|
-إشكالية تغيير المعتقد بالمغرب بين تراجيديا الرفض الإجتماعي وقفص الردة-
يوسف الغبوري
(Youssef El Ghabouri)
الحوار المتمدن-العدد: 5867 - 2018 / 5 / 8 - 20:47
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
إشكالية تغيير المعتقد بالمغرب: بين تراجيديا الرفض الاجتماعي وقفص الردّة
بقلم: يوسف الغبوري طالب باحث بماستر السوسيولوجيا والتحولات المجتمعية
شكلت أزمة التحول الديني في المغرب المعاصر إشكالية مرجعية في البحث السوسيولوجي، واستدعت الكثير من الأرق المعرفي والقلق العلمي خصوصا مع تفشي هذه الظاهرة في المجتمع . إن التحول الديني انتقل من كونه واقعة اجتماعية تتذيل الجسد الإجتماعي إلى ظاهرة تكتسحه، وتهدد تضامنه وترابطه، غير أن الإهتمام بهذه الظاهرة جعلت العديد من الدراسات التي تناولتها ركزت على نسق نظري مجرّد، أو أجزاء دراسات امبريقية ضيّقة النطاق تضع مجهر البحث حول التركيز على طرفي التحول: أي دراسة الدين الذي تحوّل إليه والدين الذي تحول عنه الفرد، دون الإهتمام بالتحول كظاهرة اجتماعية ومحاولة إخضاعها للعمق السوسيولوجي . عندها استوحيت فكرة الإشتغال حول نفس الموضوع "التحوّل الديني" لكن من زاوية تناول مغايرة تماما وفي سياق مرحلة من التفكير العميق في هذا الإشكال الإبستيمولوجي. إنّ مفهوم التحوّل الديني هو مفهوم فضفاض وشاسع، فمن جهة نجد أن الضرورة العلمية تقتضي أن نحصر مجال اشتغالنا في زاوية علمية معيّنة، ومن جهة أخرى الوفاء للمتن المنهجي والنظري من أجل خلق رؤية علمية متماسكة لموضوع دراستنا هذا، وعليه سنختار التحوّل الديني من الإسلام إلى المسيحية، هذه الظاهرة التي خلقت لي قلقا معرفيا وأنطولوجيا حول الأسباب العميقة التي تدفع بالشباب اليوم لدخول المسيحية دون غيرها من الأديان. هنا خالجتني فكرة الإشتغال حول موضوع الأقليات الدينية المسيحية، هذا التحوّل ليس فقط مجرّد انتقال من دين لآخر، أو من أشكال طقوسية إلى أخرى... إنه عبور روحي إنساني كامل من وضع قانوني وديني واجتماعي إلى آخر، بما يستتبع ذلك من اضطرابات يتعرّض لها المتحوّل وتهزّ الأركان على جميع المستويات. فمن جهة نجد أن المتحولون نحو المسيحية مهددون بالمادة 220 من القانون الجنائي التي تعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات كل من يستخدم وسائل الإغراء لزعزعة عقيدة المسلم أو تحويله إلى دين آخر، والكثير من الأسئلة يمكن أن نطرحها بصدد هذه المادة وغيرها من المواد في القانون الجنائي والتي نلاحظ من خلالها حماسا قانونيا مفرطا يريد الدّفاع عن دين احد، رغم أن النص القانوني لا يتحدّث عن الدين إلا بصيغة الجمع "الأديان". إن السؤال السوسيولوجي يقوم بتسييج كلّ حقل إبيستيمولوجي مهما كانت حساسيته، ممّا يفرض نوعا من الجرأة والصّرامة العلمية والمنهجية، ومن جهة أخرى شساعة الصدر، فالسوسيولوجيا تقترح نفسها كمعرفة لتفهم مختلف الظواهر الاجتماعية و في جميع تمظهراتها وسياقات انبنائها، لأن الواقع الاجتماعي لا يجيب إلا إذا سألناه. وكذلك الشأن بالنسبة لهذه النصوص القانونية، لابدّ من مسائلتها للوقوف على مواطن الخلل ومحاولة تحليلها وفهمها. لم يتوقّف