|
المرأة وطريقها الصعب في الوصول الى مركز صناعة القرار في العراق الجديد
قيس قره داغي
الحوار المتمدن-العدد: 1484 - 2006 / 3 / 9 - 11:39
المحور:
ملف 8 اذار / مارس يوم المراة العالمي2006 - أهمية مشاركة المرأة في العملية السياسية ودورها في صياغة القوانين وإصدار القرارات
من يتابع المخاض العسير الذي تمربها ولادة الديمقراطية في العراق يعلم مدى الوعورة التي تتخلله درب الوصول الى اركان الديمقراطية وثوابتها وقضية مساواة المرأة وحقوقها ومشاركتها في الحكم وصنع القرار السياسي أحدى اهم تلك الثوابت ، وقد توضحت معالم الخطورة والوعورة بشكل أفضل بعدما تمت كتابة الدستور الدائم للعراق وأقرارها بروح يغلب عليها الاسلام السياسي بكل ما للاسلام السياسي من سلطة وعبر التاريخ على كبت صوت المرأة وكبح جماحها وسد أندفاعها لكسر شرنقة التقوقع داخل الخطوط الحمراء التي تجرها العشرات من الايات القرآنية والاحاديث النبوية حولها وكذلك اجتهادات المحدثين من الائمة وعلماء الدين . في ظاهر الامر نجد الآن في العراق عدد غير قليل من الاسماء المؤنثة تعمل في مراكز قيادية متقدمة في العراق بشكل غير مسبوق في تاريخ العراق ، حيث هنالك مقاعد لهن في الوزارة والبرلمان وحتى هنالك نسبة أعلنت عنها ويتبجح البعض بها اشارة منهم الى انعتاق العراق من كبت العقود الماضية و تبلغ النسبة 25% لمشاركة المرأة في البرلمان العراقي ولكن الامر لا يدعونا الى المزيد من التفائل بصدد تحرير المرأة العراقية من القيود التي صدت طريق صعودها الى الواجهة كون تلك النسبة اعلاه ليست الا رمال يراد ذرها في الاعين المتطلعة الى اقامة الصرح الديمقراطي في العراق لسبب بسيط وهو ان القسم الاعظم من تلك الاسماء النسوية هو لنساء صعدن متسلقات سلالم الاحزاب التي احتكرت السلطة في البلد وإن كن يمثلن شئ فانهن يمثلن الايدلوجيات التي تقبع خلفها الاحزاب الحاكمة وأكثرها أحزاب دينية لا حول لها ولا قوة أزاء الشرائع الدينية التي تخنق حرية المرأة وتجعل المرأة لا تظهر الا ظلا باهتا خلف الرجل . كنا ننتظر أن تتقدم المرأة العراقية خطوات كبيرة في درب المساواة التي نبتغيها لها بعد ما شهدنا سقوط الدكتاتور ونظامه الجاهل الذي كان يرى في المرأة سلعة لاشباع رغباته الشريرة وكان اركان ذلك النظام لا يعترف بكفاءة وقوة المرأة الا اللواتي كن يروجن بضاعته في المضي قدما في سلك الحرب والقمع والطغيان لينلن نعت الدكتاتور المشهور ( ماجدات العراق !! ) ، ولكن ما حدث بعد السقوط كان مخيبا للامال الى الحد الذي شهدنا اغرب مظاهرة نسوية تخرج في شوارع البصرة وهي مدينة الحضارة والمدنية يطالب القائمات بها باجبار المرأة العراقية بالتزام الدار سجنا لها وأن ينحصر دورها في المطبخ وتربية الاطفال وطبعا ظهرن وهن موشحات بالسواد والحجاب يعتم وجوههن الا من ثقبين صغيرين للعينين الاسيرتين خلف ذلك الحجاب الاسود ، ولعمري لم اشاهد مثل ذلك المنظر حتى في اسوأ المجتمعات تخلفا ، إذن خرج الرجل العراقي من زنزانة اضطهاد الزمن البعثي ليصبح نفسه مضطهدا ( بفتح الطاء وكسر الهاء ) للنصف الآخر والنصف الآخر هذا قانع وراض بما يرسمه الرجل المسلح بالآيدلوجيات المتخلفة وكـأني بهذا النصف مختزل بأنسان مصاب بالشيروزيما يتلذذ بسوط الشريك الجائر وهو يلسع ظهره أم انه الانتحار بعينه ولا لي تفسير سواه أزاء ما أرى أمامي ، ولكن النور الذي يظهر في آخر نفق