|
من هنا نبدأ
امل كاظم الطائي
(Amal Kathem Altaay)
الحوار المتمدن-العدد: 5862 - 2018 / 5 / 2 - 02:15
المحور:
ملف الأول من أيار عيد العمال العالمي 2018 المعوقات والتحديات التي تواجهها الحركة العمالية والنقابية في العالم العربي
من هنا نبدأ عيد العمال العالمي يحتفل العالم اجمعه بالاول من آيار بعيد العمال العالمي، وهو يوم له مدلولاته واسبابه لان المجتمعات لاتبنى الا بوجود الطبقات العاملة التي يقع على كاهلها بناء المدن والصناعات، وتكون عادة هذه الجهة تنفيذية ويأتي دورها بعد وضع التصاميم والخطط لانجاز اي عمل، ولذلك فجزء من نجاح اي عمل مرتبط بها ارتباط وثيق ويمكن لاعظم تصميم علمي او مدني ان يفشل ان كان هناك خلل بالتنفيذ، ومن هنا نبدأ، فاذا لم تكن هذه الشريحة او الطبقة مهيأة بشكل وباسلوب علمي صحيح وتبنى على اسس علمية تتوافق والتطور التكنولوجي والثورة الالكترونية التي باتت تتحكم بانواع المننتجات بدءا بالابرة وانتهاءا بالاقمار الصناعية والمركبات الفضائية لا يمكن لامة ان ترتقي دون ان تولي الاهتمام لهذه الطبقة والتي لايخلو منها مجتمع، وقد قيل سابقا "ان اردت ان تنظر لرقي امة فانظر الى وضع المراة" فيها، وانا اقول :- "ان اردت ان تنظر الى رقي امة فانظر الى وضع الطبقة العاملة فيها". فكلما ارتقت هذه الطبقة بفكرها ونمت قابليات تطورها تقنيا كلما ازدهرت صناعة وعمران هذه الدولة والعكس صحيح، نأخذ انموذجا المانيا التي تتربع على عرش الصناعة اليوم، ويحكم مجتمعها قوانين هي خليط بين سياسة الاقتصاد الرأسمالية والاشتراكية، واهتمت ايما اهتمام بالطبقة العاملة من حيث الرقي بافكارها ووجود نقابات وتشريعات تحمي هذه الطبقة ورعايتها من حيث التعليم المهني والتقني وبث كوادرها في الاماكن المخصصة كل حسب تعليمه وتخصصه، بل واستوردت ملايين العاملين من دول اخرى خصوصا بعد الحرب العالمية الثانية لسد النقص الحاصل بالايدي العاملة، سواء عن طريق فتح الهجرة للعوائل من دول الجوار حيث توجد اليوم جالية تركية يقدر عددها بثمانية ملايين شخص كان يعمل جلهم في الزراعة بعد الحرب العالمية الثانية، واليوم يوجد اكثر من مليوني عراقي تم زج معظمهم في المعامل والمصانع وتاهيلهم تقنيا لمواكبة التطورات التقنية المستخدمة في معامل هذه الدولة التي تعتبر بحق انموذجا للرقي الصناعي والمجتمعي. في حين نرى في العراق طمس معالم هذه الطبقة وتهميشها ومحاربتها نظرا لتبنيها افكار تحررية وتقدمية ومنذ نشأتها كما اشار الخباز في كتبه وبطاطو وهذان يعتبران اشهر شخصيتان كتبت عن تاريخ الطبقة العاملة في العراق كما جاء ذلك في الكتاب الذي اصدره الدكتور "عبد جاسم الساعدي" رئيس جمعية الثقافة للجميع والذي يحمل عنوان " الطبقة العاملة في العراق واضراب الزيوت" . نرى بوضوح تأثر هذه الطبقة بالحالة السياسية للعراق وما رافقها من تغيرات بدءا من احتلال الانكليز للعراق الى اليوم، وساهم قادة احزاب مثل " جعفر ابو