أنيس يحيى
الحوار المتمدن-العدد: 1491 - 2006 / 3 / 16 - 12:15
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
حتى لا نغفو على انزعاج ،أقول مباشرة ؛ ليس لهذا العنوان من معنى ، رغم أنه يصلُح عنواناً لقصيدة . بالطبع ليست كا " القصائد " التي يتحفنا بها أحد المرموقين إعلامياً في هذا المضمار ، والتي لم أستطع مرة إكمال الأسطر القليلة التي هي ميزة هذا الشاعر في الكتابة الشعرية .
" سجن أبو غريب والفستان الأزرق " ، عنوان باغتني بعد قراءتي مقالة عن سجن أبو غريب ، كتبها الشاعر المعني سابقاً . لذا آثرتُ الاحتفاظ بهذا العنوان لأعبّر عن انزعاجي من تعاطي بعض الكتاب العرب مع قضايانا التي لا أجد لها إلا مستقبلاً حافلاً بالتفاقم والانهيارات .
لا يهمّ الكثيرين إن قلتُ أني تجاوزت الخمسين من العمر . لكن ، قد يهمّهم إن قلت أنني لم أسمع قبل سقوط صدام حسين بسجن أبو غريب . وهو السجن الذي كان يُساق إليه ، مع غيره من السجون الصدامية طبعاً ، أبناء العراق ليتعرفوا إلى المقصود من كلمة جهنم .. لكن ، قليلون من الذين أخضِعوا لعملية التعرّف تلك خرجوا ليعرّفوا الآخرين إلى معاني الكلمة " جهنم " ، وأبعادها ؛ فالغالبية كانت تكتم أسرارها وتختار حفرة للبقاء هناك .
كان حريّ بمن لم يتحمّل تعليمات الادارة الأمريكية لآمرة سجن أبو غريب " قولي لهم إنهم أحطّ من الكلاب " ، أن لا يتحمّل معاملة صدام حسين وآمري سجونه لأبرياء العراق . قد يقال أن الكثيرين لم يتحملوا ، ومنهم كاتب المقالة الأخيرة عن سجن أبو غريب .. لكن إثارة هذا الموضوع بالطريقة التي أثارها شاعرنا ، يجعل الرماة يخطئون أهدافهم ، ويشكّل بالتالي خدمة لنظام صدام حسين البائد، ولجميع الأنظمة العربية المستبدة القاهرة ، أدرك هؤلاء الكتاب أم لم يدركوا ، وأظنهم يدركون .
قد ينبري أحدهم ويحمل قلمه الحاد ويسطّر عن عمالتنا للأمريكيين ، أو أقلّه يتهمنا بقبول الانتهاكات التي يقترفها الأمريكيون في سجن أبو غريب ، وفي أماكن أخرى من العراق والعالم .
إن قلتُ أن الأمر لا يهمني أكون مغالياً ، أو بالأصح غير مسؤول . لكن المسؤولية تقضي أن نسير بثبات باتجاه أهدافنا ، التي هي رفع القهر وما يتخلّف عنه من فقر وجهل وتبعية ، عن مجتمعاتنا العربية التي ما زالت مع قلة من أجناس بشرية أخرى خارج منطق الحياة .
السجون في عالمنا العربي سرٌ يستحيل معرفة مقدار المعاناة والموت في داخلها . حريّ بكاتب المقالة عن سجن أبو غريب أن ينوّه بأن أحدهم تجرأ وكشف عما يدور داخل هذا السجن .
بالنهاية .. للادارة ، في أي مكان من العالم أخطاؤها ، لكن ما يُبقي بريق أمل في تلافي هذه الاقترافات ، هو وقوف أصحابها صاغرين أمام المحاكم .
إن مسيرة البشرية ما زالت طويلة .. والمسافة بين جهنم والجنة تبقى محسوبة في مخيلة الواهمين .
- الطقس في الجزر الانكليزية بارد .. لـمَ نخلع المعاطف ؟
#أنيس_يحيى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