|
شخصيات في الذاكرة .. - ساده آدم الريكاني -
محمد سليم سواري
الحوار المتمدن-العدد: 5864 - 2018 / 5 / 4 - 09:28
المحور:
المجتمع المدني
أنا مدرك تمام الإدراك بأن العلاقات الإنسانية والمشاعر البشرية النزيهة ليست مسألة أخذ وعطاء ، ولا ربح وخسارة ، ولا عمليات جمع وطرح ، ولا ضرب وقسمة .. تلك العواطف النبيلة والمشاعر الصادقة والسلوك البريء أشبه بالطير الذي يغرد صباحاً دون مقابل ومن غير أن يطلب منه أحد ذلك ليكون لنشيد الصباح السرمدي نكهته وألَقَهُ وسر خلوده في النفوس الواعية . على ضفاف مسيرة الحياة تمر على الإنسان قوافل من البشر قد ينعتون بالأصدقاء أو الزملاء ليُقدم لهم الإنسان فوق ما تحمله عواطفه وإمكانياته وكاهله وهو في كامل وعيه والآخرون وعلى الجانب الثاني في أصعب ما يمرون به من الحاجة ولكن عندما يجد الجد وتأتي ساعة العزم والحزم ليُعمذوا وفائهم فقد يبخلون حتى بإشارة دعم وتشجيع أو بكلمة عزاء ومواساة. على مدى الأيام والأعوام وقد قيل ويقال الكثير عن الصداقة والأصدقاء والرفقة الحسنة وعندها قد أدلى ويدلو كل واحد بدلوه عن معني الصداقة الرصينة ومبناها وآدابها وأُسسها المتينة فهناك الكثيرون قد عرفوا الصديق بأنه الأخ الذي لم تلده الأُم .. وهناك من يقول بأنه ليس في التعامل شيء إسمه الصداقة في هذا العصر حيث أصبحت قطعة من الأنتيكة توضع في زوايا البيوت أو قطعة آثار مكانها المتاحف وقد يكون ذلك إنعكاساً لتعامل هؤلاء الأشخاص مع الآخرين والحياة إن كان سلباً أو إيجاباً ، خيراً أو شراً ، وفاءً وإخلاصاً أو مصلحة ومنفعة وعلى هاتين الضفتين من نهر الحياة الأزلي يقال الكثير ويتوضح الأكثر على مبدأ لو خليت لقلبت . كان الزمان خريف عام (1967) عندما دخلت إلى الصف الثالث المتوسط شعبة (أ) في ثانوية تلكيف منقولاً من متوسطة الكفاح بمدينة الموصل وبعد الإستئذان من مُدرس مادة العلوم الأُستاذ حبيب النجار دخلتُ الصف كطالب جديد وعيناي تبحثان عن مكان للجلوس وبالرغم من وجود أكثر من رحلة فارغة في الصف ، إلا أنني وقفت بجانب رحلة يجلس عليها طالب وعندما خَمن هذا الطالب بأنى أُريد مشاركته للجلوس على الرحلة تنحى جانباً وفسح لي المجال لأجلس بجانب الشباك ليكون هو على يميني ليبقى كل واحد منا اليمين الأمين للآخر منذ ذلك الحين ونحن في تلكيف وإلى اليوم من عام (2018) ونحن نعيش معاً بغربتنا عن الوطن في أمريكا بمشيغن !! أكثر من خمسين عاماً عشنا أنا والسيد " ساده آدم الريكانى " معاً كأصدقاء بكل ما تعنيه هذه الكلمة من المعاني والمواقف حتى وإن أبعدتنا المساحات والظروف والقارات في بعض الأحيان والأوقات.. بدأنا الخطوة الأولى من هذه المسيرة ونحن طلاب ورائدنا الصدق والسعي والجدية والنجاح من أجل الغد حيث كانت عوائلنا تنتظر بفارغ الصبر ليكحلوا حدقات عيونهم بنا وقد إشتد عودنا لنعتمد على الله وعلى أنفسنا حيث عاديات الأيام وكسوفات الأعوام.. كانت طموحاتنا كبيرة وأكبر من سنوات أعمارنا وعريضة بعرض ما تراه عيوننا وشامخة