محمد المحسن
كاتب
الحوار المتمدن-العدد: 5869 - 2018 / 5 / 11 - 00:37
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
"هذه أمة لو جهنم..صبّت على رأسها ستظل أبدا واقفة ( مظفر النواب بتصرف طفيف)
لست أدري لماذا كلما تحدثت عن الدياجير،الظلم والظلام التي عاشتها تونس عبر عقدين ونيف من الظلم الكافر،والقهرالسافر،إلا وتذكرت ذلك المناضل العتيد الذي كنت أنادية"غيفارا"..في حين إسمه الحقيقي الطاهر بريبش أصيل محافظة تطاوين..بالجنوب الشرقي التونسي..
،هذا الرجل أفنى جزءا من عمره في النضال النقابي بإرادة قذة وعزيمة لا تلين مدافعا -شرسا-عن حقوق العمال والأجراء سيما أولئك الذين يعملون في حقول النفط حيث كانت الشركات العملاقة والمتعددة الجنسيات تمتص عرق جباههم-دون خجل أو وجل-وتكدّس الثروات لتدعيم البرجوازية الكمبرادورية ورأس المال المتوحش..
هذا الرجل (الطاهر بريبش) لم ينحني أمام العواصف العاتية التي كانت رياحها السموم تهب على تونس من الجهات الأربعة محمّلة بالقهر والإستبداد..
ولم يهادن، ولا نال الجزع والخوف منه..كان جسورا في مواقفه النضالية،خطيبا بارعا أمام العمال المقهورين يدعوهم للصبر والثبات وينير دروب الحقوق المشروعة أمامهمم..مدافعا صلبا عن الحقوق السليبة والمستلبة..ومتمترسا بالتالي بجسارة من لا يهاب سياط الجلاد ولا حلكة السجون ولا غلظة القضبان عن الأرض والعرض والكرامة تونسية كانت أو عربية بشكل عام..
حين درست أصوله القبلية التي ينحدر منها فؤجئت كونه ينتمي إلى قبيلة "العمارنة" هذه القبيلة التي عرف منتسبيها بدماثة الأخلاق و-الكرم الحاتمي- والإنتصارالجاسر للعدل والعدالة-دون الإستنقاص من قيمة بقية القبائل التونسية العربية-..
عدد كبير من أجداده القدامى حملوا السلاح في وجه المستعمر الفرنسي وعانقوا الشهادة بإستبسال خلّد التاريخ ذكراه..رفعوا راية التحدي أمام جند جاؤوا من وراء البحار ليعيثوا في بلاد( تونس) ليست بلادهم فسادا و-ينهبوا خيراتها-عبر عقود عجاف..بقوة الذراع والسلاح..
زمنئذ كانت هذه القبيلة (العمارنة) التي ينحدر منها المناضل الطاهر بريبش تدرك أن لا صوت يعلو فوق صوت الحق، ولا حقوق مغتصًبة تسترد عبر الذل والإهانة..ومسح حذاء المستعمر البغيض..فلعلع الرصاص وارتفعت رايات الكفاح المسلح عاليا منادية بالإستقلال الذي تحقق سنة 1956 بإرادة الرجال وعزائم أبطال ما هادنوا الدهر يوما..
حدثني والدي-رحمه الله-عن والده خليفة بريبش(أقصد والد الطاهر بريبش) قائلا بفخر واعتزاز :" عاشرته،وخبرته وقد كان من معدن صلب ومن سليلي الكرام..فضلا عن كونه جسور في مواقفه سيما إذا كان الأمر يتعلّق بمبادئ حقوق الإنسان وبالدفاع عن أرض داستها سنابك خيل الغزاة..كما كان أيضا من الرماة المهرة لا تخطئ رصاصته صدر العدو كلما ضغط إصبعه على الزناد..إلخ.."
وإذن؟
لا غرابة إذا، أن يكون الإبن البار(الطاهر بريبش) نسخة لأبيه..فالمسألة ليست بيولوجية فحسب ،بقدر ما تخضع لمبادئ وقيم تتواراثها الأجيال عبر العصور والأزمنة..
وقد وددت من خلال هذه الإطلالة السريعة توجيه تحية إجلال وإكبار إلى هذا الذين المناضل الفذ (الطاهر بريبش)، وأمثاله بتونس التحرير كثر..وأشير إلى أولئك الذين قالوا لكل حاكم مستبد بملء الفم والروح والعقل والقلب والدم لا..ولو صّبت جهنّم فوق رؤوسنا "سنبقى شامخين..
#محمد_المحسن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