|
- تحالف سائرون- و الآمال المنتظرة
مهند البراك
الحوار المتمدن-العدد: 5802 - 2018 / 3 / 1 - 15:32
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
شهد تأريخ البلاد ان التحولات الكبرى في البلاد جرت بتكاتف القوى المدنية و الإسلامية المتنورة، العاملة من اجل التحرر و الإصلاح و التقدم . . منذ ثورة العشرين و جهود اعلان الدولة العراقية وفق دستور مدني كبديل عن دولة مُحتلة مُنتدبة، التي بُحث و كُتب الكثير عنها. و رغم تعقّد الظروف اللاحقة، و تداخل العوامل الداخلية و الخارجية و اطماعها و مخططاتها، تكرر التكاتف و محاولات التكاتف آنف الذكر، و انجح وثبة كانون 1948، ثم ثورة 14 تموز 1958 حين ايّدت مرجعيات اسلامية النضال الوطني و التقدم الاجتماعي و سكتت اخرى و عادته اخرى . . ثم نجاح الجهود في التسعينات لتفاهم و وحدة التيارات الوطنية بمكوناتها في البلاد من اجل اسقاط الدكتاتورية و اقامة البديل الوطني الديمقراطي الفدرالي التي ضمّت: التيار المدني و الديمقراطي، التيار القومي العربي التقدمي، التيار الكردستاني، التيار الإسلامي . . الاّ ان اعلان الادارة الاميركية الحرب على نظام صدام، و فرضها ذلك على قوى معارضة الدكتاتورية، فتح فصولاً من نوع جديد للعنف و العنف المضاد، الذي تكرّس اكثر اثر فشلها في اقامة ادارتها في البلاد ثم فرضها نظاما قائما على اساس المحاصصة الطائفية و العرقية، بضوء اخضر من ايران و تركيا و الخليج . . فيما تصاعد العنف ضد الإحتلال، ليتطور الى عنف داخلي بين مكونات البلاد بتشجيع خارجي دولي و اقليمي. ليتفاقم بشكل بشع الى ارهاب وحشي اطلقته ذات القوى، ليصل الى داعش الإجرامية، بسبب تفاقم عدم كفاءة الحاكمين و السياسة الطائفية الرعناء . . في وقت تزايد فيه الفساد في دورات حكم السيد المالكي الامين العام لحزب الدعوة الحاكم، حتى هيمن الفساد بكتله المتنفذة القائمة على اساس حكم المحاصصة الطائفية و العرقية، و حتى صارت لم تخلُ منه اية كتلة كبيرة حاكمة، و برز الارهاب و الفساد و المحاصصة و كأنها توائم حاكمة، شكّلت الهم الأكبر للعراقيين بكل مكوناتهم و السبب الأساسي لنزيف الدم و الفقر و الحرمان. الهمّ الذي عارضت اسبابه اوسع الجماهير الشعبية بمكوناتها الطائفية و المكونات الأخرى، و كتبت عنه بتواصل لم يعرف الكلل، الصحافة و وسائل الإعلام التقدمية في البلاد و خارجها، و طرحت انواع الحلول الفكرية و العملية للخروج من طغيانه، فيما استمر الهمّ بالتجبّر في ظروف هيمن فيها الإسلام السياسي الشيعي و السني، و لم يتحرّك ايّ من اطرافهما لمعالجته و التصدي له . . و فيما اختلطت الحلول المقترحة بين التصدي العملي و التنظير، بدأت القوى المدنية و الدمقراطية و اليسارية و منذ 2011، باحتجاجات و حراكات شعبية، تطورت بسرعة رغم تصدي حكومات المالكي و قواته الخاصة لبدايات انطلاقها السلمي، بالرصاص الحي في رابعة النهار، و سقوط اعداد من القتلى و الجرحى و اعتقال و تهديد مئات الناشطين فيها، الأمر الذي حرّك اوساطاً اوسعاً من كل المكونات للتصدي لمايجري . ثم سعى التيار الصدري لتكوين كتلة تقف ضد احتكار السلطة من احزاب تدّعي تمثيل الطوائف، و نجح بالتلاقي مع الكتل المتنفذة : الكردستانية، كتلة علاوي بغالبيتها السنية عام 2012، للوقوف امام احتكار المالكي للسلطة لنفسه و مخاطر ما اطلقه على نفسه كـ (مختار العصر) و نجح في حرمانه من دورة ثالثة لادستورية لحكمه و تفرّق التلاقي، و الى مبادرة التيار الى المشاركة الجماهيرية الفعلية في اعمال الإحتجاجات من اجل مكافحة الفساد و معاقبة كبار الفاسدين و من اجل الخبز و الحرية و الدولة المدنية، و اعطت للاحتجاجات زخماً واضحاً ، حتى صارت انتفاضة شعبية هزّت الحكومة و البرلمان و القضاء، اجتاحت العاصمة و مدن الجنوب بغالبيته الشيعية بشعار " بإسم الدين باكونا الحرامية ". و ترى اوسع الاوساط المدنية، انه في حال اوضاع البلاد المأساوية القائمة، من الطبيعي ان يلاقي اللقاء و الاتفاق على النزول في الانتخابات بقائمة تحالف، بين احدى الكتل (الشيعية) الحاكمة البادئة بالتبلور و الاستقطاب ضد الطائفية و الفساد و المحاصصة و مع تشكيل حكومة مدنية . . و القوى المدنية بضمنها الحزب الشيوعي العراقي، كتحالف انتخابي للبدء بطريق طويل معقد، للبدء بتحريك الاوضاع المأساوية الراكدة المشيعة لليأس، بعد تجربة القوى المدنية الايجابية معها في المجالس المحلية، و في الإحتجاجات