|
أهل الدين والديمقراطية وسيد القمنى
ممدوح حبشى
الحوار المتمدن-العدد: 1487 - 2006 / 3 / 12 - 11:22
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
أهل الدين والديمقراطية هو عنوان أحدث أعمال د. سيد القمنى والذى جلب عليه التهديد بالقتل من جانب أهل الدين حيث أنهم لا طاقة لهم بمقارعته الحجة بالحجة فأظهروا له حجة العاجز وما أسهلها وما أبأسها. وحين يكون هناك تهديد بالقتل فإننا نكون بذلك قد غادرنا مجال الفكر والثقافة وأنتقلنا إلى عالم السياسة بالضرورة. لذلك فتعليقى على كتاب القمنى لا يمكن أن يكون إلا سياسيا فى الأساس وألا يكون الرجوع فيه إلى القضايا الفكرية أو التاريخ إلا لخدمة رسالة سياسية واضحة هى هدف هذا التعليق. أما لماذا وجب تكفير وقطع لسان القمنى السليط فلأنه ببساطة يمثل خطرا داهما على مراكز أهل الدين كلها بكافة أشكالها وتنوعاتها إذ أن حجته قد تصل وتقنع المسلم المؤمن الحقيقى أى الذى لا يتربح بالدين ولا يطمع فى مركز سلطة أو قوة يريد الوصول إليه عن طريق الدين، هؤلاء المؤمنون الحقيقيون المسلمون منهم وغير المسلمين هم المستفيد الأول من هذا العمل الفريد لسيد القمنى إذا إكتشفوا مدى إستيلاء المتأسلمين على عقولهم بل على شتى مناحى حياتهم. ومما لا شك فيه إن إسلاميات القمنى، وأخرها هذا الكتاب الذى نحن بصدده الآن اهل الدين والديمقراطية، تعتبر إحدى العلامات المضيئة فى الطريق الطويل من أجل التنوير فى مصر بل والشرق الأوسط كله، من أجل التنوير والتحرر من عبودية العصور الوسطى وتسلطها على عقول العامة منذ رفاعة الطهطاوى فى أوائل القرن التاسع عشر وحتى طه حسين وعلى عبد الرازق ولويس عوض فى آواخر القرن العشرين مرورا بمحطات كثيرة. تعتبر ظاهرة إنبعاث الحركات السياسية الدينية أحد أهم الظواهر التى شهدها الربع الأخير من القرن العشرين وهى لا تقتصر على دين دون غيره أو على مجتمع خاص دون غيره رغم أن ظهورها الأساسى والأكثر خطورة وأهمية كان ولا يزال فى مجتمعات العالم الثالث. فتلك الظاهرة إذن بدأت مصاحبة لصعود ممارسات العولمة الرأسمالية وصعود بل وهيمنة فكرها الإقتصادى والسياسى والإجتماعى. أدت أزمة الرأسمالية العالمية إلى تحطيم القيود التى وضعتها فى نهاية الحرب العالمية الثانية لتتجنب بها عناصر تدميرها لنفسها، أى لتحمى نفسها من نفسها لإطالة عمر النظام الإقتصادى العالمى. أقصد بهذه القيود التى وضعتها الرأسمالية إتفاقياتBretton Woods وما صاحبها بداً من الأمم المتحدة وإنتهاءا بالبنك الدولى وصندوق النقد الدولى ... فكانت تلك القيود أو القواعد السبب الأساسى وراء ما سمى فى مجتمعات العالم الأول الرأسمالى مـا بعـد الحرب "بالمعجزة الإقتصادية". تلت عملية التخلص من قيود Bretton Woods الإنهيار المروع للإتحاد السوفيتى وكذلك إنحسار المشروع القومى التحررى فى بلاد العالم الثالث عموما وبذلك تكون كافة معالم التوازن السياسى فى فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية وما سمى بالحرب الباردة قد تلاشت وأخلت المكان لعالم القطب الواحد والفوضى والتفكك التى نعيشها إلى اليوم ... أى أن إنبعاث الحركات السياسية الدينية كان نتيجة مباشرة لإنحسار أو إنهيار المشروع الذى كان قائما فى فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، أياً ما كان هذا المشروع، دولة الرفاهية والضمان الإجتماعى فى الغرب (العالم الأول)، بناء الأشتراكية (العالم الثانى) أو التحرر من الإستعمار والإستقلال والتنمية فى العالم الثالث. أى أن هذه الحركات لم تنحصر فى دين واحد دون غيره أو عالم واحد من تلك العوالم الثلاثة. ونحن نتكلم عن "إنبعاث" لظاهرة عالمية كهذه لأنها ليست فريدة أو جديدة على البشرية ... كلا فهى ظاهرة تاريخية كانت عبر الأديان والمجتمعات الإنسانية وإن أختلفت الأسباب وتعددت بل وتباينت الأشكال والمستويات السياسية والإجتماعية. وكما لاحظ سيد القمنى فى كتابه فقد قفز إهتمام الغرب عموما وأمريكا خصوصا بعد حرب 73 بظاهرة الحركات الإسلامية فى مجتمعاتنا الشرق أوسطية. وكان لهذا الإهتمام المفاجىء – أو قل إعادة إكتشاف الغرب للإسلام – عدة أسباب منها : - الأرتفاع الشديد لأهمية الشرق الأوسط الجيوسياسية بموقعه الذى يتوسط الكتل الإقتصادية التى سوف تنازع أمريكا الهيمنة فى المستقبل القريب، روسيا فى إرتباطها بأوروبا، الصين والهند واليابان بمجموعة دول “Asian“. خصوصا بعد إنسلاخ إيران من معسكر أصدقاء أو حلفاء أمريكا بعد الثورة الإسلامية عام 1979. - إحلال أمريكا إستراتيجية عالم القطب الواحد محل العالم ذى القطبين والهيمنة الإقتصادية والسياسية والعسكرية محل عالم الحرب الباردة وإعتمادها لفكرة الحرب على الإرهاب كسياسة ناجعة تمكنها من تكسير كافة الحواجز والعوائق فى سبيل تلك الإستراتيجية. أصبح لأمريكا إذن مصلحة مباشرة شديدة الأهمية فى إعادة ترتيب هذه المنطقة لتنضوى تحت جناح الإستراتيجية الجديدة. لماذا تأخرنا؟ كانت علمانية عصر النهضة الأوربية هى أساس التقدم الذى قاد إلى عصر التنوير فى القرن الثامن عشر. والعلمانية هى فك الإرتباط بين المعتقد الدينى والحياة الإجتماعية، هى إخراج حياة البشر بممارساتها المتعددة فى السياسة والإقتصاد والثقافة من فلك العناية الإلهية. وكان التنوير هو أن سيادة العقلانية وحدها كافية لفتح طريق التقدم والسعادة. وكان سبيل التنوير إلى ذلك هو القطيعة المطلقة مع النظام اللاهوتى الذى كان سائدا فى العصور الوسطى كلها أى إحلال منظومة فكرية قيمية كاملة محل سابقتها وبذلك يقتلع النظام القديم من الجذور. جاء عصر النهضة الأوربية كنتيجة طبيعية لتطور المجتمعات الأوربية، نتيجة للإكتشافات العلمية والمخترعات التكنولوجية والكشوف الجغرافية، نتيجة لنمو التناقضات الداخلية داخل طبقات المجتمع وما أدت إليه من تحولات نوعية وظهور البرجوازية على الإقطاع. أما فى عالمنا العربى فقد بدأت "النهضة" نتيجة الإرتطام بين الغرب الرأسمالى والمجتمعات العربية بتكويناتها الإجتماعية السابقة على الرأسمالية فوجدت المجتمعات العربية المتخلفة نفسها تقف أمام حضارة رأسمالية صناعية متقدمة، الفكر الغيبى أمام العلم الحديث. تيقن العرب أن هناك فرق شاسع جوهرى فى القوة يفصلهم عن هؤلاء الجنود الذين قدموا مع نابليون 1798 إلى مصر ... فبدأت التساؤلات تفرض نفسها ومعها بدأت عملية الإجتهاد فى حل تلك المعضلات ولا زالت حتى يومنا هذا والله أعلم إلى متى سوف تستمر. لماذا تخلف شعب يعرف كلام الله بينما تقدم الكفار؟! وإنطلاقا من هذا الطرح الذى يحوى جزءا من الإجابة على السؤال جاءت الإجابات. كان رد الوهابية والسنوسية والمهدية كحركات مقاومة "أصولية" للتغيرات التى بدأت تغزو مجتمعاتها العربية بفضل إتصالها بالغرب (أى إستعمارها) وإدماجها فى النظام الرأسمالى العالمى، محكوماً بالقيم وأنماط الفكر التى أنحدرت إلينا من الأسلاف العدول. فكان الحل هو "الرجوع" إلى صحيح الإسلام وتطبيق الشريعة الإسلامية على مختلف نواحى الحياة الإجتماعية. ورغم التراث البطولى لتلك الحركات فى نضالها ضد المستعمرين إلا إن ما نادت به من تجديد كان "رجعيا" بمعنى الرجوع وتوطيد العلاقة مع الماضى وفشلت تماما فى إكتشاف أسباب إنجازات الحضارة الرأسمالية الحديثة بل وأحتقرتها فى أغلب الأحيان على أنها بدعة وضلال. وعليه فقد فشلت كل تلك الحركات فى تحقيق أى من أهدافها حين أصرت على أن ما صلح للمجتمع فى القرن الأول الهجرى لابد أن يصلح له بعد مرور أربعة عشر قرنا وكأن المجتمع ثابت لا يتغير. أما فى مصر فقد نشأت الحركة الفكرية الإسلامية الإصلاحية تحت تأثير عاملين أساسيين أديا إلى حرف مسارها شيئا فشيئا عن تلك الحركات الجهادية سالفة الذكر. العامل الأول هو الحملة الفرنسية (1898-1801) وما تلاها من إتصال بين أوربا ومصر، أما العامل الثانى فكان محاولة محمد على (1805-1840) بناء دولة حديثة بما كان يعنيه ذلك من إعادة بناء الجيش أو إنشاء جيش أصلا من المصريين وما أستتبعه ذلك من إنشاء صناعات تعتمد على التكنولوجيا الحديثة وإرسال البعثات المصرية إلى أوربا. أنحرفت الحركة الفكرية الإسلامية الإصلاحية فى مصر نتيجة هذين العاملين عن مسار نظيراتها الجهادية الوهابية والسنوسية والمهدية فى نقطة جوهرية واحدة ألا وهى قبولها لمنجزات الحضارة الغربية وإعترافها بضرورة الإستفادة منها. فكان هدف المصلحين المسلمين الأوائل أمثال رفاعة الطهطاوى وجمال الدين الأفغانى ومحمد عبده هو تكييف الإسلام مع الواقع الجديد وفقا لمتطلبات العصر بالإضافة إلى دعوتهم "للرجوع" إلى منابع الإسلام الأصلية. ورغم دعوة هذا التيار "الإصلاحى" إلى إستلهام ما هو جوهرى وأصيل فى الإسلام وتطهيره من كل ما علق به خلال تاريخه من شوائب وتشوهات ليست من الدين فى شىء لتكون تلك الدعوة هى بداية مشوار الإصلاح الطويل للتواصل ثم الوصول إلى العالم الحديث، إلا أن هذا التيار ونتيجة طبيعية لمنهجه "الإصلاحى" "التوفيقى التلفيقى" قد أضحى الصوبة الزجاجية التى نبتت وترعرعت فيها كافة الحركات الأصولية الإسلامية المعاصرة. كانت إسهامات الطهطاوى الفكرية فى النصف الأول من القرن التاسع عشر، أى فى الرحلة الأولى لبناء دولة محمد على الفتية، أول رد على التحدى الحضارى الآتى من الغرب، دعى فيها إلى إستخدام المنهج العقلى وإعادة قراءة التراث الإسلامى بهذا المنهج ليتلاءم مع إحتياجات العصر. كانت فترة صعود وقوة فلم ير الطهطاوى التحدى الإستعمارى قادما من الغرب. ثم يأتى الأفغانى ليعبر عن مرحلة تفسخ الدولة العثمانية وتحللها وتقطيع اوصالها وإقتسامها على يد الدول الأوربية فيصبح التحدى الغربى الرأسمالى ليس حضاريا فقط بل إستعماريا أيضا. فلم تعد أوربا هى الفكر التحررى لعصر النهضة وحسب كما كانت لدى الطهطاوى وإنما أصبحت هى فى الأساس المحتل العسكرى والسياسى الذى يقهر المسلمين وينهب ثرواتهم. لذلك جاءت دعوته إلى الإصلاح السياسى فى الأساس وشحذ طاقات الإيمان الدينى فى مقاومة المستعمر ولكن بالتوفيق بين العلم والدين ... تماما مثل دعوة محمد عبده. فبالرغم من إنفتاح هذه الدعوات على العلم الحديث وقبولها لإستخدام العقل فقد ظل الإيمان الدينى لديها هو مصدر كل حقيقة وليس العقل بإعتباره مستقلا عن كلام الله. سعت هذه الدعوات إلى إنشاء قوة وطنية عن طريق الدين المتكيف مع الحياة الجديدة وليس عن طريق النقد العلمى العقلانى لتاريخ الممارسات الدينية بل والدين نفسه كما حدث فى الغرب ليصبح الدين هو الأيديولوجية الجامعة للأمة ويصبح "الوطن" هو الجماعة وليس "الأرض" ... مثلت تلك الدعوات "الإصلاحية" وخصوصا فكر محمد عبده عائقا