التمن ونصير الجادرجي وفهد والشاعر محمد مهدي الجواهري" ونقابات عمالية في تبني تشريع قوانين لهذه الطبقة، بعد ان كانت مهمشة ومظلومة وبلغ اوج ازدهارها في خمسينيات وستينيات وسبعينيات القرن الماضي، حيث سنت قوانين العمل بعد اضرابات كثيرة لاصحاب الحرف ومنها اضراب عمال السكك والحديد والنفط وشركة الزيوت النباتية "والذي بموجبه نحصل على ارباحنا البالغة نسبتها 5%" وحقيقة كثير من الموظفين لايعرفوا شيئا عن نضال هؤلاء العمال الابطال والذين لولاهم ما حصلنا على هذه الارباح، حيث تم اقرار الحصول على الارباح لكنه بقي حبرا على ورق، لولا اقامت عمال الزيوت بهذا الاضراب واجبار الدولة على الانصياع لتنفيذ ما وعدت به. لقد كان للطبقة العاملة في العراق وزنها ابَان عقود القرن الماضي، وشرعت بالفعل قوانين لحمايتهم فكان هناك قانون الضمان الخاص بالعمال ولهم سلم رواتب يختلف عن سلم رواتب الموظفين وذلك كان معمول به ابان خمسينات وستينات وسبعينات القرن الماضي ولهم نقابة عمال تدار من قبل عمال قياديين و كان لهم شأنا عظيما في تنظيم امورهم النقابية اذكر منهم على سبيل المثال ابراهيم جبوري والدكتور عبد جاسم الساعدي وكان والدي المرحوم المحامي "كاظم الطائي" المحامي العام لتلك النقابات في نهاية خمسينيات وستينيات القرن الماضي. تركت الحركة النقابية العمالية في العراق بصمتها على انجازات عدة بعضها دستورية تخص هذه الشريحة واخرى ساهمت في نشر الوعي الاجتماعي والتقني وكان لهم جرائد ومجلات اسبوعية تصدر تتناول موضوعات العمال وهمومهم مثل "جريدة اصحاب الصنائع"، لقد حاول الكثير من الانتهازيين ضم هذه الشريحة لهم او تسييسها لمصالح شخصية الا انهم فشلوا وبلغ ذروة انتعاش هذه الطبقة في النصف الاول منن ستينيات القرن الماضي الا انها اصيبت بانكسارات وانتكاسات حادة بعد انقلاب 8 شباط الاسود، وعادت هبيتها في سبعينيات القرن الماضي وشرعت قوانين جيدة لصالح هذه الطبقة لكنها ما فتأت ان انكفأت في العام 1987 حين شرع مجلس قيادة الثورة قانون مفاده تحويل كل العمال الى موظفين واخضاعهم الى القانون المدني لموظفي الدولة، وبذلك تم القضاء على كل مستحقاتهم المهنية وقوانين الضمان الصحي التي كانوا يتمتعون بها، واغلقت نقاباتهم، كان ذلك ليس لاجل رفع مقام العامل الى موظف كما ادعى صدام حسين في خطاب له كان ذلك ظاهر الامر ولكن بواطن الامور بدات تتكشف بعد استلامهم لاول راتب لهم كموظفين كات خيبتهم وصدمتهم كبيرة، حين اكتشفوا حجم المؤامرة حيث تم رفع مخصصاتهم وازالة الضمان الصحي عنهم وقلت رواتبهم بمقدار الثلث لان قانون موظفي الدولة يبدأ بسلم مختلف تماما عن سلم رواتب العمال وكانت هذه مؤامرة من وجهة نظري ودق اخر مسمار في نعش الطبقة العاملة، ولم يسلم من ذللك سوى عمال القطاع الخاص والمختلط والذي تم تصفيته تدريجيا على حساب انشاء دوائر التصنيع العسكري وعسكرة الشارع، لقد تم تبديل تكوينة المجتمع العاملة برمتها وضرب