أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - ناجح شاهين - اعتقال سعدات ومسرحة الحدث














المزيد.....

اعتقال سعدات ومسرحة الحدث


ناجح شاهين

الحوار المتمدن-العدد: 1491 - 2006 / 3 / 16 - 12:52
المحور: القضية الفلسطينية
    


هل كان بإمكان إسرائيل أن تعتقل سعدات ورفاقه في زمن أقصاه نصف ساعة؟ الجواب على الأرجح بالإيجاب. لكن ضرورات "فنية" في جوهرها قد حالت فيما يبدو دون أن يتم ذلك. كان لا بد من إخراج تلفزيوني يليق بحاجات أولمرت الانتخابية. ومن ناحية أخرى كان لا بد من درس جديد يوجه للفلسطينيين فحواه أن إسرائيل تستطيع أن تفعل كل ما يحلو لها بغض النظر عن الاتفاقيات والأعراف والتقاليد، وأنها بوصفها ربيبة العالم الغربي لا تخضع للقانون الذي يخضع له الآخرون. وذلك بالطبع شأن الولايات المتحدة التي تنتهك كل القوانين التي تطالب الآخرين بها.
على امتداد ساعات طويلة وثقيلة مارس الكل دوره المرسوم له بدقة متناهية. لقد كان مطلوباً أن تضخم واقعة الاعتقال أمام العدسات. الفكرة هي أن تظهر عملية السيطرة على خمسة معتقلين أمراً شائكاً ومعقداً. ولا بد من تضخيم المهمة حتى تعطي أكبر قدر من البهجة الإعلامية والنفسية. وهي تقانة أصبحت رائجة في زمن الحروب المتلفزة الراهنة. أليس ذلك هو ما تم على وجه الضبط والدقة قبيل احتلال العراق مرتين في اقل من عقدين: أعني ألم يتم تحويل العراق إلى قوة خامسة أو رابعة حتى تتحقق البهجة عند انهيار الوحش العراقي المرعب على يد الشجعان اليانكيين.
وسائل الإعلام العربية تعلمت دروس ال سي.أن.أن في أهمية الإثارة في الإعلام كما في أمور أخرى. فلا بد من تسلية الناس وكسر إيقاع حياتهم الرتيب كذلك فإن الاستعراض التلفزيوني يجب أن يفرغ الشحنات العاطفية ويطهرها، فذلك درس أرسطو الأول في التراجيديا. الجزيرة حلت محل المحطات الأمريكية إلى حد إتقان الدور. نتذكر مهارتها في تغطية اجتياح رام الله منذ ثلاث سنوات. التهييج يمثل العنصر الأبرز في اللوحة: وبعد " سقوط" مدن أخرى تأتي رام الله العاصمة. الفضائيات تنبه بقوة وتركيز يتكرر على فترات متلاحقة أن رام الله تختلف لأنها مقر السلطة ورمز أشياء كثيرة؛ لم أعد أذكرها. مذيع إحدى الفضائيات في حديث مع الراحل عرفات يقول: "وهكذا سقطت رام الله" كأن رام الله وقواتها المسلحة كانت على وشك دك تل أبيب وما جاورها. هناك سخرية واضحة بالنسبة للعارفين بألف باء واقع الحال. ولكن لا بد من تمثيل الدور حتى النهاية، وإيهام جماهير البشر في الغرب أن وحشا آخر قد سقط في مسيرتهم المظفرة ضد الإرهاب. كذلك لا بد من إيهام جماهير البلاد المستعمرة التعسة أن جيشهم قد هزم بينما لم يكن يفترض فيه ذلك. إلحاق الذل والأذى النفسي جزء من فكرة التلفزة المثيرة. طبعا علينا أن لا نغفل أهمية الحدث بوصفه عملا دراميا أعد على مهل من أجل إمتاع الجمهور.
أحمد سعدات وسط سيل من الخطابة مارسته الطبقة السياسية الفلسطينية المغرقة في اللغة التي لا تقول شيئا عن الواقع، ابتلع – على غير عادته- الطعم، وانساق وراء الحدث متناغما مع شروط المخرج الإسرائيلي. فأعلن بشكل ميلودرامي لا مسوغ له أن سيواجه " مصيره بشجاعة". لم يكن من ضرورة لذلك. وكان بإمكانه تهدئة إيقاع الحدث بالقول إنه معتقل أعزل لا حول له تجاه جبروت الاحتلال المدجج بكل الأسلحة بما فيها النووية. إنه حتى لا يستطيع أن يختار أن يموت فيما لو أراد ذلك، لخلو كنانته من أي سهم يقتل به نفسه. ما كان لأحد أن يشكك في شجاعة الرجل ورباطة جأشه لأنه برهن ذلك في العديد من المناسبات.
وكان ذلك سيوفر على الشعب الفلسطيني صدمة أخرى هو في غنى عنها خصوصا أنها مفتعلة وغير حقيقية. لكن سعدات للأسف أسهم في تصنيع الصدمة برفعه التوقعات إلى أقصى حد وحفزه الحس الشعبي باتجاه الاستشهاد وروح المأساة. ولذلك فقد جاء العرض النهائي للحدث الميلودرامي مخيبا للآمال فسقط الجمهور فريسة مشاعر الإحباط والهزيمة. وهو انحدار جديد يحرم الناس من الرؤية العقلانية الخالية من التشنج، والتي تسعف المرء في مواجهة المواقف القاسية بحد أدني من طاقة المقاومة بغض النظر عن شراسة الهجمة المعادية ودقة أدائها. أما الاستعراضات البهلوانية على شاشات الفضائيات فهي تدفع الناس إلى اليأس وتشعرهم بعبث محاولة فهم الواقعة السياسة. وبالتاي يندفع الجمهور إلى المزيد من هجران السياسة على قاعدة تركها لأصحابها.