منيعا لظهور وبالتالى نمو أى فكر عقلانى يريد أن يستقل عن إطار الدين فزرعت بذور الفكر الأصولى المعاصر. وبعد الحرب العالمية الأولى وإلغاء الخلافة وعلمنة تركيا على يد مصطفى كمال أتاتورك 1924 ظهر تيار فكرى ليبرالى أكثر راديالية فى تناوله لقضايا الإصلاح الدينى وتعامله مع الثوابت الإسلامية وما أنتهى إليه الفكر الإصلاحى منذ الطهطاوى وحتى محمد عبده. كانت رموز هذا التيار الجديد هم أحمد لطفى السيد والشيخ على عبد الرازق وطه حسين الشاب. ففى كتابه "الإسلام وأصول الحكم" (1925) نزع الشيخ على عبد الرازق القداسة عن الخلافة تماما ووصل بمنطقه المحكم إلى أن الإسلام دين لا دولة وعليه يجب الفصل بينهما لتستقيم أمور البشر فى الدنيا. وفى كتابه "فى الشعر الجاهلى" (1926) طبق طه حسين الشاب المنهج الديكارتى فى النقد الأدبى على نموذج الشعر الجاهلى ووصل إلى إستنتاج أن ما كنا نحسبه جاهليا من الشعر لم يكتب فى الحقيقة إلا بعد الجاهلية بقرون ... مثلت العقلانية كما طبقها طه حسين فى هذا العمل خطرا شديدا على سطوة وسلطة "أهل الدين" حينئذ إذ أن إعتماد هذا المنهج ومحاولة تطبيقه على ما لدينا من نصوص دينية مختلفة سوف يقودنا بالضرورة إلى إعادة تصفيف المنظومة الدينية السائدة برمتها على أسس جديدة قد تسبب ثورة فى حياة المجتمع الفكرية. كان هؤلاء الليبراليون هم فرسان فكر البرجوازية المصرية الصاعدة حينئذ والتى كانت تطمح فى إنتزاع نصيبها من براثن المستعمر بعد الحرب العالمية الأولى وما لحق به فيها، ولكن هذه البرجوازية نفسها كانت شائهة الميلاد وداخلها تناقضات كبيرة عجزت عن حلها أو تخطيها بحكم نشأتها من رحم الإقطاع ثم فى كنف الإستعمار. لهذا السبب لم يستطع هؤلاء الفرسان الصمود فى تلك المعركة الضارية على طريق التحرر الفكرى العقلانى. جرّد الشيخ على عبد الرازق من مناصبه ولزم بيته وأعلن طه حسين توبته وسحب كتابه ودافع عن نفسه كمسلم مؤمن فى خطاب مفتوح ثم كتب "على هامش السيرة". أى أنهما أنكسرا أمام الهجوم السلفى. كانت تلك المعركة تحتاج ليس فقط إلى عشرات من أمثال على عبد الرازق وطه حسين الشاب ولكن – وهذا هو الأهم – إلى طبقة برجوازية واعية بنفسها كطبقة وبمصالحها المستقبلية فى مواجهة الاستعمار من ناحية والسلفية الظلامية من ناحية اخرى وفى نفس الوقت لم تكن برجوازيتنا على هذه الدرجة من الوعى أو النمو. لقد أنتفت الجرأة والجسارة على إقتحام المحرمات الثقافية وإنتهاك قدسيتها المزعومة والتى كانت ولا زالت من أهم الحواجز التى تحول بيننا وبين إستيعاب كنه ما قامت عليه الحضارة الحديثة من تحرير للعقل وعدم الإعتراف بأى ثابت فى مجرى الحياة المستمر. ومع نهاية العشرينات تظهر أهم الجماعات الأصولية الإسلامية فى التاريخ العربى على الإطلاق والتى أخرجت من عباءتها تيارات وجماعات أصولية وجهادية متعددة. وتبدأ الجماعة نشاطها الفكرى بتدمير المعادلة "التوفيقية" التى أنشأها الأفغانى ومحمد عبده بقطعها الطريق على كل محاولات التوفيق أو التصالح مع الحضارة الحديثة. فأصبحت المهمة – كما صاغها حسن البنا مؤسس الجماعة – ليست حركة تفتح باب الإجتهاد الإسلامى لسد الفجوة التى أحدثتها سنوات التخلف ومحاولة اللحاق بالغرب وإنما المهمة هى فقط بعث الإسلام الأصولى وليس الإجتهاد فيه. ثم يأتى سيد قطب المنظر الرئيسى للأصولية الإسلامية المعاصرة لينفى حق الإجتهاد من أصله لأننا جميعا جاهليون ولم نصبح مسلمين بعد ولنقر أولا بأن الحاكمية لله وحده وعلى ذلك فليس من حق بشر أن يشرع لبشر و... و... إلى آخر هذا المنطق المقلوب ... إنظر كتابه "علامات فى الطريق" وبعد حوالى عشرين عاما من نشر هذا الكتاب بدأت الأفكار القطبية تؤتى ثمارها فظهرت جماعات إسلامية جهادية عديدة جعلت مهمتها تحقيق هذا التصور فى الواقع. فكفرت كل البشر ومنها من أنسلخ تماما عن المجتمع ... فبدل من التسابق مع بقية البشرية نحو المستقبل شرعنا فى السباق نحو الماضى . من هنا تأتى أهمية دور رواد من أمثال سيد القمنى ونصر حامد أبو زيد والشيخ خليل عبد الكريم (رحمه الله)، الرواد الذين أخذوا على عاتقهم فى بطولة نادرة تحطيم تلك الحواجز وخوض غمار معارك فكرية تأخرت عدة قرون ... حتى وإن اخطأوا. إننا فى حاجة ماسة أكثر من أى وقت مضى إلى كثير من أمثال هؤلاء الفرسان وعلينا الإشتباك والتفاعل مع أطروحاتهم للإستفادة منها وتقويمها ورفع درجة تأثيرها فىالمجتمع. ولكى نتفهم نظرة القمنى إلى قضايا الوعى الدينى والمرتبطة مباشرة بقضايا الوعى السياسى فى بلدنا علينا النظر إلى هذا العمل وهو مجموعة مقالاته المنشورة فى روز اليوسف عام 2004 فى إطار أعماله السابقة لخدمة نفس القضية ومن أهمها رب الزمان، الأسطورة والتراث، الحزب الهاشمى، وأخيرا وليس آخرا حروب دولة الرسول. لم يكن سيد القمنى فى إسلامياته أول من تناول التاريخ الإسلامى بالتحليل المادى العلمى ليصل إلى إستنتاجات مخالفة تماما للخطاب الدينى السائد فى مجتمعاتنا على إختلافها، سواء الخطاب الرسمى أوالمعتدل أو ما يسمى بالمستنير ناهيك عن خطاب الجهاد. فأول من تناول هذا التاريخ بالبحث العلمى كان المستشرقون وعلماء الإسلاميات الغربيون لكن مشوارهم هذا كان لخدمة أغراضهم والتى لم تكن آخرها الأغراض الإستعمارية ثم دخل المثقفون العرب أرض المعركة