|
-السلفية - و العزف على أوتار -الأمّة-
علجية عيش
(aldjia aiche)
الحوار المتمدن-العدد: 5811 - 2018 / 3 / 10 - 23:04
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تحتقر السلفية المتطرفة العقل البشري الذي ينادي بالتجديد و التغيير و التكيف مع الحداثة، و تكن له الكراهية و العداء، و تعتقد أن الدعوة إلى تجديد الفكر الإسلامي تحرير العقل ضرب من الانحراف لدرجة أنها تخاطب الآخر بلغة التكفير، و تنظر إلى المسلم الغير سلفي بنظرة احتقار، بحيث بالغت في تطرفها الفكري و أعطت لبعض الممارسات نوعا من التقديس مثل الزيّ و الذقن، تعتقد أنا السلفيين وحدهم مؤمنون و متدينون، و أن الآخرون كفرة أو شياطين، و تجاهلت أن السّلفية قبل كل شيء فكر و سلوك، و ليس لباس ------------------------------ يعرف السلفي بأنه من جعل من رسول الله قدوته، لا الشيخ محمد عبد الوهاب و لا الشيخ فركوس، و لا أي إمام أو أمير ، و قد أعطى بعض السلفيون الإسلام و الثقافة الإسلامية طابعا متطرفا، و دعت السلفية إلى إعادة النظر في الفكر الإسلامي و الذهاب إلى تأسيس الدولة الإسلامية، فيما يمكن تسميته بالإجماع بالأصولية الإسلامية l’integrisme islamiste ، من حيث الطبيعة و المنهج، و بحكم كفرها للبناء الحضاري للأمة ، فقد ربط السلفيون المتطرفون مفهوم السلفية بإقامة الدولة الإسلامية التي ترى أن هوية الشعوب وثقافتها عاملا ثابتا لا يقبل التطور، و أعلنت حربها على الحداثة و التطور، باستعمال أساليب الترهيب و التهديد، و لم تعلن رفضها للحداثة فقط، بل سعت إلى خلق نوع من النزاع الفكري بين العلماء و المفكرين، فهي مثلا كما يقول أهل الاختصاص تفرق بين ابن رشد المسلم و الميمون اليهودي و المسيحي توماس الإكويني، و لا تؤمن بأن الثلاثة يجمعهم عنصرا واحدا و هو "الفكر"، الذي يجعلهم يتبادلون الأفكار و الرؤى، دون تحفظ في إطار حوار الثقافات و حوار الحضارات و حوار الأديان. فالتطرف في كل معانيه غالبا ما يفضي إلى صراع بمختلف أوجهه و مساحاته، فهو لا يغدو أن يكون صراع أفكار فقط، إنما صراع أفراد، صراع هيئات ومصالح و مؤسسات بل صراع أجيال و في النهاية يكرس الصراع التخلف فكرا و سلوكا ( و لو كنت فظا غليظ القلب لانفضّوا من حولك فاعف عنهم و استغفر لهم و شاروهم في الأمر..) إلى آخر الآية 159 من سورة آل عمران، و لهذه الأسباب تأخر المسلمون ، و لا ننسى أن المدّ السلفي لا ينادي بقيام ثورة ثقافية أو فكرية، فهو يراها ( الثورة الثقافية و الفكرية) خطر يهدده، و لذا فهو يبذل جهده لإبعاد هذا الخطر، و هوة يقصد بذلك خصومه الذين يرون أن التيار السلفي ما هو إلا موجة رجعية و لا صحوة إسلامية، و للخروج من هذا المأزق لابد من إحداث ثورة ثقافية حتى تستفيد الشعوب العربية و الإسلامية من الوسائل الفكرية التي أنتجها العقل البشري، إذ يرى أن هناك فكر إسلامي عربي موحد نابع من الإسلام، و هو يطبع جميع نشاطات الإنسان و هو صالح لكل زمان ومكان، كما لا يخضع إلى التطور و التغيير، و بما أن السلفية ترفض التطور و الانفتاح على العالم، فهي تعتبر كل من ينادي بالتجديد، و تحرير العقل، عدوّ لها و للإسلام، و ترى أن المسلمين و العرب تاهوا