رنا جعفر ياسين/ محاولة في الكتابة الحية
-
هل انتهى عصر اليسار الثقافي
-
صدمة الثقافة..اسئلة في صناعة الخيميائي
-
عقيق مصري_مجموعة جديدة للشاعر شاكر لعيبي
-
خزعل الماجدي_ الشعر الشرقي او الكتابة عند احتمال الجسد
المزيد.....
-
الشرطة الإسرائيلية تحذر من انهيار مبنى في حيفا أصيب بصاروخ أ
...
-
نتنياهو لسكان غزة: عليكم الاختيار بين الحياة والموت والدمار
...
-
مصر.. مساع متواصلة لضمان انتظام الكهرباء والسيسي يستعرض خطط
...
-
وزير الخارجية المصري لولي عهد الكويت: أمن الخليج جزء لا يتجز
...
-
دمشق.. بيدرسن يؤكد ضرورة وقف إطلاق النار في غزة ولبنان ومنع
...
-
المكتب الإعلامي الحكومي بغزة: القوات الإسرائيلية تواصل انتها
...
-
الدفاع الروسية تعلن القضاء على 360 عسكريا أوكرانيا على أطراف
...
-
في اليوم الـ415.. صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لضحايا الحرب الإس
...
-
بوريل: علينا أن نضغط على إسرائيل لوقف الحرب في الشرق الأوسط
...
-
ميقاتي متضامنا مع ميلوني: آمل ألا يؤثر الاعتداء على -اليونيف
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|