متأخرا فكانت أعمال حسين مروه وعلى رأسها كتابه الأهم "النزعات المادية فى الفلسفة العربية الإسلامية" هو أول ما فتح أعين مثقفى العرب على مسألة التحليل العلمى للتاريخ الإسلامى بعد الهزيمة أو النكسة التى منى بها الرواد الأوائل الشيخ على عبد الرازق وطه حسين فى شبابه وبعده دخل الكثير من المثقفين أرض المعركة. تتلخص أهمية أعمال القمنى ومن مشى على دربه مثل الشيخ خليل عبد الكريم فى نقطتين أساسيتين: أولا: أنها تخاطب دائرة من القراء أوسع بكثير من دائرة المثقفين المتخصصين التى خاطبتها أعمال حسين مروه ومن هنا كان تأثيرها خطر على جمهور المؤمنين وليس بالضرورة مثقفيهم فقط . ثانيا : أن هذه الأعمال تقارع المتأسلمين من حججهم وبلغتهم مما وسع درجة تقبلها لدى الكثيرين، فأمام نفس الحجج العلمية إذا جاءت من مصادر ليست إسلامية مثل العلماء الغربيين كانت ولا زالت الآذان مغلقة. فالمتأسلمون، وبالتالى جمهور عظيم من المتأثرين بهم، يرفضون فكرة أن تاريخنا وديننا وإسلامنا وقرآننا وحديثنا وسنتنا وشريعتنا يمكن أن يفهمها ويدلى بدلوه فيها من ليس منا. أهم عناصر القوة فى كتاب القمنى دحضه لأهم ثلاثة قواعد فى الفقه الإسلامى السنى أسهمت بدور عظيم فى ثبات الإسلام والمسلمين عند درجة حضارية فارقة فى تخلفها تثبّت قواعد التعامل مع النصوص المقدسة وتحول هذه القواعد بدورها إلى مقدسات رغم أنها إنتاج البشر، فأختلط الآلهى بالبشرى فى قواعد كبلت الإسلام وهزمت المسلمين هزيمة حضارية مروعة، تلك القواعد التى كانت وما زالت منذ وضعها فى بدايات تاريخ الدولة الإسلامية الوسيلة الأولى فى التحالف بين محترفى العمل الدينى ومراكز القوى السياسية: 1- لا إجتهاد مع نص. 2- العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب . 3- تكفير كل من خالف معلوما من الدين بالضرورة . وأزعم أن هذه القواعد الثلاثة هى التى تمثل الإختلاف واللبس والتضليل وإستخدام الألهى والمقدس للوصول إلى أغراض سياسية بشرية فى كافة القضايا هى بالتأكيد ليست نبيلة، وأزعم أن هذه القواعد الثلاثة ليست من الدين فى شىء، وأزعم أن القمنى فى عمله هذا وأعماله السابقة قد نجح نجاحا باهرا فى إقناعنا ببطلانها جميعا. يختلف الإسلام عن المسيحية فى إرتباط نشأته بتأسيس دولة مركزية تضم قبائل بدوية متحاربة فأرتبطت هذه النشأة بالسياسة ولكنها كانت سياسة تأسيس دولة بالقرن السابع أى فى ظروف إجتماعية وحضارية شديدة الإختلاف عن ظروفنا اليوم. الأمر الذى أدى إلى التسلط المطلق لهذا التحالف بين رجل الدين ورجل السياسة على مر هذا التاريخ. وإذا كان هذا الأمر مفهوما – وإن لم يكن مقبولا – فى العصور الوسطى فإنه اليوم يعتبر لا مفهوم ولا مقبول، ومن نافلة القول أصلا أن نناقش اليوم قضايا التنوير والحداثة بعد أن حسمت فى العالم كله منذ ما يربو على ثلاثة قرون ولكن للضرورة أحكام. فى عمله هذا أنتصر القمنى لفكرة الوطن الأرض على فكرة الوطن الجماعة وهى إذ تبدو بسيطة إلا أنها على درجة عالية من الأهمية فى نتائجها المباشرة على موقفنا تجاه الإحتلال سواءً كان إحتلال الصهاينة لأرض فلسطين أو الأمريكان للعراق أو إحتلال العرب لمصر فى القرن السابع. هنا تبدأ القضية فى التعقد والبلبلة فشعارات المقاومة ضد الإحتلال اليوم حولت الكفاح الوطنى لتحرير الأرض المحتلة إلى مفهوم الجهاد الذى يجاهد فى سبيل الله ونصرة الدين وليس إخلاصا للوطن والزود عن ترابه فأستبعدت مفهوم المواطنة وشقت الصف الوطنى الذى يعيش فيه المسلم والمسيحى وغيرهما وأخرجت من معادلة النضال والمقاومة كل المسيحيين العرب وليس الفلسطينيين أو العراقيين أو المصريين وحدهم. فما أهمية أن نعى اليوم الفروق الجوهرية بين خطاب الوطن الأرض وخطاب الوطن الجماعة. القمنى فى كتابه يلفت نظرنا إلى إحدى الأكاذيب الكبرى التى يستخدمها الخطاب الإسلامى ألا وهى مطالبته بالرجوع إلى الماضى السعيد الذى كانت تطبق فيه الشريعة منذ فجر الخلافة. لا لم يكن ماضيا سعيدا بأى مفهوم، لا لم يقم العدل فى أية فترة من هذا التاريخ، بل والأهم من كل هذا أن نرى كيف كانت النظرة الرومانسية للأمجاد الماضية هى من وجهة نظر الأرستقراطية الحاكمة فقط أما المواطن العادى البسيط فقد كان ولا يزال هو الخاسر فى كل المراحل. يعتبر هذا الكتاب صيحة لفضح منطق الموضة الحالية التى ترعاها الإمبريالية العالمية وتسميها حوار الأديان والتى تقف على نفس أرضية المنطق اللاتاريخى فى تناول الأديان. يفضح القمنى كل من يدعون أن الإسلام ليس إرهابيا وأنه دين التسامح ويقفون على نفس تلك الأرضية بحجج تتجاهل التاريخ فينشرون أكاذيب يضحدها منطق التاريخ. إذ أننا لو نظرنا إلى أحداث التاريخ الإسلامى وحاولنا تفسيرها بمنطق القرن الواحد والعشرين فلن نجد إلا إرهابا فى إرهاب. أما إذا نظرنا إليها فى إطارها التاريخى وبمنطق إستراتيجية تأسيس الدولة المركزية الذى كان قائما بشبه الجزيرة العربية منذ أربعة عشر قرنا فسنجدها طبيعية، وضرورية بل ثورية. فلا الحقوق هى الحقوق ولا الحروب هى الحروب ولا الدولة هى الدولة ولا البشر فى القرن السابع الميلادى هم البشر فى القرن الواحد والعشرين. فالدين ثابت وكل ما عداه متغير، هنا يكمن سر تخلفنا المروع حين تحاول المؤسسة الدينية فى تحالفاتها المختلفة مع السلطات الرجعية