أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - الإيمان الحقيقي ... والإيمان الشو














المزيد.....

الإيمان الحقيقي ... والإيمان الشو


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 5814 - 2018 / 3 / 13 - 13:10
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


سألني أحدُهم على صفحتي: "هل تعتزين بأنك مسلمة؟" وأجبتُ: "أعتزّ بأنني إنسان ٌمنحني اللهُ تعالى منحةً جميلة اسمها "العقل". أفكر به وأرفض أن يُقيّم إيماني بربي إنسانٌ مثلي، خطّاءٌ مليء بالنواقص. إيماني بالله ليس محل سؤال من أحد. وسؤالك ينمُّ عن عقلية ناقصة تنشد كمالَها من التفتيش عن نواقص الآخرين. فاذهبْ وأكمل نواقصَك ولا تُهن نفسك بسؤال هو خصيمٌ لأمر الله الذي منحنا حرية الإيمان وحرية الكفر. إسلامي في قلبي وليس (شو) كما لديك وغيرك من ناقصي الإيمان. تحياتي.”
كلما طرقتُ ملفَ حقوق الأقباط، ظنّ نفرٌ أنني أهاجم الإسلام! ورغم أن تلك ركاكةٌ لا تستحق الرد، إلا أن التفكير على هذا النحو يحمل ملمحًا خطيرًا، لأن أولئك يرون أن الإسلامَ يحثُّنا على معاداة المسيحيّ!
والحقُّ أن غزارة كتاباتي في الملف القبطي "المسكوت عنه" منذ عقدٍ، سببها قلّةُ تناول هذا الملف "الشائك" (ولا أدري لماذا هو شائك مع أنه شأنٌ وطني!) من قِبل الكتّاب الشرفاء، الذين يرفضون مغازلة الأكثرية بالضغط على الأقلية. ورغم وفرة أولئك الكتاب الآن، إلا أن حجم الكتابة، إجمالا، مازال لا يكافئ ما يقع على أقباط مصر من غُبن ثقيل قوامه خمسون عامًا، خاصةً في الأعوام الأخيرة. لذلك أحاول أن أعدل هذه "الكفة المايلة" بتكثيف كتابتي. فالمسيحي المصري يحتاجُ أن يشعرَ أن المسلمَ المصري يشعرُ بهمومه ومشاكله في وطنه ويحاول حلّها معه. ويلاحظ القارئ أن صوتي يخفُت كلما كتب كُتّابٌ آخرون انتصارًا للأقباط، ويعلو كلما صمتوا. وتزيد المشكلة ثقلاً بصمت المسيحيين أنفسهم عن المطالبة بحقوقهم، ليس خوفًا من الأغلبية كما يظن السطحيون، بل لأن دينهم يحضّهم على الصمت والسماحة وتحمُّّل الأذى الأرضيّ؛ طمعًا في ملكوت السماء. حيث يقول لهم كتابُهم: "طوبى للحزانى، لأنهم يتعزّون- غير مُجازينَ عن شَرّ بشرٍّ، أو عن شتيمة بشتيمة- أحبُّوا أعداءَكم، باركوا لاعنيكم، أَحسنوا إلى مُبْغضيكم." إلخ.
أقولُ بكل اطمئنان إن المسلم الذي يظلم مسيحيًّا أو يهدم داره أو يرميه بكلمة نابية، استغلالاً لصمت المسيحيّ، فإنما يُغضبُ اللهَ أولا، وثانيًا يقدّم صورة بشعة للإسلام. وفي المقابل، فإن المسلم الذي ينتصرُ لأخيه القبطيّ، احترامًا لصمته الذي يحضّه عليه دينُه: (يُدافع عنكم وأنتم صامتون)، إنما يُرضي اللهَ ويقدم صورةً طيبة للإسلام، وللمسلمين. وهذا ما أفعله؛ لإيماني بأن أول سؤال سوف يسأله اللهُ لنا يوم النشور: هل رأيتَ ظلمًا وصمتَّ عن ردّه؟ ولهذا حرّم اللهُ الظلمَ على نفسه، وقد يسامح عبدًا في حق من حقوقه تعالى، لكنه لا يسامحه إن ظلم عبدًا آخر، حتى يصفح ذاك الآخرُ. وبهذا يكون الانتصار للمغبونين، صلبَ الدين وجوهر الإيمان بالله، كما أفهمه.
أفهم أن الدين هو حسنُ العمل وإتقانه، وقول الصدق، ومحبة الناس واحترامهم، وعدم الفُحش في الفعل أو القول، والعدلُ وعدمُ الانحياز. هو نُصرة المظلوم بالدفاع عنه، ونُصرة الظالم بردِّه عن ظلمه، وهو النظافةُ في القول والفعل، كما في البدن. أفهم أن الدينَ هو الشعورُ بآلام الناس، فنتجنب تزكيتها، وإدراك مكامن فرحهم والسعي لترسيخها. فالله، تبارك اسمُه، لم يخلق آلهةً على الأرض، بل بشرًا ضعافًا، تقفُ القشةُ في أحداقهم كأنها الجبال الضخمة، كما قال الشافعي. ولم يكلِّف اللهُ أحدًا بحساب أحد في الأرض، لأنه لا يجوز أن يحاسب خطّاءٌ خطّاءً، وإنما كلُّ إنسان ألزمه اللهُ طائرَه في عنقه، ولن يُحاسَبُ أحدٌ محلَّ أحد.
الدين لا يُختصَرُ في إعلان المرء بصوت عال عن دينه. وسبّ مَن لا يدين بهذا الدين؛ ثم يظنُّ أنه بهذا ضمِن الجنة، دون عبء العمل ومجاهدة النفس ومحبة الناس وحسن المعاملة وعفّ اللسان ونظافة اليد.
مُشعلو الفتن هم مفجرو الكنائس والمحرضون، وكذلك الصامتون عن نُصرة الأقباط. أما من يفتحون الجروحَ لتطهيرها، وهذا فرضُ عين على كلّ مسلم، لا فرضَ كفاية، فإنهم مَن يرأبون الصدع حتى يلتئمَ نسيجُ المواطَنة، الذي عاش سبعة آلاف عام متماسكًا متينًا، وسوف يظل.