الشعبية. من الطبيعي ان يلاقي تأييداً واسعاً و متنوعاً رغم نواقص و اخطاء و اعتراضات هنا و هناك لكونها غير مسبوقة منذ 2003 ، نواقص و اعتراضات تسبب بها اساساً قانون الانتخابات الجائر الذي فُصّل على مقاس الكتل الحاكمة و مرره البرلمان، و جعل الإنتخابات يصعب التكهن بسلامة آلياتها و اجرائها من الغش و التزوير، في ظروف بدأت باعاقة اوساط واسعة من المشاركة بها، كما يجري في خارج البلاد مثلاً، و ظروف تهديدات شخصيات و دوائر ايرانية نافذة، تدعو الى عدم تغيير المعادلة الحاكمة، و سعيها الضيّق لمنع تحرّك القوى المدنية و الديمقراطية و الإسلامية المتنورة . . فيما يرى مراقبون و مطّلعون انها بداية انتصار شعبي يكسر طوق العزلة الطائفية، الذي ان أحسِن التعامل معه و به، فإنه ممكن ان يشكّل نواة هامة لقطع الطريق على القوى الساعية الى احتكار قوى الإسلام السياسي للسلطة على اساس غنائمها، التي ستكرّسها اكثر ببناء حكم ظلامي فاشي، بإسم (الإسلام و الطائفة الشيعية) . . القوى التي ارعبها التحالف الإنتخابي الصدري ـ المدني و هو في خطواته الأولى في ترشيح لإنتخابات، كما تفعل كل الاحزاب في العالم وفق الساحة السياسية و القوى الفاعلة عليها في الزمن المعيّن . . في ظل قوانين انتخابات مجحفة لتغييب الكتل الأصغر و ابتلاع اصواتها و حرمان خيرة ابناء البلاد و بناتها من حقهم باصواتهم، و في ظلّ اوضاع لايمكن احداث اي تغيير فيها دون الإصطفاف مع الآخر و الآخرين سنّة و شيعة و كرد و مكونات اخرى، و بالتالي مع كل من يعمل ضد الفساد و المحاصصة، و من اجل احالة كبار الفاسدين الى القضاء، و من اجل الدولة المدنية القائمة على اساس المواطنة و الكفاءة و النزاهة، و العمل لنزع سلاح الميليشيات ، تحسين الدخل و العمل الفعال لإصلاح الخدمات، و من اجل استقلال البلاد و التحرر من الهيمنة الخارجية و خاصة الايرانية و الاميركية و النأي بالبلاد من صراعهما المتزايد و المهدد بالإشتعال على ارض البلاد. و بالتالي فإنه ليس تحالفا مع سلطة حاكمة للبلاد، بقدر ماهو تفاهم على مشتركات للنزول في قائمة انتخابية في زمن تبرقع فيه اطراف الحكم و القوة بالاسلام، مستغلين فيه الحالة البائسة لأوسع الجماهير المسحوقة، التي لجأت الى الإيمان بكل مسلّماته علّه يساعدها على التخلص من نير الدكتاتورية و الإحتلال و داعش و قوى شريرة في العالم و الجوار . . و اخيراً فإنه تحالف ساعد على تجميع قوى التيار المدني المتفرقة في كتل اكبر، و يساعد على تفاهمها اكثر من مواقع متنوعة، كما تشير اخبار لقاءاتها الأخيرة . .
مهند البراك، 27 / 2 / 2018
#مهند_البراك (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ولايتي : دفاع، ام تهديد ام ماذا ؟
-
صفحة من حياة الناس اثر الانقلاب الدموي 2من2
-
صفحة من حياة الناس اثر الانقلاب الدموي 1من2
-
التحالفات الطائفية ترسّخ الطائفية و الفساد !
-
العنف و الإكراه ليسا حلاً !
-
حقوق الشعب و الاتفاقات السرية
-
ثورة اكتوبر غيّرت العالم و الفكر 2من2
-
ثورة اكتوبر غيّرت العالم و الفكر ! 1من2
-
نحو وحدة البيت الكردستاني و التفاوض العاجل !
-
اوقفوا الحقد القومي المدمّر !!
-
عن حواضن داعش و مخاطرها اللاحقة . . 2 2
-
عن حواضن داعش و مخاطرها اللاحقة . . (12)
-
من الذي يقسّم البلاد ؟
-
الآن . . الدور الهام للجيش !
-
نحو الإستكمال العاجل للانتصار !
-
بين حكومة المركز و الإستفتاء !
-
وداعاً عزيز محمد القائد و الانسان 2
-
وداعاً عزيز محمد القائد و الانسان 1
-
عن اعادة تقسيم دول المنطقة
-
العصابات و دولة المؤسسات ؟؟
المزيد.....
-
منشور يشعل فوضى في منتجع تزلّج إيطالي.. ماذا كتب فيه؟
-
-أم صوفيا-.. سلمى أبو ضيف تنجب طفلتها الأولى
-
رداً على تصريحات ترامب بشأن -تهجير- أهل غزة، دعوات إلى التظا
...
-
اللجنة المحلية للحزب في الديوانية: ندين الاعتداء على المحتجي
...
-
حادث مطار ريغان يربط موسكو وواشنطن في مباحثات إنسانية
-
غزة.. انتشال 520 جثة من تحت الأنقاض منذ وقف إطلاق النار
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير 6 بلدات في كورسك ودونيتسك وخاركوف
...
-
وقفة صامتة أمام السفارة الأمريكية في تل أبيب للمطالبة بالإفر
...
-
بيسكوف: التعليق على تكهنات حول -قوات كوريا الشمالية في كورسك
...
-
فنلندا.. منع طالب من زيارة محطة نووية بسبب جنسيته الروسية
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|