أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - احسان طالب - المعالجة الواعية للتطرف النصوص التاريخية غير قابلة للحذف !















المزيد.....

المعالجة الواعية للتطرف النصوص التاريخية غير قابلة للحذف !


احسان طالب

الحوار المتمدن-العدد: 5868 - 2018 / 5 / 9 - 17:29
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


في موضوع ما شاع عن طلب حذف آيات من القرآن بحجة معادات السامية ، تبدو المسألة في غاية السذاجة والسطحية بعيدة عن التحليل الواقعي والتاريخي ، في التاريخ ما قبل الف وأربعمائة سنة ، وضع القرآن اليهود في مكانة معينة باعتبارهم أهل كتاب وذمة ، تآمر اليهود على النبي محمد في المدينة فعاقبهم عقابا شديدا مؤلما ، ولا ابحث هنا عن حيثيات الحدث بقدر ما أفتش عن السرد . عاش اليهود في بلاد المسلمين في ظروف سمحت لهم بالبقاء والاستمرار كأصحاب دين مميز ومختلف بمظاهر سلوكه وأماكن تعبده ، على ما تلك الحالة من تمييز وتباين مفارق لمفهوم المواطنة ، في أوربا سأذكر حادثتين تاريخيتين ، محاكم التفتيش في القرون الوسطى ، وكما هو معروف هي محاكم دينية بحتة معتمدة على النصوص المقدسة ، وهي موجهة قبالة المهرطقين والمبتدعين والسحر ، وكانت حجر زاوية في استئصال المسلمين واليهود من اسبانيا والبرتغال ، الحادثة الأخرى ما عرف تاريخيا بالهولوكوست التاريخ: 30 يناير 1933 – 8 مايو 1945 وهي حالة تطهير عرقي وإبادة جماعية ضد اليهود ابان حكم النازية الألمانية ،
بالعودة للحاضر القريب ننظر في فصيلين من فصائل الإرهاب المنتسب للإسلام وأقصد القاعدة وتفرعاتها وداعش وأمثالها ، لم نعرف أبدا أية وقائع قامت بها تلكما الفرقتان بأعمال ارهابية محددة ضد اليهود ، بل كان جل ارهابهم موجها نحو المسلمين والمسيحيين ، 11/9/2001.
النصوص التي طلب حذفها والموجة حسب الفهم ضد السامية ، موجودة منذ قرن وأربعمائة سنة ولم تتسبب لا بمحاكم تفتيش ولا في هولوكست أما الإرهاب المعاصر فوجه بالمقام الأول ضد المسلمين وسواهم ،
هذا يجعلنا نفكر جليا بتأثير ومفاعيل النص تحديدا ، فأمثال النصوص المتشددة بل وأكثر من التشدد متوفر في كافة الكتب المقدسة حتى في الكتب أو الرسالات غير السماوية ،
لا يصح إنكار تأثير النص ، بيد أن التحقيق يوجب النظر لجملة العوامل المؤثرة في الفعل والسلوك ، وتلك الفواعل في بناء منظومة المدرك كما الا وعي الفردي ، وكما العقل الجمعي والحس المشترك ، بمحاذاة الظرف التاريخي ، سياسيا واجتماعيا ونفسيا في المقام الأول ، وبتقديري يدخل العامل الاقتصادي بتأثيرات محددة ، تتلاشى أحيانا باعتبارها مؤثرا أو عاملا من العوامل المتهيئة لفعل الإرهاب .
هكذا تبدو المطالبة بإقصاء نصوص بعيها سطحية وساذجة ، فالعلاجات تبدأ من بناء العقل وتشييد الوعي وتهيئة الإدراك وإرساء قيم الإنسان والأخلاق في بنية عقل وتفكير الفرد والمجتمع المنعكس تلقائيا سلوكا وتفكيرا ، كما هو سائد كعادات وتقاليد وأقيسة .
العقل المبني بأساليب منطقية ، والوعي المبني بقيم أخلاقية وإنسانية ، والإدراك المهيأ للتحليل المنطقي ، والنفوس المستقرة المترفعة عن الأمراض النفسية ، كما المجتمعات المنتظمة في معترك التقدم والنهضة والحداثة ، لا تحركها النصوص تلقائيا ، ولا تتصرف فرديا دون محاكمات عقلية إدراكية ، وحتى في ردود الأفعال التلقائية تبقى مضبوطة بقيم وتقاليد راسخة في العقل الباطن . فالمعالجة النصية جزء مهم وضروري ؛ لكن التحليل الظاهراتي ـ الفينومينولوجي ـ لوقائع وحوادث وحتى مفرزات الإرهاب كظاهرة ، تستوجب فهم الحدث والواقعة التاريخية أولا دون أحكام مسبقة ، وثانيا بموضوعية وحيادية ، وثالثا بشمولية وجودية ، فتكون ظاهرة التطرف والكراهية قضية بشرية تبحث في الواقع بتجلياتها الكلية ، بدءً من الدراسة النفسية والاجتماعية والحالة الثقافية ثم الظرف السياسي ،بمحاذاة البعد الاجتماعي وتفكيك عناصر الحس المشترك والعقل الجمعي للمجتمعات ، وتأثيرات التربية ومناهج التعليم ، ومؤثرات التنمية البشرية والاقتصادية .
