جورج كتن
الحوار المتمدن-العدد: 1492 - 2006 / 3 / 17 - 11:53
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
المشكلة الوحيدة لشوكت غرز الدين المعروف فقط في أوساط عائلته وأصدقائه وجيرانه في مدينة صلخد بمحافظة السويداء السورية, أنه يشاهد الفضائيات ويسمع الكثير عما تردده عن الديمقراطية وحرية الرأي، ويقرأ الكتب وبعض المقالات المأخوذة من مواقع الانترنت غير المحجوبة.
اعتقد شوكت أنه يستطيع أن يلبي دعوة "اللجنة المؤقتة لإعلان دمشق" للاعتصام أمام قصر العدل للمطالبة بإلغاء حالة الطوارئ والأحكام العرفية، فأتى للعاصمة في الموعد المحدد آملاً أن يقوم بواجبه الوطني بإسماع صوته للمسؤولين كمواطن سوري مهتم.
لم يكن يتوقع أنه سيقابل في ساحة "العدل" بعصي أعلام الوطنية السورية تنزل على رأسه ضرباً ولطماً من "مواطنين" آخرين سمعوا من رؤسائهم الذين أرسلوهم لكسر الاعتصام أن "الديمقراطية" دعاية امبريالية، ومن ينادي بها خائن "لوطنه".
كما لم يكن يتوقع أنه عندما يهرب من عصي الأعلام الوطنية, سيقع في قبضة أفراد الشرطة الذين سلموه مع المواطن الآخر من محافظته "عدنان أبو عاصي" إلى الأجهزة الأمنية المختصة بحالات خروج المواطنين عما رسمته لهم من "توجيه" سياسي صادر عن أهل الاختصاص.
لم يعد شوكت غرز الدين إلى أهله وأصدقائه مساء 9 آذار الربيعي ليحدثهم عن مساهمته في "الشأن العام" حسب تصوره له، إذ أنه بات تلك الليلة والليالي التي تليها حتى اليوم، في أحد الفروع الوطنية. لا أحد يضمن أنه سيلقى معاملة "طيبة" مثل الأسماء اللامعة لسياسيين معارضين وكتاب ومثقفين معروفين تتداول الفضائيات أسمائهم وتصدر لجان حقوق الإنسان البيانات وتوقع العرائض للمطالبة بالإفراج عنهم.
أما شوكت فله الضرب بعصي أعلام الوطن في ساحة قصر العدل "الوطنية" والنوم على البلاط البارد لغرف أمن الوطن، وفوق هذا وذاك فإنه كموظف في "دائرة مياه صلخد" مهدد بالفصل من وظيفته، التي يعيل من راتبها المتواضع جداً عائلته المكتفية بما يسد الرمق، فرئيسه المباشر سجله "غياب غير مبرر" ليصبح في حكم المستقيل بعد خمسة عشر يوماً من غيابه، فالتعبير عن الرأي في "الوطن" بأوضاعه الراهنة "غير مبرر" على الإطلاق، ويؤدي لكل العواقب الوخيمة التي يتعرض لها شوكت غرز الدين وأمثاله "المتنطحين" للشأن العام لوطنهم "السعيد" بشقائه.
#جورج_كتن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