بيان مثقفى اليمين الفرنسى

حسن مدبولى

الحوار المتمدن-العدد: 5865 - 2018 / 5 / 5 - 00:00
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

السعار ضد القرآن الكريم؟
طالب العديد ممن يسمون بالمثقفين اليمينيين الفرنسيين بحذف بعض الآيات من القرآن الكريم والتى تدعو من وجهة نظرهم لقتال اليهود والمسيحيين والملحدين ،وجاء ذلك الطلب من خلال بيان موسع نشر على هيئة مقال بوسائل الإعلام الفرنسية ،
ووقع على البيان الذي نشر بشكل رئيسى في صحيفة “لوباريزيان” الفرنسية يوم الأحد 22 أبريل الماضى ما يقارب 300 شخصية فرنسية معروفة، أبرزهم الرئيس السابق نيكولا ساركوزي(المتهم بالفساد)، ورئيس الوزراء السابق إيمانويل فالس، والمغني المعروف شارل أزنافور، والممثل جيرار دي بارديو، وشخصيات مشهورة في الأوساط الثقافية والإعلامية والحقوقية،
وزعم الموقعون على نص البيان أن سبب صمت السلطات الفرنسية على المسلمين يعود إلى حسابات انتخابية على اعتبار أن الجالية المسلمة تمثل ثانى أكبر ديانة فى فرنسا؟
ويدعو البيان المنشور كافة المسلمين إلى المسارعة بتعديل القرآن على طريقة التعديلات التي عرفها الإنجيل( كما يزعم البيان )و الذي تم بموجبه قيام الفاتيكان بإلغاء العداء الكاثوليكي ضد السامية وضد اليهود ،حيث طالب البيان بحذف الآيات القرآنية التى تدعو إلى قتل المسيحيين واليهود والملحدين مثلما فعل الفاتيكان فى الإنجيل ؟
المشكلة أن هذا البيان المخرف لم يجد أى ردود أفعال جادة من المثقفين العرب والمسلمين،باستثناء ردود باهتة من بعض رجال الدين المسلمين فى فرنسا ومصر والجزائر ؟
ولم يقتصر الأمر على بعض مثقفى فرنسا،لكن كانت هناك محاولات خسيسة للإصطياد فى الماء العكر من بعض المتطرفين المصريين فى المهجر رغم أن البيان يهرطق فى حق الانجيل أيضا ؟
وعموما وحتى لا ندخل فى سجالات دينية، نكتفى بالقول بانه لا يحق لأحد أى كان، أن يقدم النصائح فيما يتعلق بالمقدسات التى تخص غيره ،خاصة إذا ما كان الأمر يتعلق بمطالبات بالحذف والتعديل،وليس من المقبول ولا يعد مسوغا أن يتم الإستشهاد بحدوث تعديلات قد تمت بكتب مقدسة هنا أو هناك، فهذا امر يخص من سمحوا به فى مقدساتهم،
ولا يجعله ملزما للآخرين أبدا خاصة اذا ماكانت المزاعم والمبررات التى تساق فى هذا الخصوص،هى مزاعم ومبررات تافهة و متهافتة ولا أساس لها، وكل الشواهد تؤكد أن مصدر الارهاب فى العالم لم يكن بسبب القرآن الكريم أبدا ولن يكون،فالمسلمون ليسوا هم من أقاموا أو إخترعوا المحرقة، ولا هم من قام بانشاء محاكم التفتيش؟ وغالبية أعمال العنف التى يرتكبها أشخاص مسلمون ،هى أعمال فردية بالأساس، وتعتبر من الناحية الأيديولوجية ردود أفعال سياسية فى الغالب الأعم،
كما أن الثابت والمعلوم أن
الإرهاب والقتل والعنف والدمار قد عرفه العالم أجمع من خلال جرائم فرنسا وأوروبا والولايات المتحدة وربيبتهم اسرائيل ضد الجزائر وفيتنام واليابان والعراق وفلسطين ومصر وغيرها من الدول،وهى جرائم راح ضحيتها ملايين الأشخاص، وبعض تلك الجرائم لا تزال مستمرة حتى الآن وتحت دعاوى وأساطير دينية مقدسة فى أرض الميعاد رغم (التعديلات )التى تزعمون أن الفاتيكان قد قام بها،إلا إذا كانت تلك التعديلات المقدسة قد تمت لحماية طائفة من الناس،والتبرير لقتل وتشريد وتهجير الآخرين من أوطانهم تحت غطاء دينى؟ إن العيب على ما يبدو لا يكمن فى النصوص المقدسة ولا فى التعديلات التى تمت أو ستتم عليها،لكنه يكمن فى المرض العنصرى المزمن الكامن فى عقول بعض أفراد النخب الغربية؟

#حسن_مدبولى (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين