|
سجن الرّوح-21-
نادية خلوف
(Nadia Khaloof)
الحوار المتمدن-العدد: 5863 - 2018 / 5 / 3 - 11:16
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
كلما دخلت إلى فصل .ينتهي الفصل من السّنة خاطبت الثّلج مرّة كي يقيم في داري، أذابه المطر ورد الربيع يغسله النّدى في صباحات ضبابية أبسمل من أجله، أصلّي على سجادة الوجود ويرحل الرّبيع من الوجود وهكذا يفعل الخريف والصيف الطريق، والخوف أضيع بين حجارة مكوّمة على طريق أسأل من داخل الرّجمة : هل يمكن أن تنتهي الفصول؟ . . . خاطئة أمانيّ. تشبهني تقوم بترحيل المواعيد إلى توقيت جديد تسجل نفسها على مفكّرة عمري يضيق الليل بي لأنّني بلا خطيئة يذيب أفكاري ، يحول بعضها إلى أحلام تعقبها كوابيس يقف القلق على رأسي كالطّير ، يستعجلني يرميني بحجر ويمشي أنام على وسادة الخطايا وتحيا بي روح تجديد التّرهات . . . ممنوع عليّ الخطأ والخطيئة ممنوع عليّ الصواب الذّهاب والإياب النوم واليقظة تسكير وفتح الباب ممنوع عليّ التّفكير بتوافه الحياة ممنوع عليّ العيش، والموت، ومراجعة الّذكريات ممنوع أن أنطق اسمي، أو أقرأ كفّ القدر على رسمي ممنوع الاختلاط، أو العزلة بالبشر توقفت الحياة قرب الممنوع أضأت من أجل المحظورات الشموع
. . . أهرب منهم، يتبعوني، أعانقهم فيشتمونني أبكي على أطلال ذاتي، يجرّح الدّمع جفوني أغلق باب المغارة، وأختلي بالرّب يدير الرّب من خلوتي جنوني يدعوني إلى نزهة بين الجنّة والنّار ويغضب من ميزان حسناتي أوسيئاتي يملي علي الحكم يقول :حيث أنّني لم أر حسنات وحيث أنني لم أر سيئات كلذ الحيثيات تقول: أنك لم تمري بتجربة الحياة عليك تجربة الحياة، وإلا ضعت في التّقييم هل انت حجر أم بشر؟ تمرّدي، أخطئي لا تدعيني أحير في تقدير العقوبات . .. كي أحافظ على توازني. أحاول أن أحدّث نفسي بحديث بين الشّعر والنثر، فليس الرّياضة وحدها تحتاج لتمارين إحماء. البوح الصّريح، أو التّلميح يحتاج إلى عمليّة إحماء أيضاً، وأوّل عنوان خطر لي هو أنّنا لسنا معارضون، بل نحن مهمّشون. من قال أنّه لا يوجد معارضة في سورية؟ هناك معارضة لكنّها ليست لجميع السّوريين حيث هناك أحزاب كثيرة أغلبها موالي والثاني على حافة الولاء، ولكن. . . لا شكّ أن السّجن كان من نصيب الكثير من السّوريين ومن جميع الطّوائف، لكنّ السّجناء نوعان. نوع يموت ويهان، ونوع لديه هاتف وفيس بوك وتويتير وهو في السجن، وهو حقيقة ليس مع النّظام، ولكن. . . ولكن ماذا؟ كما كان السّاحل السّوري وبعض مدن سورية على تخوم السّاحل يصدّرون المعلّمين و رجال الأمن والموظفين للجزيرة ، كانوا يصدّرون ممثلي حقوق الإنسان الذين يستطيعون زيارة أماكن الحدث والتّجول بحريّة. تساءلت عن السّر كثيراً، فهؤلاء الذين يناضلون من أجل حقوق الإنسان السّوري في المطاعم، ويقيمون الدّورات في الخارج، والحياة لديهم لها نكهة الحياة حيث السفر والطعام، والتّشدّق، يصدّرون النّاطقين باسمهم وباسم الأحزاب كونهم يفهمون الحدث أكثر. وتظل اللعبة خفيّة عليّ، وأندب حظي العاثر بأنّني لم أعرف كيف