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حكاية بنت اسمها فافي
- لو كانت -شيرين- إماراتية!
- وشوشات فبراير 18
- فاروق حسني … الفنانُ الذي يعرفه العالم
- حين عانقتُ (جميلة بوحَيرد)…أخبرتني الرصاصةُ
- عصا -راجح داوود- … في موريتانيا
- أبونا سمعان … العدلُ معقودٌ بناصية بلادي وجيشه
- الشمعةُ التي في قلوبكم
- بهيج إسماعيل … الروايةُ بنكهة الشِّعر والجنون
- صَهٍ … الجيشُ المصريُّ يتكلم!
- سأقولُ يومًا لأطفالي إنني زُرتُ العراق
- كتابي الفِضيّ: (نهم يصنعون الحياة)
- لماذا يُحاكَم الشيخ محمد عبد الله نصر؟
- صالون فاطمة ناعوت الشهري السبت القادم 27 يناير
- عن الإمارات سألوني .... فقلتُ (إنهم يصنعون الحياة)
- -البدلةُ الزرقاءُ وسامٌ- … قالتِ الجميلةُ
- قلقاسٌ على مائدة قبطية
- لأننا نستحقُّ الموسيقارة الجميلة!
- غدًا أُغرِّد مع عصافير شُرفتي
- معجزةُ إبراهيم أصلان


المزيد.....




- قرابة 300,000 شخص ألقوا نظرة الوداع الأخيرة على نعش البابا ف ...
- بالصور: فتح أبواب كاتدرائية سانتا ماريا ماجوري أمام الجمهور ...
- لقاء ترامب وزيلينسكي في الفاتيكان.. لمن كان الكرسي الثالث؟
- ساكو بشأن -الترشيح- لمنصب البابا الجديد: تكهنات.. وعلى الكني ...
- السلطات الأردنية تعتقل قياديا بارزا بجماعة الإخوان المسلمين ...
- نتنياهو: رفض الاعتراف بالدولة اليهودية هو سبب النزاع القائم ...
- نتنياهو: الحاجز الأكبر أمام تحقيق السلام هو رفض الفلسطينيين ...
- آلاف الكاثوليك يتجمعون في ساحة القديس بطرس حدادا على البابا ...
- -يأسر القلوب-.. محمد صلاح يلتقط صورة -سلفي ذهبية- بهاتف فتاة ...
- -إقصاء ماكرون رسالة واضحة-.. نائب فرنسي يكشف معنى بادرة ترام ...


المزيد.....

- السلطة والاستغلال السياسى للدين / سعيد العليمى
- نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية / د. لبيب سلطان
- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فاطمة ناعوت - الإيمان الحقيقي ... والإيمان الشو