في الطريق و أضاعوا هويتهم الأصلية، لأنهم أهملوا تراثهم الإسلامي الحقيقي، و أن العودة للتراث في نظر السلفيين شرط ضروري لاستعادة مجدهم المفقود، و هنا نتساءل هل "اللحية و القميص" جزء لا يتجزأ من التراث الإسلامي. كنت قد دخلت في نقاش مع سيدة تدّعي أنها "سلفية" لمجرد أنها ترتدي الجلباب الذي يسمى عندنا في الجزائر " التشادور"، لما سمعتني أحاور شقيقتها عن مشكلة ما، وقعت لي و أنا أغطي ندوة فكرية بدار الإمام ، و ذكرت اسم "السلفيين"، فتدخلت و قالت: ما بهم أصحاب اللّحى؟ و راحت تجادلني، فأدركت أنها لا تملك حتى ثقافة الحوار و أسلوب الإقناع بعدما وصفتني بالجهل، قلت لها: ماركس كان باللحية فهل هو سلفي إذن، و قد انزعجت من ردي لكما قلت لها: السلفية فكرٌ و سلوكٌ، و لسست مظهر أو لباس، و راحت تحدثني عن الشيخ فركوس و الألباني، و لما حدثتها عن المطويات التي يروجها السلفيون في الشارع و داخل المساجد ، و التي مدوّن فيها أحاديث الأئمة الأربعة و أسفل المطوية كتب: "صححه الألباني"، سألتها مادُمْتِ سلفية، فسّري لي كيف يصحح الألباني أحاديث الإمام الترمذي و الإمام مسلم، و أحاديث الإمام أبو هريرة و هي أحاديث صحيحة غير مشكوك فيها، لكنها سكتت و لم تنبس بكلمة، لهذه الأسباب تقدمت المسيحية على الإسلام، لأن المجتمع الأوروبي خطا خطوات حاسمة، بينما المجتمع العربي توقف عن التطور و التغيير، و رفض الحوار، و ظل غارقا في صراعاته الطائفية القديمة، و لم يضع ملامح خطة واضحة للمستقبل، الغريب أن السلفية ترى أن تطور أوروبا و انتصار الغرب على المسلمين هو معاقبة الله للمسلمين عن تخليهم للمبادئ الإسلامية الصحيحة، و الواقع أن إصلاح حال المسلمين اليوم مرهون بإعادة النظر في الخطاب الإسلامي، و إذا كانت السلفية كما يقول أنصارها قائمة على أصلين لا ثالث لهما، و هما كتاب الله عز و جل و سنة النبي ( صلعم)، نتساءل كيف وصل الفكر الشيعي إلى جنوب أفريقيا ؟ هل هذا راجع إلى فشل الخطاب الديني عند أنصار السُّنَّة؟ أم بسبب انغلاقهم الفكري ، مما سمح بانتشار الفكر الشيعي في المعمورة، فالشيعة قدموا النموذج الحضاري و كانت لهم طريقة خاصة في تنوير العقل ، إن المشكلة حسب المحللين تكمن في غياب نخبة علمية معرفية تنقل الإسلام من إطاره النظري إلى الإطار التطبيقي، بحيث استخدم البعض الدعوة الإسلامية أو الخطاب الإسلامي بأسلوب مشوَّهٌ للغاية، لاسيما و المجتمع البشري مهما كانت عقيدته يسير نحو مرحلة يتجسد فيها نموذج المجتمع العالمي، فقد ورد عن النبيّ (صلعم) أنه قال فبنته فاطمة: " فإنِّي نِعْمَ السَّلَفُ أنا لكِ" و سلف فاطمة سلفٌ للصحابة أجمعين. قرأت في كتيب تحدث فيه عبد العزيز بن ندى العتبي عن السلفية تحت عنوان : من السلفيون؟ who salafis ، فيقول: إنهم يخافون السلفية لأنها جماعة معلنة و طريقة ظاهرة المسلك و الإعتقاد، و يضيف بالقول: نؤمن بالعمل المعلن، و لا نبطن مذهبا، دعوة شعارها الظهور، لا نكتم دينا، و لا نضمر شرًّا، و لا تؤمن السلفية بعمل سِرِّي و بتحيين الفرص للنيل من الآخرين، و لكنه لم يذكر من هم هؤلاء الذين يخافون السلفية، ثم يقول: " السلفية حزبٌ واحدٌ و بلدٌ واحدٌ و "أميرٌ" واحدٌ، و لا شك أن السلفية هنا تكفر بالنظام الرئاسي، عندما قال أن السلفية لا تؤمن بأحزاب تدين بالسمع و الطاعة لأمرائها و الولاء لرؤسائها..