|
ما هدف المشروع الأمريكى / السعودى من (تنقية التراث)؟
طلعت رضوان
الحوار المتمدن-العدد: 5861 - 2018 / 5 / 1 - 22:43
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
أسفرتْ الإدارة الأمريكية عن وجهها الحقيقى فى دعم وترسيخ الأصولية الإسلامية، واعتبرتْ نفسها أنها الوريث الشرعى للأزهرولكل الأصوليين. وقد تبدى ذلك بموقف (عملى) حيث أعلن وزيرالخارجية الأمريكية تيلرسون (قبل إقالته من منصبه بأسبوع) أنه تـمّ إنشاء المكتب المشترك فى الرياض بهدف ((تنقية الكتب الدينية من التطرف، وذلك بإنتاج غيرها من الكتب، لتدريسها فى السعودية. وأنه سيتم توزيعها على مستوى العالم. وسيتم سحب جميع الكتب التى تــُـدرّس الآن. كما سيتم إعداد أئمة مساجد من شبان معتدلين، وذلك تحت رعاية خبراء من البيت الأبيض مباشرة)) وأرجوملاحظة أنّ إقالة تيلرسون من منصبه ليس بسبب هذا البيان عن الدورالأمريكى فيما يـُـسمى (تنقية الكتب الدينية) أوإشراف الأمريكان على أئمة المساجد، وإنما السبب الخلافات بين الرئيس الأمريكى ووزيرالخارجية، حول البرنامج النووى الإيرانى، والتجارة مع الصين المُـهـدّدة للتجارة الأمريكية ولميزان المدفوعات الأمريكى..إلخ. كما أرجوملاحظة أنّ موضوع (تنقية كتب التراث) سبق أنْ تبناه ودافع عنه عتاة الأصوليين الإسلاميين، والأمثلة كثيرة فى أرشيفى أختارمن بينها الدعوى القضائية التى رفعها أحد المحامين ضد د.محمد سيد طنطاوى شيخ الجامع الأزهريـُـطالبه فيها بتجريــــد (= حذف) الأحاديث النبوية التى يعتقد مقيم الدعوى أنها تــُـسىء إلى الرسول. ثم جمـْـع النسخ الأصلية وهــى صحيح البخارى وصحيح مسلم وسنن أبوداود وسنن النسائى وسنن ابن ماجه وجامع الترمذى ومسند أحمد بن حنبـل من الأسواق ووضع ما أمكن منها فى المكتبات العامة. ويُحظرالإطلاع عليها لغيرالخاصة. كما يُحظرنقل ما لم يُـنقل منها فى التجريد (التفاصيل: صحيفة القاهرة 24/4/2007 ص3) ذكــّـرتنى تلك الدعوى بمقالة د0وسيم السيسى فى صحيفة الأهرام والمتضمنة مناشـدة قداسة البابا (رأس الكنيسة المصرية) لحذف الآيات الواردة فى العهد القديم المُعادية لأجدادنا المصريين القدمــــاء. وذكــّـرتنى تلك الدعوى أيضًا بالدعوى القضائية التى أقامتها المواطنة الأيرلندية (كاثرين ماك أنثير) أمام المحكمـــة العليا بدبلن، وطالبتْ فيها بمنع تداول العهد القديم لأنه يُسيىء للحضارة المصرية (نقلا عن د0وسيم السيسى– مجلة روزاليوسف: 13– 19يناير2007) وبالرغم من أننى أجللتُ تلك المواطنة الأيرلندية التى عقدتْ مقارنة بين ما ورد فى العهد القديم من لعنات ضـــد المصريين القدماء، وتحويل نهرالنيل والبيوت والأشجارإلى دم، والدعاء إلى إله العبرانيين ل ((قتل كل بكرفـى أرض مصرمن بكرالناس إلى بكرالبهائم )) ( خروج12: 29 وخروج13: 15 ومزمور78: 51 ) على سبيل المثال فقط، وبين معلوماتها عن الحضارة المصرية (نتيجة التعليم فى كل أوروبا) أنها الحضارة الوحيدة فى العالم القديم التى بزغ فيها (فجرالضمير) وبالرغم من أننى أتفق مع هذه المواطنة الأيرلندية فى أنّ صفحات العهد القديـــم تمتلىء بالعداء غيرالمبرر، لاعلى المستوى الإنسانى ولاعلى مستوى وقائع التاريخ، ضد أجدادنا المصريين القدماء، فإننى أرفض مصادرة أى حرف كتبه إنسان، حتى لوكنتُ أختلف تمامًا مع ما هومكتوب، وبناءً على ذلك فإننـــــى أختلف مع كل أصولى مدعوم من الأمريكان، لترويج (مشروع تنقية التراث العربى/الإسلامى) فهل يجوزأنْ نرتد إلى عصورالظلمات، العصورالتى كانت تــُـصادرحرية الإنسان فى المعرفة، وتفرض عليه الوصاية، وتــُـحـدّد له ماذا يقرأ وماذا يحب وماذا يكره إلخ؟ وهل التراث الإنسانى (مهما كانت درجة اختلافنا معه) ملكٌ لشخص أوحتى لتيارفكرى بعينه، فيطالب بالحذف، لأنّ المكتوب فى هـذا الجزء أوذاك لايوافق توجهاته السياسية أوالدينية؟ أم أنّ التراث الإنسانى ملكٌ لكل البشر؟ ومن حقهم أنْ يطــّـلعــــــوا على هذا التراث، ثم لهم بعد ذلك أنْ يُحدّدوا موقفهم منه، سواء بالإتفاق أوبالاختلاف. إنّ مشروع الأمريكان (فى السعودية) سيفتح الباب للمطالبة بحذف الكثيرالذى يـــــــراه الأصوليون لايتفق مع توجهاتهم، خصوصًا وقد سبق لكثيرين من التيارالأصولى، المطالبة بما أطلقوا عليه (تنقيح) مجمل التراث العربى الإسلامى الذى يرفضونه، مثل تاريخ الطبرى وتفسيره للقرآن، وتفسيرابن كثيـــــــر، الفتوحات المكية، السيرة الحلبية، أسد الغابة فى معرفة الصحابة لعزالدين بن الأثير( 7مجلدات) ومؤلفــــــــات اليعقوبى، البلاذرى ،المسعودى والواقدى إلخ ناهيك عن ألف ليلة وليلة والأغانى لأبى فرج الأصفهانى، والقائمـــة يطول ذكرها والأخطرمن ذلك أنّ الأصوليين يتمنون إحراق كتب كل مؤرخ موضوعى، مثل ابن عبد الحكـــــــم الذى أرّخ للغزوالعربى على مصروعلى بعض الشعوب الأخرى. والمشروع الأمريكى سيحرم الباحث من التعرف على العقلية العربية والتعرف على موقف العرب من المرأة. فإذا كان حديث ((لايفلح قوم ولوا أمرهم امرأة)) لم يقله الرسول، فإنه كاشف لنظرة العرب التى تحتقرالمرأة وترى أنها أقل من الرجل. وإذا كان حديث ((أمرتُ أنْ أقاتل النــــــاس حتى يشهدوا أن لا إله إلاّ الله..إلخ )) حديث لم يقله الرسول، فهوكاشف عن العقلية العربية التى ترى أنّ الدخول فى الإسلام كان بقتال غيرالمسلمين. صحيح أنّ هذا الحديث موضع خلاف كبير، ويراه البعض أنه من الأحاديث الموضوعة، بينما يراه الأصوليون من الأحاديث الصحيحة0 ووصل الأمرلدرجة أنّ أحد المستشرقين رفــض أنْ يُـنسب هذا الحديث إلى الرسول، لأنه يؤكد أنّ الإسلام انتشربحد السيف، فإذا بأحد شيوخ مجلة الأزهــريكتب أنّ هذا المستشرق يتعمّد الطعن فى عالمية الإسلام وإنكارورودها فى القرآن. وأنّ الحديث الذى يدّعى هــــذا المستشرق أنه موضوع هوحديث ((متفق عليه)) (مجلة الأزهر- نوفمبر1990 ص448) وماذا سيفعل الأمريكان مع آلاف المكتبات التى تبيع كتب التراث؟ هل يـُـصادرونها؟ وألايـُـعتبرذلك تعديًا على الملكية الخاصة؟ وماذا عن ملايين النسخ الموجودة فى بيوت الأفراد؟ والمُـخزّنة على أجهزة الكمبيوتر؟ كما أنّ المشروع الأمريكى/السعودى قد يؤدى إلى مصادرة كتب الفيزيا والأحياء وكتب الإبداع والفلسفة..إلخ. وهكذا تتأكد حقيقة: إنّ الإدارة الأمريكية وراء دعم الأصوليات الدينية. ***
#طلعت_رضوان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لماذا تأجيج الحرب الشيعية / السنية؟
-
فائدة قراءة كتب التراث العربى/ الإسلامى
-
قمم عربية أم انحدار عربى ؟
-
أليس طرد اليهود من مصرعملا وطنيا؟
-
هل تم دفن النشيد العروبى : أمجاد يا عرب أمجاد؟
-
المقاومة السلمية وفلسفة اللاعنف
-
رومانسية بعض المثقفين العرب
-
بكاء لا يتوقف فى جنازة اللغة العربية
-
أسطورة فناء البشر وتجاهل الأساطيرالمصرية
-
انتقال التكوين الكنعانى إلى التكوين العبرى
-
المثقف عندما يناقض نفسه
-
تعظيم الإله فى الأساطيرالبابلية والديانة العبرية
-
توارد الأفكارفى الأساطيروالديانة العبرية
-
صفات الإله البابلى والإله العبرى
-
وظيفة الإله فى الأسطورة البابلية والديانة العبرية
-
الفرق بين بيت الإله السومرى والإله العبرى
-
خلق الإنسان فى الأساطيرالسومرية وغيرها
-
القومية المصرية فى فكرلويس عوض
-
أثر الماركسية على تطور المجتمعات الإنسانية
-
قصة الخلق وفق أساطير بعض الشعوب (2)
المزيد.....
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|