أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد بشارة - كابوس الحياة اليومية في العراق رؤية من الداخل














المزيد.....

كابوس الحياة اليومية في العراق رؤية من الداخل


جواد بشارة
كاتب ومحلل سياسي وباحث علمي في مجال الكوسمولوجيا وناقد سينمائي وإعلامي

(Bashara Jawad)


الحوار المتمدن-العدد: 5862 - 2018 / 5 / 2 - 15:54
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    




ما سيلي من حقائق ليس فيها أي تجني أو مبالغة فلقد عشتها بنفسي وواجهتها أثناء زياراتي المتعددة للعراق في كل سنة وكان آخرها التي مكثت فيها قرابة الثلاثة أشهر. ومن أبرز مظاهر الذل والخنوع التي تواجه المواطن العراقي اليوم هي مراجعة الدوائر الحكومية لإجراء معاملاته، التي تشكل في واقع الأمر كابوساً لا فكاك منه, لقد تفن السياسيون في العراق في سحق المواطن وامتهان كرامته يومياً وفي كل ساعة، وهاهم اليوم وبلا أي حياء يرشحون أنفسهم مرة أخرى للانتخابات ويكذبون على الشعب ويطلبون منه التصويت لهم دون أن يطالبهم بأي حساب أو يوجه لهم أي نقد. فلقد اختلقوا وعمموا التزوير على نطاق واسع وزروا كل شيء، ليس أقلها الشهادات المزورة ، فترى أحدهم لم يكمل المرحلة الابتدائية ويقدم نفسه كادراً يحمل شهادة الدكتوراه وعندما تسأله يرد بلا حياء إنه يحمل شهادة دكتوراه في حب الحسين، وهو جاد فكل ما قام به هو شرائه شهادة في الدين ورثاء الحسين من جامعة غير معترف بها في طهران أو أي مدينة أخرى بما فيها جامعات أهلية في أوروبا أسسها عراقيون فاشلون للكسب غير المشروع ، وقاموا بتزوير وثائق الملكية والطابو لشراء الأراضي الحكومية ومصادرة بيوت المهجرين أو المغتربين الشاغرة وإبراز وثائق ملكية مزورة بحراسة وتشجيع قوى مسلحة خارج القانون والويل لمن يعترض أو يفضح أو يحتج، وبعد كل ذلك يفرضون على كل مواطن وفي كل معاملة ومع أية وثيقة ، أن يأتي للدائرة التي يقصدها بما يسمى " شهادة صحة الصدور" التي عليه أن يقدمها مرفقة باية وثيقة رسمية تطلب منه ، فتارة يقال لك أن شهادة الجنسية قديمة وغير صالحة وعليك أن تاتي بأخرى حديثة وذلك لإدخالك في دوامة المراجعات حيث سيطلبون منك المستمسكات أربعة هي بطاقة السكن والجنسية وشهادة الجنسية والبطاقة التموينية وهذا يعني ببساطة أنك إما أن ترشي الموظفين في كل معاملة لكل موظف ولكل توقيع ، وما أكثرها، وتدفع مبالغ طائلة حتى يتم تمشية معاملتك الإدارية بعد عدة مراجعات ومعاناة وتحمل الحر والبرد والأمطار والتنقل والازدحامات المرورية أو أن تتحمل المماطلة والتأجيل وعدم الإنجاز لمعاملتك التي قد تستغرق أشهر وربما سنوات، وإذا امتنع أحدهم عن دفع الرشوة يقوم الموظف برفع سلاح " شهادة صحة الصدور" أي على المراجع أن يثبت أن وثيقته حقيقية وغير مزورة، حتى لو تم إصدارها في نفس اليوم ومن نفس الدائرة ، وهنا تكمن المشكلة فلا يحق للمراجع أن يقوم بنفسه بالحصول على شهادة صحة الصدور وإنما تقوم الدائرة التي يراجعها بتوجيه كتاب لدائرة أخرى كي تقوم بإثبات صحة الوثائق التي قدمها، وكل وثيقة تحتاج لشهر أو شهرين أو ثلاثة أشهر أو أكثر للحصول على شهادة صحة الصدور حيث تقوم الدائرة المعنية باختيار ما يسمى بــ " المعتمد" الذي يكلف بالقيام بنفسه بحمل وتسليم شهادات صحة الصدور للدوائر التي تطلبها فلو كانت المراجعة في بغداد والوثيقة صادرة من الحلة فعلى المعتمد أن يسافر إلى الحلة واستلام شهادة صحة الصدور والسفر إلى بغداد وتسليمها ، وهذا المعتمد لايمكنه أن يسافر في كل يوم بل ينتظر أسابيع وربما شهور لكي يحمل مجموعة من شهادات صحة الصدور في كل سفرة يقوم بها، أو يضطر المراجع إلى رشوته وتحمل تكاليف سفرته لكي يقوم بجلب شهادة صحة الصدور، وأكثر من يعاني من ذلك هم المهاجرون والمغتربون الذي يأتون للعراق لفترة محدودة لا تتجاوز الشهر في العطلة أملاً بإنجاز بعض المعاملات كتجديد جواز السفر أو شهادة الجنسية أو إصدار وكالة لأحد الأقارب لكي يتابع معاملاته، وإزاء هذه العقبة الكأداء ما عليه سوى أن يستسلم ويرجع لبلد اللجوء خاوي اليدين أو أن يدفع ما عليه من مبالغ ربكا ادخرها بعد جهد وعمل وكد سنة كاملة في بلد المهجر، وبما أنه من بلد أجنبي فهو بالنسبة للموظفين بمثابة صيد ثمين حيث يبدأ الابتزاز وعليه أن يدفع آلاف الدولارات لكي ينجز معاملته في اقصر وقت ممكن ضمن حدود عطلته السنوية . ولو قمنا بحسابات أولية تقديرية فسوف نكتشف أن هذا الإجراء يدر ملايين الدولارات للموظفين الفاسدين وهم بنسبة 98 بالمائة من موظفي العراق اليوم، وذلك بعلم وتشجيع ومباركة المسؤولين العراقيين الذي يتلذذون بمعاناة المواطنين ويمعنون في إذلالهم وابتزازهم يومياً ، أما المواطن العراقي المسكين فلاحول ولا قوة له سوى الخضوع وقبول هذه الماكنة الطاحنة وهذا الإجرام العلني المشروع والمحمي بالقانون . فالمهاجر أو المغترب يعتدى عليه بشتى الطرق منذ وصوله إلى المطار حيث عليه أن يدفع عشرة آلاف دينار عراقي أو مايعادلها بالدولار لشركة تاكسي بغداد المحتكرة من قبل عصابة من السياسيين، لنقل المسافرين بين المطار وساحة عباس بن فرناس ، أي بضعة أمتار فقط ، حيث لايسمح للسيارات الخاصة أو التاكسيات العادية الوصول للمطار بذريعة الدواعي الأمنية وحيث يحتكر بعض السياسيين هذه البقرة الحلوب التي تدر عليهم يومياً آلاف الدولارات ، وذلك في الذهاب والإياب ، إلى جانب عمليات التفتيش المرهقة إذ يتعين على المسافر أن يحمل أمتعته بنفسه عدة مرات لفحصها وتفتيشها، أكثر من ستة عمليات تفتيش واستخدام الكلاب المدربة على عمليات التفتيش عدة مرات قبل الولوج إلى المطار. وهناك السرقات التي تقوم بها شركات الموبايل التي يمتلكها السياسيون، وعمليات استنزاف الاحتياطي النقدي الأجنبي من خلال مزاد العملات الصعبة الذي يقوم به البنك المركزي العراقي لصالح السياسيين ورؤوساء الكتل السياسية الذي يمتلكون المصارف والبنوك ومكاتب الصيرفة المستفيدة الوحيدة من هذا المزاد وهي عمليات سرقة علنية وشرعية تحسب بمليارات الدولارات ، والتي سنتحدث عنها بالتفصيل في حلقات قادمة . يتبع



