|
السفير الأمريكي غير محق في تصوره الأمني
خالد عيسى طه
الحوار المتمدن-العدد: 1492 - 2006 / 3 / 17 - 11:30
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
خرج السفير الأمريكي المعتمد خليل زلماي زاده بتصريح يفتقد إلى الكثير من البروتوكول المتعارف عليه ومن القرب إلى واقع العراق ، وكيف وصلت الحالة فيه الى ما وصلت إليه . السفير وهو يحمل خبرة وتمرساً في الأحداث مع خلفية شرقية كان يجب عليه قبل التصريح الذي جاء فيه بأن الحكومة الأمريكية فقدت الثقة بالسياسين العراقين ، وهؤلاء السياسين هم سبب تردي الأوضاع ، وهم سبب ما قد يحدث من أشياء قد تؤدي الى الحرب الأهلية في المستقبل ، إني كرئيس محامين بلا حدود أريد أن اناقش السيد السفير بكل هدوء وبكل حياد وأوجه له ابتداءً الأسئلة التالية :- أولاً: ماهي حالة الجيش الأمريكي والتحالف القانونية في العراق ، وتحت أي قرار خوّل لها هذا الحق في البقاء . ثانياً : ما هي الواجبات القانونية التي يتصورها السيد السفير لقوة محتلة قوامها أكثر من (130) ألف جندي مع كامل عدته وعتاده المتطور مع تواجد (60) ألف جندي مرتزق مدفوع الثمن بموجب عقود مع شركات عالمية كانت مصدراً بشرياً لهذه القوى الارتزاقية . ثالثاً : ليسمح لي السيد السفير ، هل درس مع مستشاريه القانونيين أو مع المحامي القانوني بول بريمر ماهي واجبات الجيش المحتل إتجاه الدولة المحتلة وشعبها الراضخ للاحتلال . رابعاً : ماهي الخطوات التي اتخذها الاحتلال من أجل حماية الناس ومنع الاحتراب ودفع الحرب الأهلية عن شعب العراق . خامساً : أقول له بالله عليك من صنع المجلس الوطني المؤقت ، ومن وضع قاعدة المحاصصة ، ومن أسقط المذهب السني عن الأكراد ، ومن شجع الطائفية ، ومن حل الجيش العراقي ، ومن أنهى المؤسسات القانونية الدستورية ، ألم يكن كل هذا من مبادرات الاحتلال يوم دخوله الى أرض الوطن . باعتقادي أمام أجوبة هذه الأسئلة القانونية ، ليس من حق السفير الأمريكي أن يصدر مثل هذا التصريح ، وباعتقادي ماهذا التصريح إلا ليوثق فشل الاحتلال في إدارة البلاد ، واخفاء قوة المقاومة الوطنية ورفض الشعب العراقي بكافة فئاته وطوائفه للاحتلال ووجوده . فإذا كان هذا التصريح هو للاستهلاك المحلي للمجتمع الأمريكي فله العذر في ذلك ، أما إذا أراد به سبباً لاقناع الشعب العراقي وشعوب الأرض المحبة للقانون ، والمتفهمة لحقوق الانسان ، والعارفة بنصوص اتفاقيات جنيف ، وأهمها الاتفاقية الرابعة لسنة 1949 ، مع تعديلها الجاري في سنة 1977 ، ومما جاء في هذه الاتفاقية للتعداد وليس للحصر :- 1- أن الجيش المحتل هو المسؤول الأول والأخير عن الأمن والاستقرار وحماية الفرد والحفاظ على ماله وعرضه وحياته مسؤولية مطلقة ، لكل مواطن عراقي يدخل ضمن المنطقة المحتلة سواء في كردستان أو في الوسط أو الجنوب ، إذ ان الاحتلال يوم دخل ..دخل ضد نظام صدام حسين رئيساً للجمهورية العراقية ، وليس نظام فيه دول وفدراليات . 2- إن الاتفاقية تضمن مراعاة الحفاظ على حقوق الأسرى من الجنود العراقيين وتعطي لهم الحق باستلام الرسائل وقبول العينيات من الاهل والمواجهة الرسمية . 