المسألة ليست نصا فقط ، ذلك النص عادة ما يكون مضبوطا بالمفاهيم الشائعة ، وبالتفاسير المستقرة في الثقافة العمومية والوجدان الفردي والجمعي ، كما أنه ذو صلة عميقة بالمؤسسات التاريخية والاعتبارية ـ المرجعيات بكافة أشكالها ـ فبناء معالجة التطرف على تفكيك النص فقط والشحن الديماغوجي ضد أشخاص أو فئة أو مجموعة بذاتها ليس إلا رد فعل متسرع وسطحي ، ودليل عجز عن فهم ومعالجة فكر وثقافة الإرهاب .
الفكر المتشدد والمتطرف المفضي لفكر إرهابي أصبح ظاهرة اجتماعية كامنة ، في البعض من شرائح المجتمعات العربية والإسلامية ، ولا يبدو أنه أنحسر بما فيه الكفاية بعد انحساره بالقوة من رقعة هائلة من سوريا والعراق ولبنان وغيرها من البلاد العربية ، فما فتئت العوامل المحرضة لإنتاج بيئة حاضنة وثقافة رائجة متهيئة ـ بالإمكان ـ لبروز أشكال ومظاهر وصور مختلفة لهيئات منظمة تتحرك بمنظومة عقائدية وفكرية تجير النص لصالح العقل والفعل الإرهابي ، وتظل في كل الظروف المعالجة النصية العلمية المتخصصة عنصرا هاما وضروريا في تفكيك منظومة الإرهاب والتطرف سلوكا وتفكيرا ، ولكن لا يجوز التقليل من أهمية وضرورة تفكيك الظروف المنتجة أيا كانت سياسية ونفسية واجتماعية وثقافية. من المفيد الانتباه إلى آلية التأثير الاقتصادي في مجمل البحث بموضوع الإرهاب والتطرف ،
بالرجوع إلى التحليل الظاهراتي ـ دراسة الظاهرة بالتحليل المنطقي كما هي في الواقع ، أي تفكيك عناصرها كموجود كما هو ـ أنطولوحية ـ نستطيع استظهار تأثيرات معينة تساعد على بروز قيم اجتماعية ذات تأثيرات سلوكية اجتماعية وفردية ، المجتمعات الفقيرة ليس بيئة متهيئة تلقائيا لقبول ثقافة التطرف وما يليه ، كما أن المجتمعات المرفهة أو تلك المستقرة ماديا ، ليست أيضا مستبعدة تلقائيا عن انتاج أفراد أو مجموعات منخرطة بالسلوك والتفكير المتشدد و الإرهابي ،
فالعامل الاقتصادي ليس محركا مباشرا على الإطلاق بل العامل القيمي والأخلاقي والعقل الجمعي والحس المشترك هي المحرضات الداخلية بالمقام الأول ، فأي كانت تلك العوامل متوفرة ـ قيم خيرة أو قيم شريرة ـ تفعل فعلها بصرف النظر عن المستوى الاقتصادي والاجتماعي ، وما هذا إلا بالنظر للأشخاص والمجموعات التي مارست الإرهاب المنتظم والفردي منذ الربع الرابع من القرن الماضي و العقدين الأولين من القرن الحالي .
نحن ننظر للظاهرة بمفرداتها الواعية الموجودة أمامنا ، فنشاهد أشخاص ومجموعات متفاوتة اجتماعيا واقتصاديا تلتحم حول ثقافة تكفيرية متطرفة ، ومن ثمة تنتظم بتنظيمات إرهابية ، طبعا بالتفتيش الأعمق سنجد مجموعة من العوامل تساعد وتساهم في الانقياد نحو السلوك والتفكير أيا كان توجهه ، بالتأكيد لا يصح انكار تأثير الفعل المادي في انتظام مجموعات وأفراد بهيئات إرهابية ، فلولا الرواتب والمعاشات لانفكت أعداد كبيرة عن التنظيمات الإرهابية ، مع ملاحظة أن الفرد قد يضحي بجزء وفير من مستحقاته كتضحية مبررة لفعل وعمل يظن خيريته وصوابه ، أي بدوافع وجدانية ونفسية واجتماعية . بذات السياق لا يصح انكار أهمية التنمية الشاملة والمستدامة والعادلة للمناطق المهمشة والمهملة على صعيد الخطط التنموية والاقتصادية الوطنية ، كجزء من منظومة متكاملة لمكافحة البيئة المواتية لنمو وترعرع بذور التشدد والتطرف ، المتوفرة في المورث ، والحائزة على مكانة مستقرة في الوعي الفردي والعقل الجمعي .
لمزيد من دراسة ظاهرة الإرهاب يرجى مراجعة : تفكيك أصولية التكفير
الحوار المتمدن-العدد: 4847 - 2015 / 6 / 24 - 15:42
أيضا : الإحراق فتوى تخالف النص وتحرق المجتمع معالجة فقهية أصولية
الحوار المتمدن-العدد: 4711 - 2015 / 2 / 5 - 01:11