تؤكل الكتف، فإذ هي لا تؤكل. عندما تكون كتنظيم سياسي أو مدني متبنى من قبل روسيا، ولا زلت تعتبرها دولة شيوعية معادية للرأسمالية فإنّ الوضع يبدو مفهوماً بالنسبة لما تحصل عليه من امتيازات. عندما يراجع المحامون اليساريون السوريين الرّوس بشأن المعتقلين السّياسيين داخل سورية يكون الأمر مخجلاً. لقد عملت في المهنة في سورية حيث لا مهنة، لكنّني أرى بعض المحامين يمارسون المهنة اليوم وكأنهم في سويسرا ، يتواصلون مع الرّوس، ولا يتعرّضون للسّجن، ويصنّفون كصديق . نعم هناك سجناء من بين أقاربهم ومحبيهم، لكن حياتهم ليست كحياة باقي الشعب السّوري الذي عاش مهمّشا، ومات مهمّشا. وعندما يضع علمانيو سورية فيديوهات مقرفة حول الأديان. ينسون أن يضعوا القرف الإيراني في وسط دمشق. . . . أود أن أذكر من وجهة نظري ومن أجل التّاريخ فقط. بينما كان القومي والبعثي ليس لديهم مشكلة أن تكون فلاحاً، حيث أن بعض الفلاحين-في الجزيرة- اغتنوا بسبب وجودهم في حزب البعث، وأخذوا أراضي من الإصلاح الزراعي، وهنا القصة طويلة حيث تمّ في بعض المناطق تمليك الأراضي لأهل ضباط الأمن ، أو غيرهم وأغلبهم من خارج المنطقة- والحديث هنا ليس عن هذا-، لكن عند قادة الشيوعيين في المنطقة، ومع أنهم عاطلون عن العمل يعيشون على ما يسمى الراتب الحزبي ، وبعض الإكراميات. كانت أسهل التّهم لديهم هو أن ينعتوك بالفلاح، أو من منشأ فلاحي، وهي كلمة يستعملونها للتحقير، والتقليل من الشّأن. لا أعتقد أن في الجزيرة العليا سوى عدد قليل من المعامل، ولا توجد حركة عماليّة أصلاً فالشيوعيون نوعان شباب يدرس ، أو يبحث عن عمل، ولم يجد أمامه سوى هذا الطريق للانخراط في المجتمع، أو مسؤول عاطل عن العمل، يتسكّع للبحث عن وليمة. أما موضوع النّضال فهو عبث آخر، ولنختصر الموضوع :فإنّ فرج الله الحلو الذي أذيب بالأسيد في عهد عبد الناصر كان يعتبره خالد بكداش فلاح غبي، أرسله إلى سورية بمهمّة كي يموت ولا ينافسه، بينما كان هو في موسكو، وكما تدّرب البعثي على أفكار الرّفيق القائد كذلك تدرّب الشّيوعي، وكما كان حزب البعث يرسل الفدائيين إلى لبنان فقط ليفجروا أنفسهم، كذلك كان الحزب الشيوعي ولم تكن القضية الفلسطينية تهم أحداً منهم كانوا مزايدين على ياسر عرفات، وينظرون له كإنسان ذكي استطاع أن يخطف القيادة منهم . . . . ما أشبه اليوم بالأمس! أغلب السّجناء السّياسيين وقعوا ضحيّة " مؤامرة" تشبه المؤامرة على فرج الله الحلو، فبينما كان رياض الترك، وآرام كربيت في السّجن كانت كتب الطيب تيزيني تباع في المكتبات، وكان يقيم الندوات في المراكز الثقافية. نعم لقد ناله بعض الظلم في وقت متأخر عقاباً على الاحتجاج على النّعمة التي أوصلته إلى حد وصفه بالعبقري، لم يكن جماعة الحزب الشيوعي المكتب السياسي غير معروفين، لكن قلّة منهم وصلت إلى السّجن ، وهذا ينطبق على جميع الأحزاب بما فيهم حزب الإخوان ، فهؤلاء الإخوان الذين يقودون المعارضة اليوم كانوا جزءاً من السلطة، ولم يتضرّروا ، وعلى سبيل المثال معاذ الخطيب وهو معتدل دينياً ، وقد