أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - حسن دليلة - للاذقية في عيون أبنائها














المزيد.....

للاذقية في عيون أبنائها


حسن دليلة

الحوار المتمدن-العدد: 1485 - 2006 / 3 / 10 - 11:44
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


اللاذقية – حوريّة البحر ، السمكة التي أكلتها السماك ، كيف أراك اليوم وبعد مرور أكثر من نصف قرن ، أعود للذاكرة ولا أعود للخرائط القديمة ففي ذهني رسم كامل عنك لا ينمحي بمرور الزمن ، مخطّط جميل لا تغيّره عماراتك الحديثة ولا شوارعك الجديدة والتي باتت أسوأ بكثير من شوارعك وبناياتك القديمة ، أين أنت الآن يا بدء الحضارة اللغوية .
اللاذقية أنت أيتها المدينة الوادعة الساحرة على الشاطىء المتوسطي الجميل ، المعبّرة عن سالف العصور في أقدم أبجديّة في التاريخ " أبجديّة أوغاريت " المكتشفة في رأس الشمرا على شاطىء البحر شمالك بحوالي سبع كيلومترات . يحميك مزار الخضر عليه السلام من غضب البحر شمالاً والبطرنة من غضبه غرباً والمغربي من قطّاع الطرق شرقاً .
سهولك الخضراء الواسعة المغطّاة بأشجار الزيتون والحمضيات تصافح موج البحر وتحاكيه في أجمل سمفونية تغنّي التاريخ ، تاريخ أحمد والمسيح وترابط العلاقة الحياتية بينهما مصدّقة قول شاعرنا الكبير الفيلسوف المعرّي
في اللاذقية ضجّة ما بين أحمد والمسيح
هذا بناقوس يدق وذا بمئذنة يصيح
من يرى أشجار الصنوبر وهي تنحدر مع سفوج جبالك لتسرق من ماء البحر شربة ماء متحدّية ملوحتها في أروع منظر طبيعي ساحر يغني خيال المشاهد وتفكيره . من يرى صخور جبالك الخضراء تنحدر بقوّة نحو البحر لتقبّل أمواجه القادمة برفق أحياناً وبقسوة أحياناً أخرى فيصفّقان معاً طرباً كعاشقين التقيا بعد حين .
لقد امتدّت يد التطوّر إليك بفضل مسؤولين ومهندسين وبنّائين خلال فترة ليست بالقصيرة فمسحوا بارقة الأمل عن وجهك الجميل وألبسوك حلّة من السواد الذي لن تستطيع الأيّام القادمة أن تغيّرها ، أي جريمة ارتُكبت بحقّك من قبل بعضٍ من أبنائك الذي أشك في انتمائهم إليك أو ربّما إلى هذا الوطن ، وأي تطور لحق بك من قبل هؤلاء الرعاع في زمن الفساد .
ما أجملك عندما كنّا أطفالاً يافعين نلبس ثياب البحر ونخرج من بيوتنا نسير على رمال شاطئك الجميل لنغوص في ماء البحر ، لم نكن بحاجة إلى شاليهات أو كبينات ، كانت أشجار الصنوبر والبيوت القديمة هي شاليهات للجميع من غني أو فقير ، كم هي جميلة مقاهيك البحرية المنتشرة على طول شاطئك الجميل حيث مياه البحر تشاركنا سهراتنا وتغنّي معنا حبّاً وطرباً في لياليك الرائعة ، أمّا وقد أصبحنا شباباً فقد أُقفلت أبواب البحر في وجوهنا وأصبحنا لا نرى البحر إلاّ بعد أن ندفع مئات الليرات السورية نحن أبنائك الذين أحببناك .
لقد أغلق شاطئك بكتل بيتونيّة تمثّل قمّة التخلّف وسدّاً في وجه الحضارة ، ولمن هذه الكتل البيتونية إنّها ملك لأشخاص معيّنين ، لقد اشتروا البحر بأموالهم وبسلطتهم ، اشتروا الشاطىء بمياهه ورماله ، أي بلد يبيع شاطئه إلى أشخاص محدّدين ويمنعه عن مواطنيه ، عشرون مليون مواطن سوري مصيرهم في يد عدّة مئات يمكنهم أن يغلقوا عليهم أو يسمحوا لهم بالوصول إلى مياه البحر والتمتّع والسباحة فيه والإستلقاء على رماله الذهبية تحت أشعّة شمس صيفه الجميل ولقاء دفعهم مبالغ لا بأس بها لقاء ذلك ، فهل أنت راضية عن حاضرك هذا .
هذا جزء من مخطّط تدميرك أيّتها المدينة الجميلة أمّا الجزء الآخر والمهم فيتمثّل في يد المسؤولين بدءاّ من أصحاب القرار في دمشٌق والذين أجهزوا نهائياً عليك فهو هذا المشروع التجاري الضخم " مشروع توسيع المرفأ " والذي تم في وسطك أيتها المدينة الرائعة وعلى بعد أمتار قليلة من بيوتك فكان تهجير السكان وإكمال بيع الشاطىء قسم للدولة وقسم للمسؤولين وكانت هجرة البحر بعيداً عن محبّيه وكانت الغربة التي نشعر بها نحن سكانك ويشعر بها القادمون من كافة المدن الداخلية ، فمن أين لنا بعد الآن إيجاد حل لمشكلتك هذه .
فلمصلحة من يتم الإجهاز عليك أيّتها المدينة الساحرة عبر القرون ، وهل يتم ذلك وفق مخطّط مدروس ومرسوم يقوم به أبناؤك بإرادتهم أو غصباً عنهم أو بجهل منهم وفي كل الأحوال إنّها لمصيبة كبرى ، هل خضعت في جمالك للسياسة فكنت أوّل ضحيّة في مشروع " الشرق الأوسط الكبير " الذي تنفّذه أمريكا واسرائيل في المنطقة ولمصلحتهما معاً ، إنّي أرى فيك القدرة على مجابهة كل المشاريع الإستعمارية الجديدة مهما بلغت حدّتها وتاريخك شاهد على هذه المجابهة وأبناؤك سيمحون عنك العار من أي جهة جاء ، ولنا معك لقاء قريب انشاء الله وأنت في أبهى حلّتك إشراقاً وصفاء.
حسن دليلة



