|
يطبق عليهن الحد!
احسان طالب
الحوار المتمدن-العدد: 1484 - 2006 / 3 / 9 - 11:42
المحور:
ملف 8 اذار / مارس يوم المراة العالمي2006 - أهمية مشاركة المرأة في العملية السياسية ودورها في صياغة القوانين وإصدار القرارات
بعد مرور نصف عقد من الألفية الثالثة ما زال العديد من المفكرين و المفكرات و السياسيين و الكتاب ينظرون إلى قضية المرأة و مساواتها و مشاركتها السياسية المباشرة في العمل السياسي ترشيحا ً و انتخابا ً و حتى احتلالا ً لمناصب و مراكز سياسية و قيادة أحزاب أو منظمات، نظرة طوبائية طهرانية أخلاقية فاضلة مرتبطة بالأساس برسوخ فكر ذكوري سائد حتى لدى أولئك الذين يعدون من أنصار المرأة. الصورة المجردة مرتبطة بالجمال و الجنس و السكينة – الزوجة – العطاء و الحنان و العطف و الحكمة – الأم – الحماية و الرعاية و الوصاية – الأخت و الابنة – و لم ترتق بعد تلك الصورة إلى اعتبار قيمة المرأة من منطلق إنساني مجرد من التوصيفات الاجتماعية و القوالب النمطية التي تحكم الموقف و القناعات عندما تثار مسائل الحقوق و المساواة. و كما هو الحال في العديد من القضايا الإنسانية تراجعت النظرة الحقوقية و الحضارية للمرأة في بلداننا نحو الخلف رغم ما يبدو من مظاهر التقدم المادي و الإعلامي و الغريب أن المجال الأوسع الذي زادت مشاركة المرأة فيه هو ميدان الإعلام و فنون الغناء و التمثيل و إذا كان ذلك يعد بحد ذاته تقدما ً ملحوظا ً فإن الرؤية العامة لغالبية الرأي الشعبي العربي لا تنظر باحترام و تقدير إلى تلك الظاهرة بل و تعدها خروجا ً عن العادات و التقاليد و القيم. و يعد ذلك نتيجة لتطور هيمنة و سيطرة المرجعية الثقافية و الاجتماعية و الفكرية للراديكاليين بانتماءاتهم الشمولية القومية و الدينية، فهذه السيطرة التي شملت كافة المؤسسات و البنى الثقافية و الاجتماعية كان لها أثر سلبي كبير في صنع الوجدان الجمعي للغالبية الانتخابية في الرأي العام العربي. و على الرغم من التقدم الملحوظ في العملية الديمقراطية و شروط تحقيقها و قواعد لعبها في كل من مصر و فلسطين و العراق، و بعض التقدم الطفيف في كل من الكويت و السعودية و أكثر منه بقليل في قطر و الإمارات من حيث مشاركة المرأة في الانتخابات ترشيحا ً و انتخابا ً و ممارسة للعمل السياسي. إلا أن التطور المهم أيضا ً و الظاهر هو انكفاء الرغبة و الحماسة نحو التحرر و المساواة بين النساء أنفسهن و مطالبتهن بتطبيق الأحكام و القوانين و التقاليد التي تعيق و تعرقل المشاركة و المساواة الحقيقية الكاملة للمرأة في السياسة و الاقتصاد و المجتمع المدني. فالسعوديات قدمن عرائض للملك عبد الله طالبنه بعدم السماح بقيادة السيارة للنساء و التشديد على أنظمة الفصل بين الجنسين في المدارس و الجامعات و العمل و حتى في المساجد و الصلاة، و الأردنيات بأغلبيتهن لا يمانعن و لا يعارضن أن يمارس الرجل حقه في تأديبهن و ضربهن إذا ظن أنهن خرجن عن طاعته أو تجاوزن حدود الأدب في علاقتهن بالرجال أزواجا ً و آباء ً و أبناء. في برنامج حواري بث على قناة دريم الفضائية منذ أيام و تناول مسائل الزواج العرفي و الولادات الناشئة عن العلاقات غير القانونية أو الشرعية اعتبر الأستاذ الدكتور عميد كلية الشريعة في جامعة الأزهر أن الحل يكون مطابقا ً لما كان عليه الحال منذ خمسة عشر قرنا ً فقال الأستاذ: " أقول لها ارجعي حتى تضعي حملك ثم ارجعي حتى تفطميه " و أطال بعد ذلك في شرح فضيلة العفاف و الستر و الطهر الذي كان سائدا ً – و لا نعرف متى كان سائدا ً – و كيف أن الفساد الخلقي استشرى في هذه الأيام و لما تدخل المحاور بالسؤال التالي: إنها أربعة عشر ألف حالة يا أستاذ – في إشارة إلى عدد قضايا تثبيت النسب المرفوعة أمام القضاء المصري – فما كان من العميد سوى أن رد بعنف : " يطبق عليهن الحد! " و