أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد بولس - فلسطين في آذار عروس















المزيد.....

فلسطين في آذار عروس


جواد بولس

الحوار المتمدن-العدد: 5810 - 2018 / 3 / 9 - 03:27
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


فلسطين في آذار عروس

جواد بولس
قد يكون آذار أجمل الشهور في فلسطين، ففيه تستعيد الأرض جدائلها وعلى صدرها ينهد اللوز ويسبح في عيونها القمر.
يحلّ في ربوعها كالوعد الذي لا يُزهر إلا في أحضان سيّدات الحلم وعلى زنود صاحبات الرفعة والحسرة؛ فيه تُشهر فلسطين أنوثتها: جبال حبلى بالنرجس والأمل، ونساء يحملن في أياديهن الماء والبيارق ومن خواصرهن تندفع الحياة والوجع.
من يتابع الأخبار سيقرأ كيف تحتفل فلسطين هذا الأسبوع بنسائها وسينتشي بما يقرأ، إلى أن يتمرد "الشارب العربي" مرّة أخرى ويمارس طقوس سيّاف الشرف ويذكرنا من أين أتينا وكيف لا تستطيع الصحاري إلا أن تثأر لظلالها وتنتقم لمن يخرج عن طاعة النسب والعباءة والحسب.
وقبل أن نستعرض أخبار فلسطين لا أولى من تذكّّر رياحينها الأسيرات، ومناضلاتها اللائي تصدّرن، مثل الرجال، ساحات المقاومة والكفاح. ففي سجون الاحتلال تقبع (62) أسيرة، بينهنّ (6) فتيات قاصرات، و(9) أسيرات جريحات و(17) من الأمهات، و(3) أسيرات إداريات بينهن النائبة في المجلس التشريعي خالدة جرار. وحسب معطيات، "نادي الأسير الفلسطيني" فلقد اعتقل الاحتلال (16 ألف) امرأة فلسطينية منذ عام 1967.
فلسطين في هذه الأيام تنحني لنسائها، فالمجلس الوطني الفلسطيني وعلى لسان رئيسه السيد سليم الزعنون هنأ المرأة الفلسطينية والمرأة بشكل عام في يومها العالمي وأكد: " إنّ المرأة الفلسطينية شريكة الرجل الفلسطيني الوفية الصابرة والمناضلة ، والتي وهبت حياتها ليس فقط لأسرتها وإنما لبناء مجتمعها والإسهام في رفعته".
أما عضوة اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير الفلسطينية د. حنان عشراوي فلقد وجهت تحية إكبار وإجلال للمرأة الفلسطينية، مشيدة بالدور الطليعي والمميز الذي تلعبه نساء فلسطين في النضال الوطني، ومشددة على أنّ "تحصين المجتمع لا يتمّ إلا بتحصين المرأة وإن السلم والأمن المجتمعي لا يكون إلا بوجود أمرأة متسلحة بكامل حقوقها".
وفي مسعى لتدعيم مكانة المرأة الفلسطينية وحماية حقوقها قرأنا عن إعلان رئيس الوزراء د. رامي الحمدالله لرزمة من الإجراءات لتطوير بعض القوانين والانظمة بهدف حسر الاجحاف عن النساء والاعتراف بحقوقهن المتساوية مع الرجال. فلقد أعلن رئيس الوزراء أنه سيكون باستطاعة المرأة الفلسطينية أن تتقدّم بطلب جواز سفر لأطفالها وفتح حساب بنكي لهم ونقلهم من مدارسهم .
كذلك قرر مجلس الوزراء في جلسته يوم الخامس من آذار الماضي التنسيب للرئيس محمود عباس لأصدار تعديل لقانون العقوبات رقم (16) لعام 1960، وذلك باضافة فقرة خامسة للمادة( 99) تنص على أنه يستثنى من أحكام هذه المادة جرائم قتل النساء على ما يسمى خلفية شرف العائلة أو دواعي الشرف، وكذلك الغاء المادة (308) من القانون والتي كانت تسامح المغتصب اذا تزوج ضحيته !!
فلسطين الرسمية تحاول أن تدفع عن النساء لعنة إرث السنوات الخوالي وتمحو بعض ما كرّسته العادات والتقاليد في مجتمعاتنا البطركية والتقليدية. ونحن اذ نأمل أن يوافق الرئيس على الغاء تلك الاستثناءات الجائرة في قانون العقوبات، نتوقع أن تبدأ النيابات والمحاكم بمعاقبة قتلة النساء باسم الشرف والعائلة كسائر القتلة وبمحاسبة المغتصبين كمجرمين سفلة، كما يجدر بمجتمع سليم وانساني معافى.
لا يوجد في فلسطين الحديثة الساعية إلى تحرّرها من نير الاحتلال والقمع، مكانة لمثل تلك القوانين البالية الوحشية، خاصة بعد أن استوعب المجتمع الفلسطيني وذوّت جملة من التغييرات الاجتماعية المنصفة مع النساء، اللواتي أثبتن أنهنّ جديرات بالمساواة وقادرات على أن يعطين للحياة مثلما يعطي الرجال وربما أكثر؛ واذا ما تابعنا بعض تلك التطوّرات وما أحدثته في عدة ميادين حياتية سنجد مثلًا أن تحسنًا ملموسًا طرأ على أوضاع المرأة الفلسطينية في مجالس الهيئات المحلية خلال الدورات الانتخابية الثلاث الاخيرة، حيث ارتفعت نسبة مشاركتهن من 18 % إلى 20 % !
