رائد الحواري
الحوار المتمدن-العدد: 5843 - 2018 / 4 / 12 - 23:04
المحور:
المجتمع المدني
طبقة الفساد
عندما يمارس الفساد من أعلى الهرم إلى أدناه، سنجد انفسنا محاصرين، فلا ملجأ نحتمي به إلا باللجوء إلى الفاسدين انفسهم، ليوقفوا ما وقع عليها من ظلم، فقد امسى الفساد طبقة تبدأ من الوزير وتنتهي بعامل النظافة، من هنا أصبح الفساد يشكل طبقة متكاملة ومتلاحمة، وهي من تهيمن على مقدرات الوطن وعلى تسيطر على سلوك المواطن وتوجهه، فلم يعد في بلدنا طبقة/جهة أخرى تستطيع الوقوف في وجهه، لهذا نجده يتضخم ويكبر يوما بعد يوم.
من حالات الفساد العلاقة بين النقابات وأصحاب العمل، العلاقة بين المجرمين والقضاة، العلاقة بين المخالفين وبين المراقبين، العلاقة بين الخون واصحاب السلطة، من المفترض أن تكون هذا العلاقة صدامية بين هذه المتناقضات، لكن في بلدنا للأسف نجد العلاقة حميمة بينهما، فمثل نجد القاضي يتملق المجرم، والنقابات تهز ذيلها لأصحاب العمل، والسطلة تخنع أمام سطوة الخون، والشرطي يطلب الصفح من المخالف.
إذن أصبح الفساد طبقة متكاملة لها رجالها ولها مؤسساتها ولها طريقها واساليبها في العمل، بحيث يجد الإنسان نفسه محاصر من كافة الجهات، فإذا ما وقع عليه ظلم ما، فلا يجد ملجأ إلى بالتوجه إلى الطبقة الفاسدة والمسيطرة والمتنفذة نفسها لتخلصه مما وقع عليه.
وإذا ما علمنا أن المظلوم يكون في وضع نفسي في غاية الصعوبة، بحيث ينعكس وقع الظلم على سلوكه مع كافة المحيطين به، يتأكد لنا حالة التوتر وعدم الاتزان التي يمر بها المواطن في بلدنا، بحيث لا يعود قادر على ممارسة سلوكه العادي والطبيعي، فنجده يتقهقر إلى الوراء يوما بعد يوم، إلى أن يمسي جثة حية، أو يكون جزء من الفساد.
كنت من الذين يعارضون الهجرة من الوطن، لكن بعد أن وصل الفساد إلى ما صل إليه، وبعد أن فقدنا الطبقة/الجهة النقيضة التي من المفترض أن تواجه الفساد، فلا ملجأ لنا إلا الذهاب والبحث عن أرض جديد، أرض الأمل، لننهي فيها ما بقا لنا من عمر، فقد أصبحت هذه البلاد أضيق من ثقب الابرة، وجعلنا الفاسدون بهذه الوصف "ما أمر اللغة الآن وما أضيق باب الابجدية".
#رائد_الحواري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