نضال الربضي
الحوار المتمدن-العدد: 5835 - 2018 / 4 / 4 - 15:36
المحور:
المجتمع المدني
بطاقة إنسانية من السِّياق الفصحي.
يوما ً طيـِّـبا ً أتمناه لهيئة تحرير صحيفة الحوار المتمدن، و لجميع القارئات و القـُـرَّاء الكرام، و للزميلات و الزملاء الأفاضل،
يُمثِّـلُ الفصح المسيحي للمؤمنين به حدث موت و قيامة السيد المسيح من بيت الأموات. و هو يختزنُ في نفسه التوق الإنساني للتغلب على عدو البشرية الأعظم: الموت، و منه الانطلاق نحو تحقيق أعلى درجات الممكن للإنسان أي: الخلود و الاكتمال.
ليس بالضرورة أن يتشارك غير المسيحين مع إخوتهم في الإنسانية هذه القناعة الدينية، لكننا جميعا ً بلا شك نتشارك في الرغبة التوَّاقة المُتَّقدة في حياة ٍ أفضل، و محياً أكرم.
لذلك تتمثَّلُ الأوقات الفصحية كمناسبات لفحص الذات، و تحديد الموقف من النفس بهدف المصارحة و المصالحة الذاتية، و من الآخر بهدف الالتقاء الإنساني. و هي فُرص ٌ سنوية فريدة لترميم المُتصدِّع من البُنى النفسية، و تهديم القديم المتهالك العاجز عن العطاء، و بناء هياكل نفسية تفاعلية متينة تحمل في ذاتها تقسيماتٍ و تنويعات ٍ مُفيدة مُنتجة صالحة للحضارة البشرية كَـكُل و للفرد الذي يحيا بموجبها بشكل ٍ خاص.
يترنَّم المسيحيون:
المسيح قام من بين الأموات
و وطأ الموت بالموت
ووهب الحياة َ للذين في القبور
إذا تأمَّلنا هذه الترنيمة التي تُنشدها القلوب بالفرح و الثقة نجد أننا أمام ثُلاثيِّة الانتصار الإنساني:
- قيامة،
- قبلها موت،
- يتم ُّ تعميمُها من حدث فردي للمسيح إلى حدث جماعي للمؤمنين به.
إننا هنا، و بعيدا ً عن العقائد و الميثالوجيا و الميتافيزيقيا، ننظر إلى تكوين نفسي مشترك بين جميع البشر يعترف أن:
- الانتصار الفردي إنما هو بالضرورة حالة حتمية للجدلية بين الإنسان و الواقع،
- و أن خبرة هذا الانتصار لا بدَّ أن يتم تعميمعها على البشرية جمعاء،
- لبناء شئ جديد أفضل.
من هنا، من هذا التكوين النفسي المشترك الذي يفهم جدلية الإنسان مع الواقع، و ديناميكية التجربة البشرية لجميع البشر على اختلاف العرقيات و الإثنيات و الثقافات و الأيديولوجيات و الأديان و المذاهب و سائر التصنيفات الأخرى،،،
،،، أقول: من هذا التكوين النفسي المشترك، و من الأربعاء الأخير في الفصح قبل خميس الأسرار الذي يعتبره المسيحيون الخطوة ما قبل الأخيرة التي لا عودةَ بعدها، نحو الصراع مع الموت، ثم دحره، و القيامة، أنطلق اليوم نحوكم لأحيِّكم تحية َ الإنسانية، تحية َ المحبة، تحية الأُخوَّة، و تحية اليد الممدودة برغبة توَّاقة للالتقاء مع كل فرد ٍ منكم،،،
،،، و أبارك لكم و للعالم أجمع فصحا ً إنسانيا ً نلتقي فيه كُلُّنا، من يؤمن و من لا يؤمن!
ليحيا الإنسان، مقدَّسا ُ أوَّلا ً، و لتكن بيوتُكم و بلادكم طيِّبة، و لتسكن فيكم تلك الروح الإنسانية ُ الجامعة التي نعرفها في أنفسنا و في الناس، حين ننظرُ عميقاً!
ليقم الإنسانُ فيكم، حقَّا ً ليقُم!
#نضال_الربضي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