والديكتاتورية فى بلادنا العربية ربط وتقييد المتغير بالثابت منذ أربعة عشر قرنا وتحرز فى ذلك نجاحات فى هذا المجال أو ذاك تختلف بإختلاف الظروف التاريخية والمجالات المختلفة لتنتج فى النهاية تشوها فى كل شىء ... أما التشوه الأعظم فهو فى وعى الناس. علينا أن ننظر إلى واقعنا المادى نظرة علمية كما هو وليس كما نود أن يكون عليه هذا الواقع، أن نحلله ونستنبط منه الفكر السليم لنرسم لأنفسنا خطط المستقبل. تخلفنا لنظرتنا المثالية غير العلمية لقضايانا المختلفة مثل اللغة والثقافة والتعليم والدين وكلها ظواهر طبيعية وليست خارج الطبيعة. إن خطاب المؤسسات الرسمية فى مصر، الدينية منها والمدنية، بل وخطاب المثقفين المستنيرين نحو التدين يقسمه إلى نوعين أساسيين، التدين الصحيح المعتمد المتسامح، تدين عامة الناس من ناحية، والتدين المتطرف غير الصحيح وغير المعتمد وغير المتسامح، الأرهابى والمكفر لبقية المجتمع من ناحية أخرى. هذا التقسيم فى حد ذاته هو لب القضية وأساس الإنفصام الذى نعيشه على كافة الأصعدة. إلا أن هذا الإنفصام لا يظهر فى فترات المد الثورى، فترات المشروع الوطنى والمعارك من أجل التقدم، لكنه يظهر بالضرورة ويستفحل فى فترات الجذر الثورى وفقدان البوصلة والمشروع الوطنى والهوية كالمرحلة التى نعيشها منذ نكسة 67. أنهى د. لويس عوض كتابه "المحاورات الجديدة" بجملة على لسان مجاهد بن الشماخ ممثل الإخوان المسلمين بأنهم سوف يستكينوا حتى يزول هذا البلاء ليقوموا من جديد. كان ذلك عام 1965 أى فى أوج قوة وثورية الحقبة الناصرية ثم رحل لويس عوض عن عالمنا دون أن يشاهد نتيجة هذه "القيامة" التى تنبأ بها. وفى كتابه القيم الذى نشره د. عبد الله شلبى عام 2000 "الدين والصراع الإجتماعى فى مصر" عرض مفصل للخريطة السياسية للجماعات الإسلامية المتطرفة والتى ظهرت فى الفترة من 1970 إلى 1985 من واقع منشوراتها وتحقيقات النيابة فى قضاياها المختلفة. بتحليل الخطاب الفكرى لكل هذه الجماعات نكتشف الآتى: أولا: أنها خرجت كلها من عباءة الأخوان المسلمين. ثانيا: أن لكل هذه الجماعات منطقها الفكرى المتماسك والمتسق مع نفسه رغم الخلافات الكثيرة الثانوية بينها والتى لا تستحق إهتمامنا هنا فى هذا المقال. هذا المنطق الفكرى المتماسك والمتسق مع نفسه هو أساس مشكلة الإنفصام التى دائما ما حذر منها رواد التنوير العظام مثل لويس عوض، لأنه مبنى على نفس الأساس الفكرى للتدين الصحيح المتسامح، تدين عامة الناس. فمنطق جماعات الإرهاب الإسلامية مبنى أيضا على النظرة إلى الدين على انه ظاهرة مطلقة خارج الطبيعة ثابتة سارية لكل زمان وكل مكان، لا تتطور ولا تتفاعل ولا تتغير ... هذا المنطق أوصلهم بالضرورة إلى الوقوف خارج المجتمع الحى الواقعى تماما بل وتكفيره ومحاربته حتى الموت. القمنى أوضح كيف أن التدين الصحيح المعتمد رسميا وفكريا ينطلق من نفس هذا المنطق! إذن الخطاب الفكرى السائد حاليا دينيا ومدنيا وحتى من جانب قطاع عريض من المثقفين هو الذى يجعل عامة الناس يعانون من هذا الإنفصام وإن لم يعى اغلبهم مصدر هذه المعاناة. أليس هذا الخطاب هو الذى يقدم لعامة المتدينين التفسيرات التوفيقية التلفيقية لكل مناحى حياتهم فى القرن الواحد والعشرين ليجد المؤمن نفسه مضطرا لقبول الشىء ونقيضه فى نفس الوقت! فتنشأ مشكلات الإنفصام من نوع العلاقة بين التراث والحداثة أو الثقافة والتنمية أو الفصحى والعامية أو حقوق المرأة وبين المجتمع الأبوى أو التعاملات المالية فى المجتمع الرأسمالى المتطور وما أنهى عنه الدين فى القرن السابع أو ... إلخ، فيصبح وقوع المئات والآلاف فريسة لإستلاب الجماعات الإسلامية الإرهابية ما هو إلا تسلسلا منطقيا طبيعيا لكل من حاول بفكره الذاتى المتدين التغلب على آفة الإنفصام التى يعيشها. ألا تتفق معى يا دكتور سيد أن ذلك التوجه الجماعى نحو الماضى والتقوقع والتشبث الشكلانى بصيغ وطقوس أنتهى عهدها من عصور غابرة يشمل نوعاً من هروب المشروع المهزوم من ساحة السباق نحو المستقبل، حيث لا طاقة له بالمنازلة أو المنافسة؟ أليس هذا الهروب الذى أدى إلى أزمة الهوية تلك هو أحد أسباب هذا الإنفصام الذى نعانى منه بصورة جماعية؟ ألا يجدر بنا اليوم أكثر من أى وقت مضى أن نضع أساسا جديدا لمنهج التعليم يجنب الأجيال القادمة تلك الأزمة ويحفظ للدين رسالته الثورية لتطوير المجتمع؟ لى مأخذ شديد الأهمية على عرض القمنى لهذه القضية، فمع إتفاقى معه على الأسباب التى أدت إلى الإنفصام الذى نتحدث عنه والذى يعانى منه عامة المؤمنين أيما معاناة فلم يفرق القمنى فى هجومه على هذا الفكر بين القيادات والمنظرين ومحركى الخيوط من ناحية وعامة المؤمنين من ناحية أخرى. أينعم! نشكر للقمنى توضيحه شديد الأهمية لحقيقة أن الخلافات بين الإسلام الرسمى والإسلام المعتدل والإسلام المستنير والإسلام المجاهد ليست جوهرية وأنها لا تفسد للود بينهم قضية. أما الفرق بين القيادات وقواعدها فهو جد عظيم ويجب علينا أن نتناوله بما يتناسب مع عظم هذه القضية. فقد رد القمنى على أطروحات وتعليقات وتفسيرات قيادات تلك التيارات المختلفة ونسى أو تناسى أن جماهير الأخوان المسلمين فى مصر أو حماس والجهاد الإسلامى فى فلسطين أو حزب الله فى لبنان! والمقاومة الإسلامية للإحتلال الأمريكى فى العراق بتنويعاتها