حيث نُحدق إلى آفاق الفضاء ويملأ نفوسنا حب الخير والوفاء ومساعدة الضعيف والفقير وعدم إطاعة ورفض من يركب الغرور رأسه في محيطنا الصغير المدرسة والمحلة وتلك القصبة.. وكنا دائماً نحب الخلو والعزلة والوحدة ليس من أجل الإبتعاد عن الآخرين بل كانت همومنا أعمق من هموم الآخرين ونَشفق عليهم بحملهم قسطاً من تلك الهموم وكأن أحلامنا تسبح في عوالم خاصة من الرياح والأمواج والعواصف ولا نريد أن نثبط من عزم الآخرين بنتائجها خشيةً من عدم الوصول إليها أو تحقيقها .. وكان همنا الأكبر هو الوطن ومعاناة أبنائه فعندما كنا نسرح في رحلاتنا اليومية خارج المدينة بين التلال والوديان والروابي وحقول الحنطة والشعير للسعي والقراءة ونرى الطائرات الحربية العراقية محلقة في السماء ونسمع أزيز غضبها نتحدث الكلام المحظور والمعذور في المهم من الأمور ، من أن هذه الطائرات تصول وتجول لقصف مواطنين أبرياء من أبناء جلدتنا ونتألم أكثر عندما يذكرني صديقي بما رأى بأُم عينيه حيث إبنة مختار قرية هيسي وهي طفلة تسبح في دمائها جراء قصف تلك الطائرات ونستحضر فى أذهاننا مشاهد من قرية صوريا في منطقة زاخو حيث ذبح أهلها من الآشوريين بدم بارد بأمر من عسكري مراهق وحاقد لتكون نقطة سوداء في سجل الفرمات والغرور والإنقلابات وسفك دماء الأبرياء . في تلك المدينة البريئة والآمنة تلكيف التي عشت فيها أربعة أعوام نشأنا معاً وترعرع معنا شعور الدفاع عن الضعفاء والمحتاجين ورفض كل شيء يحاول إستغلال هذا الضعف للنيل منهم وكان لتواصلنا المستمر بأحد أولاد عمي بمثابة مَن يفتح عيوننا على نوافذ أخرى من الحياة حيث هناك شعب في الجبال والكهوف يناضل من أجل نيل حقوقه وضمان أمنه وجراء ذلك يتعرض لحملات من القتل والحصار وعلينا يقع مسؤولية دعمهم باليد واللسان أو حتى الدعاء .. وكان إبن عمي ( حسين عبدالرحمن سواري ) يبث لنا معاناته من فقدانه لعمله كضابط في الجيش وما تعرض له من أنواع التعذيب والحرمان عند سجنه في الرمادي ونقرة السلمان لكونه يتعاطف مع الثورة الكوردية وكنا نحلم معه ونسعى لغد يكون فيه للحق صوت مسموع وصولة ظافرة وقد تدشن فرحتنا بصدور بيان الحادي عشر من آذار الخالد عام (1970) لتبدأ مسيرة الپارتي والبارزاني الخالد في هذه المدينة الآمنة بهمة كوكبة من الرجال نستذكر منهم ( حسين عبدالرحمن سواري ، سادة آدم الريكاني ، أكرم شفو ، سامي زنكلو ، يونس حكيم ، عكيد سندي ، نَعيم إسرائيل ومحمد سليم سواري ) لزرع بذور الأمل في النفوس لتكون لهذه المدينة وجه آخر في التنافس والنضال لكسب المزيد من الأصوات الشريفة والنفوس النزيهة لتكون فيها تنظيمات الحزب الديمقراطي الكوردستاني وإتحاد طلبة كوردستان وإتحاد شباب كوردستان وإتحاد معلمي كوردستان وفي أول مرة في التأريخ . وكان لإختيار صديقي ساده الريكاني رئيساً لإتحاد طلبة كوردستان العراق في تلك المدينة ومواصلة الدعم من قبل السيد على سنجاري مسؤول الفرع الأول للحزب الديمقراطي الكوردستاني في محافظة الموصل ولا ننسى