#جواد_بشارة (هاشتاغ)       Bashara_Jawad#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العراق السوريالي لوحة الانتخابات العراقية السوداء رؤية من ال ...
- السينما الممسرحة والمسرح المؤفلم بريخت نموذجاً
- المأزق الانتخابي في العراق بين الريف والمدينة
- سوريا في مرمى الإصابة الأمريكية مرة أخرى
- العراق الكافكوي رؤية من الداخل
- الملف الكامل لدراسة ألغاز الكون العصية
- مقدمة لنظرية كونية بديلة لكنها غارقة في القدم
- ألغاز الكون المرئي الصامدة – 2 - شيفرة الكون الخفية
- عراق الغد: هل هناك تغيير ممكن في الأفق؟
- فرانكنشتاين يدعى داعش مسخ القرن الواحد والعشرين
- صدور كتاب - إله الأديان وإله الأكوان : بحث في نشأة الإلوهية ...
- عرض كتب د. جواد بشارة الثلاثة عن الكون الصادرة في الأردن عن ...
- ألغاز الكون المرئي الصامدة – 1 -
- خطاب مفتوح لدولة رئيس مجلس الوزراء العراق د. حيدر العبادي
- ولادة وطفولة الكون المرئي المختلف عليها: هل الكون المرئي لقي ...
- إشكالية الخلق والأزلية
- صراع القوة داخل الإدارة الأمريكية
- أمريكا هي أساس الجحيم الشرق أوسطي
- التعاقب الحضاري للبشر واختلاق الديانات -2-
- التعاقب الحضاري للبشر واختلاق الديانات -1-


المزيد.....




- دام شهرًا.. قوات مصرية وسعودية تختتم التدريب العسكري المشترك ...
- مستشار خامنئي: إيران تستعد للرد على ضربات إسرائيل
- بينهم سلمان رشدي.. كُتاب عالميون يطالبون الجزائر بالإفراج عن ...
- ما هي النرجسية؟ ولماذا تزداد انتشاراً؟ وهل أنت مصاب بها؟
- بوشيلين: القوات الروسية تواصل تقدمها وسط مدينة توريتسك
- لاريجاني: ايران تستعد للرد على الكيان الصهيوني
- المحكمة العليا الإسرائيلية تماطل بالنظر في التماس حول كارثة ...
- بحجم طابع بريدي.. رقعة مبتكرة لمراقبة ضغط الدم!
- مدخل إلى فهم الذات أو كيف نكتشف الانحيازات المعرفية في أنفسن ...
- إعلام عبري: عاموس هوكستين يهدد المسؤولين الإسرائيليين بترك ا ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد بشارة - كابوس الحياة اليومية في العراق رؤية من الداخل