أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - الواقع العراقي بين ثقافة العشيرة وسطوة المرجعية الدينية















المزيد.....

الواقع العراقي بين ثقافة العشيرة وسطوة المرجعية الدينية


عباس علي العلي
باحث في علم الأديان ومفكر يساري علماني

(Abbas Ali Al Ali)


الحوار المتمدن-العدد: 5810 - 2018 / 3 / 9 - 22:11
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


الواقع العراقي بين ثقافة العشيرة وسطوة المرجعية الدينية


قد يشكل المجتمع العراقي بواقعه الراهن والمزمن مشكلة للدارس الأجتماعي والنفسي حين يتناول صورته الحقيقية كموضوع بحثي ليستخرج منه قانونا أو نظرية تؤشر لميوله وطباعه العامة، المشكلة ليست في يلاحظ عليه ويدرس فلكل مجتمع خصائص ومميزات أملتها الظروف والواقع العام بكل جوانه حضارية وأقتصادية وفكرية وهذا طبيعي جدا، لكن الإشكالية تظهر حين لم يستطع أي باحث في الشأن العراقي أن ينجح في تحديد خطوط عامة أو معايير توصيفية لسلوكيات هذه المجتمع كي ينجح في الإستمرار بعمله البحثي بمنهجية ملائمة وقادرة على فرز عناوين أو مشتركات عينية واضحة يمكن الوثوق بها والأعتماد عليها في مجالات الأحصاء والفرز والتقدير ثم التقرير ورسم الرؤية العامة التي ستكون نتيجة علمية معرضة للدرس النقدي المنهجي.
في غياب وحدة مجتمعية ذات مواصفات عامة وحدود فارزه يكون من الصعب جدا على الباحث أن يتكلم عن مجتمع عراقي واحد، ليس فقط في مجال التوصيف العام ولكن أيضا داخل المجموعات التي تشكل صورة المجتمع عامة، فنحن أمام ظاهرة فريدة فيها المتناقض والنشاز قاعدة عامة والمشترك الأجتماعي مهدد بالتشظي والفقدان نتيجة عوامل كثيرة أهمها دور المؤسستين الأجتماعية والدينية وفعلهما في الواقع، صحيح أن المجتمع العراقي مجتمع في الغالب قروي ريفي مرتبط بالعلاقات البينية القوية التي تربط الإنسان بدائرة صغيرة تجره تحت ظروف غياب القانون وضعف السلطة القضائية والسياسية أن يتمترس خلف العنوان العشائري، وبالتالي فهو مجبر لا بطر على أن يلوذ بمجتمع القبيلة ليحمي نفسه، أما أن يكون عشائريا قرويا من جهة وأرتباطه في الجانب الأخر والقوي أيضا بالمؤسسة الدينية وما تفرضه من ولاء مطلق مع تعدد أتجاهاتها ورؤاها وولائاتها لا بد أن يصطدم مع ما سبق، فيصبح هنا ولائه موزع ومتناقض بتناقض العنوانين ومع ذلك لا يرى في القضية مسألة مهمة ولا يحسم أمره في تحديد وتوجه مسيرته تحت أي عنوان محدد.
هذه الإشكالية قد تشترك بها بعض المجتمعات القريبة منه ولكن ليس بهذه الحدة والتناقض الموجود في المجتمع العراقي، والدليل هنا تلك المظاهر الكاشفة لها والتي تتعلق أساسا وكمثل حصري في ما تظهره العملية السياسية بأستحقاقاتها، الآن المجتمع العراقي يتهيأ سياسيا لعملية ديمقراطية عامة بمعنى أنها وطنية العنوان التي هي الأنتخابات القادمة، وحيث أن العملية هذه عنوانها عام وكلي للمجتمع العراقي وفي هدفها أنتخاب الكتلة التمثيلية التي تشرع وتحكم العراق كلا، إلا أن خيارات غالبية الأفراد لا تدرك المعنى الوطني وتنحاز في ذلك للخصوصيات الفردية بعنوانها الديني والأجتماعي، هذا المثال أيضا يؤشر وبقوة على موضوع التناشز والتشتت الأجتماعي ويمثل لونا من ألوان الضياع، فبدلا من أن يلعب الدين دورا جامعا قيادية نحو محددات الخير والفضيلة نجده اليوم حاضرا بقوة ومن خلال المؤسسة الدينية بمختلف توجهاتها تحصر خيار الفرد بما تراه هي وما تريده أن يتجذر على المدى الطويل حتى لو كان هذا الخيار لا يبني مجتمعا موحدا ولا يحقق عدالة حقيقية ولا ينمي روح المسؤولية داخله.
