|
كل شعب يستحق من يحكمه
فاروق عطية
الحوار المتمدن-العدد: 5834 - 2018 / 4 / 3 - 00:16
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
فى الأيام القريبة الماضية مرّيت بحالة جديدة من عدم الثقة بالمجتمع والناس وحسيت إن الأشيا لا هي معدن ولا كله فى التمام، وودعت الانشراح وعدت للاكتئاب والشعور بالإحباط والغيظ والفرسة اللى كانت معششة فى نافوخى منذ أكثر من 60 عام. ولكن يبدو إن المفروس مفروس ولو علقوا على قفاه فانوس. تقوللى ما انت كان ربنا نور بصيرتك وشرح صدرك، إيه اللى رجعك لحالة الهم والغم والفرسة من جديد؟ أرد عليك واقول لك وركز معايا وعلى رأى المثل إذا كان الكاتب اللى هو سيادتى مجنون فالقارئ اللى هو جناب فخامتك لازم يكون عاقل. منذ ريعان الشباب ومع حركة العسكر وضياع الأمل فى الديموقراطية ووقوعنا تحت نير واستعباد مماليك العصر الحديث وأنا أعيش النكسة والوكسة وذل تكميم الأفواه ومش قادر انطق ولا حتى أقول البغل فى الأبريق. وفجأة جات ثورة الشباب اللى بلّت الريق، قلت يا واد الجو راق واحلو وهنقول اللى ماكناش قادرين نبعبع بيه ولو حتى فى السر، وبطلت اكتب عن المواضيع المملة اللى كنت داوش دماغكم بيها. وابتديت اكتب عن ثورات مصر حتى يعلم الجيل الجديد أن المصرى وإن كان طيب وودود وعنده صبر أيوب لكنه لا يقبل الذل والخنوع، تمام زى الجمل يخزّن ويخزّن لحد القشه اللى تقسم ظهره عندها ينطلق من عقاله ومحدش يقدر يلمّه. فجأة حسيت بالخطر ورحت اهرش نافوخى يمكن افهم إيه اللى بيجرى، مش عندنا بس لكن فى الشرق الأوسخ الموكوس والمنحوس والعامر بأمثال ابن على وابن مبارك وابن اللبـ .. آسف ابن الأسد وابن صالح وابن قذاف الدم وغيرهم من مزابل الحكام. واختلطت فى راسى المعايير واتلخبطت القيم اللى ربّونا عليها ورحت أضرب كف على كف، ولجأت لكل وسائل الدجل من قراءة الفنجان وفحص خطوط الكف وتفرّس أوراق الكوتشينه وسماع بتوع الجلا جلا ولكن للأسف لقيتهم محتاسين حوستى ومش قادرين يستوعبوا الموضوع وأجمعوا على أن الخيرة فيما اختاره الله وبلاش هرشة مخ. وأخيرا اكتشفت اللعبة، وأننا يا صديقي كلنا كنا مغفلين، وأنها لعبة دولية أكبر من أن تستوعبها عقولنا المقفولة بجنازير الديكتاتورية التي كُبلنا بها أكثر من نصف قرن. لعبة دولية لتقسيم الشرق الأوسخ من جديد علي أسس عرقية ودينية ليصبح عبارة عن دويلات متطاحنة لا قيمة لها ولا وزن، أضعف من أن تقف ضد الصهيونية العالمية. وتحالفت الراديكالية الإسلامية مع القوي الاستعمارية والصهيونية العالمية لتحقيق ذلك، فوقعنا في الفخ ونحن مغمضين. وركب الإخوان المسممين الموجة وتسلطن المهبوش الموكوس علي عرش الفراعين، وعشنا الكابوس يا رب ارفع وحوش. وهبّ الشعب بالملايين في يوم تلاتين، وسيطر الجيش علي الحكم واعتُقل المهبوش، وقلنا خلاص هترجع مصر للمدنية ويعود الحكم للشعب من جديد وفوضنا أحموسيسي ليعيد لمصر هيبتها وللدستور سلطانه ولمصر الحضارة مكانتها ووزنها. وانتظرنا الفرج وعودة مصر للمصريين، واكتشفنا من جديد أننا يا صديقي كلنا كنا مغفلين، وأنها لعبة أكبر من أن تستوعبها عقولنا المقفولة بجنازير الديكتاتورية التي كُبلنا بها أكثر من نصف قرن، لعبة الدولة العميقة لعودة الديكتاتورية العسكرية أقوي مما كانت، وتحالف العسكر جيش وشرطة مع القضاء الشامخ والراديكالية الإسلامية استبدالا للإخوان بالسلفيين، وعادت ريما لعادتها القديمة، وكأنك يا أبا زيد ما غزيت. فى الأيام القريبة الماضية مرّيت بحالة جديدة من عدم الثقة بالمجتمع والناس وحسيت إن الأشيا لا هي معدن ولا كله فى التمام، تقول لي ليه؟ أقول لك يا خفيف، بسبب تخبط النظام بطريقة تسيئ لمصر كما تسيئ للنظام نفسه. أعلم أن غالبية الشعب يريد استمرار السيسي في حكم مصر لفترة ثانية، جايز خوفا من عودة الإخوان التي يستخدمها النظام وما يتبعه من ميديا مدجنة كفزاعة، وجايز اقتناعا بأنه الخيار الوحيد المتاح وهو الأفضل. وأنا شخصيا أُفضل استمراره لفترة ثانية من منطلق تعشمي أن ينجز في الفترة الثانية ما لم يستطع إنجازه في الفترة الأولي كعلمانية مصر ومدنيتها دون خوف من سطوة السلفيين وسيطرتهم علي عقول الشعب المغيب بالوهابية. ما تم من اعتقال أو حبس أو ترهيب كل من سولت له نفسه ترشيح نفسه للرياسة وهي حق دستوري لكل مواطن مصري تنطبق عليه الشروط الدستورية، حتي هبطنا لمستوي وضع شخص إمعة كموسي مصطفي موسي أن يكون مرشحا للرياسة وهو لا في العير ولا في النفير، لدرجة قوله أنه حين ذهب للإدلاء بصوته أعطي صوته بكل فخر للسيسي. كان من الأجدي أن تعطي الفرصة لمرشحين أكفاء، أو العودة للاستفتاء بدلا من هذه المهزلة الانتخابية التي أساءت لمصر وللنظام في كل أنحاء العالم. كنت في تلك الفترة في زيارة لموطني الحبيب مصر. خلال تلك الفترة تناقشت مع العديد من الأصدقاء ومع آخرين التقيت بهم مصادفة، ونقاشي معهم أثبت لي أنني كنت مخطئا، وأن الغالبية الساحقة تري أن السيسي هو قدر مصر ومخلصها ولا بديل له، والبديل له هو الإخوان وما سيفعلوه من كوارث لا قبل لهم بها. قال لي أغلبهم مكة أدري بشعابها وأنتم تعيشون في المهجر لا تعلمون عنا شيئا فدعونا نسيّر مراكبنا بما نقتنع به، حينها أيقنت حقيقة أن كل شعب يستحق من يحكمه، ولا عزاء للتنويريين ودعاة العلمانية المدنية ..!!
#فاروق_عطية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الزواج كما أفهمه
-
حكايتي مع النظام: 6- عبد الفتاح السيسي
-
هل ممكن للمبادئ أن تتجزأ ؟
-
حكايتي مع الصراصير
-
عمدة كفر الهنادوة يعيد ترشيح نفسه
-
التداعيات التي حدثت في المهلكة
-
الواد عوضين وإمام كفر الهنادوة
-
الواد عوضين وعمدة كفر الهنادوة
-
منزل الحاجة رخيصة
-
خطورة التعاطي الديني لمشكلة ألقدس
-
ليس هكذا تورد الإبل يا ريس
-
تداعيات زيارة مولانا للمهلكة
-
زمن البعكوكة
-
طبيب أسنان حلاق صحة[email protected]
-
أضغاث أحلام
-
حصان لدعوة الزعيم
-
الضنك وكفاكم الله شر الضنك
-
موقعة القطار العدوانية
-
الروهنجيا كلاكيت ثاني مرة
-
من قطار الرحمة للضياع في الزحمة
المزيد.....
-
-لقاء يرمز لالتزام إسبانيا تجاه فلسطين-.. أول اجتماع حكومي د
...
-
كيف أصبحت موزة فناً يُباع بالملايين
-
بيسكوف: لم نبلغ واشنطن مسبقا بإطلاق صاروخ أوريشنيك لكن كان ه
...
-
هل ينجو نتنياهو وغالانت من الاعتقال؟
-
أوليانوف يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من امتثال
...
-
السيسي يجتمع بقيادات الجيش المصري ويوجه عدة رسائل: لا تغتروا
...
-
-يوم عنيف-.. 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية على
...
-
نتنياهو: لن أعترف بقرار محكمة لاهاي ضدي
-
مساعدة بايدن: الرعب يدب في أمريكا!
-
نتانياهو: كيف سينجو من العدالة؟
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|