أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سامح عسكر - مشاكل زينون مع طغاة العرب














المزيد.....

مشاكل زينون مع طغاة العرب


سامح عسكر
كاتب ليبرالي حر وباحث تاريخي وفلسفي


الحوار المتمدن-العدد: 5812 - 2018 / 3 / 11 - 17:03
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


زينون هو الفيلسوف اليوناني (الرواقي) الشهير وصاحب أهم مدرسة اعتبرت مصدر استنتاج الفكر البراجماتي

الرواقيون رأوا أن عدم القدرة على التغيير يحتم عليك القبول بالباطل على الأقل ..ومن ثم التعايش معه، هذا لأن الرواقي وضع مبدأ أصيل عنده هو (الفضيلة وعدم الانفعال) كوسيلة حصول على متعة السعادة، وكرد فعل على الحروب الأهلية اليونانية وصراع الأوربيين مع الفرس اللي ختمه الإسكندر الأكبر باحتلال بلاد فارس

وعشان نفهم القصة

الرواقيون وفيلسوفهم الكبير زينون عاشوا في عصر جمع بين (العقل والروح) بعد نهاية العصر الهليني بموت الإسكندر في القرن 4 ق.م.. وخد بالك يوجد فارق بين (الهلينية) و (الهلنستية) الأولى هي عصر العقل اليوناني انتهى بموت الإسكندر، الثانية هي عصر العقل والروح انتهى بسقوط اليونان وبدء حضارة الرومان في القرن 1 ق.م..

وكميزة أي فلسفة مزيج بين العقل والروح تظهر فيها الأدب والمثال، ومعها فنون النحت والشعر والقصة، واهتمام أكبر بالقيم الإكسيولوجية (الحب والخير والجمال) لذلك اعتبر الهلنستيون أساس الاتجاه الرومانسي الفلسفي في القرن 19، وكلاهما أي (الهلنستية والرومانسية) رد فعل على حروب وطغيان عامل المادة في نفوس البشر..

وفي فلسفة التاريخ اعتبرت الهلنستية مقدمة وترسيخ للفكر الديني المسيحي بعد ذلك بوصفها تجمع بين (العقل والروح)، نفس الشئ بعد الحرب العالمية الثانية توقع حركة نشطة للأديان والفكر الرومانسي ردا على مجازر هتلر وروزفلت..وهو ما حدث بإعادة إحياء التشدد الديني مرة أخرى خصوصا (الإسلامي والمسيحي واليهودي) بعد توقعات سابقة بقرون على انقضاء عهد التطرف وزوال خطر الكهنة..

المهم زينون وفلسفته الرواقية تأثرت بحروب الاسكندر وفارس وطبيعي يواجه هذا الوضع فكريا بطريقة مختلفة، فهو كمفكر شايف إن وضعه لن يغير شئ في السياسة القائم عليها مستبدون..بالضبط كالوضع العربي الحالي، المفكر الآن لا وزن له إطلاقا ولا يقوم بأي دور سياسي، ومعارك الدول يقوم عليها حمقى وشباب عديمي الخبرة..أو متطرفين متشبعين بالكراهية.

وبالتالي أصبح المطلوب ليس الحقيقة المعرفية (لأن مالهاش تلاتين لازمة) بل الانسجام مع المجتمع وقبول الواقع كما هو وليس كما يجب أن يكون، لأنك سواء قبلت أو ماقبلتش لن تغير شئ، فرأى زينون أن قبولك بالأصل علامة انفتاح وسعادة داخلية تحملك على العيش الآمن ومن ثم إمكانية التغيير بالأخلاق.

زينون استفاد من الفيلسوف "أبيقور" بحكم معاصرتهم رغم اختلاف فلسفتهم نسبيا عن بعض، لكن بالنظر هتلاقي إن الرواقية والأبيقورية متشابهين جدا في مبادئ الانسجام مع الباطل واعتزال السياسة والاهتمام بنشر الفضيلة والأخلاق..وهي سمة عامة للعصر الهلنستي أثرت على تفكير الناس وأصبحوا أقل ثورات توازيا مع ارتفاع ملحوظ لصراعات النخب، وهو تعبير عن حقيقة تاريخية في المادية الجدلية بتقول (حتمية الصراع)، يعني لو زينون وأبيقور ذهبوا بأفكارهم لاتجاه (اللاصراع) فكرهم نفسه سيتصارع مع بعضه..