قد يكون للصراع الإقليمي السياسي والديني وبعناوينه المذهبية في مجتمعات عامة يطلق عليه مرة عربية ومرة إسلامية دور في هذا الحال وينمي بذلك النزعات الفردية، ولكن الغريب أن هذه المجتمعات المجاورة تركن في خياراتها العامة للإحساس بروح الوطنية ومصالح البلد الذي تعيش فيه، ولا تتأثر بالشكل الحاد الذي يظهر في المجتمع العراقي وأقرب مثال هي الأنتخابات الإيرانية والتركية التي تظهر حدود الولاء الوطني والقومي فيها بشكل واضح وجلي، فلماذا لا تظهر المصلحة الوظنية والقومية الجامعة للعراقيين في نفس المستوى والتأثير والفعل هنا، هل أن العراقيين بمختلف توجهاتهم وأنتمائاتهم يتلقون الإشارة ويتلقفون مضمونها دون الإحساس بالمخاطر المحدقة بهم وجوديا؟ أم أنهم أصلا لا يمتلكون الهوية الوطنية والقومية الجامعة فيستديرون للبحث عن بديل يتمثل دوما بالإيحاءات والأوامر الخارجية؟ أم أن القوى الفاعلة أجتماعيا ودينيا هي من تقود عملية صنع الأغتراب والتغيب المتقصد للوعي الجمعي له أنتصارا لأرتباطاتها وتحالفتها الخارجية؟.
النظريات الأجتماعية تقف عاجزة عن تفسير ما يجري في مجتمع واقف على حافة الفشل كنظام وأنهيار عام وشامل بكافة القيم الأجتماعية التي عاشها منذ فجر التأريخ، ليعلن أن الواقع العراقي في هذه الصورة واقع شاذ ومتخلف ومنهمك في إدارة صراع والخوض فيه دون مصلحة حقيقية له لا الآن ولا مستقبلا، وإنما يسخر في الغالب وعن وعي من أجل صراعات جانبية هو من يدفع ثمنها والمصلحة تكون للأخر الخارجي، وهذا يتناقض أصلا مع ملامح الشخصية السوية التي تمتلك عمق حضاري وتأريخي مثل الشخصية العراقية التي نشأت على التنوع والتعدد والتفاعل بين المكونات، إذا هناك عوامل ليست بالخفية ولا بالتي لا يمكن أستيضاحها واقعا تتمثل بتناقض المؤسسة الدينية وصراعاتها الداخلية والخارجية ومحاولة أستحمار المجتمع العراقي لتجير النهايات والنتائج لقوى الأرتباط، مع فقدان المرجعية الأجتماعية والعشائرية التي لا تمتلك روح الشجاعة والمبادرة في حفظ كيان المجتمع التي هي جزء مهم منه، تحت عناوين العامل الأول وتملقا له أو لأنها لا تمتلك الوعي الحقيقي والفكري المؤهل لها لقيادة مجتماعتها الصغيرة نحو وحدة مصيرية حقيقية.
من المؤشرات التي تم التقين منها والبرهنة عليها أن الشخصية العراقية شخصية عاطفية مثالية يمكن أن تجر إلى موقع غير مؤهل لها بمجرد أن تستدرج عواطفها مع الدعوة، وهذا جزء مهم من أستراتيجية التغييب وتغريب الوعي الذي تمارسه السلطة الدينية بشكل قوي وفاعل، فهي تثير فيه الكوامن العاطفية أكثر ما تتكلم معه بالعقلانية المنطقية فيستجيب بقوة لهذه الدعوة ظانا أنها تتضامن معه أو تتعايش مع دواخله الدفينة، لذا نجد أن هذه المؤسسة بكل فعالياتها وسلوكياتها تخاطب الغرائز الفردية من جهة وتثير في خطابها عوامل الخوف من الأخر وتجنبه وحتى المطالبة بإقصاءه وتحميله أخطاء تأريخية حتى يكون سهل الإنقياد والتسخير.
إن هذه الشخصية بما تحمل من دلالات ضعف وإن كان البعض يعتبرها طبيعية في حدود البحث عن الذات، إلا إن الغوص المزمن بدون مراجعة للوعي وتبيان المصلحة وإعادة تامة للواقع والطموح يهمش هذه الشخصية ويجعلها حائرة خاصة مع تعدد المثيرات والإثارات.
إن فعل المؤسسة الدينية الراهنة وتحالفاتها مع السلطة أو حتى في تناقضاتها أحيانا تشكل عبء ثقيل على الشخصية الأجتماعية والفردية وتدخله في صراعات مرحلية تدمر النسيج الأجتماعي للمجتمع، حين تتحول الولاءات والأنحياز له إلى أداة تسقيط وتخريب للقيم الجامعة، وتجعل من المكونات الأجتماعية أحزاب متنافرة ومتناقضة تبحث عن مصالحها الخاصة حتى لو أدت إلى تخريب البنيان الوطني والأجتماعي العام، لذا فالخيار المطلوب هو تحييد الفعل التأثيري للمؤسة الدينية والأجتماعية والعودة للفهم المدني الأجتماعي من خلال عملية حضارية تقودها نخب وفاعليات ثقافية وحضارية تؤمن بالإنسان الحر العاقل كثروة أساسية لبناء المجتمع وهذه وظيفة الأحزاب السياسية التي تتجاوز واقع المجتمع الطائفي والعشائري وتبني فكرها وأستراتيجيتها بناء على المشترك العام ووفق منهج جامع.



