|
حين يتم ضرب وحدة العمال ، يتم ضرب الوعي الطبقي / الاجتماعي -- خروج الكنفدرالية الديمقراطية للشغل ( 17 )
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 5851 - 2018 / 4 / 20 - 12:30
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هل أضاف خروج الكنفدرالية الديمقراطية للشغل قيمة مضافة الى الحركة العمالية المغربية ، ام ان خروجها تسبب في تعميق التفرقة بين الإطارات النقابية فيما بينها ، وبين العمال والمستخدمين المنتمين لهذه الإطارات فيما بينهم ؟ البعض يعتبر ان خروج ( ك د ش ) كان بديلا تاريخيا ، املته التطورات التي عرفها المغرب ، بالتزامن مع التطورات المحلية ، والعربية ، والدولية . وكأن بالمشرفين الرئيسيين على الخروج ، كانوا ينفذون توصيات المؤتمر الاستثنائي في يناير 1975 ( ا ش ق ش ) لمّا قطع مع الخط الراديكالي الذي عُرف به الحزب منذ المؤتمر التأسيسي الأول لحزب ( ا و ق ش ) ، ومرورا بالمؤتمر الثاني ، إضافة الى تصريحات قادة الاتحاد المختلفة التي شملت مواضيع عديدة من البرلمان والدستور ونظام الحكم .. الخ . عند خروج أي تنظيم جديد الى الوجود ، فمن الطبيعي ان تكون هناك ظروف سياسية واجتماعية من وراء ذاك الخروج . فخروج منظمات الحركة الماركسية عن حزب ( ا و ق ش ) ، املته ظروف داخلية مثل رفض الكولسة مع النظام بعد مظاهرات 23 مارس 1965 ، وبعد تواجد حزب يشتغل بدون نظرية ، ومعتمدا على التجريبية التي اساءت الى الحزب كما اساءت الى طبقته . كما ان خروج ( ا و ق ش ) عن حزب الاستغلال في 6 شتنبر 1959 ، املاه التناقض الأساسي بين المواقف المختلفة لجناحين متعارضين ، جناح محافظ موالي للقصر ، وجناح برجوازي صغير تأثر بالنماذج الشرقية في الحكم .... وهكذا . إذن هل كانت هناك ظروف دافعة في خروج نقابة ( ك د ش ) عن نقابة ( ا م ش ) ؟ أي هل كان ميلاد ( ك د ش ) في سنة 1978 خاضعا لهذه الحيثيات ؟ أولا لابد من تتبع اراء / مواقف الداعين الى هذا الميلاد الذي كان ولادة قيصرية كما تم التعبير عنها، ثم سنقرأ الواقع النقابي / السياسي الذي افرز هذا الانشقاق ، لنخلص الى أي مدى وجد هذا الطموح الذي ملأ نفوس أصحاب " البديل التاريخي " صداها على أرضية الواقع في الساحة النقابية اليوم . لقد تذرع دعاة الانفصال عن الاتحاد المغربي للشغل ، وتأسيس مركزية نقابية مستقلة بمبررين : أولهما هيمنة البيروقراطية النقابية على السير العام للاتحاد المغربي للشغل ، مما يشكل تخليا بيّنا عن مبدأ الديمقراطية الذي أُقر منذ التأسيس . وثانيهما اتباع عمل نقابي خبزي ، أي يفصل النضال النقابي عن النضال السياسي . لكن ما يُضمّر هنا او المسكوت عنه ، ان ( ا م ش ) قد ابتعد نوعا ما عن هيمنة الاتحاد الوطني للقوات الشعبية ( ا و ق ش ). ان هذين المبررين قد شكلا نظريا وادبيا ، الطرح الذي اعتمده نقابيو الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ، عندما اعتقدوا انهم يَكُونون قد حسموا الصراع