|
العنف في الاديان كتاب صادق إطيمش الجديد
صباح كنجي
الحوار المتمدن-العدد: 5796 - 2018 / 2 / 23 - 20:19
المحور:
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
العنف في الاديان كتاب صادق إطيمش الجديد
بست من الفصول مع مقدمة و خاتمة.. تشكل هيكل كتاب.. كرس لدراسة وتحليل ظاهرة العنف في الاديان.. محورها الديانات الابراهيمية ( اليهودية ـ المسيحية ـ الاسلام ) للدكتور صادق إطيمش.. يمكن ادراجه في قوام الكتب التي تبحث في مجال علم الدين المقارن .. تحديداً فيما له علاقة بالدين الداخل في صلب تكوينه مسوغات العنف كأداة ووسيلة لنشر المفاهيم الميثولوجية.. او للاعتراض و الردع والتخويف و الارغام على قبول الآخر.. بالإضافة الى العنف المفضي للمواجهة والمعاقبة والاستئصال والافناء طاعة للإله وفرض ارادته وتحقيق رغباته كواجب وفريضة.. بالرغم من تنبيه الكاتب في المقدمة ..( وعندما نتطرق في الصفحات المقبلة الى هذا العنف، الذي رافق وما يزال يرافق جميع الأديان، فإننا لا نرمي من وراء ذلك إثارة المقارنة بحيث يخرج القارئ بالنتيجة القائلة، إذن الكل بتبني العنف سواء، لا، ليس هذا هدف الكتاب، بل إن هدفه الاتعاظ والتدبر للتفكير بالوسائل التي يمكن اتخاذها لتجاوز العنف ..) ص10 وما يرافق هذه الظاهرة التاريخية .. من صراعات واستغلال للدين وتوظيفه.. ليشكل المعادلة السيا ـ دينية .. التي انتجتها المؤسسات الدينية المختلفة و سياساتها عبر حركات وواجهات منظمة ومنتظمة .. دمجت الدين بالأيديولوجية لينتج عنها معتقدات متزمتة ومتطرفة .. تنتشر كالوباء في هذا العصر .. ينبه لخطرها ويتوقف عند ابعادها وجذورها تارة.. وهو يقتطف ما ورد في التوراة أو من الانجيل والقرآن .. من مزامير و آيات ونصوص ورسائل تشكل مشتركات.. تعاضد العنف و تتبناه بصيغ ومفاهيم متقاربة.. هي جوهر العقائد و المفاهيم الدينية.. التي تتبنى الترويع وتشرعن ممارسة العنف وتستسيغ وتتقبل نشر الارهاب .. وتبيح القتل والذبح واذلال الانسان والمرأة وتقديم الابناء كضحايا وقرابين للآلهة.. وتطور هذه الممارسات التي شهدت تآلف (المسدّس والمقدّس) لتزيد من سعير استخدام العنف وتوظيفه ضمن سياق المؤسسات الدينية الطائفية وصراعاتها الداخلية الراهنة في عصرنا الحضاري المتقدم في القرن الواحد والعشرين.. الذي تنمو في احشائه وترافق تطوره ملاحقات وممارسات تستهدف اللادينين في انحاء كثيرة من العالم.. كأنهم مذنبون ينبغي معاقبتهم بتواطؤ من قبل الدولة ومؤسساتها التشريعية والرقابية والامنية.. التي تمارس التظليل والخديعة.. معتقدة انها تمتلك الحقيقة المطلقة.. وتمارس باسم الدين في هذا العصر المتقدم العنف المنفلت.. وتخلق المآسي .. وهو امر لا يمكن السكوت عليه ويستوجب مناهضته ومعالجة مظاهره اللاانسانية ونتائجه الكارثية.. الذي لا يمكن تحقيقه دون التوقف بجدية وصراحة اما النصوص الدينية.. التي تدعو لممارسة العنف وهو ما سعى اليه الكاتب في بحثه برؤية نقدية شجاعة لا تساوم .. وترفض التفسير والتأويل السطحي والسذاجة اللغوية المستندة على الأوهام .. يفصل فيها بين تلك.. التي تدعو للعنف العام.. وتلك التي تخصص وتوجه لفئة محددة كالمرأة.. ولا يتوقف عند هذا الحد الخاص بالنصوص الدينية كتاريخ نصي.. و يواصل بحثه في امثلة وامتدادات معاصرة.. منتقلا بين ما يخص اليهودية من إصحاحات.. ثبت بعضها واكتفى بالإشارة الى غيرها.. وهو ذات الشيء مع المسيحية والاسلام حيث اختصر تثبيت نصوص الانجيل والقرآن .. طالباً من القارئ مواصلة البحث عن بقية الإصحاحات والآيات .. التي لها علاقة بالعنف وتشكل القاعدة الفكرية للإرهاب الديني .. كان من الضروري تثبيتها واضافتها لنص البحث.. تسهيلا لأمر القاري غير المتخصص والجمهور العريض الذي يتوجه اليه الكتاب الذي هو الغاية والهدف من هذا الجهد.. كما كان من الافضل لو استكمل الباحث مشروع بحثه في مجال العنف الديني الموجه ضد المرأة للتوقف عند الجريمة البشعة التي زهقت حياة الفتاة الايطالية (بياتـريتـشا تشيـنشـي) التي عكست قساوة الدين المسيحي في عهد سيطرة الكنيسة .. نهاية القرن السادس عشر.. التي ساهم فيها البابا (كليمنت الثامن) الذي اشتهر بصلفه وقسوته و جشعه بدور مباشر فيها.. كحكم وخصم في ذات الوقت الذي أوصى بمضاعفة تعذيب الصغيرة بياتريتشا .. لأنها أصرّت على براءتها ووصفت الحكم بالظالم ولم تنفع كل وسائل الاحتجاج الجماهيري ..وتدخل المحامين للدفاع عنها.. حيث اصرّ البابا على التخلص منها مع بقية افراد اسرتها الاربعة .. وكذلك عند ظاهرة ختان النساء وما تسببه هذه الممارسة اللاانسانية من اوجاع ومعاناة لشريحة واسعة من البنات والنساء.. وتفشيها في هذه المرحلة.. التي تترافق مع نمو مظاهر التطرف الاسلامي التي توقف عندها الباحث في فصله الرابع كجريمة.. من خلال العنوان المخصص للعلاقة بين العنف والجريمة .. كان من الافضل لو استكمل العنوان ليصبح (العنف والجريمة والدين).. خاصة وانه قد أكد في الصفحة 124 من بحثه .. ( التطرق بإيجاز الى بعض ملامح هذا العنف الديني، الذي بلغ مستوى الجرائم ضد الانسانية، فيجب رفضه واستهجانه واحتقاره وكبح جماحه، بغض النظر عن الدين الذي جاء به، فالجرائم ضد الانسانية لا يبررها أي مسوغ، حتى لو وصف هذا المسوغ بالمقدس) .. كذلك كان سيكون من الافضل لو تطرق البحث الى العنف الذي مورس تاريخياً من قبل معتنقي الدين الاسلامي ضد بقية الاديان والمجموعات التي رفضت الاسلام.. ابتداء من اليهود ومروراً بالمسيحيين والزرادشتية ومذابح الارمن والاشوريين.. وما لحق بالايزيديين تاريخياً في عدة فرمانات متكررة تشكل حلقات من حلقات العنف الديني المنفلت الذي نعيش فصوله الدامية اليوم .. تكمن اهمية الكتاب.. في ما احتواه من عرض نقدي سريع ومكثف لظاهرة العنف في الاديان.. مفنداً مسوغاتها الميثولوجية.. وحاجة الآلهة لمشاريع القتل وتذوق طعم الدم.. عبر استباحة حياة الانسان وقهره واذلاله واسترقاقه واستعباده في سياق الصراعات الاجتماعية.. كشأن من شؤون البشر على الارض يمكن مواجهته ووضع حد له بعيداً عن التهويمات الميثولوجية وسذاجة الوعي الديني الموظف لتسعير حالة العداء بين الناس في هذا العصر .. ـــــــــــــــــ صباح كنجي منتصف شباط 2018 ـ العنف في الاديان.. الدكتور صادق إيطيمش .. دار قناديل للنشر والتوزيع .. بغداد شارع المتنبي 2017
#صباح_كنجي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ببلوغرافيا الدم الشيوعي ..3
-
حملة فهد الشاعر ..
-
توما توماس في اوراقه... مآثر رجل وتاريخ بطولة.. 4
-
توما توماس في اوراقه... مآثر رجل وتاريخ بطولة.. 3
-
توما توماس في اوراقه... مآثر رجل وتاريخ بطولة.. 2
-
برزخ أم مزبلة للتاريخ ؟!
-
توما توماس في اوراقه... مآثر رجل وتاريخ بطولة..
-
نحو حل انساني لمشكلة الأطفال الابرياء..
-
منهل التاريخ والميثولوجيا في رواية حب في ظلال طاووس ملك
-
كاظم حبيب يدشنُ طوراً جديداً من الكتابة عن الإيزيدية
-
فريق الحرية وطريق الشعب السرية..
-
كردستان .. حق الدولة ومخاطر الاستفتاء!
-
ليالي الجوع..
-
منظومة الإجرام الإسلامية..!! 3 الإجرام بحق الأطفال..
-
منظومة الإجرام الإسلامية..!! 2
-
منظومة الإجرام الإسلامية.. !!
-
عن الرحلة الى الوطن ..4 كردستان الى اين ؟..
-
عن الرحلة الى الوطن ..3
-
قضية شرف في اجواء شباط 1963
-
عن الرحلة الى الوطن ..2
المزيد.....
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
-فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2
/ نايف سلوم
-
فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا
...
/ زهير الخويلدي
-
الكونية والعدالة وسياسة الهوية
/ زهير الخويلدي
-
فصل من كتاب حرية التعبير...
/ عبدالرزاق دحنون
-
الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية
...
/ محمود الصباغ
-
تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد
/ غازي الصوراني
-
قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل
/ كاظم حبيب
-
قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن
/ محمد الأزرقي
-
آليات توجيه الرأي العام
/ زهير الخويلدي
-
قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج
...
/ محمد الأزرقي
المزيد.....
|