#ناجح_شاهين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اليسار والانتخابات وعزلة النخب
- انفجار لندن
- الفوائد الجمة للسيجارة الفلسطينية
- حول مسلسل قتل النساء
- في عيادة الأمعري
- في دراسة للمفكر مشتاق خان: ليس لإسرائيل أية مصلحة في السلام
- اجتماع الخبير مع لجنة حقوق الإنسان
- في الفرق بين الجن والشياطين
- هكذا تمت عملية الانتخابات
- لو أن حماس تصوت لمصطفى البرغوثي
- واقع الفلسفة في فلسطين
- يحيى الفخراني ما بين الدراما والميلودراما
- الديمقراطية والمؤسسات لفتح خاصة وفلسطين عامة
- سقوط أيديولوجيا حقوق الإنسان
- حول انتهاء إضراب العاملين في وكالة الغوث
- حول المقاومة العراقية وحرب العصابات
- لا مكان للاعتدال في إدارة بوش
- من رام الله إلى الفلوجة
- جونسون روح،نيكسون جاء
- رعب المواطن من غياب - أبوعمار-


المزيد.....




- واشنطن تتهم إيرانيا بالتخطيط لقتل ترامب
- ترامب يستعين بالكلاب الآلية لتعزيز حمايته (فيديو)
- الخارجية الإيرانية: اتهام طهران بالسعي لاغتيال مسؤولين أميرك ...
- تحديث.. فرز الأصوات بين ترامب وهاريس بالارقام والعدد الإجمال ...
- لقطات دارمية لانفجار مفاجئ لسيارة يتسبب بأضرار بمنازل ومركبا ...
- كيف نساعد أطفالنا في التغلب على التوتر؟
- خطة شاملة لوقف ذوبان -نهر يوم القيامة الجليدي-
- ضفادع تشيرنوبل تتكيف مع الإشعاع دون التأثير على الشيخوخة أو ...
- ديلي ميل: النظام العالمي الجديد لترامب وخططه
- مستشار سابق في البنتاغون يؤكد موقف ترامب من زيلينسكي فور نفا ...


المزيد.....

- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني
- القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال ... / موقع 30 عشت
- معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو ... / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - ناجح شاهين - اعتقال سعدات ومسرحة الحدث