النقابي – السياسي مع حزب ( ا و ق ش ) ، خاصة بعد مؤتمر التراجع والارتداد في يناير 1975 ( المؤتمر الاستثنائي ) ، ومعتقدين ان هذه الخرجة – الضربة التي لم تكن منتظرة لنقابة ( ا م ش ) ، قد تجلب لهم انصار تيارات وتنظيمات سياسية لم تكن تجد موقعها ضمن نقابة ( ا م ش ) . لقد تفاعلت العديد من التيارات السياسية مع هذه الاطروحة – التبرير لقادة النقابة – الحزب ( ا ش ق ش ) ، بدعوى وجود العديد من امراض الانحراف النقابي داخل نقابة ( ا م ش ) ، واجهزته التقريرية المختلفة . لكن ومن خلال التمعن في صلب الاحداث والتطورات التي تراكمت خاصة بعد قرار 30 يوليوز1972 ، وتفضل الحسن الثاني باقتراح تسمية الاتحاد الاشتراكي على عبدالرحيم بوعبيد في سنة 1974 ، ونتائج ومخلفات حركة 3 مارس 1973 ، وعقد مؤتمر تصفية الصراع مع جناح المقاومة في يناير 1975 ( المؤتمر الاستثنائي ) ، كلها عوامل تفيد بوجود أسباب اخرى حقيقية للعب قيادة ( ا ش ق ش ) دورا في خروج النقابة الجديدة ( ك د ش ) . وحتى لا نذهب بعيدا في مجال كولسة قيادة الاتحاد ، نشير ان سببين رئيسيين لعبا دورا في المشهد السياسي – النقابي الذي افضى في سنة 1978 الى ميلاد نقابة ( ك د ش ) . 1 ) السبب الأول ، هو تصفية الحساب مع الغريم السياسي لحزب ( ا ش ق ش ) ( ا و ق ش ) المسيطر على نقابة ( ا م ش ) ، والذي انحاز بالكامل الى جناح الدارالبيضاء لحزب ( ا و ق ش ) ، حيث اصبح تواجد الاتحاد الوطني / الاشتراكي باهتا ، وغير مؤثر ولا فعال . 2 ) السبب الثاني يتمثل في جشع القيادة السياسية / النقابية لحزب ( ا ش ق ش ) ، للسيطرة على مرافق الشؤون الاجتماعية التابعة لمختلف القطاعات ، عمومية كانت او شبه عمومية او خاصة . أي اخراج نقابة جديدة تتمثل فيها بعض القطاعات البرجوازية المتوسطة كالبريد ، والتعليم ، والوظيفة العمومية ، حتى تتمكن القيادة من الوصول الى نهب أموال القطاعات ، أي ان تحصل على حصتها . فكان بذلك التفكير في انتزاع هذا الحق / الحصة من خارج نقابة ( ا م ش ) ، وفرض واقع نقابي آخر عبر تأسيس مركزية نقابية منافسة وضاغطة . هكذا ظهرت الى الوجود مركزية جديدة اسمها ( ك د ش ) باعتبارها ( بديلا تاريخيا ) كما جاء في ديباجة المؤتمر التأسيسي . وهنا فان اختيار صفة ( الديمقراطية ) ولو نظريا ، كان جوابا على تفشي البيروقراطية داخل ( ا م ش ) ، فكان الهدف إذن وحسب المنشقين ، هو تأسيس نقابة متناقضة مع النقابة الأخرى ، نقابة توازي بين العمل النقابي الصرف / الخبزي ، والنضال السياسي ( للطبقة العاملة ) . وقد وجدت هذه الحركة ( الانشقاقية ) الاحتجاجية جذورها في قطاعين اثنين ، شكلا اهم روافد المركزية الجديدة ، هما النقابة الوطنية للبريد ، والنقابة الوطنية للتعليم منذ منتصف الستينات ، دون ان تطرحا الانفصال عن نقابة ( ا م ش ) عمليا . فهل تمكنت ( ك د ش ) من تحقيق أهدافها ، وان تكون وفية ( للمبادئ ) التي أعلنتها ، وعليها الالتزام بها ؟ وهل استطاعت ( ك د ش ) ان تجر اليها ( الطبقة العاملة ) بمختلف قطاعاتها ومراكزها وشرائحها ؟ قبل سنة 1999 تاريخ استقبال الاموي من قبل الملك ، يصعب علينا ان نجيب بالإيجاب ، لأن الواقع عنيد ، والاحداث والوقائع ستفند ذلك لو فعلنا . لقد تشكلت مركزية ( ك د ش ) أساسا من قطاعات تنتمي الى الوظيفة العمومية ، ويأتي قطاع التعليم في المرتبة الأولى ، يليه البريد ثم الصحة مع حركة المد والجزر التي يعرفانها . تضاف اليهما بعض القطاعات الأخرى التي تعودت الانتقال من مركزية الى أخرى ، حسب الظروف ومدى حقيق مكاسب جديدة او إخفاقات أخرى في هذه النقابة او تلك ، والتي لا تلبث ان تعود الى نقطة انطلاقها ، امّا بسبب غياب التقاليد النقابية لديها ، او تماشيا مع رغبة ( قيادتها ) المحلية في المؤسسات . فانطلاقا مما سبق يمكن ان نصل الى خلاصة ، هي ان ( ك د ش ) حتى سنة 1999 ، كانت فقط مجرد مركزية زبونية ، زبونها الرئيسي البرجوازية المتوسطة ،وشيئا ما الصغيرة ذات الاتجاه الشعبوي المتذبذب أصلا ، والذي لا يخلو من نزعة المغامرة في كثير من الأحيان . وان نحن تجاوزنا هذا الواقع الى مستوى المبادئ ، وخاصة مبدأيْ الديمقراطية والاستقلالية ، فإننا سنجد انهما لم يتحققا اطلاقا بشكل إيجابي على أرضية الواقع أيضا . ذلك ان هيمنة حزب ( ا ش ق ش ) كانت واضحة للعيان ، وذيلية المركزية له كانت لا تحتاج الى إقامة الدليل عليها ، وهذه الحقيقية تتنافى مع المبدأين المعلنين سابقا ( الديمقراطية والاستقلالية ) ، وتجربة مناضلي اللجنة الإدارية الوطنية / حزب الطليعة ، و مناضلي التيارات والأحزاب الأخرى كالاشتراكي الموحد ، ومعاناتهم داخل هذه المركزية ، وخاصة اثناء المؤتمرات المختلفة التي تعقدها ، وما يشبوها من خروقات مسطرية ، وما تعرفه من كولسات مع وزارة الداخلية ( استدعاء ادريس البصري عدو الحركة النقابية الجادة لحضور مؤتمر النقابة ) ، وبهدف ابعاد واقصاء هذا الطرف او ذاك ، او تذييله بترك بعض الفتات له ، لخير دليل على افراغ النقابة من محتواها النقابي ، ودليل ساطع في ان السبب الرئيسي لميلاد نقابة ( ك د ش) يبقى في الأساس ، الحصول على حصة من أموال المرافق الاجتماعية لمختلف القطاعات الأخرى . ان هذه الحقيقة التي يضاف اليها تهجم الاموي على عبدالسلام ياسين ، وطرد معارضة حزب ( ا ش ق ش ) اللجنة الإدارية الوطنية / حزب الطليعة ، وخوض النقابة لإضرابات بشكل منفرد ، او بتنسيق مع نقابة رجعية كارتونية ( الاتحاد العام للشغالين بالمغرب ) التي كانت تسميها ( ك د ش ) بالنقابة الصفراء ، ثم ممارسة الضغط على النظام لكي ينتعش حزبها ( ا ش ق ش ) في الانتخابات البرلمانية ..... لخ ، كل هذا وغيره كثير عجل بتحويل ( ك د ش ) بعد سنة 1999 ، الى نقابة لا علاقة لها بالحركة النقابية والعمالية اصلا ، واختزال النقابة بعد مغادرة الكثير من القطاعات لها ، وبعد تأسيس حزب المؤتمر الاتحادي الذي هو ( ك د ش ) و ( ك د ش ) هي حزب المؤتمر ، الى دكان