الدعم والمساندة المستمرة من الدكتور صباح عقراوي رئيس إتحاد طلبة كوردستان فرع الموصل ليكون لذلك مفعوله السحرى في فوز إتحاد طلبة كوردستان في الإنتخابات الطلابية التي أجريت لأول مرة في ربيع (1971) وكان لهذا الفوز صدىً في كل الأوساط لتدخل هذه المدينة مرحلة جديدة من الصراع والمنافسة بين الحزب الديمقراطي الكوردستاني ومريديه من جهة وحزب البعث العربي الإشتراكي ومؤيديه الجهة الأُخرى وعلى أثر ذلك تم إختيار السيد ساده الريكاني عضواً في المكتب التنفيذي لإتحاد طلبة كوردستان العراق وكان أهلاً لهذه الثقة بكل ما تعنيه الكلمة حيث خصص كل وقته وجهده للسعي والنضال والدفاع عن طموحات الطلبة وتكريس الوجود الكوردستاني في تلك المدينة . وأتذكر بفخر وإعتزاز زيارات القادة الكورد دعماً للمدينة وإعتزازاً بها ، المرحوم إدريس البارزاني والمرحوم صالح اليوسفي والدكتور محمود عثمان .. وفي زيارة المرحوم صالح اليوسفي وعند عقده سلسلة من الإجتماعات مع كافة القطاعات وقد حضرتُ مع صديقي ساده الإجتماع مع الكادر الحزبي والإجتماع مع قطاع الطلبة وكذلك مع إتحاد الشبيبة الكوردستانية فَقَييم المرحوم اليوسفي عالياً جهودنا ووجودنا في كل هذه القطاعات ، كان هذا الوجود بحق شوكة في عيون كل مَن لا يستوعب معنى حرية الرأي والمواطنة والتنافس المهني والنقابي والحزبي النزيه وحاولوا بمختلف السبل لوي قناعة ساده والنيل من عزيمته وحبه لقضية الكورد وكوردستان ويرسلون له إشارات وإغراءات بأنه آشوري أولاً ومسيحي ثانياً فما هي مصلحته وهدفه من كل الذي يجري ويسري وعندما لم يلق دعواتهم آذاناً صاغية من قبل ساده والآخرين ويهمل إشاراتهم ولم يكترث لها ، بدأوا أكثر من مرة بتوقيف عدد من الطلاب الكوردستانيين النشطاء بحجج واهية وأخيراً قاموا بتلفيق تهمة وتدبير مكيدة لتوقيفه وفصله من الدراسة وبعد التدخل المباشر من لجنة السلام في شخص المرحومين سامي عبدالرحمن وعبدالخالق السامرائي تم إعادته للدراسة ليواصل نضاله ومهماته الملقاة على عاتقه وقد تأخر لسبب إنشغاله بتلك الشؤون والواجبات عن مواصلة الدراسة سنتين .. وأُضطرت أنا مواصلة دراستى في مركز مدينة الموصل . وعندما كان على الريكاني أن يقرر في بداية العمليات العسكرية ربيع عام (1974) بين الثورة الكوردية والحكومة العراقية كان قراره التوجه والتواجد في جبال كوردستان بين صفوف الپيشمركه ليكون بين شعبه وأبناء عشيرته (الريكانيين) في أقصى الحدود مع تركيا وهو يحمل السلاح دفاعاً عن الوطن والحلم والبسمة على شفاه الأطفال ، ويعمل معلماً في إحدى المدارس لمواجهة الجهل والأُمية ، ويتجول بين الأهالي والقرى كادراً حزبياً يكرس للمبادئ الوطنية الحقة وإنكار الذات ومناصرة الحق .. وفي ذلك الوقت عندما جاءه السيد نجم الدين كريم إلى سرسنك ليبلغه بأنه ولكونه مسيحي تم إختياره نائباً لرئيس وفد طلابي وشبابي لزيارة العديد من الدول لشرح القضية الكوردية وعليه ترتيب أموره خلال يومين إستعداداً للسفر .. ولكن هذا الطرح والسبب