أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سليم صفي الدين - «من اليقين إلى الشك» 1 حسن ومرقص وبوذا














المزيد.....


«من اليقين إلى الشك» 1 حسن ومرقص وبوذا


سليم صفي الدين

الحوار المتمدن-العدد: 5822 - 2018 / 3 / 21 - 00:29
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


كنا أربعة أصدقاء، مختلفون تماما عن باقى دفعة إعلام جامعة القاهرة، وبسبب ذلك الاختلاف تمنينا لو نستطيع السفر إلى الخارج، وبالفعل، بعد إنهاء دراستنا، وإتمام الخدمة العسكرية، سافر رفقاء السهر والتسكع على قهاوى وسط البلد، وتركونى هنا وحيدًا.
محمد الحسينى، دودة الكتب، ذهب إلى فرنسا حلم حياته، حيث الحرية والحياة، كما كان يصف باريس دائمًا، أحمد المحمدى، فيلسوف الإنسانية فى شلتنا، يستطيع منطقة كل شىء وعكسه! ذهب إلى الهند، حيث الفلسفة البوذية، جورج ميخائيل، المتشكك فى كل شىء، الباحث عن الإله، حقق حلمه، وسافر تركيا للعمل والبحث فى شؤون الأديان طوال وقت فراغه، وأنا عملت بالصحافة فى مصر، وبقيت وحيدا، أتنقل بين قهوة الحرية فى وسط البلد بعد عملى، ومكتبتى التى أوجعت رأسى كتبها.

الإنترنت لغة العصر وجامع الناس، لم يفرقنا لحظة، فبعض تقاريرى وتحقيقاتى كنتُ أشاركهم الرأى فيها، وبالأخص المحمدى، الذى ينظر إلى الأمور من زوايا لا يراها أحد غيره، وكل ذلك كما كان يقول لى دائمًا، بفضل الفلسفة، لا أنكر أننى تأثرت بالمحمدى عن بقية رفاق السهر والدراسة.

حال جورج تغير كثيرًا، وكان دائم العصبية، ممتعضا طوال الوقت، لا يتحدث كثيرًا، ويسألنى عن الإسلام بين كل كلمة وأخرى، طلب منى ذات مرة، إعداد بحث عن فرقة المعتزلة، التى يراها أعقل الفرق الدينية على وجه الإطلاق. أعددت له البحث وأنا لا أفهم، فيما يفكر صديقى عاشق فلسفة المسيح؟! وما هذا الاهتمام المبالغ فيه بالإسلام؟ ولماذا لم يعد يتحدث عن المسيح؟ لقد أوجع رأسى كثيرًا بحديثه عنه.

أما المحمدى فأرسل لى صورة له من داخل المعبد البوذى، وهو يرتدى زيهم، وجهه كان مشرقًا فى الصورة، وابتسامته كانت أعرض من أى وقت مضى، المحمدى واضح ولا يخشى أى أحد، لقد صدمنى حينما قال لى: لقد وجدت ضالتى يا صديقى، لقد اعتنقت الديانة البوذية! لم أكن أعرف حقيقة مشاعرى بعد هذا التصريح، أنا أؤمن بالحرية المطلقة، لكن المحمدى عربى، لو عاد إلى مصر فى ظل القوانين الحالية، وثقافة الشعب التى لا تقبل بغير الإسلام دينًا، فإننى قد أفقده! آه، لا أستطيع أن أنسى مشهد الشيخ حسن شحاتة، الرجل الشيعى الطيب، الذى مُثّلَ بجثته وحُرق بيته، لأنهم اكتشفوا فجأة أنه شيعى! فما المصير الذى ينتظرك يا صديقى؟، ووجدت نفسى أقول: يا ريت ماتجيش مصر يا أحمد! الفاجعة أنه قال لى: أنا راجع، وسأطالب بحقى القانونى بتغير خانة الديانة!


جورج تغير حاله ولم أعد أفهمه، والمحمدى تحول للبوذية، ويريد تحدى المجتمع بقوة القانون، لم يتبق لى غير صديقى الحسينى، الذى كان يتحدث معى دائمًا بأمل وحب، ويطمئننى على جورج والمحمدى، ويؤكد لى دائمًا، أن لكل إنسان تجربته الخاصة، التى يجب أن تكتمل، وألا أحمل نفسى فوق طاقتها، وأعيش! كيف أعيش بعدما أطلق هو الآخر على رصاصة ثالثة؟ الحسينى أعلن إلحاده، وقال إن الدين كذب على الفقراء، وأكد لى أن مشروع عمره الكتابى بدأ فى تشكيله، وسوف يعود إلى مصر قريبا.