الطبقة العاملة لا لشئ فقط من اجل رفد ميزانية الدولة المنهارة والتي تم استنزافها في حرب ايران تمهيدا لدخول العراق في حرب الكويت وبعدها الحصار الجائر الذي عزلنا قرابة عقد من الزمن عن العالم الخارجي المحيط بنا وعاش العراقي الذل براتب للموظف لايتجاوز الدولار ومن هنا بدأ الفساد الاداري والمالي والذي بلغ اوجه اليوم في عراق الديمقراطية والشفافية. من يتابع الاحداث بصيرورتها اليوم يلاحظ وبدقة ان عملية تهديم وتآكل العراق بدات منذ العام 1963 بمسلسل ذو حلقات يكمل بعضها الاخر ولكل دوره باستثنناء عصر نهوض قليل بدأ منذ العام 1972 وانتهى العام 1979. اليوم يعاني العراق من كارثة رهيبة هي تصفية قطاعه العام وتمليكها لرؤوس تتربع على عرش السلطة ولدينا في العراق نظام مالي عجيب وغريب لايخضع للقوانين الرأسمالية ولا الاشتراكية ولايمكن تصنيفه ضمن اي نظام اقتصادي وتعمه الفوضى والغموض المستقبلي. لقد كان للعراق صناعة جميلة نفخر ونباهي بها يوم كان لدينا شركات تركت في ذاكرتنا اجمل الاثر مثل شركة الصناعات الالكترونية والخفيفة ومعامل يشار لها بالبنان مثل معامل النسيج في الكاظمية ومعامل التعليب في كربلاء ومعامل المراوح " اندولا" في ديالى ومعامل السمنت في المثننى ومعامل الصلب والحديد في البصرة ومعمل ادوية سامراء ومعامل صناعة الجلود ومعامل السيكائر والزيوت ومعامل صناعة منتوجات الالبان ومعامل بسكولاته التي لازلت احن لتذوق منتجاتها...ومعامل اخرى كثيرة كانت تصدر منتجاتها ولا زالت بيوتنا العراقية تحتفظ ببعض من منتوجات هذه المعامل. للاسف اقولها بحزن تم تصفية اغلبها وجاء دور تصفية معامل انتاج الطحين " المطاحن" وهذه كارثة جسيمة لان الطحين يستهلكه الغني والفقير على حد سواء ودون رعايته ومراقبة انتاجه وتحويله برمته للقطاع الخاص سيؤدي ذلك الى نشوء ثورة وشيكة وان غاب ذلك عن ساسة اليوم فواجينا تنبيههم للخطر المحدق بهم فثورة فرنسا حصلت بعد مقولة ماري انطوانيت الشهيرة حين قالوا لها الشعب جائع ولايوجد خبز لهم ردت بمقولتها الشهيرة "لياكلوا الكعك" . علينا اليوم وبعد هذه المقدمة الطويلة الاهتمام بانتاج كوادر وسطية تزج في المعامل المتبقية ويتم ذلك عن طريق تبني وزارة التربية لاسلوب تعليم "البوليتكينيك" والذي لجأت اليه روسيا بعد الحرب العالمية الثانية وتبنته لرفد معاملها ودوائرها لرفدهم بالمهارة والخبرة واستخدامها بشكل فعلي في الدوائر والمصانع. وتعليم "التبوليتكينك" يعني ان يساق الشباب الى التعليم المهني مع التركيز على الاختصاص الدقيق بعد انتهائهم منن التعليم المتوسط او الثانوي " صناعة تجارة زراعة الكترون اجهزة طبية" واستحداث وحدات تخص مهارات التورنه الحدادة النجارة حلاقة وتصفيف الشعر، فمعظم عمالنا اليوم غير مؤهلين علميا وغير متمكنين من استخدام مهارات وتقانات الحاسوب في التصميم والانتاج، ويعملون بناء على خبرتهم التي اكتسبوها لممارسة المهنة عمليا دون ادخال التطور