احلامنا في هذا الاشكال هو التطور النسبي الحاصل في كوردستان في مجال تحقيق المساواة وإن كانت لدينا تحفظاتنا في الحركة السلحفاتية لهذا التطور ، ففي هذا الجزء من العراق نجد الى جانب نضال المرأة ذاتها تجاوبا غير قليل من لدن حكامها ، حيث قاموا بتعديل الكثير من بنود قانون الاحوال الشخصية في الاتجاه الذي يصب في صالح المرأة وبقية المواد لا زالت قيد الدراسة ولا ندري ماذا يخبأ المستقبل القريب لتلك المواد المعدلة والمواد الاخرى المزمع تعديلها ونحن نجد ان الدستور العراقي الدائم ينص على ان تكون دساتير الاقاليم مستوحاة من الدستور الام وأن لا يعارض ما موجود فيه ويقينا سوف نواجه أزمة دستورية حادة أذا علمنا ان دفة الحكم في العراق تحركها قوتين احداهما دينية وهي الاقوى سلطانا بحكم الاصوات الانتخابية التي تستنزع استنزاعا والاخرى علمانية ربما تساندها القوات المحتلة وتطالبها جماهيرها بعدم التنازل عن الحقوق المدنية والمضي قدما لتحقيق ما يرنون اليها من أماني وتطلعات مشروعة وفي مقدمتها حقوق المرأة كاملة ومشاركتها الحكم وصنع القرار . في ضوء ما شهدنا على الساحة العراقية خلال السنوات الثلاثة المنصرمات لا نهتدي الى الطريق المستقيم القادر على تجاوز المطبات المزروعة في مفترقاتها ومن المؤسف أن نعزي المرأة والحال هذا في عيدها الاغر ، ومهمتنا ستكون شاقة حتما ولكن لا مناص لنا الا عدم الاستسلام لعاصفة التخلف أن تأخذنا بعيدا عن جادة الكفاح .
#قيس_قره_داغي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هذا ما قالتها الصحافة التركية حول زيارة الجعفري
-
فلتكن حالة الصائغ عبرة للحكومة العراقية
-
سامان گرمياني وكفري .. رجل ومدينة
-
العلاسة أخطر ظاهرة في العراق الجديد
-
من شهداء التركمان في طريق تحرير كوردستان
-
في رحاب الوداع الاخير لمرزية رزازي
-
أين هي حكمة المرجعية في هدر الدماء العراقية ؟
-
معركة السنة الخاسرة في العراق
-
الدستور الدائم ولادة مشوهة بعد مخاض طويل
-
دولة شيعية في الجنوب .. لم لا ؟
-
نصب للشهيد والمقصلة للشعب
-
الكورد الفيلية متمدنون حتى في وثبتهم
-
اين الحكومة العراقية من احداث كوردستان ايران ؟
-
من ينقذنا من هذا البلاء الفارسي ؟
-
اتهام باطل يراد منه شق صفوف الكورد
-
نكهة الذكريات في كتابات الاستاذ احمد رجب
-
حول تمثيل المرأة في الجمعية الوطنية العراقية
-
التحالف الشيعي الكوردي _ خوش جمعية و خوش احباب
-
ملف المدن المنسية _ كفري
-
مؤتمر عالمي للمرأة الكردية في ستوكهولم
المزيد.....
-
تصعيد روسي في شرق أوكرانيا: اشتباكات عنيفة قرب بوكروفسك وتدم
...
-
روبيو يلتقي نتانياهو واسرائيل تتسلم شحنة القنابل الثقيلة
-
مئات يزورون قبرالمعارض نافالني في الذكرى السنوية الأولى لوفا
...
-
السيسي يلتقي ولي العهد الأردني في القاهرة
-
بعد حلب وإدلب.. الشرع في اللاذقية للمرة الأولى منذ تنصيبه
-
إيمان ثم أمينة.. ولادة الحفيدة الثانية للملك الأردني (صور)
-
السعودية تعلق على الأحداث في لبنان
-
إسرائيل تتسلم شحنة من القنابل الثقيلة الأمريكية بعد موافقة إ
...
-
حوار حصري مع فرانس24: وزير الخارجية السوداني يؤكد غياب قوات
...
-
واشنطن وطوكيو وسول تتعهد بالحزم لنزع نووي كوريا الشمالية
المزيد.....
-
من اجل ريادة المرأة أو الأمل الذي لازال بعيدا : الجزء الثاني
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|