في ملك صاحبه الذي يكون قد تعدى الثمانين سنة من العمر ولا يزال جاثما على رأسها بعد ان أصبحت مجرد صدفة فارغة في الساحة النقابية ، ومقارنة مع نقابة ( ا م ش ) . ولكم ان تلاحظوا الظهور الباهت في استعراضات فاتح ماي ، كما يمكن ملاحظة هذه الانتكاسة لل ( ك د ش ) بالعين المجردة ونحن على عتبة فاتح ماي القادم . ان الحالة الراهنة ، والوضع يتطلبان انتفاضة عمالية جذرية على ( قيادات ) النقابات الحالية التي افرغت العمل النقابي من مضمونه الأساسي ، والتجنيد لتأسيس نقابة عمالية واحدة ، تكون معبرة عن كل الشرائح الاجتماعية لخوض الصراع بين الأقلية المتنفذة والمستفيدة والخائنة ، وبين الأكثرية التي تعاني الحرمان والفقر والبطالة . وما يقال عن الوضع النقابي ، يقال عن المعترك السياسي الذي هو في حاجة ماسة لتأسيس حزب سياسي شعبي جماهيري ، يقود كل المعارك الشعبية بنفس واحد وبقوة واحدة . ( يتبع )
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
( المثقف ) المغربي الانتهازي
-
عندما تصبح القيادة البورصية عائقا امام تبلور فكر طبقي / عمال
...
-
سيناريو القرار المقبل لمجلس الامن حول الصحراء .
-
حقوق الانسان
-
دور الاجهزة البورصية النقابية في ضرب وحدة العمل النقابي واعا
...
-
هل ستندلع الحرب في الصحراء ؟
-
الكرْنفالْ -- الجُّوطية
-
الطبقة العاملة المغربية والوعي الطبقي / الاجتماعي ( 14 )
-
الخطاب التكنوقراطي كعائق لبروز وعي طبقي / اجتماعي -- العلاقا
...
-
دعوى التنازل عن الجنسية المغربية
-
الكذب الذي هو رذيلة اخلاقية يصبح فضيلة سياسية في المغرب
-
( النخبة -- الاحزاب ) في المغرب لا تعيش السياسة ، لكنها تتعي
...
-
شهر ابريل القادم دورة قد تكون استثنائية لمجلس الامن حول قضية
...
-
الخطاب البتريركي الباتريمونيالي -- خطاب النظام -- ( 12 )
-
الديمقراطية مطلب الجماهير ام مطلب النخبة
-
الشعار السياسي المرحلي
-
الخطاب العنصري / القبلي / الطائفي كعائق لتبلور وبروز فكر طبق
...
-
المقاومة وجيش التحرير كعائق لبروز وعي طبقي / اجتماعي جماهيري
...
-
الوعي الوطني كعائق للوعي الطبقي / الاجتماعي ( 9 )
-
الإتحاد الأوربي يعترف بالجمهورية الصحراوية . اللّهمّ لا شمات
...
المزيد.....
-
ماذا يعني إصدار مذكرات توقيف من الجنائية الدولية بحق نتانياه
...
-
هولندا: سنعتقل نتنياهو وغالانت
-
مصدر: مرتزقة فرنسيون أطلقوا النار على المدنيين في مدينة سيلي
...
-
مكتب نتنياهو يعلق على مذكرتي اعتقاله وغالانت
-
متى يكون الصداع علامة على مشكلة صحية خطيرة؟
-
الأسباب الأكثر شيوعا لعقم الرجال
-
-القسام- تعلن الإجهاز على 15 جنديا إسرائيليا في بيت لاهيا من
...
-
كأس -بيلي جين كينغ- للتنس: سيدات إيطاليا يحرزن اللقب
-
شاهد.. متهم يحطم جدار غرفة التحقيق ويحاول الهرب من الشرطة
-
-أصبح من التاريخ-.. مغردون يتفاعلون مع مقتل مؤرخ إسرائيلي بج
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|