الأمر عند رفض المجتمع للتحول الديني نحو المسيحية، ولم يتوقف عند الرفض القانوني، بل نجد معارضة من الدين الرسمي نفسه، نأخذ على سبيل المثال لحسين الداودي نائب حزب العدالة والتنمية الاسلامي، يقول: "أن الشعب المغربي لا يقبل ذلك (التحول عن الدين) وهناك رفض له" وشدد على أنه طالما بقى ذلك على المستوى الفردي فلا بأس، المشكلة هي الجانب الاجتماعي. فإذا حدث تبشير أو إذا جاء أطفال أو معلّمون إلى المدرسة مرتدين الصّيلب لكان ذلك غير مسموح". وعليه، عندما نعود للنصوص الدينية المعيارية وخصوصا "الحديث" وإذا أخدنا صحيح البخاري كنموذج نقيس عليه مدى تكريس حرية المعتقد في النص الديني نجد على سبيل المثال » من بدل دينه فاقتلوه « . الشيء الذي يجعلنا نطرح استفهاما جذريا حول حرية المعتقد سواء في النصوص القانونية أو في النصوص الدينية "الردّة"، أي ضرورة الوقوف على النقد الفقهي والقانوني لحرية المعتقد وذلك بغية الوقوف على الأرضية العامة المشكّلة لظاهرة التحوّل الديني من الإسلام نحو المسيحية بالخصوص. وعليه فدراسة إشكالية من قبيل الأقليات الدينية لا تستقيم خارج البحث الموضوعي ورهانات البحث العلمي، و من خلال استنطاق بعض مواطن العتمة والخفاء الذي يشمل هذه الدراسة كيف ما كانت، وفهم قواعد اللعبة من داخل ظاهرة التحوّل الديني، بل حتى البحث في هذا المجال لا يخلوا من عقبات وصعوبات منهجية و إبستيمولوجية و ذاتية الشيء الذي يعطي للموضوع جاذبية معرفية. إنّ الإنتماء للسوسيولوجيا النقدية أي امتلاك أفق نقدي، هي دراسة استراتيجية تأزيمية، فخارج الفعالية النقدية لا يمكن للسوسيولوجيا أن تستقيم، إن السوسيولوجيا النقدية هي سوسيولوجية راديكالية تزاوج بين الوصف والفهم والتأويل، تتميّز بكونها سوسيولوجيا إشكالية، دائمة القلق، ومن لا ينتقد فهو مجرّد كائن بيولوجي فقط .. إنّنا جميعا نميل إلى قبول المديح ورفض النقد لأننا عاطفيون، وحبّ الذات طاغ على تفكيرنا بشكل غير منطقي، وبمجرّد ما يوجّه لنا النقد نُدخل أنفسنا في دوّامة من المشاعر والتي تنتهي غالبا بالألم وقد ينتج عنها تصرّفا تزيد من معاناتنا وتضخّم الموقف دون أّيِ طائل. وفي هذا المقال سنحاول الوقوف على رؤية راديكالية للنقد الفقهي والقانوني لحرية المعتقد. ويتعلّق الأمر بنقد مفهوم الردّة في الخطاب الديني، غير أنّ الصعوبة هنا تكمن في قوّة الخطاب الديني السائد من جهة والذي يتوسّل بنصوص دينية معيّنة تضمن وجوده، والوهم الذي يتملَّكُ الفقهاء ورجال الدين باعتبارهم هم وحدهم من يمتلك الحقيقة الدينية، فيرفضون بذلك كلّ رأي جديد، متهمين صاحبه بالزندقة والكفر والإلحاد، خصوصا أن المعالجة السوسيولوجية في شقها النقدي والراديكالي لمفهوم الردّة ستكون مؤلمة. وعليه نتساءل: هل يمكن أن نعتبر التحوّل الديني من الإسلام إلى المسيحية ردّة أم حرّية الإعتقاد؟ إنّ البناء الداخلي للنصّ الديني يجعلنا أمام خطابين، يتمثّل الأوّل في الخطاب الفقهي المتوارث أو ما يمكن أن نسمّيه بالخطاب النسبي، ويتجلّى الخطاب الثاني في الخطاب الديني المطلق المرتبط بالنص المعياري. فإذا انطلقنا من الخطاب الأوّل نجد مجموعة من النصوص الدينية التي تناولت موضوع التحوّل الديني واصفة إياه بالردّة، نكر على سبيل المثال: "من بدّل دينه فاقتلوه" ، فنلاحظ أنّ القتل هو الحلّ الذي اقترحه الخطاب الفقهي لظاهرة التحوّل الديني، ولم يقف امتداد الخطاب الفقهي هنا بل حتّى تأويل بعض الآيات كان يسير في نفس السياق، نذكر على سبيل المثال: "يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وقد كفروا بعد إسلامهم وهمّوا بما لم ينالوا وما نقموا إلّا أن أغناهم الله ورسوله من فضله فإن يثوبوا يكن خيرا لهم، وإن يتولّوا يعذّبهم الله عذابا أليما في الدنيا والآخرة ومالهم في الأرض من ولي ولّ نصير" ، فعندما نعود لتفسير ابن كثير لهذه الآية يقول: "عذابا أليما في الدنيا" أي أن المرتدّ يُقتل إذا ارتدّ عن الإسلام، وهذا المقصود بالعذاب الدنيوي. إنّ الملاحظة التي نقف عليها في هذا الجزء من تحليلنا لحدّ الردّة هو أنّ التّأويل الذي تمّ تقديمه للآية هو محاولة لشرعنة مضمون أحاديث أخرى من قبيل "من بدّل دينه فاقتلوه"، أو ما يمكن أن نصطلح عليه بالتسويغ اللاهوتي، أي تقديم تأويلا معيّنة لآيات من القرآن قصد الحفاظ عن مصالح معيّنة أو الدفاع عن إيديولوجية وموقف ما. وإلاّ كيف ستكون هذه التأويلات صحيحة أمام مجموعة من الآيات الصريحة في القرآن الكريم والتي تدافع عن حرّية المعتقد، نذكر على سبيل المثال: "لا إكراه في الدين" ، "من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر" ، "لست عليهم بمسيطر" ، "أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين" ، فنلاحظ أن الخطاب الثاني والذي وصفناه بالمطلق يتعارض كلّيا مع الخطاب الفقهي، فقط لأن الأول يدافع عن كرامة الإنسان، والثاني يدافع عن مصالحه وتوجّهاته، وعليه، سمعنا مؤخرا تراجع المجلس العلمي عن فتوى قتل المرتد والسماح بتغيير الدين وربما هذا ناتج عن وعي هذه المؤسسة الدينية بالنقائص البنيوية التي تتخلّل الأحاديث وانعكاساتها التي تبسط ظلالها على المجتمع سواء من الزاوية العلائقية أو الثقافية أو حتى على مستوى تفكير الفرد. هذه بعض النماذج فقط التي حاولنا التمهيد بها كمداخل علمية للفهم، والتي سنتوسّع فيها بشكل مفصّل في مقالات أخرى. هذا ما يخص النقد الفقهي لحرّية المعتقد، لكن كيف تعامل القانون مع ظاهرة التحوّل الديني بالمغرب؟ وهنا سنحاول الوقوف على الفصل 220 من القانون الجنائي، والذي يتحدّث عن زعزعة عقيدة المسلم، وفي مقالات أخرى سنحاول الوقوف على فصول متعددة من القانون الجنائي وكذلك سأقترح قراءة نقدية من داخل السوسيولوجية السياسية لبعض فصول الوثيقة الدستورية 2011 وكيف تناولت حرية المعتقد. إذن عودة للفصل 220 من القانون الجنائي، لابدّ أن نستحضر هنا أن السؤال السوسيولوجي يقوم بتسييج كلّ حقل إبيستيمولوجي مهما كانت حساسيته، و إنّ من قواعد المشروعية العلمية والمعرفية لموضوع من قبيل النقد السوسيولوجي لقاعدة قانونية معيّنة وخصوصا ما يتعلّق بالحساسية المرتبطة باللدين، هو التعريف بالأسس التي تقوم عليها القاعدة القانونية خصوصا كونها تعكس جملة من الوقائع الإجتماعية، أي أنها مندمجة اندماجا كلّيا أو جزئيا في النسيج الإجتماعي، كما