|
كلمة مؤلفة من أربعة حروف
أوري أفنيري
الحوار المتمدن-العدد: 1492 - 2006 / 3 / 17 - 11:54
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
باللغة العامية الإنجليزية، "كلمة مؤلفة من أربعة حروف" هي كلمة بذيئة. إنه وصف سوقي لممارسة جنسية، وشخص مؤدب لن يستخدمها.
يتضح الآن، أنه باللغة العبرية أيضا، هناك كلمة مؤلفة من أربعة حروف، لن يستخدمها شخص مهذب، وخاصة في معركة انتخابية. كل من يتوخى الحذر (السياسي) سيبتعد عنها كما يبتعد عن النار.
هذه الكلمة هي: "سلام".
لقد انتقلت هذا الأسبوع الدعاية الانتخابية، من الشارع إلى البث في التلفزيون والراديو.
نتيجة لذلك، انتقلت الانتخابات من أيدي السياسيين إلى أيدي "الخبراء": الإعلاميبن، الكوبيرايتات و"الاستراتيجيين" على أنواعهم. إنها مجموعة ساخرة بطبيعتها. على الأغلب، الإعلامي هو كالمرتزقة، مثله مثل المحامين. يقدم خدماته اليوم لحزب يساري، وغدا لحزب يميني. آراؤه الشخصية غير مهمة، "بيزنس إز بزنس".
عندما يخطط إعلامي لبث دعاية انتخابية، لا يكون هدفه شرح خط الحزب الذي استأجر خدماته، بل جذب أصوات لهذا الحزب. إنه يشبه خداع النظر في السيرك أكثر من المبشر.
تشبه الحملة الانتخابية الفستان: هدفها إظهار الأعضاء الجميلة وتغطية أو غمغمة الأقل جمالا منها. الفرق هو أنه بمقدور الإعلامي اختلاق أعضاء غير موجودة وبتر أعضاء موجودة. كل وفق "احتياجات السوق".
أكثر ما يقلق الإعلامي هو إذا تحدث، لا قدر الله، المرشحون عن آرائهم الحقيقة وأفسدوا عليه مسرحيته. كما قال لي إعلامي معروف: "بيع زعيم حزب هو كبيع معجون أسنان، غير أنه هناك فرق واحد: لا يمكن لمعجون الأسنان أن يتكلم".
لذلك، لا تبين الحملة الانتخابية الكثير عن أهداف زعماء الأحزاب الحقيقية وعن أحزابهم. يجدر الافتراض مسبقا بأن معظم الأمور التي تظهر في الدعايات الانتخابية، مثلها مثل الاحتيال. إذا نشرت شركة تجارية في البورصة منشورا كاذبا كهذا، لكانت ستحاكم.
هل هذا يعني بأن الدعاية الانتخابية ليست مثيرة؟ على العكس، إنها تثقف كثيرا. فهي لا تعكس موقف الأحزاب الحقيقي، بل تعكس رأي الجمهور بشكل جيد. ولنكون أكثر دقة: رأي الجمهور كما يراه المهنيون، الذين يستعينون باستطلاعات الرأي اليومية، مجموعات الهدف، وغيرها.
على خلفية هذا الأمر يجب اختبار الدعايات.
عندما تحليل شارلوك هولمز لأحد ألغازه الغامضة، قال أن الحل كامن في نباح الكلب. "ولكن الكلب لم ينبح" تعجب مساعده. "هذا هو الموضوع" رد عليه شارلوك.
أكثر الكلمات بروزا في الدعايات الانتخابية الحالية، هي الكلمة التي لا تظهر فيها، كلمة "سلام".
لن يفهم الأجنبي هذا الأمر. فإسرائيل موجودة في حالة حرب مستمرة. فالدعايات بحد ذاتها مليئة بمسيرات حماس والإرهابية. فالتخوف من العمليات التخريبية يتزايد في إسرائيل أكثر من أي تخوف آخر. يقول المنطق، أن الحزب الذي يعد بإحلال السلام يجب أن يصل إلى ذروة من الشعبية. ويا للعجب: لم يطالب أي حزب هام هذا التاج لنفسه. إضافة إلى ذلك: لا يهمس أي حزب بهذه الكلمة في دعاياته.