، و نلاحظ مدى تناقضه عندما قال أن السلفيون يراعون هيبة الدولة و مصالح الأمة، كما أنهم يرفضون المظاهرات، و يرون أنها مقدمة للخروج على الحكام، إلى أن يقول أن السلفية تحارب التكفير و تحارب سفك الدماء..الخ، الأزمة طبعا كما يقول المحللون هي أزمة فكر، و أزمة قيادة، و أزمة نهج، و أزمة برامج ، كما هي أزمة خطاب، و هنا نقول أنه حان الوقت لإعادة النظر في الخطاب الإسلامي و تصحيح العلاقة ليس بين المسلم و الكافر فحسب، و إنما بين المسلم و المسلم، أي المسلم المنغلق و المسلم المتفتح الحداثي، و إيجاد خطة تبدد المفاهيم السلبية و تفتح حدود لحركة تبادل فكري بين المسلمين، كما انه حان الوقت لاستعراض الواقع العربي و الإسلامي ، وذلك لا يتم إلا بمراجعة التراث الإسلامي من وجهة نظر غير تبعية، و غير متعصبة و غير متشددة، و محاولة فهم أسباب نكوص المسلمين و أسبابه الذاتية و الموضوعية، و من ثم القضاء على الصراع بين السلفية التي تسعى الى اغتيال العقل كما قال في ذلك برهان غليون الذي حاول تصوير محنة الثقافة العربية على أنها تدور بين السلفية و التبعية، و الحداثة التي تعني منهجية التعامل مع انجازات الحضارة الغربية بشكل واع، و بالتالي قراءة التراث بعيدا عن القراءة السلفية له، لأن الربط بين التراث و الحداثة يعمل على تحصين المثقف في فهمه و تحليله للظواهر، فطالما أن السلفية ليست ملكا لفرد أو طريقة أو حزب، و من فهم الكتاب و السنة فهما صحيحا و عمل بهما فهو سلفي و لو كان في أقصى الدنيا، فلتترك السلفية الناس إذن تأخذ الإسلام من منبعه. علجية عيش
#علجية_عيش (هاشتاغ)
aldjia_aiche#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في عيد المرأة العالمي.. المرأة في 2018 تبحث عن إنسانيتها
-
في الصميم..ماذا لو كانت الجماجم جماجم حَرْكَى les harkas؟
-
هذا ما قاله عمار بن عودة قبل مجيء عبد العزيز بوتفليقة إلى ال
...
-
من أجل الإنتقال الديمقراطي.. سعيد سعدي زعيم ال: RCD على خطى
...
-
التنظيم أم التخريب.. أيهما أفضل؟
-
-منتدى العرب و الأمازيغ- فضاء إعلامي جديد لترسيخ -الهوية وال
...
-
الوزير الأول أحمد أويحي يرد على زعيم الأفلان: علاقتي بالرئيس
...
-
-الناصرية- و نظرية اختراع -الرمز- من أجل بناء تنظيم قومي واح
...
-
فلسطين و العالم العربي ( نحو تحالف ديني عربي)
-
نحو -أسلمة العلوم-
-
الفيزيائي الفلكي الجزائري نضال قسّوم: رجال الدّين فشلوا في ا
...
-
-التطرف الديني- سببه الانحطاط الحضاري للمجتمعات
-
المجلس الإسلامي الأعلى بالجزائر يدعو المثقفين و الكتاب العرب
...
-
كريسلام Chrislam بين الرّفض و القَبُول
-
وثيقة -كيفونيم- و نظرية -المؤامرة-
-
2018 .. كيف نقرأها؟
-
الحربُ السَّاخِنَة..(هل سيسكت السلاح الإسرائيلي في 2020؟)
-
تراجع الخطاب الزيتوني وراء ظهور هويّات دينية متطرفة
-
الأناركيون و رؤيتهم للحياة
-
تعاون ثنائي بين الجزائر و جمهورية كرواتيا لتكوين أئمة و تعلي
...
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|