المختلفة، نسى القمنى أن هؤلاء جميعا من المؤمنين الذين وجدوا فى إيمانهم هذا مخرجهم من الأزمات التى نعيشها. يشرح القمنى مفهوم الجهاد من واقع منظرى حركات الجهاد كما فى صفحة 303 بقوله "أما مفهوم الجهاد فهو مفهوم طائفى عنصرى، يقصى من العمل الوطنى كل أبناء الوطن من غير المسلمين، ويدافع من أجل الله ومقدساته قبل وطنه ويؤدى إلى نفور الضمير الدولى الذى تجاوز العنصرية والطائفية وأصبحت لغات مرفوضة بل ومرضية. ومع تقسيمه المواطنين وإستبعاد بعضهم من الفعل، فيما يفعل مفهوم الجهاد، فإنه يشق الصف الوطنى شقا ويمزق وحدته أشلاء. ثم أن مفهوم الجهاد مفهوم واسع وضع فى زمن مفارق لزماننا على كل المستويات، لأنه أستوعب ظرفه العالمى آنذاك ووضع على عاتق المسلمين فتح بلاد الدنيا وإخضاعها للمسلمين وإن ذلك واجب على كل مسلم وهو ما يحمل ضمنا العداء المسبق لكل شعوب الدنيا بسبب العقيدة وحدها وهو ما لا يكفى اليوم مبررا، ويحتاج تفعيله إلى قوة عظيمة لا نملك منها شيئا، دون أى محاولة لفهم سياسى ناضج لأحوال عالم اليوم وضرورات عقد التحالفات أو فكها على أسس مصلحية دقيقة ليس فيها مجال للعنتريات الطائفية أو العنصرية. وعلى المستوى الأخلاقى فإن مفهوم الجهاد يفترض ملاحق له تتمثل فى الإغارة والسلب والنهب والسبى وركوب نساء العدو، لأن الغنائم أحلت لنا ولم تحل لأحد من قبلنا، كما قال النبى محمد فى حديثه الصحيح، وصادق عليه القرآن بآيات تقفو بعضها بهذا المعنى. وهذه الملاحق قد تجاوزتها الدنيا وأصبح للحروب قواعد أخلاقية مرعية، بوثائق دولية ترعى كرامة الإنسان حتى لو كان محاربا، كذلك يحمل مفهوم الجهاد قوة دفع إستعمارية لحوحة لإحتلال البلاد الأخرى ونفل ثرواتها وتغيير ثقافتها. لكن الجهاد عندنا مبرر بأخلاق دينية ترى المجاهد فى أرقى الدرجات حتى لو فتح البلاد وقتل الناس وانتهك الأعراض وسلب الأموال، بينما ترى المدافع عن بلاده وحياته وعرضه هو الآثم لأنه يمنع المجاهد من نشر دينه. وما أبشعه منطق إن صلح فى زمانه فهو لم يعد صالحا لزماننا بالمرة، بل إنه لم يعد مصدر فخر بأى معنى من المعانى بل إن ما فعله المجاهدون عبر تاريخنا غير الجميل يحتاج من العرب إعتذارا واضحا عما أرتكبوه من فوادح الآثام العظام فى حق الشعوب المفتوحة فى تلك الأزمان البربرية". اللهـم لا إعـتراض يا دكتور سيد لكن ألا ترى أن الدافع الأساسى لعامة مجاهدى المقاومة الإسلامية اليوم ليس إلا طرد المحتل؟ ألا ترى أن إيمان هؤلاء المجاهدين بالله اليوم فى المقاومة وعدالة قضيتهم يكسبهم مددا روحيا عظيما هو بالتأكيد أحد عناصر قوة المقاومة الإسلامية بالضرورة؟ ألا ترى الفارق العظيم بين حال المجاهدين المسلمين وهم فاتحين وحالهم وهم مفتوحين؟ ألا تقف معنا فى معسكر مقاومة الإحتلال كما تقف معنا فى معسكر مقاومة الظلامية الإسلامية اليوم؟ أليس هذا إنفصاما كالذى تحدثت عنه سابقا؟ فإن كنت معنا ضد المحتل وأنا أزعم ذلك، أفلا تعتقد فى ضرورة تجميع كل القوى المناهضة للإحتلال على إختلاف منابعها؟ ألم تتحالف أمريكا مع روسيا فى حربهما ضد النازية؟ ألا تتصور أن هجومك على أحد أهم عناصر المقاومة اليوم وتشويهك للمتضامنين مع المقاومة من مثقفيها على هذا النحو الذى ذكرت – لا أقصد هجومك على الظلامية – يضعك بالضرورة فى معسكر أعداء الشعب الذى تدافع عنه وتطالب بتحريره من الظلامية؟ ألا تتذكر وقوف بعض المثقفين المصريين مع الإحتلال البريطانى لمصر بحجة أنه مصدر التنوير والتقدم فى مقابل التأخر والانحطاط الممثلين فى الباب العالى العثمانى عندما كان عامة المصريين يتصورون أن تلك هى "هويتهم"؟ ما رأيك يا دكتور سيد فى هؤلاء المثقفين المصريين الذين عاشوا فى حماية المحتل وخدمته بحجة معرفتهم مصلحة الشعب؟ أليس من حقنا أن ننتظر من مفكر كبير مثل سيد القمنى أن يفرق فى موقفه من الغرب بين الديمقراطى والإستعمارى؟ هل يعتبر سيد القمنى أن الإمبريالية مجرد خيال فى رؤؤس بعض "دهماء" المثقفين؟ أما أنها حقيقة واقعة نلمسها حتى فى بيوتنا أكثر من أى وقت مضى. وإذا كان ذلك كذلك ألا يرى مفكرنا الكريم علاقة تلك الإمبريالية بالظلامية التى يحاربها؟ بل علاقتها الوثيقة بالنظم الحاكمة فى بلادنا العربية والتى نشأت وترعرعت بل وتجبرت فيها كل تلك الظلامية؟ وتحت عنوان "ما قبل التمكين" أجاب القمنى على تساؤل يطرحه كثيرون اليوم، ألا وهو لماذا تحول الخطاب الإخوانى من الحرب على الديمقراطية بإعتبارها بدعة وضلال ومستوردة من الغرب الكافر إلى النداء بالديمقراطية بل والدفاع عنها فى صفوف المعارضة المصرية. أثبت القمنى فساد وإنتهازية خطاب القيادات الإخوانية الجديدة حول موضوع الديمقراطية. أولا : لأن الديمقراطية التى تنادى بها قيادات إخوان اليوم مشروطة بالشريعة "وخصوصية الشرق الإسلامى" ومربوطة بما يسمونه "المرجعيات" ومن هنا يلتقون بإدعاءات Huntington بأن الغرب غرب والشرق شرق ولا يمكن أن يلتقيا وأن الصراع فى العالم هو صراع حضارى حول قيم كل منهما وكأن تلك القيم ثوابت رواسى على مر التاريخ وبالتالى فهو ليس صراع مصالح طبقى بين غرب غنى مستعمِر (بكسر الميم) وشرق فقير مستعمَر (بفتح الميم) بل بين أغنياء الغرب وأغنياء الشرق من ناحية أو بالأحرى فقراء الغرب وفقراء الشرق من ناحية أخرى. هذا ما لم يذكره القمنى.