#حسن_دليلة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المطلوب دعم سوريا بالفعل لا بالقول
- صباح الخير يا وطني
- من يقتل من في العراق
- مراجعة خدّام لماضيه خير له من الإجهاز على مستقبله
- هل أزهر ربيع دمشق
- رسالة إلى الدكتور عارف دليلة في سجنه


المزيد.....




- -قريب للغاية-.. مصدر يوضح لـCNN عن المفاوضات حول اتفاق وقف إ ...
- سفارة إيران في أبوظبي تفند مزاعم ضلوع إيران في مقتل الحاخام ...
- الدفاعات الجوية الروسية تتصدى لــ6 مسيرات أوكرانية في أجواء ...
- -سقوط صاروخ بشكل مباشر وتصاعد الدخان-..-حزب الله- يعرض مشاهد ...
- برلماني روسي: فرنسا تحتاج إلى الحرب في أوكرانيا لتسويق أسلحت ...
- إعلام أوكراني: دوي صفارات الإنذار في 8 مقاطعات وسط انفجارات ...
- بوليتيكو: إيلون ماسك يستطيع إقناع ترامب بتخصيص مليارات الدول ...
- مصر.. غرق جزئي لسفينة بعد جنوحها في البحر الأحمر
- بريطانيا.. عريضة تطالب باستقالة رئيس الوزراء
- -ذا إيكونوميست-: كييف أكملت خطة التعبئة بنسبة الثلثين فقط


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - حسن دليلة - للاذقية في عيون أبنائها