كان معيّناً من الأسد مباشرة كخطيب للجامع الأموي. يوجد على السّاحة السياسيّة المعارضة في الداخل السّوري والخارج. الحركات العربية القومية التي تتبنى الناصرية نموذجاً ، الحركات التي تتبنى صدام حسين نموذجاً، الحركات القومية الكردية ، والحركات التي في مجملها دينية إسلامية- وهي الأقوى مالياً - تستقطب بعض الأفراد من الأديان والطوائف والقوميات الأخرى لعضويتها وتدفع رواتبهم، وعندما ينتهي الدّفع يخرج أبناء الطوائف المضافة إلى العلن ليعلنوا انسحابهم مثلاً، وهذه الفئة نفسها هي التي تموّل المواقع الالكترونية والمنصّات الثقافية، وهي مدعومة نفطياً. . . . عود على بدء قلت في البداية عندما كنت أقوم بتمارين التّحمية. أنّه غير مسموح هذا، وليس مسموح ذاك، ثم قلت بأنّ هناك سوري معارض، وسوري مهمّش لكنه يعتقد أنّه معارض. السّوري المعارض الذي يحق له المشاركة في قراءة الدستور وليس كتابته فهو لا يعرف معناه. هو نفسه السّوري الذي كان على رأس عمله لصالح الأسد، وقفز إلى المقلب الآخر لحسابات بعضها سببه الخوف والآخر الطمع في الوصول إلى مركز أفضل. هذا السوري معارض " يحكمنا الآن في كل مكان ، قبل سقوط النّظام" وهناك السّوري المهمّش الذي أراد أن يثور ضد الظلم فقتل، وما تبقى منه يئن تحت وطأة الحزن، والموت، والجوع والفقر. أرغب في التنويه كملاحظة أخيرة. بأنني أنتمي لأسرة فلاحية من قرية المفكر التابعة لقضاء السلمية، ولا زال داخلي يؤمن بالأرض والزراعة، وللحديث بقيّة.
#نادية_خلوف (هاشتاغ)
Nadia_Khaloof#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حركة نورديا النازية في شمال أوروبا هي معاون مطيع لروسيا
-
سجن الرّوح -20-
-
شجن الرّوح-19-
-
المرأة خاطئة إلى أن يثبت العكس، واليوم تثبت العكس
-
الحكم على بيل كوسبي
-
سجن الرّوح -18-
-
هذا الإرهاب ليس داعشياً.إنها مجموعة إنسيلز الكارهة للنساء وا
...
-
سجن الرّوح-17-
-
هل وسائل التواصل تكفي لبناء ديموقراطية ؟
-
أمريكا تبحث عن مخلّص
-
سجن الرّوح -16-
-
سجن الرّوح -15-
-
هل يوجد احتمال نشوء حرب عالميّة ثالثة؟
-
سجن الرّوح -14-
-
اجتماع مجلس الأمن غير الرّسمي في السّويد
-
سجن الرّوح -13-
-
عن عثرات ترامب وشخصه
-
أيضاً عن سورية
-
حول الضّربة العسكرية على سورية
-
سجن الرّوح -12-
المزيد.....
-
ماذا يعني إصدار مذكرات توقيف من الجنائية الدولية بحق نتانياه
...
-
هولندا: سنعتقل نتنياهو وغالانت
-
مصدر: مرتزقة فرنسيون أطلقوا النار على المدنيين في مدينة سيلي
...
-
مكتب نتنياهو يعلق على مذكرتي اعتقاله وغالانت
-
متى يكون الصداع علامة على مشكلة صحية خطيرة؟
-
الأسباب الأكثر شيوعا لعقم الرجال
-
-القسام- تعلن الإجهاز على 15 جنديا إسرائيليا في بيت لاهيا من
...
-
كأس -بيلي جين كينغ- للتنس: سيدات إيطاليا يحرزن اللقب
-
شاهد.. متهم يحطم جدار غرفة التحقيق ويحاول الهرب من الشرطة
-
-أصبح من التاريخ-.. مغردون يتفاعلون مع مقتل مؤرخ إسرائيلي بج
...
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|