وشخصيا اعتبر أن الرواقيين والأبيقوريين ساهموا في صناعة الفكر العلماني، فالعلمانية أخذت مبادئ العصر الهلينستي وطورتها لأسلوب الدولة الحديثة بمزيج من العقل والروح..وهذا هو أساس قبول العلمانية في المجتمعات الروحية (كالهند) والعقلية المادية (كبريطانيا) وإثبات قاطع إنها لا تتعارض مع الأديان بل تتناغم معها في الغالب، وهذه مشكلة أصابت العقل السلفي الإسلامي في مقتل، فكلما أرادوا اتهام العلمانية بالتحرر المادي والانسلاخ من الفضائل وجدوا لديهم نماذج علمانية أخلاقية وروحية..بل فاقت نسب الأخلاق في مجتمعات العرب..

كذلك مشكلة زينون كانت مع الفلسفة الكلبية التي أسسها الفيلسوف اليوناني "أنتيس تنيس" اللي ورث من سقراط عقلانيته الأبستمولوجية ، وقال إن الفضيلة مقدمة على اللذة، وباعتبار إن الانسجام مع الباطل هو بحث أصلا عن اللذة فبالتالي أصبحت أقوال أبيقور وزينون هي عنده (أصل الشرور) أو بالأحرى إعانة الشرير على شره، وقد قيل أن الكلبية تشابهت مع مبادئ المسيح، ورأيي أن التشابه موجود بالفعل...لكن الكلبيين عقلانيون..ومبادئ المسيح لم تذكر اهتماما بالعقل بل سيطرة تامة للروح، ممكن يكون اتجاه إنساني في زمن المسيح تأثر بفضائل العصر الهلنستي..يعني لا يتوقف ذلك على أنتيس تنيس بل رأيي أن ما قام به المسيح له جذور عند الرواقية والأبيقورية بشكل أكبر..وسمة التناغم مع الباطل واضحة في الأناجيل واتجاه القساوسة كمبدأ.."الخد الأيمن والأيسر"..هذا إفراط أصلا برفض تجليات الحروب والصراعات وتأسيس قاعدة مستقبلية لها..فإعانة الشرير على شره ليس قتلا للصراع كما يظن..بل مقدمة لصراع أكبر قد يكون مدمر فيما لو قررت مواجهته في السابق

وأخيرا : فالقول بالانسجام مع الباطل غير متحقق أصلا مع طغاة العرب الحاليون، الواقع يقول أن الصراع معهم حتمي، وإسقاطهم لا مفر منه، فلو كان زينون بيقول (أطيعوا المستبد وأولي الأمر منكم) فالحج أنتيس تنيس قال لأ (لا طاعة لمخلوق في الجهل والكذب)..وسيظل البشر في صراع أبدي بين القبول بالأمر الواقع ومقاومته..حتى يتغير التاريخ ويصبح الواقع القديم شر وتجربة لا يجب أن تتكرر..



#سامح_عسكر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن حبس الإعلامي خيري رمضان
- كيف تكون واقعيا؟
- الأرض مسطحة..اكتشاف جديد..!
- العرب ومخاطر ترجمة القرآن
- عن حروب الجيل الرابع
- تضامنا مع الشيخ نشأت زارع
- نظرات في الاقتصاد الإسلامي
- حتى يفوز سامي عنان بالرئاسة
- انهيار القومية العربية
- مكة بين التاريخ والقدسية
- رأي آخر في الشهود الأربعة
- فرص الإصلاح في إيران
- الوضع الميداني في إيران على ضوء المظاهرات
- جواز السرقة في الفقه السني..!
- نقض أكذوبة عدم تحلل أجسام الأنبياء علميا
- من وحي فرج فودة..قرارات بن سلمان
- التابو في بلداننا المنكوبة
- القدس لأهلها ياترامب
- أنصار صالح ومصير حزب البعث العراقي
- د. مراد وهبة بين التقدمية والرجعية (2)


المزيد.....




- فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN ...
- فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا ...
- لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو ...
- المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و ...
- الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية ...
- أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر ...
- -هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت ...
- رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا ...
- يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن 
- نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سامح عسكر - مشاكل زينون مع طغاة العرب