أنها نصّ كاشف تكشف جملة من القيم السائدة بالمجتمع، وتمنحنا ثمثلات المجتمع حول الدين في رقعة جغرافية معينة. وعليه فالفصل 220 والذي يقول: "من استعمل العنف أو التهديد لإكراه شخص أو أكثر على مباشرة عبادة ما أو على حضورها، أو لمنعهم من ذلك، يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى ثلاث سنوات وغرامة من مائة إلى خمسمائة درهم ويعاقب بنفس العقوبة من استعمل وسائل الإغراء لزعزعة عقيدة مسلم أو تحويله إلى ديانة أخرى، وذلك باستغلال ضعفه أو حاجته إلى المساعدة أو استغلال مؤسسات التعليم أو الصحة أو الملاجئ أوالمياتم". إنّ المتأمّل لهذه القاعدة القانونية يجد أنّ الفكرة المحورية التي تقوم عليها هي زعزعة عقيدة المسلم، والتي يمكن أن نتناولها من ثلاثة لحظات أساسية: أوّلا: مسألة الإكراه في الدين وذلك باستعمال العنف والتهديد لحمل شخص على ترك دينه واعتناق دين آخر أو ممارسة عبادة أخرى غير التي يدين بها، والملاحَظُ هنا أنّ هذه القاعدة القانونية في هذا الجزء الأوّل اتّصفت بالعموم، أي أنّ المشرّع لم يحدّد الدين المراد تركه، أهو الإسلام أم دين آخر، وعليه، يكون الإكراه في الدين مرفوضا مطلقا بإلزامٍ قانوني، والذي يفرض عدم إكراه أيّ شخص على اعتناق دين لا يدين به، فلا يجوز إكراه غير المسلم على اعتناق الإسلام، أو أيّ دين آخر، وهو فصل منسجم إلى حد ما مع المبدأ الذي نصّت عليه المبادئ الدولية لحقوق الإنسان أو المرتبط بحرّية المعتقد. ثانيا:سنقف هنا على مفهوم "وسائل الإغراء" أي عمل جهة ما أو فرد أو مؤسّسة على إغراء الفرد أو الجماعة المسلمة على ترك دين الإسلام، فنلاحظ أنّ التنصيص القانوني بالخصوص على منع إغراء المسلم دون سواه، وقد حدّدت القاعدة القانونية وسائل الإغراء فيما يلي:"الضعف أو الحاجة إلى المساعدة أو استغلال مؤسسات التعليم أو الصحة أو الملاجئ أو المياتم..." فنلاحظ أنّ المشرّع المغربي وظف مفهوم الإغراء وحدّد وسائله لكنّه لم يحدد الدين الذي يلجأ إلى هذا النوع من الإغراء، وقد نؤوّل هده الصياغة القانونية بأنّها إشارة ضمنية إلى المسيحية، وذلك باعتبار الحركات التبشيرية عبر التاريخ سواء في المغرب أو غيره تلجأ لإغراءات مادّية كوسيلة وأداة تدفع الفرد إلى ترك دينه واعتناق المسيحية. ، وعليه فنيّة المشرّع في توجيه هذا الجزء من القاعدة القانونية المرتبطة بالإغراء واضحة إلى حدّ ما، لكن إذا تأمّلنا جيّدا نجد أن هذا المفهوم ليس حكرا على المسيحية فقط، بل نجد صداه في الإسلام أيضا، وأقصد بذلك "المؤلّفة قلوبهم" ونجد في الآية الكريمة "إنّما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلّفة قلوبهم..." ، فعندما نعود لمفهوم "المؤلّفة قلوبهم" نجد ابن كثير في تفسيره يقول: أما المؤلّفة قلوبهم فأقسام، منهم من يعطى ليُسلم، كما أعطى النبي صلى الله عليه وسلم صوان بن أميّة من غنائم حنين، وقد كان شهدها مشركا، قال: "فلم يزل يعطني حتى صار أحبّ الناس إلي" فنلاحظ بذلك أن إعطاء الأموال لإقناع الآخر بالدين هو مبدأ قرآني، حيث جعل المؤلّفة قلوبهم أحد الأصناف الثمانية المستحقّة للزكاة. إن النقد العميق الذي يمكن أن نوجّهه إلى هذا الفصل كونه أباح ضمنيا للمسلم ما حرّمه على غيره، لكن ماذا لو كان هذا التحول الديني بالإقناع وليس بالإكراه أو بالإغراء؟ ثالثا: وهي نقطة مهمّة جدا، ويتعلّق الأمر بزعزعة عقيدة المسلم، وهنا تكمن بؤرة الإشكال الذي نحن بصدد اقتراح مداخل علمية ونقدية لمعالجته، فالسؤال الذي يجب أن نطرحه في هذا المستوى من التحليل هو: عن أيّ مسلم يتحدّث هذا الفصل؟ فعندما نعود للإسلام نجد مجموعة من الفرق: سنة شيعة، وإذا أخدنا السنّة على سبيل المثال نجد السلفية والصوفية... ، بل حتى على مستوى المذاهب: المذهب المالكي، الحنبلي، الشافعي، الحنفي، وبالتّالي فنحن أمام سوق دينية إن صح التعبير، فعن أي مسلم تتحدّثون؟ هل المسلم السني أم الشيعي أم المعتزلي... عندما ينشر المسلم الشيعي معتقداته ألا يزعزع عقيدة المسلم السني؟ وفي ما يخصّ عبارة "زعزعة عقيدة المسلم" لنفترض جدلا وقع حوار فلسفي فكري تنويري في مجال عام حول قضية دينية معيّنة، مثلا الطعن في صحيح البخاري، باعتباره ليس أصحّ كتاب بعد القرآن كما يقال، بل هو مليء بالأخطاء، وتم تحريفه في سياقات تاريخية معيّنة، ودسّ أحاديث تخدم توجّهات سياسية وإيديولوجية معيّنة، ومن مخرجات هذا النقاش وقع اقتناع نظري لعديد من المواطنين وزعزعة إيمانهم بصحيح البخاري، فعلى أساس الفصل 220 سيعاقبون قانونيا، وهنا سنطرح سؤالا جذريا: هل زعزعة عقيدة المسلم ترجع إلى ما سمعوه من أفكار علمية وفلسفية، أم هشاشة إيمانهم وضعف اقتناعهم بدينهم؟ وبالتّالي هل منع نشر مثل هذه الأفكار التنويرية راجع إلى حماية عقيدة المسلمين أم إلى منع تنوير الشعب وتجريم ذلك قانونيا؟ وهل من المنطقي أن تحمي الدولة عقيدة المسلم عبر منع حرّية الفكر والتعبير وفرض الجهل المقدّس أوالمؤسّس حسب تعبير محمد أركون. وبالتالي، فإلى أي حد يستقيم الحديث عن حرّية المعتقد في ظل نظام تيوقراطي؟ وأخيرا يمكن أن نخلص في نهاية هذا المقال المرتبط بالنقد الفقهي والقانوني لحرّية المعتقد أن المتحوّلون دينيا "وبالخصوص الأقليات المسيحية" تعاني من التهميش سواء في التنظير الفقهي أو القانوني، فسواء الخطاب الديني يكرّس لنفي الأقلّية وإبعادها ووصمها، في حين نجد أنّ الخطاب القرآني جاء محايدا إلى حدّ ما كما رأينا سابقا. ونفس الشيء في التنظير القانوني والذي جاء مجحفا بدوره بحيث يكرّس لنظرة أحادية دافع من خلالها على دين واحد هو دين الدولة دون أخد التعددية الدينية بعين الاعتبار، مما يجعل الأقلية خارج النسق الاجتماعي، فالأقلّية إذا صناعة سياسية، ونتيجة لسوء تأويل وتفسير للنصّ الديني. إن صناعة الأقلية الدينية المسيحية تكون نتيجة سيرورة التقاء مجموعة من العوامل الإجتماعية والسياسية والدينية والنفسية... حاولنا في هذا المقال الوقوف على نقد فقهي وقانوني لحريّة المعتقد، لنتطرّق في المقالات القادمة إلى الأسباب العميقة التي تدفع الفرد سواء عن وعي أو من دون وعي للخروج من الإسلام واعتناق المسيحية، وبالتالي صناعة الأقلية.
#يوسف_الغبوري (هاشتاغ)
Youssef_El_Ghabouri#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
-
إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|