3- هذه الاتفاقية تنص على ان الشعب والأسرى هم أمانة بيد الغاصب المحتل ، تنظم هذه العلاقة هي الاتفاقيات المعمول بها ، علماً أن هذه الاتفاقية لم تاتي من فراغ ، إذ ان العالم واجه الأهوال والمآسي في الحرب العالمية الأولى ، وأقدم البعض على قتل بعض الأسرى انتقاماً وعدم احترام الروح الانسانية ، وحق البشر ، وقد كان تدخل منظمة الصليب الأحمر تدخلاً واقعياً مما حدى أن يصار الى اتفاقيات مع من تعاملت معه منظمة الصليب الأحمر في فروعها المختلفة في الدول المختلفة ، ثم في الحرب العالمية الثانية وجد المجتمع الأوربي وهو في تطور مستمر الى الأحسن ، ان على الدول أن تحترم الانسان مهما كان ، لا فرق بين لونه ودينه وجنسه ، وهكذا نشأت فكرة اتفاقيات جنيف الدولية واتفاقيات لاهاي لحقوق الانسان ، واخرى كثيرة لضمان حقوق الانسان وشرعية حمايته القانونية ، وهكذا تطور الوضع القانوني بالنسبة للأسرى وبالنسبة للشعوب التي يعثر حظها أن تقع في يد الاحتلال وهذا ما حصل للعراق . أمام هذا التسلسل المنطقي القانوني الواقعي نريد أن نحدد مصداقية هذا التصريح وامكانية وصول قناعتنا نحن القانونيين بتصريح السفير ، نبدأ بالشهر الرابع من سنة 2003 يوم غطت الطائرات الامريكية سماء بغداد ومدن اخرى قصفاً ، ثم بدأ الاحتلال وحصل الانزال الجوي في بغداد المطار ، وجاء الحاكم المدني المسؤول لادارة العراق المحتل ، وعندما أقول محتلاً فاني استند على قرار مجلس الامن الذي صدر بعد فترة نزاع قانوني بين احتلال الجيش الامريكي بدون الإرادة الدولية ، وانما باتفاق ثنائي مع بريطانيا الى ان إستطاع وزير خارجية امريكا كولن باول في مناورات سياسية أن يحصل على هذا القرار ، اعتبر مجلس الأمن أن الغزو الأمريكي هو احتلال ، هنا لنأخذ المسائل بالتسلسل ، اتخذ الاحتلال القرارات المتوالية الأتية منها حل الجيش ، حل المؤسسات ، حل الوزارات ما عدا وزارة النفط ، ثم استمر في تأسيس محمية أمريكية أراد بها أن تكون الولاية التاسعة وأربعون وأتى بفئة أمريكية مراهقة من (CIA) حملهم مسؤولية الوزارات وأجلس معهم نخبة من العراقيين ، أجروا عقوداً مع البنتاغون كلاً في اختصاصه في هذه الوزارات كمستشارين ، إذن الإدارة الجديدة هي أدارة امريكية 100% ثم جاء دور بول بريمر الذي بقى في العراق لفترة وأصدر أكثر من 138 تشريعاً قانونياً أو قانون بأمر إداري ، وبموجب هذه القوانين حددت معالم المجلس الوطني المؤقت ، ومعالم اجتثاث البعث ، ومعالم توزيع الادارات على الحصص الطائفية، في حين ان اتفاقية جنيف تمنع اصدار أي قانون أو تشريع في ظل الاحتلال ، إلا قانون واحد وهو عندي بيت القصيد ، وهو القانون الذي يؤمّن الحماية للشعب ولقوات الجيش الأمريكي ، هذه معلومة قانونية لا يمكن لأحد أن ينكرها ، والتي اتبعها الجيش البريطاني عند احتلاله العراق في العشرينات ، فلم يصدر الا قانون العقوبات البغدادي سنة 1924، وأبقى على معظم القوانين المعمول بها آنئذٍ ، منها القواعد الشرعية التي كانت تعالج الكثير من مناحي النشاط الاجتماعي ، ومنها أيضا قانون التجارة العثماني ، وقوانين أخرى ، ثم جاءت حكومة فيصل وبنت الهرم القانوني في مسيرتها الدستورية خلال فترة بقاء النظام الملكي ، كل هذا وكل ما جاء به الاحتلال بتشريعات بول بريمر وكل الهياكل الطائفية التي نصبها ، والأشخاص الذين أدخلهم بالاسم والعنوان لهذه المؤسسات التي أراد بها أن يبني العراق ، وأراد بها أن يجعل العراق مستقراً ديمقراطياً ، حتى يكون مصدر اشعاع للديمقراطية وللحرية والرخاء في المنطقة . أيعقل أن رجل سياسة يتغافل عن كل هذه الحقائق .. أيعقل أن شعباً مثل العراق لا يعي مثل هذه الحقائق والمسلمات ، أهناك من يتصور أن القادة الحاليين أتوا ضمن أحزاب ديمقراطية ، وضمن مناهج اصلاحية تفاعلوا بها مع الشعب بوكسبوا وده وتأييده ، أيصدق أحد من الساسة الحاليين سواء أكان الجعفري أو الطالباني أو البرزاني أو عادل أو أياد علاوي في مناصبهم الحالية لولا وجود الاحتلال ، هذه صورة واقعية هي خلاصة ردي على تصريح السفير لعنلنا نخجل من مواقف