تتحدث "كديما" عن الأمل، الأمل، الأمل دون أن تشرح عن أي أمل تتحدث، أمل بماذا. تتحدث عن "القوة" وحتى عن "احتمال لخطوة سياسية". السلام يوك.
وصلت "كديما" إلى ذروتها في الفليم الذي حاول فيه امتلاك هرتسل، بن غوريون، بغين، شارون ورابين. يظهر هرتسل، مؤسس الصهيونية، بن غوريون يعلن عن قيام الدولة، بيغين يصنع السلام مع مصر، شارون يقطع القناة في حرب يوم الغفران ورابين يصنع السلام مع الملك حسين.
الملك حسين؟ لحظة واحدة. ألم يوقع رابين اتفاقية مع منظمة التحرير الفلسطينية أولم يصافح ياسر عرفات؟ ألم يحز على جائزة نوبل للسلام بفضل ذلك؟ فالسلام مع الملك حسين كان عملا تم تنفيذه بشكل مرتجل، بعد أن كان ملك الأردن، حليفا غير رسمي طيلة 40 سنة. ولكن قررت "كديما" بأنه ممنوع، بأي شكل من الأشكال، إظهار عرفات. فسيتهمونها، لا قدر الله، بالطموح إلى سلام مع الشعب الفلسطيني!
من الممكن أن يتم إغواء عمير بيرتس وأن يتحدث عن السلام، إنما قام الخبراء بسد فمه قبل فوات الأوان. إنه يشعر بأمان أكثر عندما يتحدث عن أولاد بلا طعام ومسنين بلا مخصصات التقاعد.
من الواضح بأن الليكود لا يتحدث عن السلام. أكثر ما يعرفه بنيامين نتنياهو هو دب الرعب. لهذا الهدف، يخرج من مخزن السلع البالية، بعض الجنرالات المستعملة، الذين يشهدون على أن حماس والسلطة الفلسطينية هما تهديدا استراتيجيا على وجود إسرائيل، وكذلك أيضا قنبلة إيران المخيفة. فقط بيبي العظيم يعرف كيف يتعامل مع هذا الأمر. سلام؟ أضحكتموه!
أكثرهم تسلية هي ميرتس، الحزب الذي يترأسه يوسي بيلن، مخترع مبادرة جنيف. حملتها الرئيسية تظهر رجالا ونساء يغرزون الأوراق في حائط المبكى. يتمنون أمنيات: امرأة تتمنى الحصول على لقب جامعي، رجل يتمنى الزواج من رجل، جد يتمنى الحصول على مال لشراء هدايا لأحفاده، مسيحية تتمنى بأن يعترف بها كيهودية، أم تتمنى إرسال أطفالها إلى روضة الأطفال، امرأة تتمنى الطلاق. وما هو الأمر الذي لا يتمناه أحد، حسب رأي إعلاميي ميرتس؟
لقد أصبتم: السلام.
ماذا يقول هذا عن الجمهور الإسرائيلي في شهر آذار 2006؟
أن معظم الإسرائيليين اليهود لا يؤمنون بالسلام. ينظرون إلى السلام كأمر خيالي، أمر لا أساس له على أرض الواقع. ينظر إلى الحزب الذي يتحدث عن السلام وكأنه يعيش في عالم الهذيان. الأنكى من ذلك أنه يمكن النظر إليه كحزب "يحب العرب". وما الذي يمكنه أن يكون أفظع من ذلك؟
إذن لماذا نقول "نعم"؟ نعم لدولة يهودية فيها أغلبية يهودية كبيرة قدر الإمكان. هذا متفق عليه من قبل كل الأحزاب اليهودية. نعم لرسم حدود إسرائيل الدائمة بخطوة أحادية الجانب، دون إجراء محادثات مع هؤلاء الفلسطينيين. لقد انتخب الفلسطينيون، كما هو معروف حركة حماس ويريدون القذف بنا إلى البحر. إذن ليس هناك ما نتحدث معهم عنه.
أي حدود؟ يكشف إيهود أولمرط تدريجيا عن نواياه. خارطته لن تفاجئ قراء هذه الزاوية. إسرائيل الكبيرة التي يطمح إليها ستضم كل الأراضي المعزولة بين الجدار وبين الخط الأخضر. إضافة إلى ذلك فإنها تضم غور الأردن؛ القدس الكبرى التي تشمل كتلة معليه أدوميم والمنطقة الواقعة بينها وبين المدينة (من خلال التنازل عن بعض الأحياء العربية المكتظة)؛ كتلة المستوطنات في أريئيل، ألفي منشي، موديعين عيليت وغوش عتصيون؛ و"مناطق أمنية خاصة". يشدد أولمرط على عدم رسم خارطة واضحة، حيث سيكون من غير الواضح إلى أين سيتم نقل حدود الكتل الاستيطانية. لكنه من الواضح بأن النية هي ضم أكثر من نصف الضفة الغربية.
بعيني نتنياهو، هذه خيانة بحتة، استسلام مخز للعرب. إنه يدعي في حملاته بأن حدود أولمرط هي حدود الكارثة. يرسم الليكود بالذات، خارطة وفيها تمت إزاحة الجدار إلى قلب الضفة الغربية.
يوافق حزب العمل وميرتس، من الناحية المبدئية، على ضم الكتل الاستيطانية، ولكنهما لا ينشران خرائط. يتكلم الحزبان بهمس عن تبادل الأراضي، دون تفصيل مواقعها. لا عجب في هذا: إنهما يطمحان، علنيا تقريبا، بالانضمام إلى الائتلاف بزعامة أولمرط، الذي سيتم تشكيله بعد الانتخابات. خارطة الائتلاف أهم من خارطة الضم.
والسلام؟ شششششش..
#أوري_أفنيري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اللعبة الكبيرة ما زالت مستمرة
-
مؤتمر فريد من نوعه
-
مؤتمر فريد من نوعه
-
حرب بين الأديان؟ أعوذ بالله!
-
سر -كديما
-
بين انتقام وانتقام
-
التحدث مع حماس!
-
واه حسرتاه، يتيم أنا
-
يا لهم من أصدقاء...
-
من يحتاج إلى جمل؟
-
عازف الناي من هملين
-
ابنة المارد
-
لعنة الآلهة
-
بيرتس ليس بيرس
-
أبو مازن والبط الأعرج
-
إلى أين عادت سميرة؟
-
سلام بدل سلامي
-
المنازلون
-
إجماع جديد
-
مسمار جحا
المزيد.....
-
كيف يعصف الذكاء الاصطناعي بالمشهد الفني؟
-
إسرائيل تشن غارات جديدة في ضاحية بيروت وحزب الله يستهدفها بع
...
-
أضرار في حيفا عقب هجمات صاروخية لـ-حزب الله- والشرطة تحذر من
...
-
حميميم: -التحالف الدولي- يواصل انتهاك المجال الجوي السوري وي
...
-
شاهد عيان يروي بعضا من إجرام قوات كييف بحق المدنيين في سيليد
...
-
اللحظات الأولى لاشتعال طائرة روسية من طراز -سوبرجيت 100- في
...
-
القوى السياسية في قبرص تنظم مظاهرة ضد تحويل البلاد إلى قاعدة
...
-
طهران: الغرب يدفع للعمل خارج أطر الوكالة
-
الكرملين: ضربة أوريشنيك في الوقت المناسب
-
الأوروغواي: المنتخبون يصوتون في الجولة الثانية لاختيار رئيسه
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|