في إختياره لم يروق له ، فكان جوابه بالحرف الواحد : أنا أعتذر عن المشاركة والسفر أولاً لأنني تشرفت بالنضال في هذه المسيرة ليس لكوني مسيحي بل لكوني كوردستاني مع أقليات وأطياف أخرى نعيش على هذه الأرض منذ مئات بل آلاف السنين وثانياً الناس هنا يحتاجونني أكثر مما أحتاج للسفر وعلي أن أكون بجانبهم في السراء والضراء.. وكان عند كلامه حيث وظف وسخر جل وقته وجهده من أجل الناس وهناك الكثير من الشهود على دأبه الحثيث في تلك الفترة من أجل زرع الثقة والأمل في نفوس أهل المنطقة وكانوا يرون فيه كل معاني البسالة والإقدام عند المواقف الصعبة والمطلوبة والصبر وتحمل المسؤولية في حدود الثقافة والوعي التي تحلق بهم عالياً في آفاق المستقبل . ولكن ـــ وكم هي صعبة ومُرة هنا كلمة ولكن ـــ عندما تآمر كل قوى الشر وعرابو السياسة والنفاق والإقتصاد في الجزائر " العاصمة " لوأد الثورة الكوردية وحلمها ليكون مصير الثورة وكل مناضليها على مفترق الطرق وفي مهب العواصف والرياح الهوجاء فعاد ساده الريكاني إلى عائلته التي تعرضت في شخص والده وأشقائه للكثير من المضايقات والضرب والتوقيف آنذاك على يد أزلام النظام ووشاته . ولكن ـــ وكم هي قاسية ومُرة هنا كلمة ولكن ـــ ها وقد عاد وفاض اليدين إلى الأصدقاء وأحبائه والأقرباء الذين كانوا يأملون بأنه سيعود ليهدي لها نصراً وظفراً وأملاً ، ها وقد عاد والألم يملأ نفسه والحسرة تقطع أنياط قلبه والمناجاة أغنية حزينة الرثاء على شفتيه وهو مؤمن بأنهم قد خسروا جولة من جولات الصراع في صفحة من صفحات النضال ولكنه والآخرون من رفاق الدرب لن يفقدوا الأمل في الجولات القادمة من الأيام . وكان عليه أن يواصل حياته لينهي دراسته الجامعية ويعمل في مجال إختصاصه في مزرعة سندور بدهوك ويتزوج في تلكيف وفي ربيع عام (1977) ليكون يوماً مشهوداً ومهرجاناً للفرح شارك فيه كل الأقرباء ورفاق المسيرة والأصدقاء.. مناسبةً من الأفراح والأعراس التي لم تشهدها المدينة خلال عقود من الزمن . وواصل هذا الإنسان مسيرة حياته في الصفحات الأخرى بعيداً عن كل الأضواء وفلسفة الأنا ومن أين يؤكل الكتف ليكون ناجحاً في مهماته العائلية والوظيفية .. وعندما كان الكثيرون من معارفه وأقربائه يحاولون الهجرة من الوطن كان الريكاني لهم بالمرصاد لينصحهم بالبقاء داخل أسوار الوطن وعدم تركه أسيراً بأيدي قد تعبث به ولا توفيه حق الأمانة والإخلاص .. كما وأنه يتذكر بحسرة ويتكلم بألم عن مشاركته وعائلته الهجرة المليونية ربيع سنة (1991) حيث تحملوا عبء وإرهاق مسيرة إستمرت أكثر من إثني عشر يوماً سيراً على الأقدام والجوع يفتك بالأطفال والأمراض تطحن معالم الحياة والموت تحصد بالشيوخ والعجزة .. ومن هناك كان أول العائدين إلى مدينته دهوك ليقرر بعد ذلك ويحسم أمره بالهجرة إلى خارج الوطن بعد أن تيقن من حجم المزايدات والمخاطر على الوطن ومن المنظور البعيد وبأنه قد يكون الوقت الضائع للخيرين لإنقاذ ما يمكن إنقاذه !! وعندما أُقارن بين الكثير من البشر