ومع أنّ السبب الرئيسي لذلك التحسّن يعود إلى تبنّي قاعدة "الكوتا" النسائية في الانتخابات المحلية، إلا أن المرأة نالت بعضًا ممّا تستحق، وعملت من مكانها الجديد أسوة مع الرجل في خدمة مجتمعها بلديًا.
وحسب ما أُعلن مؤخرًا فإنّ عدد النساء الموجودات في الهيئات القروية والبلدية المنتخبة وصل إلى (820 ) امرأة، حيث تحتل محافظة رام الله والبيرة المرتبة الأولى فلسطينيًا بعدد (136) عضوة، فيما تأتي محافظة جنين ثانيًا فلسطينيا بعدد (128) عضوة؛ أما محافظة نابلس فتأتي ثالثًا بعدد (110) عضوة. (وفقًا لمنشورات وكالة "معًا" الفلسطينية).
ومن اللافت أن نقرأ عن ترأس أربع نساء لمجالس بلداتهنّ المحلية، وأخريات تعملن في مواقع النيابة ولجان الادارة الموثّرة محليًا. ( قبل سنوات رأست السيدة جانيت مخائيل مجلس بلدي رام الله، بينما رأست السيدة فيرا بابون مجلس بلدي بيت - لحم.)
من الصعب عمليًا وصف تلك التغييرات، على أهميتها، وكأنها " ثورات" نجحت بنقل المجتمع الفلسطيني من موقعه ونظرته المتخلفه، على الأغلب، تجاه نسائه، إلى حالة من القبول والإقرار بوجوب اعتبار المرأة انسانة كاملة وكفء ومتساوية مع الرجال .
فعلى الرغم من احراز بعض الانجازات ما زالت حياة النساء في فلسطين صعبة، لا بل تزداد، بتفاوتات جغرافية، تراجعًا، وذلك نتيجة لعدة عوامل اجتماعية واقتصادية وسياسية؛ ولكن، بالمقابل، منَعَ كفاح النساء وصمودهن، وما تقوم به مؤسسات السلطة على تواضعه، ونشاط بعض مؤسسات المجتمع المدني، انزال الضربة القاضية بالوجود النسائي في الحياة العامة الفلسطينية، وأفشل، كل ذلك، امكانية "محوهن" اجتماعيًا، كما يجري في مجتمعات شقيقة متشظية ومتخلفة.
فليس من باب الصدفة، كما قلنا، أن نقرأ عن فلسطين الرسمية والمؤسساتية وهي تحتفل في هذا الأسبوع الآذاري مع نسائها وتعترف لهن بأدوارهن في النضال الوطني والتنمية الاقتصادية والتربية المجتمعية والعمل المنتج؛ فمن غزة، حيث سارت مظاهرة نسائية ضخمة دعت اليها اللجان النسائية، وحتى جنين ومرورا في معظم المدن والمواقع، سمعنا وشاهدنا الجموع وهي تحاول تدعيم أحزمة الأمان حول المرأة والحفاظ عليها ككيان، بدونه ستبقى فلسطين مشوّهة وناقصة .
في هذا الخضمّ من الاخبار المفرحة جذبني ما قرأته على لسان، د. احمد براك، النائب العام الفلسطيني، والذي عدّد، بالتزامن مع اسبوع المرأة وفي الثامن من آذار، جملة من الانجازات على صعيد حقوق المرأة الفلسطينية.
فالنيابة العامة الفلسطينية التزمت بقاعدة التساوي بين الجنسين ودأبت على اتاحة فرص التعيين المتساوية واعتلاء المناصب داخل المؤسسة، وفي سبيل ذلك اعتمدت منهجًا مصوّبًا لغبن الماضي .
وأوضح د. براك، أن اجمالي كادر أعضاء النيابة العامة من الاناث وصل الى (33) عضوة منهنّ (5) رئيسات نيابة عامة و(27) وكيلة نيابة ومعاونة نيابة, فيما وصل عدد الكادر الاداري الى (84) موظفة ما بين مديرات دوائر ورئيسات اقسام.
ما يحدث في سلك النيابة هو شأن هام للغاية، فهذه المؤسسة هي المسؤولة المباشرة عن ملاحقة الجناة والاقتصاص منهم، وهي درع المجتمع الأمامي في محاربة الجريمة والتصدّي لمنابت خمائرها ودفيئات نموّها.
من هذا المنطلق والمفهوم شدّد النائب العام على أهمية "تطوير مفهوم الحماية ومحاسبة الجناة من خلال انشاء نيابة متخصصة بجنايات الأسرة وبالعنف العائلي وضد النساء والاطفال". وأكد على ضرورة " الشراكة الفاعلة والحقيقية والعلاقة التكاملية مع مقدّمي الخدمات الاجتماعية والصحية والأمنية".
لن ينكر أحد وجود المحاولات الجدية لتغيير "النظرة السائدة" في مجتمعنا تجاه الانثى/ المرأة، وسيبقى نضال النساء انفسهن في طليعة تلك المحاولات وأهمّها ولكن كما في كل الشرق ما زالت دروب النساء عسيرة ولياليهن طوال، فاليوم وأنا اتهيّب لكتابة هذه المقالة قدّمت لي صديقة دعوة لحضور زفافها. فتحت الدعوة بفرح يليق بالأبيض، ووجدت نصّها يشبه نصوص الاعراس في جليلنا، بفارق بسيط وهو انني لم اجد اسم العروس، فقد "اسقطوه من جواز الفرح" واستبدلوه بحرف x.
نظرت اليها. لم تنتظر عتبي/غضبي.
قالت وبسمة حزينة وقفت على خدّها : هكذا يريد أهلي وهكذا تكون "العزائم" في مطارحنا .
تمنّيت ساعتها لو تضيف حكومة فلسطين على قراراتها الاخيرة قرارًا يمنع إسقاط اسم فلسطين/ العروس من دعوة عرسها، فمع اسقاطه تبدأ دروب المهانة ويقف الوطن على ساق واحدة ويرقد الفرح يتيمًا .