#احسان_طالب (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكهف الأفلاطوني الحديث والمعاصر *
- مقاربة حداثية للتراث *
- ما هو النص ؟ معنى الإشكالية بين المحكم والمتشابه
- الحضور الأنطولوجي للعلم إشكالية المشروع الإسلامي
- القلق؛ فعل فكّر ومسألة الشعور :دراسة فلسفية
- بحث في الظاهرة الاجتماعية : العنف ضد النساء كأنموذج
- في انطولوجيا الذات والنفس والمعرفة
- الوجود عند أبي هذيل العلاف وإبراهيم النظّام ، مقاربة ميكانيك ...
- التنوير كأفهوم من أبيقور إلى كانط ومابعده
- ماهية الحقيقة والأوهام الأنطولوجية : دراسة فلسفية
- الماهية عند أرسط: المقولات العشر ، القياس
- كتابة الأبحاث والرسائل الجامعية والدراسات نصائح وأفكار
- ممارسة الفلسفة -التفلسف- غيّر نمط حياتك
- تفكيك أصولية التكفير
- ترانيم ذات صوفية
- ما هي متطلبات المرأة بناء الحب الحقيقي
- استراتيجيات ومهارات فن الحوار والتفاوض الفعال الجزء الثالث
- تأملات فلسفية في الأنطولوجيا والحقيقة والإنسان
- الإحراق فتوى تخالف النص وتحرق المجتمع معالجة فقهية أصولية
- اكتشاف عالم عماد شيحا الأسطوري إبحار عبر أمواج رواية بقايا م ...


المزيد.....




- مجلس الإفتاء الأعلى في سوريا.. مهامه وأبرز أعضائه
- الرئيس بزشكيان: نرغب في تعزيز العلاقات مع الدول الاسلامية ود ...
- ضابط إسرائيلي سابق يقترح استراتيجية لمواجهة الإسلام السني
- المتطرف الصهيوني بن غفير يقتحم المسجد الأقصى
- اكتشافات مثيرة في موقع دفن المسيح تعيد كتابة الفهم التاريخي ...
- سياسات الترحيل في الولايات المتحدة تهدد المجتمعات المسيحية
- مفتي البراميل والإعدامات.. قصة أحمد حسون من الإفتاء إلى السج ...
- إسرائيل تكثف غاراتها على غزة وتقصف المسجد الإندونيسي
- استقبلها الآن بأعلى جودة .. تردد قناة طيور الجنة TOYOUR EL-J ...
- منظمة: 4 من كل 5 مهاجرين مهددين بالترحيل من أميركا مسيحيون


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - احسان طالب - المعالجة الواعية للتطرف النصوص التاريخية غير قابلة للحذف !