أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد عمارة تقي الدين - ماركس والدين ...إعادة تأسيس














المزيد.....


ماركس والدين ...إعادة تأسيس


محمد عمارة تقي الدين

الحوار المتمدن-العدد: 5840 - 2018 / 4 / 9 - 02:37
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


" الدين أفيون الشعوب" تلك هي مقولة كارل ماركس الأكثر شهرة وذيوعًا، وهي المقولة الذريعة التي عبرها برر كثيرون في عالمنا الإسلامي موقفهم العدائي من ماركس وأطروحاته باعتباره يدعو علنًا للكفر والعداء مع الأديان، ولكن هل كان ماركس يقصد الدين في عليائه؟أم النمط الديني القائم والمتحقق في الواقع المتعين؟ فالفرق كبير بين الدين والنمط الديني، بين المثال وبين محاولة تنزيل هذا المثال على عالم الواقع، بين ما ينبغي أن يكون وبين ما هو كائن بالفعل.
فالنمط الديني الذي عاصره ماركس وتحديدًا النمط الكنسي كان بحق أفيونًا للشعوب، إذ دعا الأتباع للقبول بالظلم والإذعان التام للواقع بحجة تعويضهم في الآخرة، فكرس هذا النمط الديني للطبقية والعبودية المقيتة.
وهي الجرائم التي ثار عليها ماركس داعيًا للذهاب في تطبيق العدالة الاجتماعية إلى حدها الأقصى، ولقد أدرك أستاذي عبد الوهاب المسيري مركزية قيمة العدالة الكامنة في الفكر الماركسي وتشابهها كثيرًا مع ما يطرحه الإسلام فكان يردد "أنا ماركسي على سنة الله ورسوله" ،فالحقيقة أنه إذا كانت الحرية هي قيمة الحضارة الغربية المركزية، فإن العدالة هي قيمة الإسلام المركزية وأم القيم داخل نسقه الديني.
ونظرية"فاض القيمة" كما نظّر لها ماركس والتي تفسر كيف يسرق الأغنياء جهد الفقراء داخل النظام الرأسمالي، تلك النظرية هي في حقيقة الأمر محاولة للوقوف ضد الاستغلال وضد تكريس الطبقية داخل المجتمعات فهي محاولة لحصول العامل على حقه كاملًا مقابل ما يؤديه من عمل.
كما دعت الماركسية لبعض من الزهد، فقد بالغت في رفض ومكافحة حب التملك تلك الغريزة القابعة داخل الإنسان حتى أنها رفضت الفلاح وحرمته من اعتلاء قارب الماركسية فبداخله، وبحسب تفسيرها، تنام جرثومة الإقطاع حيث الرغبة العارمة في تملك الأرض التي يزرعها.
لقد جرى تضخيم وتحريف موقف ماركس من الدين بفعل كثير من كتاب ومنظري الرأسمالية لتشويه الشيوعية باعتبارها العدو الأول للحضارة الرأسمالية والمهددة لسلطانها في ذلك الوقت.
حتى موقفه المعادي لليهود يمكن أن نقرأه في إطار رفضه لليهود في نسختهم الصهيونية ذات الحمولة الرأسمالية في توحشها ولم تكن بأية حال تعبيرًا عن اليهودية كديانة سماوية، يقول ماركس: "إن المال هو الإله الغيور لإسرائيل، الذي لا يمكن أن يوجد إله قبله. والحق أن المال ليحط من قدر كل ألهة البشر. ويحيلهم إلى سلع".
والسؤال الذي يطل برأسه الآن: هل قدمنا نحن كمسلمين النموذج الصحيح لإسلامنا بشكل يجعله يقترب من المثال؟ فماذا لو كان ماركس قد عايش نموذجا إسلاميًا متجسدًا في عالم الواقع من شأنه تحقيق مقاصد هذا الدين؟ هل كان سيبقى على موقفه هذا، لقد عاصر الرجل، إن جاز لنا التعبير، عصر انحطاط الأديان فقد كانت في أبشع تجلياتها في الواقع: توظيف سياسي عنصري، حروب وقتل باسم الدين، رجال دين يلوون عنق العقائد كما يحلو لهم، استعباد للبشر وإخضاعهم للسلطة السياسية بدعوى التفويض الإلهي للملوك، لقد رفض ماركس ما مارسته الكنيسة من سلطات مطلقة على الأتباع، كما نفر من محاكم التفتيش باعتبارها عمل بشع لا يمكن قبوله.
هكذا يمكن أن نلتمس الأعذار لماركس حتى مقولته (الدين أفيون الشعوب) لو بحثنا عن السياق الذي قيلت فيه لاكتشفنا أنه لم يكن يقصد ذلك المعنى الدارج لها، يقول ماركس: " الدين هو زفرة المضطهدين، وهو بمثابة القلب في عالم بلا قلب، والروح في أوضاع خلت من الروح. إنه أفيون الشعب"، إذ يرى وكما هو مفهوم من السياق أن الدين هو سلوى المعذبين في هذا العالم البائس.
وفي التحليل الأخير فإن هذه المقالة ليست دعوى للتصالح مع ماركس فقط بل مع الآخر بإطلاقه، فلو نظرنا للحياة بهذا المفهوم لتصالحنا مع الجميع، ولتفهمنا الآخر بل وأحببناه وعطفنا على أخطائه، هذا هو مفهومي لإفشاء السلام في الإسلام ليس مجرد إفشائه بالقول بل نشره في تلك الأرض ليصبح متجسدًا في عالم الواقع، فهذا هو دورنا كأمة شهود، فالشهادة لدي تعني أن أقدم نموذجًا متحقق في شخصي للإسلام عبره أصبح أنا ذاتي كشهادة متحركة وحية على صلاحية هذا الدين، شهادة من شأنها أن تؤكد خيرية هذه الأمة بكل عمقها وحمولتها الإنسانية والأخلاقية التراحمية الرائعة.



#محمد_عمارة_تقي_الدين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإعلام وخداع الأولويات
- التعليم العنصري في إسرائيل(مدرسة قبر يوسف نموذجًا)
- أفلاطون والديكتاتور


المزيد.....




- 40 ألفا يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
- 40 ألفاً يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
- تفاصيل قانون تمليك اليهود في الضفة
- حرس الثورة الاسلامية: اسماء قادة القسام الشهداء تبث الرعب بق ...
- أبرز المساجد والكنائس التي دمرها العدوان الإسرائيلي على غزة ...
- لأول مرة خارج المسجد الحرام.. السعودية تعرض كسوة الكعبة في م ...
- فرحي أطفالك.. أجدد تردد قناة طيور الجنة على القمر نايل سات ب ...
- ليبيا.. وزارة الداخلية بحكومة حماد تشدد الرقابة على أغاني ال ...
- الجهاد الاسلامي: ننعى قادة القسام الشهداء ونؤكد ثباتنا معا ب ...
- المغرب: إحباط مخطط إرهابي لتنظيم -الدولة الإسلامية- استهدف - ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد عمارة تقي الدين - ماركس والدين ...إعادة تأسيس