#عباس_علي_العلي (هاشتاغ)       Abbas_Ali_Al_Ali#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أمي السيدة القديمة
- السبيل إلى إحياء دور الدين كرافعة حضارية في الحياة ح5
- السبيل إلى إحياء دور الدين كرافعة حضارية في الحياة ح4
- السبيل إلى إحياء دور الدين كرافعة حضارية في الحياة ح3
- السبيل إلى إحياء دور الدين كرافعة حضارية في الحياة ح2
- السبيل إلى إحياء دور الدين كرافعة حضارية في الحياة ح1
- العنب والناطور
- رجال الدين بين الوظيفة الإنسانية وظاهرة الأستبداد الديني
- العراق وقراءة في أحداث قادمة ح3
- تنهدات موجعة
- العراق وقراءة في أحداث قادمة ح2
- المثقف أمام تحديات الواقع والمسؤولية الفكرية
- العراق وقراءة في أحداث قادمة ح1
- نضحك ويضحكون والكل يضحك علينا....
- أنا وهو......
- اللوثرية وتجديد الإسلام تنويرا
- إنهم يسرقون العراق....
- رسالة.... إلى صديقي الرب
- الحالة العراقية بين توقعات التغيير وضغط الواقع الراهن
- الزمن القادم.... تأمل أبداعي أم هروب من واقعية الحاضر


المزيد.....




- أشرف عبدالباقي وابنته زينة من العرض الخاص لفيلمها -مين يصدق- ...
- لبنان.. ما هو القرار 1701 ودوره بوقف إطلاق النار بين الجيش ا ...
- ملابسات انتحار أسطول والملجأ الأخير إلى أكبر قاعدة بحرية عرب ...
- شي: سنواصل العمل مع المجتمع الدولي لوقف القتال في غزة
- لبنان.. بدء إزالة آثار القصف الإسرائيلي وعودة الأهالي إلى أم ...
- السعودية تحذر مواطنيها من -أمطار وسيول- وتدعو للبقاء في -أما ...
- الحكومة الألمانية توافق على مبيعات أسلحة لإسرائيل بـ131 مليو ...
- بعد التهديدات الإسرائيلية.. مقتدى الصدر يصدر 4 أوامر لـ-سراي ...
- ماسك يعلق على طلب بايدن تخصيص أموال إضافية لكييف
- لافروف: التصعيد المستمر في الشرق الأوسط ناجم عن نهج إسرائيل ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عباس علي العلي - الواقع العراقي بين ثقافة العشيرة وسطوة المرجعية الدينية