ثانيا: لأن الأخوان المسلمين لم ولن يقدموا برنامجا سياسيا يدخلون به ساحة العراك الديمقراطى كغيرهم من الأحزاب لأنهم من المستحيل بمرجعية دينية الإتفاق على برنامج أرضى بشروط برنامج سماوى. ولأن الهوة الطبقية بين الكتلة القائدة فى تنظيم الأخوان المسلمين وجمهور الأعضاء والتابعين والسائرين فى ركبهم شاسعة إلى الدرجة التى يستحيل معها الإتفاق على برنامج أصلاً وذلك للتباين الشديد بين مصالح كل منهما الطبقية . فقيادة الأخوان تتبنى بما يسمونه الإقتصاد الإسلامى الأجندة النيوليبرالية بكل حذافيرها، الأمر الذى يصب فى النهاية فى طاحونة علية القوم وعلى حساب فقرائهم. فعلى سبيل المثال لا الحصر، شجعت وتشجع القيادة الإخوانية سياسة خصخصة القطاع العام لمصلحة رأس المال وعلى حساب العمال وسياسة الإرتداد عن الإصلاح الزراعى وإعادة الأرض إلى ملاكها الإقطاعيين بل وتعويضهم عما فاتهم من إستغلال للأرض وللفلاحين وطرد وتشريد الفلاحين. لم ير القمنى هذه الفجوة بين المضللِين (بكسر اللام) وأصحاب المصلحة والمضللَين (بفتح اللام) فى صفوف الإخوان ولم ير وينفذ إلى هذا البعد الطبقى فى سياساتهم والذى يجمعهم بالنظام الحاكم فى مصر بل وفى أغلب البلدان العربية. لهذا السبب بالتحديد تتجنب القيادة الإخوانية بذكاء وإنتهازية وضع أو طرح أية برامج تتناول القضايا السياسية والإقتصادية والإجتماعية لأن مناقشتها سوف تؤدى بالضرورة إلى سلسلة من التفسخات والتشرخات داخل تنظيمهم لتباين المصالح بين قمتهم وجمهور قواعدهم. همنا الأول يجب أن يكون هذا الجمهور يا دكتور سيد.
ثالثا: يعتبر هذا الخطاب إنتهازيا لأنه يستغل التشوه المروع الذى وصل إليه وعى الغالبية العظمى من بسطاء الناس نتيجة عملية غسل المخ المستمرة منذ ما يزيد عن 33 عاما بالخطاب الوهابى. العملية التى شاركت فيها كافة أجهزة الدولة لا سيما الإعلامية منها. لكن رغم أن سيد القمنى يذكر ذلك صراحة إلا أنه لا يرى علاقة بينه وبين السلطة الحاكمة فى مصر. سيد القمنى يقول أن كافة وسائل الإعلام المؤثرة (يعنى المرئية والمسموعة بالأساس لأن أغلب بسطائنا لا يقرأون) كانت ولا زالت محجوبة عن قوى التنوير وأن الديمقراطية لا تتحقق إلا إذا توافرت نفس الفرص للوصول إلى الناس بين قوى التنوير وقوى الظلام ولفترة زمنية تكفى للتأثير... ثم يطالب بتوفير هذه الفرص، لكنى لا أعلم يطالب من. أتراه يطالب الأخوان أنفسهم أم يطالب النظام الحاكم فى مصر؟ وإذا افترضنا أنه يطالب النظام لمعرفتنا مسبقا بأن الود بينه والأخوان جد قليل، فما الذى يجعله يفترض فى النظام تغير موقفه فجأة تجاه مسألة حرية التعامل مع وسائل الإعلام المرئية والمسموعة وغيرها من أجهزة الدولة المؤثرة كالتعليم مثلاً؟ لماذا يفترض القمنى أن النظام يقف بجانبه على ضفة المنورين وهو الذى يقر بأن هذا النظام نفسه هو الذى حجب النور عن الناس فى مصر لمدة 33 عاماً على الأقل؟ فى كل ما تقدم مجموعة عناصر قوة أكيدة فى خطاب القمنى أما ما نأخذه عليه فهو تناوله أو بمعنى أصح تجاهله لكل من دور النظام السياسى فى مصر من ناحية والإمبرالية العالمية ممثلة فى قائدتها الولايات المتحدة الأمريكية من ناحية أخرى فى هذا التشوه الوعيى بل وفيما وصلنا إليه من تخلف عموما مع أنه يراه ويعترف به ويحاربه. فالدولة ترد فى اماكن متفرقة من الكتاب وكأنها قوة تبغى الإصلاح وفى أحسن الظروف كقوة محايدة مغلوبة على أمرها أمام الخطاب الإسلامى وهذا بالطبع غير صحيح وكلنا يعلم هذا ويحسه ويعيشه يوما بيوم حتى القمنى نفسه. بدليل مجموع إنتقاداته وهجومه على دور أهل الدين الرسميين بل قيادات الإعلام والشئون الدينية فى الحزب الوطنى نفسه فهو يفصل بإستمرار بين أهل الدين والنظام الحالى فى مصر رغم تأكيده فى كل مقالات كتابه على "أن سبب التخلف فىالنهاية هم رجال الدين أنفسهم مع حلفهم الإنتهازى عبر التاريخ .... " أى أنه يعترف دائما بذلك الحلف الإنتهازى غير المقدس عبر التاريخ بين رجال الدين والسلطة. فلماذا يا رجل يقف هذا الحلف ولا يستمر إلى يومنا هذا؟! أما ثالثة الأثافى ( كما يقول القمنى ) فهى نظرة الكاتب إلى الغرب عموما والولايات المتحدة الأمريكية خصوصا بصفتها القوة الأعظم فى عالم اليوم. هذه النظرة هى التى تحتاج منا إلى وقفة هنا. أولا: لأن القمنى لا يرى فى الغرب عموما والولايات المتحدة على وجه الخصوص سوى مصادر للتنوير والعلم والحداثة العلمانية، أما المركّبة الإستعمارية أو الإمبريالية الأصيلة فى هذا الغرب فقد فشلت أنا تماما فى العثور على أى أثر لها بين ضفتى هذا الكتاب على الأقل إن لم يكن فى كافة ماكتب القمنى. وإن ألتمسنا العذر فى ذلك لكون أن الغرب متمثلا فى أوروبا القديمة كان مصدرا لأفكار الحداثة والعلمانية والتنوير والتحرر من هيمنة الخطاب الدينى على فكر الإنسانية كلها السائد إبتداءا من عصر الرينيسانس فلا أدرى ما أضافته أمريكا لهذا الفكر التنويرى على طول تاريخها؟! بل على العكس من ذلك تماما فإن تاريخ أمريكا ومنذ نشأتها كان مثالا على الإنتكاس عن تلك الأفكار التنويرية ليست فى الدين فقط بل حتى فى العبودية والفصل العنصرى والإستخدام الفج للدين فى تبرير أبشع الجرائم ضد الإنسانية بل والإبادة الجماعية لشعوب بأكملها بأسم الدين وذلك فى الوقت الذى ظن فيه الجزء الأعظم من البشرية أنه قد