كما هو معلوم فالحد هو الرجم حتى الموت، فهن في نظره لا يستحققن الحياة. أما الطرف الآخر و هو الرجل هنا فليسس هناك من ضرورة أو حاجة لاستدعائه أو تحميله وزر عمله فالمرأة فقط هي المسؤولة عما ينتج من خلال علاقتها الآثمة رغم اشتراكه في الفعل و الإرادة و حتى أحيانا ً كونه المسؤول الوحيد لأنه قد يكون قام باغتصاب الفتاة رغما ً عن إرادتها و هي مع ذلك تعد زانية كما في القانون الباكستاني ما يسمى زنى الغصب أو زنى الجبر – راجع دراستنا عن إثبات نسب ولد الزنى (مراجعة للثقافة الدينية السائدة) – و برغم من أن مظاهر التدين و التشدد و الالتزام غدت طاغية على مناحي الحياة في المجتمع المصري بما يؤكد التزام الغالبية الإسلامية من الشعب المصري بالتدين و إقامة الواجبات و الفرائض و البعد عن المحرمات، فإن حالات العنف لأسري المتبادل في ارتفاع و تزايد مضطرد حتى صارت ظاهرة مقلقة ينبغي التصدي لها مباشرة و البحث عن أسبابها و نتائجها و سبل معالجتها، و هنا نلحظ أن التوجيه الوعظي المنبري الذي تمارسه قيادات التيار الديني أتت أكلها باتجاه واحد حيث أصبح المجتمع أكثر ميلا ً للعنف و أكثر رغبة في إقصاء الآخر أو المختلف و لم تتمكن فضيلة التسامح بمفهومها الديني من تأليف المجتمع و زيادة اللحمة بين أفراده. و إذا كانت القيود الاجتماعية و الدينية ما زالت تثقل النهوض بالمجتمعات العربية و تعيق تطور الحريات و المساواة على كافة الصعد فإن الاستبداد السياسي ما زال يلقي بظلاله القاتمة على مفاهيم حقوق الإنسان العالمية التي تعد حقوق المرأة جزءا ً لا يتجزأ منها. " إن تحقيق الديمقراطية يقتضي شراكة حقيقية بين الرجل و المرأة في إدارة شؤون المجتمع على قدم المساواة " – الاتحاد البرلماني الدولي. " إن القيد السياسي على التنمية الإنسانية هو الأكثر وطأة و الأبعد إعاقة لفرص النهضة فيها " – تقرير التنمية الإنسانية العربية 2004
#احسان_طالب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التشدد الديني و الإسلام السياسي - دراسة من أربعة أجزاء: الجز
...
-
الكاتب السوري مظلوم تنتابه الهواجس
-
التعديل الوزاري في سوريا يكرس المواجهة
-
الإعلام العربي من عصر الجاهلية إلى جاهلية ما بعد الإسلام: ضر
...
-
حماس بين استحقاقات الداخل و ورطة الخارج
-
الأسد نجاد: دعم السلطة الأبدية بالسلطة الإلهية
-
دعوة إلى لقاء الرياضَيْن
-
فصل المقاومة عن حزب الله
-
سقوط القناع الدبلوماسي عن النظام الأمني
-
وجهة نظر في المسألة الكوردية السورية
-
الوطنية السورية و الأفلاطونية الفاضلة
-
توبة صدام الصدوق !!
-
جبران ثانية
-
جبران أيها القديس الجميل
-
سوريا في مواجهة الإعصار من يدفع الثمن
-
قناة الجزيرة بين الوهم و تحقيق الوهن
-
آه يا دمشق نزار
-
فيصل القاسم يهزأ من قتل مئة و ثلاثة و أربعين عراقياً
-
جزء من حلقة نقاش حول إعلان دمشق
-
إعلان دمشق موجبات التأييد و دوافع الرفض
المزيد.....
-
ماذا قال بايدن عن احتمالية قيام إسرائيل بتوغل بري في لبنان؟
...
-
الجيش الأردني: سقوط صاروخ أطلق من لبنان قرب عمان
-
بعد اغتيال نصرالله.. -حزب الله- ينشر ملخص عملياته خلال 24 سا
...
-
هاريس: نصر الله إرهابي يداه ملطختان بدماء أمريكيين
-
السعودية تبدي استعدادها لبذل الجهود من أجل حل الأزمة الأوكرا
...
-
اغتيال نصر الله.. روسيا تحذر من جر إيران لحرب كبرى
-
لحظة بلحظة.. عملية اغتيال حسن نصر الله وتداعياتها
-
فيديوغراف.. أبرز قادة حزب الله اللبناني الذين اغتالتهم إسرائ
...
-
توغل بري محتمل للبنان.. -تحضيرات إسرائيلية- و-شهية نتانياهو
...
-
حزب الله يعلن إطلاق صواريخ باتجاه القدس.. وإسرائيل تعلق
المزيد.....
-
من اجل ريادة المرأة أو الأمل الذي لازال بعيدا : الجزء الثاني
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|