أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أشرف حسن منصور - الوجوه المتعددة لهابرماس














المزيد.....

الوجوه المتعددة لهابرماس


أشرف حسن منصور
أستاذ الفلسفة بكلية الآداب - جامعة الإسكندرية


الحوار المتمدن-العدد: 5794 - 2018 / 2 / 21 - 10:25
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


قد لا يلاحظ الكثيرون أن الفيلسوف الألماني هابرماس قد غير من توجهاته كثيراً، منذ أن بدأ في الكتابة في أواخر الخمسينيات وحتى الآن. فمن كونه أحد أعلام الجيل الثاني من مدرسة فرانكفورت صاحبة التوجه الماركسي الجديد المسمى بالنظرية النقدية وتلميذ أدورنو، إلى واضع لنظرية اجتماعية جديدة تسمى نظرية الفعل التواصلي ذات الأسس المتعددة من ماكس فيبر إلى هربرت ميد وبارسونز، إلى مؤسس للأخلاق التواصلية والنظرية التواصلية في الديموقراطية وأحد المناصرين للنزعة الإجرائية في الديموقراطية procedural democracy والتي تستوحي الديموقراطية بالمعنى الأمريكي، إلى منظر ومبرر لإعادة إدخال الدين في المجال العام في أعماله منذ التسعينيات وحتى الآن. لقد غير هابرماس جلده كثيراً حتى أنك لا تستطيع تصنيفه بدقة في الاتجاهات المتعارف عليها، وإذا جمعت أعماله كلها ونظرت إلى تفصيلاتها وجدت فيه نزعة تلفيقية واضحة، تسعى دائماً نحو نوع من الوسطية في كل شيء، وهي وسطية حيادية تميز ليبراليته الخفية التي لا يفضل الإعلان عنها.
لكنني أريد التركيز هنا على المنعطف الأخير الذي اتخذه هابرماس نحو الاهتمام بحضور الدين في المجال العام. لقد صار هابرماس من مبرري هذا الحضور، تحت دعاوى عدم كفاية قيم ومبادئ عصر التنوير وعصر العقل لقيادة العالم المعاصر، وضرورة تدعيم العقلانية العلمانية برؤى دينية تسهم في المحافظة على قيم الأسرة والتساند الاجتماعي في عصر التشظي القيمي والاجتماعي الحالي حسب تحليلاته. لقد كان من الطبيعي لهابرماس اتخاذ هذا الموقف المهاند للدين والمبرر لإستعادته للمجال العام والمجال السياسي، لاعتبار سياسي خاص بألمانيا.
نظر هابرماس إلى الدين في السنوات الأخيرة على أنه قادر على تطعيم الحداثة بأبعاد قيمية وأخلاقية واجتماعية تفتقدها. هذا التحول الهابرماسي نحو مهادنة الدين وقبول دور أوسع له في المجال العام والمجال السياسي يتفق تماماً مع نزعة هابرماس المحافظة الأخيرة و مع توجه ألمانيا نحو الفكر اليميني الديني المحافظ، المسيطر عن طريق الحزب الديموقراطي المسيحي منذ عهد أديناور (رئيس الحزب ومستشار ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية مباشرة 1949 - 1963)، ثم عصر هلموت كول _رئيس الحزب ومستشار ألمانيا 1983 - 1998)، وأخيرا ميركل (رئيسة الحزب ومستشارة ألمانيا من 2005 وحتى الآن). ففي ظل سيطرة الحزب الديموقراطي المسيحي لسنوات طويلة على ألمانيا، فمن الطبيعي والمنطقي لمفكر مهادن مثل هابرماس أن يعطي تبريرات لحور الدين في المجال العام، وأن يرسم صورة خاطئة للعلمنة الغربية على أنها مشروع ناقص وأخطأ في استبعاد الدين من المجال العام.
لكن الدين الذي يتحدث عنه هابرماس هو المسيحية الغربية خاصة في نسختها الألمانية المسيسة. وتحليلاته تخص هذه الحالة الألمانية وحدها، وهناك صعوبة شديدة في تطبيق نظريته هذه على الإسلام السياسي وخاصة الإسلام الأوروبي، فهابرماس لا يعرف الكثير عن الإسلام أو عن الإسلام السياسي في العالم الإسلامي. لقد مرت المسيحية بحركة لإصلاح ديني وإصلاح مضاد وبعصر تنوير وعصر العلم والوضعية والإلحاد، أي تم تقليم أظافرها جيدا، ولم يحدث ذلك للإسلام بعد. والمسيحية الغربية التي يتعامل معها هابرماس ولا يجد أي مانع في إعادة إدخالها للمجال العام والمجال السياسي هي هذه المسيحية المعلمنة، لكن الإسلام الذي لم يمر بإصلاح حتى الآن مختلف، لأنه لا يزال الإسلام الذي ثبت عند القرن التاسع الهجري ولم يتطور. ولذلك فإن إعادته للمجال العام لا معنى لها لأنه مسيطر من الأصل على المجال العام في العالم الإسلامي، وسيطرته هي سيطرة صورته التراثية القديمة الموروثة من عصر الظلام، العصر المملوكي العثماني الذي لم نستطع التخلص منه الآن.



#أشرف_حسن_منصور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القضايا الأساسية في النظرية الماركسية
- حقيقة الناسخ والمنسوخ في القرآن
- الأشاعرة وكلام الله النفسي
- نحو تصحيح المفاهيم حول مبادئ الشريعة الإسلامية
- خلق العالم بين التوحيد والثنائية الأنطولوجية للروح والمادة
- كيف تملكت أوروبا فلسفة ابن رشد؟
- كيف يصير المرء رأسمالياً – المحددات البنائية للفاعلين الاقتص ...
- كيف تصير النصوص أصناماً؟
- ماذا قال ماركس عن محمد علي؟
- الحداثة والدين وتمايز مجالات القيمة
- كولريدج والجاسوس الفضولي
- هل يستطيع الإله التواصل مع البشر بطرق أخرى غير النبوة؟
- لمحات من فكر المعتزلة - 1) هل القرآن دليل على وجود الله؟
- حول إعادة النظر في تصنيفات الإسلام السياسي
- عصر التنوير ونقد الفكر الديني. هولباخ نموذجاً
- وهم تعظيم الربح
- الليبرالية بين تراثها التقليدي ودلالاتها المعاصرة
- نظرية أُميِّة الشريعة لدى الإمام الشاطبي
- موقف هيجل وهوسرل من العلاقة بين المذهب الفلسفي وتاريخ الفلسف ...
- فلسفة التأويل عند ريكور وأصولها الهيجلية


المزيد.....




- تأسست قبل 250 عاماً.. -حباد- اليهودية من النشأة حتى مقتل حاخ ...
- استقبل تردد قناة طيور الجنة أطفال الجديد 2024 بجودة عالية
- 82 قتيلاً خلال 3 أيام من أعمال العنف الطائفي في باكستان
- 82 قتيلا خلال 3 أيام من أعمال العنف الطائفي في باكستان
- 1 من كل 5 شبان فرنسيين يودون لو يغادر اليهود فرنسا
- أول رد من الإمارات على اختفاء رجل دين يهودي على أراضيها
- غزة.. مستعمرون يقتحمون المقبرة الاسلامية والبلدة القديمة في ...
- بيان للخارجية الإماراتية بشأن الحاخام اليهودي المختفي
- بيان إماراتي بشأن اختفاء الحاخام اليهودي
- قائد الثورة الاسلامية آية الله‌خامنئي يصدر منشورا بالعبرية ع ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أشرف حسن منصور - الوجوه المتعددة لهابرماس