ومزج الخبرة العملية بالتقنية، وهذا عيب كبير ويمكن ملاحظته في انجاز الكثير من المشاريع بدءا من بناء البيوت وانتهاءا بالمشاريع/ ومن المهم جدا ارسال العمال الى دورات تقنية خارج العراق او جلب خبراء للعراق يقومون بتدريب العمال ليواكبوا التطور الحاصل بالعالم ولايبقوا اسيري مهارات قديمة عفا عليها الزمن. يعاني اليوم المجتمع العراقي من تخمة خريجين لا يفقهوا شيئا باختصاصات شتى في الهندسة والعلوم وجلهم عاطل عن العمل وهذه كارثة اخرى كان للعراق وزارة صناعة ابان سبعينيات القرن الماضي فتحت ابوابها لرفد المشاريع الصناعية باعطاء قروض عن طريق دوائر التنمية ولكن للاسف نرى اليوم موت هذا القطاع والاعتماد كليا على استيراد ابسط المنتجات حتى ابر الخياطة يتم استيرادها، تحولنا الى شعب ميت غير منتج وعلامات انتهاء العراق وشيكة وذلك ليس تشاؤم ولكن ينطبق مع ما قاله رسولنا الاعظم "لاخير في امة تأكل اكثر مما تنتج"، لقد تم القضاء على القطاع الصناعي والزراعي وبنضوب النفط كيف سيواصل العراق واجياله المقبلة عيشهم ومن سيكفل لهم حق العيش الكريم بعيدا عن الذل والمهانة لكرامة الانسان؟؟؟ تساؤلات سنرد عنها في مقالات مقبلة...
#امل_كاظم_الطائي (هاشتاغ)
Amal_Kathem_Altaay#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فصلية في القرن الحادي والعشرين
-
في ذكرى انقلاب 8 شباط الاسود
-
الى اخي مع التحية
-
عيدية
-
نبض الشارع
-
كل الوفاء والحب في ذكرى رحيلك
-
المواطن العراقي بين الامس واليوم
-
قلادة فضة
-
الفساد المالي والاداري في دوائر العراق الى اين؟؟؟
-
حقائق مرة في مجتمع عراق اليوم
-
موظفون يهجرون وظائفهم في مؤسسات القطاع العام العراقي قبل سن
...
-
امرأتان من العراق
-
رجلان وامرأة
-
على هامش اليوم العالمي لعيد المراة
-
الخصخصة هي العلاج الامثل للفساد الاداري والمالي في العراق.
-
في ذكرى تاسيس الجيش العراقي
-
اهلا العام 2017
-
امهات قيد الانتظار
-
المفصولون السياسيون في العراق مآرب ومكاسب
-
التهجير الممنهج للعراقيين
المزيد.....
-
السعودية.. مصرع شخص وإصابة 10 آخرين في تصادم 20 مركبة والمرو
...
-
شاهد.. مروحية عسكرية تشتعل بعد هبوط اضطراري في كاليفورنيا
-
هل الطقوس التي نتشاركها سر العلاقات الدائمة؟
-
السعودية: حذرنا ألمانيا من المشتبه به في هجوم ماغديبورغ
-
مصر.. البرادعي يعلق على زيارة الوفد الأمريكي لسوريا
-
اعتراض ثلاث طائرات أوكرانية مسيرة فوق شبه جزيرة القرم
-
RT تعلن نتائج -جائزة خالد الخطيب- الدولية لعام 2024
-
الدفاع الصينية: الولايات المتحدة تشجع على الثورات الملونة وت
...
-
البابا بعد انتقادات وزير إسرائيلي: الغارات الجوية على غزة وح
...
-
-اشتكي لوالدك جو-.. مستخدمو منصة -إكس- يهاجمون زيلينسكي بعد
...
المزيد.....
-
حول مفهوم الطبقة العاملة
/ الشرارة
-
الإضرابات العمالية في العراق: محاولة للتذكير! - الجزء الأول
/ شاكر الناصري
المزيد.....
|