وهذا الإنسان الذي عرفته لأول مرة في خريف عام (1967) ستكون المقارنة كبيرة والفرق شاسعاً ولكن ستكون الكلمات رصينة ومعبرة على أديم الحياة وجبينها الناصع نقشاً ونحتاً.. في مراحل حياة هذا الإنسان الذي عرفته وفي كل عمري الذي مضى وإلى الآن لم يطلب مني هذا الإنسان شيئاً لأُقدمه وأعطيه ولم أطلب منه شيئاً معيناً ليهبه لي ويُملكنى ، ولكنه لم يبخل علي في يوم من الأيام بكل ما كان يشعر ويعتقد بأنه يفرحني ويخفف الحمل على كاهلي ويرسم البسمة على شفتي وكمثال على ذلك عندما كنت أنا وعائلتي نذرف الدموع على حال ولدي الصغير الذي إبتلى بمرض التمزق الكلي في شبكية العينين ووطنى كذلك يعاني من تمزق أكبر وأدمى حيث يعاني من موجات الحصار ويقاسي الأمرين بدون أن يرحم كبيراً وصغيراً ولا ضعيفاً ومسكيناً فبادر هذا الصديق بإستكمال كافة الإجراءات المطلوبة والتي كانت آنذاك تعجيزية لإرسال إبني للعلاج في أمريكا سنة (1999) وهو طفل لم يتجاوز الثلاثة أعوام من عمره ليكون أول طفل عراقي من داخل العراق يسافر إلى أمريكا للمعالجة حيث قيل في وقته الكثير وكتب الواشون الأكثر ووضعوا السيناريوهات لهذه الرحلة أهدئها تحت يافطة .. كيف يتم الموافقة والقبول لعلاج طفل عراقي في أمريكا الآن إن لم يتمتع والده بعلاقات مع جهات معادية للوطن وكان ضريبتها إبعادي عن عملي ووظيفتي لأنني شخص غير مرغوب فيه حسب معايير غير متزنة ولا عادلة ؟؟ ولكن هدفي الأبوي قد تحقق بمعالجة إبني ولم أهتم بعد ذلك بما جنتها تقارير الوشاة ونفوسهم الضعيفة واللئيمة ، حيث أديت أنا واجبي كراعي وأب وأدى ساده واجبه كصديق وإنسان ، وأولئك النفر الضال قد أدوا دورهم كمخبرين ووشاة .. ومَن يسنح له الفرصة ويقرأ روايتي " أرض الدموع " حيث صديقي ساده من شخصياتها المحورية سيكتشف الكثير من الأحداث عن تلك الرحلة بمعاناتها وآهاتها وكل مناجاتها حيث العين يبكى دماً على الدمع!! وهكذ دارت الأيام والأعوام ومضت وكانت هناك الكثير من المحطات ليكون لهذا الإنسان معي بصمة عرفان وأكثر من موقف نبيل وبان لنكون معاً هنا بمشيغن وفي الربع الأخير من عمرنا كما كنا معاً في الربع الأول من حياتنا بتلكيف وكم هو البون واسع وشاسع بين الرُبعين أو بالأحرى " الربيعين " في الكثير من الأمور والأوجه . أليس هذا من أقدار الحظ أن نلتقي هنا في غياب الوطن وبكل الحب والود والإحترام وذات النكهة كما قد إلتقينا هناك على أديم الوطن حيث يفهم الواحد منا الآخر ليبث له ما يختلج في النفس وما أخذ منهما الزمن وما أبقاه ؟؟ أليس صعباً أن نتذكر أياماً كنا نعمل ونسعى ونحلم بأنه بجهود كل الخيرين سيكون الوطن معافاً والشعب سعيداً والغد مشرقاً فإذا المناضلون الخيرون قد طحنهم غرور الأيام ليتشتتوا على أرض البسيطة يميناً ويساراً ، شرقاً وغرباً فمنهم مًن قضى نحبه ومنهم مًن ينتظر وما بدلوا تبديلاً ومنهم مَن تاجر ويتاجر بكل أرصدة النضال ويجيرها بإسم العشيرة والعائلة والمقربين على مبدأ الأقربون أولى بالمعروف ليعود الوطن والمواطن إلى مربع يكون مساحة الحلم محضوراً .. والغد بإحداثياته مجهولاً .. والفساد في الآفاق دستوراً .. وقول الحقيقة خيانة وشروراً ؟؟ أليس قدراً وعبرة أن نرى من الجبال الباسقات التي كانت تداعب العواصف والثلوج في أصعب الظروف والطقوس وهي اليوم الخجل حبلى ؟؟ أليس مؤلماً أن يسمع هذا الإنسان عتاباً خفيفاً من البعض ليقولوا له .. إنك لم تجنِ شيئاً لكل ما قدمته من أجمل سنوات عمرك وعصارة شبابك للكورد وكوردستان حتى كلمة شكر وثناء ولو قدمت عُشر ذلك لشعبك الآشوري والمسيحي لكانت لك ما كانت ولكنتَ ما كنت .. فيجاوبهم بإبتسامة باهتة : سأبقى أنا أنا ولن أتغير أو أتلون وإن ما أملكه من القناعة وراحة الضمير يساوي كل ما تُخمنونه ويبحث عنه الآخرون من مال وجاه وسلطة ولن أنتظر من أحد مكرمة لكل ما وهبته وقدمته لإيماني بأنه كان الواجب وشرف المسؤولية أمام الله والوطن والمواطن . نعم صديقي هكذا هم العشاق الحقيقيون للعشق الأبدي لأنهم يؤمنون بقول السيد المسيح عليه السلام ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان . نعم صديقي أمثالكم كالشمعة .. وهكذا هي الشمعة تذوب وتنصهر لتُنير الطريق للآخرين وهل الشمعة تنتظر الشكر والتزكية من أحد أو ثناء ؟؟ وختاماً لكم مني كل آيات الفخر والإعتزار والدعاء .
#محمد_سليم_سواري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
شخصيات في الذاكرة ..الدكتور صباح عقراوي
-
نادية مراد.. وهذا النبع من الدموع والآهات !
-
في عصر اللاحب دعوة للحب !!
-
بين أمواج البحر والتتر !!
-
هل مضى عصر الرثاء ؟؟
-
الكاتب والإعلامي الدكتور شعبان المزيري في ذمة الخلود
-
بغداد بين ( منعطف الصابونجية ) ومنعطفات الغربة !!
-
أبطال الحب في وطني
-
ليس بالقتل وحده يُرضى الرب !!
-
عشقي لهذا العالم
-
الوطن بين السياسة والحب ؟
-
الوعي العاطفي والوجداني
-
كوردستان والكابينات الحكومية ؟
-
المعادلة بين هي وهو !!
-
الذكرى السادس عشرة بعد المائة لصحيفة كوردستان
-
حوار الحب
-
معادلة حب المرأة والرجل !
-
نسمات الحب
-
القوافي والكلمات تليق بكَ أيها العم نوري سواري
-
قصص ( نيران العبيدي ) والتمثيل الدبلوماسي !!
المزيد.....
-
كاميرا العالم توثّق تفاقم معاناة النازحين جرّاء أمطار وبرد ا
...
-
أمستردام تحتفل بمرور 750 عاماً: فعاليات ثقافية تبرز دور المه
...
-
أوبزرفر: اعتقال نتنياهو وغالانت اختبار خطير للمجتمع الدولي
-
-وقف الاعتقال الإداري ضد المستوطنين: فصل عنصري رسمي- - هآرتس
...
-
الأردن.. مقتل شخص واعتقال 6 في إحباط محاولتي تسلل
-
بورل: أندد بالقرار الذي اعتمده الكنيست الاسرائيلي حول وكالة
...
-
بوريل: اعتقال نتنياهو وغالانت ليس اختياريا
-
قصف الاحتلال يقتل 4 آلاف جنين وألف عينة إخصاب
-
المجلس النرويجي للاجئين يحذر أوروبا من تجاهل الوضع في السودا
...
-
المجلس النرويجي للاجئين يحذر أوروبا من تجاهل الوضع في السودا
...
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|