ميكافيلية تمثيلية وأن نضع الأمور بواقعها الحالي ونقول من موقع القوة والثقة اذا كان هناك أي اغتشاش أو عدم استقرار في الأمن ، فقد جاء هذا كله مع الاحتلال وكان الاحتلال قد رسم خطوط هذه المأساة الحالية ، نحن القانونيين الذين نحمل قلوباً حنينة على الوطن وأهل الوطن ، نعلن الى السيد السفير اذا أراد التنصل من مسؤولية خراب البلد ، وأن يخرج من هذه الدوامة الكارثية أن يعمل الخطوات الآتية: أولاً: يشكل حكوم انقاذ وطنية فوراً تستلم مقاليد الحكم وأن لا يكون في منهجها محاصصة أو طائفية ولا عنصرية . ثانياً: أن يصدر قانون رادع ضد الطائفية والعنصرية لأي فئة كانت وعلى أي طائفة تريد استغلال المذهب جسراً لشهوة الحكم . ثالثاً: أن يوقف صلاحيات كافة التشكيلات العسكرية التي ارتكزت على المحاصصة والطائفية وخاصة في وزارة الداخلية عن صلاحياتها . هذه هي الخطوات التي يأملها الشعب العراقي الشعب الذي هو أمانة قانونية ووديعة انسانية بيد قوى التحالف وهي أيضاً وديعة لدى ضمير الشعوب المحبة للعدل والسلام ، ومطالب أيضاً للشعب الأمريكي أن يقف ويحول ضد ما قد يحدث في العراق من حرب لا تبقي ولا تر ، ويستنجد بضمير الشعوب العربية والحكومات العربية وجامعة الدول العربية ، أن تعلن موقفها الصريح في رفض الطائفية والكارثة الاحترابية في حرب مدمرة . أنا وغيري الكثيرين في العراق الذين يؤمنون بأن هناك مجالاً للتعاون بين الشعب العراقي والأمريكي في تبادل المصالح وتعامل الند للند بموجب اتفاقيات ومعاهدات ، وإلا سيفقد الأمريكان مصداقيتهم وسمعتهم لا في العراق فقط وإنما بين الشعوب العربية والاسلامية ، نأمل من السفير أن يستوعب تصورنا القانوني هذا ، وليتنا نسمع منه ما يدعم ويعزز تصريحه الأخير . أبو خلود 12 مارس 2006
#خالد_عيسى_طه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لا للخطوط الحمراء والى الأبد
-
لماذا ينكئون جراحنا بالملح بأفلام التعذيب
-
المحكمة أضاعت مباديء الوصول إلى دفين ما اقترفه صدام ونظامه
-
للعدل وزير لا يؤمن بعدل القانون
-
الخيانة القانونية قد تكون مقبولة .. ولكن فلسفتها.. مستحيلة -
...
-
الخيانة القانونية قد تكون مقبولة .. ولكن فلسفتها.. مستحيلة -
...
-
وعْيُنا.. درعُنا الوطني
-
الفساد الاداري في ظل المحاصصة
-
المحامي العراقي بين زمنين
-
الدستور الجديد : بين القبول والرفض
-
الديمقراطية تحت المحك
-
النفط العراقي والسياسة
-
أيرحم الارهابيون اطفالنا في العيد
-
أيرحم الارهابيون اطفالنا في العيد !
-
ما يدين صدام حسين عند محاكمته
-
حكومة الجعفري بين الوعود والنتائج
-
دور المرجعية الدينية في الانتخابات - ضمن التقسيمات العراقية
...
-
بين الولاء الطائفي الامريكي وبين تشريع وطني الدستور يتأرجح
-
صياغة دستور ... لا يتضمن الديمقراطية،بل حسن التطبيق هو الاهم
-
من المستفيد من تفجير عاصمة بلد الضباب؟
المزيد.....
-
هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وأخرى تستهدف للمرة الأولى-..-حزب
...
-
حافلة تسقط من ارتفاع 12 مترا في حادث مروع ومميت في فلاديفو
...
-
بوتين يتوعد.. سنضرب داعمي أوكرانيا بالسلاح
-
الكشف عن التاكسي الطائر الكهربائي في معرض أبوظبي للطيران
-
مسيرات روسية اختبارية تدمر مركبات مدرعة أوكرانية في اتجاه كو
...
-
مات غيتز يتخلى عن ترشحه لمنصب وزير العدل في إدارة ترامب المق
...
-
أوكامبو: على العرب الضغط على واشنطن لعدم تعطيل عمل الجنائية
...
-
حاكم تكساس يوجه وكالات الولاية لسحب الاستثمارات من الصين
-
تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|