الدين مشكلة اجتماعي

فلاح عبدالله سلمان

الحوار المتمدن-العدد: 5805 - 2018 / 3 / 4 - 13:05
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

لفظ ؛مشكلة؛ من الالفاظ التي يستحضر الذهن عند سماعها الامر السلبي وهذا من الاخطاء الشائعة او اخطاء السوق كما يسميها الفيلسوف فرانسيس بيكون ويمكن أكتشاف هذا الخطا بمجرد الرجوع الى المعاجم اللغوية حيث تعرف المشكلة بانها (قضيّة مطروحة تحتاج إلى معالجة) وهي هنا قطعا لم تخدش او تمس بالقدسية التي يتمتع بها الدين . فالمشاكل الاجتماعية هي جزء مستعصي من الظواهر الاجتماعية التي يهتم علم الاجتماعه بدراستها وقبل الدخول في موضوعة المقال لابد من شرح بعض المصطلحات مثل ( الظاهرة الاجتماعية والمشكلة والدين) وهل ان الدين ظاهرة اجتماعية ام لا ؟ لانه لايمكن اعتباره مشكلة اجتماعية الا وان يكون في بداية الامربداية ظاهرة اجتماعية.
وهنا لابد من تعريف الظاهرة الاجتماعية فقد عرَّفها دور كايم (مؤسس علم الاجتماع) بانها ؛كل ضرب من السلوك ثابتاً كان أم غير ثابت يمكن أن يباشر نوعاً من القهر الخارجي على الأفراد؛ ولها خصائص سوف تذكر في محلها.
اما تعريف الدين عند دور كايم ايضا ؛ هو نظام متسق من المعتقدات والممارسات التي تدور حول موضوعات مقدسة يجري عزلها عن الوسط الدنيوي وتحاط بشتى أنواع التحريم؛
وهنا ياتي السؤال المحوري وهو ( هل الدين ظاهرة اجتماعية ام لا ؟) لابد قبل الخوض في ذلك معرفة خصائص الظاهرة الاجتماعية حتى يمكن من خلالها معرفة هل ان الدين ظاهرة ام لا فالخصائص حسب دور كايم هي؛-
1- انها موضوعية اي لها وجود خارجي حقيقي وهي ايضا لاتولد بمولد المجتمع او تنتهي بنهايته.
2 - انها قهرية اي تتمتع بنوع من اجبار الناس والزامهم على القيام بها ولو لاشعوريا .
3- عمومية اي من المعتقدات التي تختص بسلوك الجماعة ككل لا الفرد نفسه.
ومنهم من يضيف؛-
- تاريخية حيث انها تعبر عن تاريخ المجتمع وعاداته
- إنسانية ، بمعنى أنها تصيب المجتمع الانساني دون غيره من المجتمعات.
- تلقائية ( اي تنشا من تلقاء نفسها ) و تعتبر عفوية وطبيعية في معظم الأحيان.
وهنا لابد من الرجوع الى اصل الموضوع , وهو هل الدين ظاهرة اجتماعية ؟ وللانصاف والامانة العلمية لابد من ذكر الراي الذي يخالف والذي يوافق وكلا الرائيين يعتمدان في اثبات ادعائهم على خصائص الظاهرة الاجتماعية المذكورة انفاَ فاذا تطابقت اصبح الدين ظاهرة واذا اختلف لم يعتبر كذلك , فمن يرى بانه ليس ظاهرةيدعي بان الذي يتفق عليه علماء الاجتماع أن الظاهرة الاجتماعية الحقيقية ذات وجود يختص بالجماعة ولا علاقة له بأفراد الجماعة، في حين أن الدين ظاهرة فردية في المقام الأول ، وانها ظاهرة داخليةٌ ذاتيّة مستقلة في حين ان الظاهرة الاجتماعية موضوعية تتمتع بوجود خارجي ، فهي تأتي على العكس تمامًا من الظاهرة الاجتماعية، وعليه فان الدين غريزة وليس ظاهرة , بل ذهبوا ابعد من ذلك واعتبروا ان علم الاجتماع هذا هو اساءة للدين ولوث يصيب عقل المتدين ذلك لانه يريد ترجمة الواقع الغربي وتطبيقه في المجتمعات الاسلامية فهو بذلك تكون مؤسَّساته تنشَأ دون هدفٍ واضحٍ، وتُنظَّم بأساليب بدائيَّة قاصرة, أنَّ البحوث الاجتماعيَّة ممسوخة ومُشوَّهة، تستخدم تقنيَّات البحث دُون تدقيقٍ أو إتقان , أنَّ البحوث الاجتماعية مُبَعثَرة وغير هادفة، وغير متكاملة
؛ممكن اعتبار التدين ظاهرة لكن ليس الدين.؛
اما الراي الاخر والذي يعتبر الدين ظاهرة فدعواه هي , ان الدين يحمل جميع الخصائص التي ذكرت للظاهرة الاجتماعية فهو ؛-
اولا. موضوعي يتمتع بوجود خارجي بدليل ان الاحكام التي فرضها الدين لها تطبيقات بالخارج ولها وجود حقيقي يعاقب من تركها ويثاب من عمل بها.
ثانيا. الدين يتمتع بالاجبار والقهر فاعتناقه واجب وتركه يسبب الاذي للانسان.
ثالثا.يتمتع بعمومية فمعظم الخطابات فيه موجه للجماعة الاماندر وهذا يدل على انه وجد لينظم الوجود الجماعي .
- تاريخي فهو يعبر عن فترات زمنية متباعدة
- انساني لانه يهتم بالمجتمع الانساني دون غيره من المجتمعات.
- تلقائي . حيث انه نشا من حاجة الانسان لما ينظم حياته.
وعليه فيكون الدين ظاهرة اجتماعية.
الظاهرة الاجتماعية تتحول الى مشكلة من خلال شروط هي.
1- أن تؤثرعلى عدد كبير و قطاع عريض من الناس.
2 -أن تكون الظاهرة سلبية وغير مرغوب فيها ومرفوضة من الناس.
3 – ان يكون تاثيرها السلبي ملموس وظاهر في المجتمع.
4 -أن يكون لدى الأفراد شعور عام بضرورة فعل شيء ما، أو القيام بعمل ما حيال الظاهرة.
5- أن يكون هذا العمل جماعيًّا وليس فرديًا.
وعند تطبيق هذه الشروط على الدين كظاهرة اجتماعية نراه يجسدها كلها¸فهو يؤثر على المجتمع باكمله وانه ومن خلال التطبيق اصبح تاثيره سلبيا وذلك ملموس بشكل واضح وجلي , كما واصبح شعور عام عند الجماعة بضرورة التخلص من هذا الوضع ونجد ذلك في عزوف الناس عن الدين ولجوؤهم للمدنية.
ولهذا يعتبر الدين مشكلة اجتماعية بحاجة الى حل جذري .

#فلاح_عبدالله_سلمان (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات