|
المؤتمر العلماني السوداني
سعد محمد عبدالله
- شاعر وكاتب سياسي
الحوار المتمدن-العدد: 5798 - 2018 / 2 / 25 - 12:11
المحور:
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
الخطاب العلماني في الدولة السودانية إتخذ موضعه الصحيح من حيث التعبير عن قضايا الجماهير الجوهرية، وذلك بما تقوم به المجموعات العلمانية من حراك سياسي وثوري عكس نضج العمل التنويري في بلادنا، ولم تعد الحملات الإعلامية المناهضة للتعلمن ذات تأثير علي الوعي الجماهيري وعلي المقاومة السودانية الماضية نحو التحرر الوطني وبناء دولة العدالة والديمقراطية، والمفهوم التحرري في الأحاديث العامة والإنفعالات الجماهيرية المنادية بالتغيير الشامل ورفض السياسات والخطط السارية حاليا في البلاد يحمل طابع علمانوي لا تخطئه العين ولا يواريه التستر الإعلامي المضاد للتحرر والتغيير، نلاحظ الأثر الإستبدادي الذي خلفه التاريخ بفعل توالي الأنظمة البوليسية المؤدلجة علي المناخ السياسي والإجتماعي والثقافي، وما حوته المشاريع القومية القديمة من متناقضات كبيرة أدت إلي تشظي المجموعات العلمانية وتراجع الخطاب العلماني المجرد من التغليف والخالي من تذبذب المنظار الفكري والسياسي في تحليله وتوصيفه لمعادلة أذمات السلطة والعدالة وحقوق الإنسان السياسية والمدنية في البلاد.
وبعد خوض معارك ثورية كثيفة الرهج مع الإقبال والإدبار والكر والفر في الشارع السوداني بين المعارضة والسلطة الحاكمة مع تمايز الصفوف وسط المعارضة من اليمين إلي اليسار بالتزامن مع تصاعد الإحتقان الجماهيري الذي كور مطالب الشارع في الخطاب السياسي الجديد، صارت البيئة العامة قابلة لبروز القوى العلمانية علي خضم العملية السياسية بخطاب سياسي وفكري وإجتماعي يستوعب المعطيات الراهنة ويبلور مشروع الإصلاح العلماني بشكل يلبي أشواق الجماهير التي اشقاها الكفاح المضني خلال سنوات الجفاف الإنقاذي الذي يمثل إمتداد للصراع السوداني منذ فجر الإستقلال.
فمسألة قيام الكيان العلماني الجامع لكل العلمانيين السودانيين تعتبر من أهم متطلبات المرحلة الراهنة، وتوحيد الخطاب السياسي تجاه المشكلات القائمة يأتي ضمن عملية التجميع والتنظيم ورص الصف العلماني، ويليها التقدم بمشروع مشترك لفض النزاع حول السلطة والثروة والهوية الثقافية للصعود بالدولة إلي مصافي النهضة العالمية، ولهذه الأسباب مجتمعة نطرح علي العلمانيين السودانيين تشكيل لجان الإعداد لقيام (المؤتمر العلماني السوداني) سعيا لتكوين إتحادهم العام وقيادة التغيير بمشروع متين لا تخترقه سيوف ورماح التيارات الظلامية الهائمة في فضاء السودان.
المؤتمر العلماني السوداني:
نستطيع اليوم أن نتقدم بمثل هذه الدعوة لكل العلمانيين السودانيين وهم علي رأس المقاومة الوطنية وهم الأقرب لنبض الجمهور ولهم تنظيمات ذات ثقل كمي ونوعي إضافة إلي ثروة فكرية وسياسية ممتدة بطول وعرض التاريخ، وتجميع هذه القوى حول رؤية واحدة، بالطبع سيؤدي إلي تجاوز المشكلات التي تواجه العلمانية من ناحية التعريف بها والتصدي للخطب التقليدية وقوى السياسات الكلاسيكية التي سيطرت علي الفضاء العام لحقب متفاوتة دون أن تقدم ما يلبي طموح المواطنيين في كافة أوجه الحياة.
الآن بعد دوران التاريخ وتنامي الوعي وتزايد مساحات الإنفتاح العقلاني علي حقائق التطور الكوني وإنكشاف مسببات النكسة السودانية، إكتملت كل الحلقات وتوفرت الشروط المادية اللازمة للتحول الكلي من حالة الجمود السياسي والفكري إلي الحركة التنويرية التي ستقود إلي دولة الديمقراطية والعلمانية، وإستثمار هذه المرحلة في إتجاه التنوير والتغيير يحد من حملات الساعين لإجهاض المشروع العلماني ودفع المجتمع السوداني إلي عمائق التخندق السياسي والفكري في محيط إقليمي ودولي مملوء بالمتغيرات اليومية وتتصارع فيه الأمم نحو البناء والتعمير والتأسيس العلمي والعملي لمستقبل الأجيال القادمة.
الظروف التي منعت العلمانيين وغيرهم من الوطنيين الأحرار من دفع مركب الوطن وموكب الشعب إلي النهضة كيما يكون السودان (سلة غذاء العالم) ويعكس التنوع الحقيقي في الموارد التي يزخر بها، الآن تلك الظروف تزول تباعا داخل باعثي قسطلها الذي أحدث زلزلة في البنية الوطنية والسياسية والإقتصادية، والصعود العلماني في ظل هذه المتغيرات سينهي فصول من الحروب الدامية التي إستنزفت الإقتصاد وفككت الوشائج الوطنية ودمرت أسس العملية السياسية وقادة السودانيين إلي التشرزم الإجتماعي والفقر السياسي والإرتجاج الفكري.
قيام (المؤتمر العلماني السوداني) سيكون سابقة تاريخية فريدة من نوعها في السودان وإفريقيا والشرق الأوسط، وسيدفع المجتمعات الآخرى إلي التحرر والتعلمن باخذ التجربة السودانية في دراسة وتحليل مسيرتي الكفاح الثوري وبناء الدولة الحرة، والسودانيين مبدعين في إنتاج الثورات وفنون التغيير والتحرر، ويحدثنا التاريخ عن ثورتي اكتوبر وابريل وعن هبة سبتمبر ومقاطعة إنتخابات التزوير في العام 2015م وتلتها سلسلة من الفنون الثورية كان أخرها العصيان المدني الذي ابهر العام اجمع.
هذا التراكم الثوري والإبداعي خصب الأرض لسالكي مسالك التغيير والتعمير، وفي ذات الوقت أنبت وعي النخب السياسية والمثقفين والجمهور، وزال ستار المشروع الحضاري الذي أسس عليه النظام الإنقاذي الإسلاموعسكري خطابه المعلوم، وصار الجميع يدرك ضرورة إيجاد حلول جزرية شاملة لمسألة السودان في التشكيلة السياسية والثقافية والإقتصادية والإجتماعية، والإبتعاد عن تكرار التجارب السابقة التي اقعدت الدولة والمواطن علي جمر الحرب والفقر وتسلط البرجوازية الحاكمة التي تهيمن علي السلطة والثروة معا، وتستخدم كل طاقات الوطن في تدمير الوطن.
لذا لا بد من إستنباط نظريات جديدة من لب الواقع والمنطق العقلاني لإنعاش الوطن والتقدم به إلي المستقبل، ومن مصلحة الجمهور والوطن وسعيا لتحقيق الطفرة الإقتصادية والسياسية وبناء مجتمع إنساني تعاوني متنوع الثقافات والأعراق ومتعايش في وطنه، يكون الوقت قد جاء ولزم التهزم لإنطلاقة الجميع نحو البحث عن طرائق تثبيت خطاب واقعي وموضوعي موحد يؤدي لتكوين الكيان العلماني السوداني من أجل السودان.
#سعد_محمد_عبدالله (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عيد الحب للفرد والمجتمع
-
الفكر والقلم وصراع التغيير
-
تعليق علي صحافة النظام السوداني
-
ثوار السودان والسجون
-
التعليق علي حملات الإعتقالات في سنار وسنجة
-
هراء المفاوضات وحشرجة السقوط
-
الراهن السياسي في السودان
-
الثورة بين المفكر والمغني
-
مواكب الثورة السودانية مستمرة
-
موكب الثلاثاء لمناهضة الغلاء
-
قضايا المعتقلين بسنار
-
الثورة والإعتقالات في ولاية سنار
-
قضايا الأرض والمقاومة في سنار
-
تحركات الأخوان المسلمين وزيارة الغنوشي للخرطوم
-
الثورة الإيرانية
-
تعليق بعد إنتهاء زيارة أردوغان للخرطوم
-
بيان حول زيارة أردوغان للخرطوم
-
ذكريات معتقل علي جدار التاريخ - الحلقات الأربعة
-
قرأة لأهم النقاط في رسالة القائد مالك عقار
-
الحركة الشعبية الوحدة والتوسع
المزيد.....
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
-
متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
-
نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
-
اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا
...
-
الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
-
اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»
-
مؤتمر«أسر الصحفيين المحبوسين» الحبس الاحتياطي عقوبة.. أشرف ع
...
-
رسالة ليلى سويف إلى «أسر الصحفيين المحبوسين» في يومها الـ 51
...
-
العمال يترقبون نتائج جلسة “المفاوضة الجماعية” في وزارة العمل
...
-
أعضاء يساريون في مجلس الشيوخ الأمريكي يفشلون في وقف صفقة بيع
...
المزيد.....
-
مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة
/ عبد الرحمان النوضة
-
الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية
...
/ وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
-
عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ
...
/ محمد الحنفي
-
الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية
/ مصطفى الدروبي
-
جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني
...
/ محمد الخويلدي
-
اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963..........
/ كريم الزكي
-
مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة-
/ حسان خالد شاتيلا
-
التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية
/ فلاح علي
-
الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى
...
/ حسان عاكف
المزيد.....
|