#جواد_بولس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هواجس نكبة- حين يكون - اللوز- مرًا
- أسرى حماس وأمنية العدل المستحيلة
- في فلسطين ،شباط اللبّاط ريحة الحرية فيه
- القائمة المشتركة ليست بقرة مقدسة
- من يوقف الاعتداءات على المدارس والمعلمين؟
- بروفا حية في الكنيست
- من رام الله خيط أفق شفيف
- كأن رصاصهم كان زنابق!
- نتنياهو: هلا بالخميس
- رسالة إلى دانه
- ميلاد مجيد و-عهد-بلا طفولة
- مائة عام من الأمل
- ترامب في القدس بدون قناع
- لن تكون قاضيا عربيا في المحكمة العليا الاسرائيلية
- لا للشرطة لا للعنف فما الحل؟
- أعذارهم سيئة كذنوبهم
- الثابت والمتحول، انتخابات المجالس البلدية والمحلية
- الثابت والمتحول والكيل بمكيالين
- ريفلبن مرة أخرى، خذوا النصيحة من أعدائكم!
- أهي خطوة إلى الخلف من أجل اثنتين إلى الأمام؟


المزيد.....




- -لقاء يرمز لالتزام إسبانيا تجاه فلسطين-.. أول اجتماع حكومي د ...
- كيف أصبحت موزة فناً يُباع بالملايين
- بيسكوف: لم نبلغ واشنطن مسبقا بإطلاق صاروخ أوريشنيك لكن كان ه ...
- هل ينجو نتنياهو وغالانت من الاعتقال؟
- أوليانوف يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من امتثال ...
- السيسي يجتمع بقيادات الجيش المصري ويوجه عدة رسائل: لا تغتروا ...
- -يوم عنيف-.. 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية على ...
- نتنياهو: لن أعترف بقرار محكمة لاهاي ضدي
- مساعدة بايدن: الرعب يدب في أمريكا!
- نتانياهو: كيف سينجو من العدالة؟


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد بولس - فلسطين في آذار عروس