تحرر من تلك الأفكار إلى غير رجعة. فكيف ننظر الان إلى امريكا على انها محرر من تلك الأفكار وهى لا زالت تحاول حتى فى سياستها الرسمية توظيف الدين؟! أما وإن كان ذلك الموقف من القمنى تجاه الغرب وأمريكا على وجه الخصوص لكونه أو لكونها القوة الأعظم فى عالم اليوم فإننى أرفض هذا المنطق جملة وتفصيلا، شكلا وموضوعا، منطق (الأيد اللى ما تقدرش تعضها بوسها) يصل بنا بالضرورة إلى رفض مقاومة الظلم فى كل صوره فالظلم قد ظلم لأنه الأقوى وألمانيا الهتلرية وجنوب أفريقيا العنصرية والإستعمار البريطانى فى مصر وكل قوة ظالمة كانت أو لازالت على مر التاريخ سوف تستمر لولا لم تستقوى القوة المقهورة منها بإيمانها بعدالة قضيتها حتى أستطاعت أن تقهر هذا الظلم. أى ان التاريخ قد لا يتطور إطلاقا إذا آمن كل البشر بهذا المنطق (الأيد اللى ما تقدرش تعضها بوسها) فهناك فارق عظيم بين قوة الحق وحق القوة يا دكتور سيد. فأنا لا أفهم أن يدافع القمنى فى معرض حربه على الفقه السنى الإنتهازى على مدار التاريخ الإسلامى كله لإستخدامه حق القوة ولا يصل بهذا المنطق إلى يومنا هذا. هذا الحلف الإنتهازى بين أهل الدين والسلطة الذى يتكلم عنه فى التاريخ أنىّ كان لا يزال موجودا فى الداخل والخارج تلجأ إليه السلطة لتوظفه لأغراضها السياسية وتلوى عنق المبادىء والأخلاق بلا أدنى حياء. تلجأ إليه السلطة فى بلد متخلف كمصر بالصورة التى عرضها القمنى فى أبلغ تعبير كما تلجأ إليه الإمبريالية العالمية كما رأينا فى مواقف أمريكا فى أفغانستان والعراق على سبيل المثال لا الحصر. فقد كانت أمريكا هى زعيمة الجهاد الإسلامى حينما أحتل الروس أفغانستان فجيشت جيوش المجاهدين وأستغلت سذاجتهم وحالفت ودعمت طالبان وبن لادن حين كان ذلك يخدم مآربها الجيوستراتيجية فى عالم الحرب الباردة ذو القطبين آنذاك. وأمريكا تستخدم اليوم الإسلام نفسه فى عالم اليوم ذو القطب الواحد لخدمة أغراضها الجيوستراتيجية أيضا ولكن بعد أن غيرتها لتلائم الوضع المستجد. فما الحرب ضد الأرهاب إلا تعبيرا عن ذلك. فالإرهاب فى عالم اليوم يا دكتور سيد صناعة أمريكية فى الأساس، كما ألمحت أنت فى كتابك فى آخر صفحة 197 حيث ذكرت "... ولأنها اليوم وفى ظروف العالم اليوم تشكل فرصة سانحة تاريخية فالأمريكان أحباب الأمس واليوم وغدا قد تواجدوا قربنا، والأمريكان تشغلهم مصالحهم فى المقام الأول، لذلك كان فضلهم على الجماعات الإسلامية بكل أصنافها، وعلى مشاريع الصحوة الإسلامية، وكم صرفت المخابرات الأمريكية ببذخ على مؤتمرات الصحوة الإسلامية ...". وقد ذكر تلك المعلومات عن التوجه الإسلامى المفاجىء والمكثف للمخابرات الأمريكية محمد حسنين هيكل فى أكثر من كتاب ومقال ومناسبة وبتفاصيل أدق. فبالأنهيار المروع للإتحاد السوفيتى أو ما كان يسميه الأمريكان إمبراطورية الشر أنهارت إستراتيجيات الإدارة الأمريكية التى كانت قائمة حتى ذلك الحين ووقعت تلك الإدارة فى (حيص بيص) أمام مشكلة إنعدام العدو التقليدى حيث أن وجود مثل هذا العدو ضرورة مطلقة للحفاظ على الدرجة العظمى لتسلط المجمع الصناعى العسكرى وهيمنته على السياسة والإستراتيجية الأمريكية. وبعد فترة حوار لم تستمر طويلا أطلقت عليها الدوائر السياسية الأمريكية ذاتها المناظرة الكبرى (The Big Debate) ، وجدت تلك الإدارة ضالتها فى الإسلام عدوا جديدا يحل محل إمبراطورية الشر التى كانت. فظهرت أيامها نظرية Huntington التى تضع الأساس الجديد لصراعات المستقبل من وجهة نظر الإستراتيجية الأمريكية ألا وهو ما أسماه صراع الحضارات لكى يحل محل صراع الطبقات فحسب تلك النظرية تصبح الإنسانية اليوم متجهة نحو صراع بين حضاراتها المختلفة الكبرى منها بالأساس لتصل فى النهاية إلى أهم تلك الصراعات أى الحضارة الغربية ضد الحضارة الإسلامية. ولا أجدنى اليوم بصدد المناقشة أو الإشتباك مع هذا العبث والهراء النظرى إلا أن ألفت النظر فقط إلى أسباب ظهوره فى هذا التوقيت بالذات أى مع إنفجار أشكال الصراع الطبقى المختلفة على مستوى العالم كله أمام توحش العولمة الرأسمالية. فالهدف منه هو فى الأساس طمس الوعى الطبقى لدى الفقراء والمستضعفين على مستوى العالم كله وتشويه هذا الوعى إلى درجة أن يتحول الحقد الطبقى بين الفقراء والأغنياء فى العالم إلى حقد بين الفقراء وبعضهم من مسلمين أو مسيحيين أو بوذيين أو هندوس أو غير ذلك من الحضارات المختلفة. أنها الديماجوجية فى أفج صورها.
الاستاذ الكبير سيد القمنى! إنى أطالبك بتحيد موقف من الديكتاتوريات فى النظم العربية القائمة جمعاء ودورها المباشر وعلى مدى العقود الخمس الماضية فى تشويه وعى الناس وتحالفها مع "أهل الدين".
إنى اطالبك بتحديد موقف من الدور الإستعمارى للغرب عموما وامركيا خصوصا فى تحالفه أيضا مع "أهل الدين" والنظم العربية الديكتاتورية ضد الشعوب المغلوبة على أمرها. وما إحتلال أمريكا للعراق إلا نموذجا صارخا لهذا الدور الإستعمارى.
وأخيرا وليس آخرا أطالبك أن تنفض عنك غبار الهزيمة وتعود إلى حلبة النزال أكثر قوة وأقوى حجة فالإستسلام ليس من شيمك ... لا تدع هذه الهمجية تنتصر.
4/10/2005
#ممدوح_حبشى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
-
إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
-
“ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|