أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله المدني - في حضرة «فرانسيس فوكوياما»














المزيد.....

في حضرة «فرانسيس فوكوياما»


عبدالله المدني

الحوار المتمدن-العدد: 5812 - 2018 / 3 / 11 - 09:10
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بغض النظر عن رأينا في نظريات المفكر الأمريكي من أصل ياباني «فرانسيس فوكوياما»، وعلى رأسها نظرية «نهاية التاريخ» التي طرحها في أعقاب إنتهاء الحرب الباردة والثنائية القطبية، فأشهرته قبل أن يتبين عدم صوابها. أقول بغض النظر عن كل هذا، فإن المرء لا يمكنه إغفال ما يتمتع به الرجل من حضور، وفكر مرتب، وسلاسة في التعبير، وقدرة على شد انتباه المتلقي وإيصال فكرته إليه دون إدخاله في متاهات. هذا ما لمسته شخصيا ولمسه غيري ممن استمعوا إليه في جلسة من جلسات مؤتمر القمة العالمية للحكومات الذي عقد في دبي ما بين 11 ــ 13 من فبراير المنصرم.

في تلك الجلسة الحوارية التي أدارها وزير الدولة للشئون الخارجية في دولة الإمارات العربية المتحدة الدكتور أنور محمد قرقاش، شعرت وكأنني عدت، بعد أن غزا الشيب مفرقي، إلى مرحلة الدراسة الجامعية العليا كطالب علاقات دولية يستمع إلى أستاذه وهو يحلل شؤون العالم وشجونه. ما طرحه فوكوياما في تلك الجلسة من أفكار ورؤى وإجابات كانت كثيرة بطبيعة الحال، لكني بسبب ضيق هذه المساحة الصحفية سأتوقف عند ثلاث مسائل جديرة بالنقاش.

أولا: في مسألة ما يمر به النظام الكهنتوتي الإيراني من أزمات أدت مؤخرا إلى انفجار جماهيري واحتجاجات ضد سياساته العبثية خارج بلاده، وتنديدا بوضع ثروة البلاد النفطية في خدمة الميليشيات الأجنبية بدلا من إنفاقها على تحسين أحوال الشعوب الإيرانية، بسـّط فوكوياما القضية كثيرا وبصورة لا تليق بمفكر مثله، بل جاء بما لم يأت به أحد قبله كتفسير للأزمة الداخلية الإيرانية. فهو لئن أكد أن إيران سوف تنفجر من الداخل بسبب وجود طبقة شابة متعلمة سئمت من الخضوع لسلطة دينية متشددة وموغلة في محافظتها، فإنه عزا موجة الاحتجاجات الأخيرة إلى ظاهرة الاحتباس الحراري .. نعم إلى الظاهرة المناخية فحسب! وإيضاحا للجزئية الأخيرة فإن فوكوياما يرى أن العوامل المناخية الصعبة التي مرت على إيران، محدثة الجفاف ونقص المياه، وبالتالي نقص المحاصيل الزراعية التي يعتمد عليه إيرانيو الأرياف في معيشتهم، ساهمت مجتمعة في موجات نزوح من الريف إلى المدن، الأمر الذي تسبب في تكدس العاطلين وانتشار الأمراض والضغط على البنى التحتية المهترئة أصلا، فكانت المحصلة خروج هؤلاء إلى الشارع احتجاجا وتنديدا بالنظام الحاكم ورموزه.

ثانيا: في ما خص ظاهرة الإسلام السياسي التي تقودها جماعة الإخوان المسلمين، ونزوع الأخيرة إلى استغلال الصعوبات التي يعيشها بعض الأنظمة العربية والإسلامية للقفز إلى السلطة وإقصاء المخالفين لتوجهاتها الأيديولوجية، كان رأي فوكوياما أيضا غير مقبول ومستهجنًا لأنه أصر على تصنيف هذه الجماعة ضمن الجماعات الإسلامية المعتدلة، متناسيا بذلك آلاف الأدلة على دمويتها وإرهابها وإقصائها لمعارضيها، ناهيك عن استماتتها لبلوغ السلطة بأي وسيلة وإن كانت قذرة ومخالفة لتعاليم الإسلام، وذلك على نحو ما تجلى في السنة اليتيمة التي حكموا فيها مصر المحروسة، دعك مما اقترفوه في تونس والسودان، ودعك من تاريخهم الأسود في التآمر على السعودية والإمارات وغيرهما، وارتباطهم بعلاقات سرية مع النظام الإيراني التوسعي وتنظيم داعش الإرهابي وحركة طالبان الدموية.

ثالثا: في ما يتعلق بمستقبل الصين وصعودها، كان لافتا أن الرجل الذي تبنى نظرية نهاية التاريخ هو نفسه الذي صار يتبنى فكرة أن الصين سوف تغدو خلال السنوات العشرين أو الثلاثين القادمة قطبا عالميا يتحكم في مصائر الكون (بحيث تصبح بكين هي العاصمة التي تدار منها شؤون العالم) خلفا للولايات المتحدة الأمريكية. هذه النظرية تبناها قبله بعض مواطنيه الأكاديميين، لكن أن يتبناها فوكوياما (صاحب نظرية «أن التاريخ قد انتهى بقيام نظام عالمي أحادي القطب على رأسه الولايات المتحدة») فهو مصدر الاستغراب.

نعم الصين ــ ما لاشك فيه ــ قوة اقتصادية جبارة استطاعت خلال فترة وجيزة أن تحتل مكان اليابان كثاني أعظم اقتصاديات العالم بعد الولايات المتحدة الامريكية، والصين من ناحية أخرى صاحبة قوة عسكرية متنامية ومخيفة وتحاول أن تبني لنفسها موطئ قدم في البحار والمحيطات البعيدة وفي العديد من الأقطار الآسيوية والأفريقية، عبر إقامة قواعد عسكرية دائمة (نجحت حتى الآن في إقامة قواعد في سريلانكا وباكستان وميانمار وجيبوتي). لكن هل بالاقتصاد والقوة العسكرية وحدهما تتحول الأمم إلى «سوبر باور كوني»؟

إن ما جعل الولايات المتحدة تكتسب هذه الصفة ليس قوتها الاقتصادية والمالية والتجارية الهائلة، ولا ترسانتها العسكرية الضخمة، ولا طاقتها العلمية والتكنولوجية المخيفة فحسب، وإنما كل هذه العوامل مضافا إليها ما تملكه من أسلحة ناعمة لم تتح لأي بلد من قبل. ويمكن تحت قائمة الأسلحة الناعمة أن نضع أشياء كثيرة لئن افترضنا أن الصين تملك بعضها، فإنها ليست قادرة على أن تكتسح بها العالم أو أن تؤثر من خلالها على حياة وخيارات من يسكنون كوكب الأرض. فعلى سبيل المثال كم مليون شخص خارج الصين يتحدثون الصينية أو يشاهدون الأفلام والمسلسلات الصينية أو يتابعون أخبار ما يجري في الصين لحظة بلحظة، أو يتعاملون باليوان الصيني وبطاقات اعتماد صينية المصدر في تجارتهم وسياحتهم ومشترواتهم، أو يضعون أموالهم في مصارف صينية، أويستثمرون في بورصة بكين وشنغهاي بدلا من بورصة نيويورك، أويترددون على سلسلة مطاعم صينية؟ دعك من مسألة أخرى في غاية الأهمية كانت وراء وصول الولايات المتحدة إلى ما وصلت إليه وهي الشفافية وحرية التعبير والإعلام الحر والمجتمع المفتوح، وهذه أيضا تفتقدها الصين.



#عبدالله_المدني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أليكس تنسون.. 30 عامًا من علاج الإبل العربية
- آسيا بانتظار ميلاد تحالف أمني جديد
- آل مشاري.. من بطون القصيم إلى سواحل فارس
- المستقبل والذكاء الاصطناعي محورا القمة العالمية للحكومات
- البلادي.. قلعة الحجاز التاريخية التي تهاوت
- ساعة وخاتم يشعلان الساحة التايلاندية
- أمير البيان.. وشيخ شعراء عمان
- لا جديد في علاقات بكين طوكيو المستعصية
- الحجار.. أول طبيب سعودي من الحجاز
- لا جدوى من الفتوى لإيقاف مسلسل الدم!
- النوري.. عطاء متواصل للكويت عبر الأجيال
- أيقونة جدة الجريئة.. والله واحشني زمانك
- كوريا الجنوبية تعاني من بطالة شبابها
- الخاجة.. رأى الفنون كما يرى الطائر المحلق الأرض
- رجل التعليم الأول في الكويت ومؤسس معارفها
- باكستان بين نار المتشددين وضغوط واشنطن
- بلفقيه.. أدار ظهره للعبث اليمني.. ورحل
- هل ستعجل أزمة كوريا الشمالية برحيل تيلرسون؟
- المردي.. ملك الصحافة الحديثة في البحرين
- هل سينجح راهول غاندي في المهمة؟


المزيد.....




- الجمهوريون يحذرون.. جلسات استماع مات غيتز قد تكون أسوأ من -ج ...
- روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ ب ...
- للمرة السابعة في عام.. ثوران بركان في شبه جزيرة ريكيانيس بآي ...
- ميقاتي: مصرّون رغم الظروف على إحياء ذكرى الاستقلال
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 150 عسكريا أوكرانيا في كورسك ...
- السيسي يوجه رسالة من مقر القيادة الاستراتجية للجيش
- موسكو تعلن انتهاء موسم الملاحة النهرية لهذا العام
- هنغاريا تنشر نظام دفاع جوي على الحدود مع أوكرانيا بعد قرار ب ...
- سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة (صو ...
- إسرائيل.. إصدار لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو بتس ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالله المدني - في حضرة «فرانسيس فوكوياما»