أصدقائى مجانين لا يخافون شيئا، وأنا الذى أحمل همومهم كأم تخشى على أطفالها، وكانوا يقولون عنى دائما إننى رقيق المشاعر، رومانسى.

أحاسيسى متداخلة، لا أستطيع أن أفهمها، لأول مرة أتمنى ألا يعود أصدقائى، وألا أراهم ثانية، فوجودهم على قيد الحياة، فى مأمن، أفضل عندى من المعركة العظيمة التى يودون خوضها.

اتصلت بجورج الذى انقطع اتصاله بى كثيرًا، وتهت أنا فى غياهب ظلمات قرارات صديقىّ المحمدى والحسينى، على غير العادة، صوت جورج كان هادئًا، مستقرًا، بل وقويًا، اعتذر لى عن فترة غيابه، وقال بنبرة فرح غير مسبوقة، أنا أسلمت يا صاحبى! صرخت دون وعى "إنت بتقول إيه، إنت اتجننت؟!"، تعجب من ردى وانفعالى غير المبرر، لكنه لا يفهم أن حالتى سببها ما أعرفه عن باقى الأصدقاء وتحولاتهم، التى لا يعرف هو عنها شيئًا.

جورج قرر أن يعود إلى مصر، ويشهر إسلامه فى الأزهر، والمحمدى سيعلن اعتناقه البوذية، ويطالب بإدراجها كديانة أساسية له، ومحمد سيرفع قضية من أجل حذف خانة الديانة فى بطاقته، لأنه لا يؤمن بالأديان! وأنا أجلس هنا أتخيل ردود أفعال المجتمع، والقانون، وما قد يحدث لأصدقائى، وكلما تخيلت فقد أحدهم، انتابنى ألم شديد وأعيانى البكاء، لكنهم أقوى منى وأوضح، فعندما كنا نتناقش على قهوة الحرية، أو التربيعة فى وسط البلد، عن الأديان، والإله، كنتُ دائم الحديث عن ضرورة تطوير المفاهيم وخلقها، فالأديان أمر رئيسى فى المجتمعات العربية، لكنهم كانوا يفهموننى جيدًا، أنا فى حيرة من أمرى، أنا لست مسلمًا، وليس غير ذلك، أنا ما زلت أبحث عن الإله، الذى أبعدنى عنه أفعال هؤلاء، وتنطع أولئك، وعنصرية ذَاكُم، آهين يا إلهى، أين أنت من كل هذا؟ أرشدنى وإلا ضلت بى السبل.

حصلت على إجازة شهرين كاملين، وأغلقت هواتفى، وحسابات التواصل الاجتماعى، من أنا وبأى دين أؤمن، وما موقفى من الإله؟ ذهبت بعيدا وحيدا بحثا عن إجابة.



#سليم_صفي_الدين (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- «المصدومون فى الإله».. لعنة شريعتى
- رعب الجمعة.. «ازدراء الإنسان»
- التهمة «حوار صحفى»!
- من مهدى عاكف إلى أبوالفتوح.. يا حرية لا تحزنى
- عفروتو المجني عليه!


المزيد.....




- ” أغاني البيبي الصغير” ثبت الآن تردد قناة طيور الجنة بيبي عل ...
- مصدر في الفاتيكان يوضح آخر تطورات الحالة الصحية للبابا فرانس ...
- السعودية.. إنقاذ حياة 20 شخصا بعد تعرضهم لتوقف القلب قرب الم ...
- الشرع: قتل أفراد من الطائفة العلوية يهدد الوحدة السورية
- تردد قناة طيور الجنة toyour jana على الاقمار الصناعية 
- 60 ألفا يؤدون صلاتي العشاء والتراويح في المسجد الأقصى
- مؤتمر الأساقفة قلق من صعود -البديل- في الانتخابات الألمانية ...
- لوموند: هل تستهدف فرنسا المدارس الإسلامية الخاصة؟
- اعتنق الإسلام وتزوج جزائرية.. قصة ريبيري قاهر التنمر وصانع ا ...
- “من هنا” رابط تسجيل الاعتكاف في المسجد الحرام 1446 وأهم الشر ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سليم صفي الدين - «من اليقين إلى الشك» 1 حسن ومرقص وبوذا