|
24 عاما على رحيل الفنان والمثقف الكبير ستار الشيخ
مازن الشيخ
الحوار المتمدن-العدد: 5793 - 2018 / 2 / 20 - 20:41
المحور:
سيرة ذاتية
ي مثل هذا اليوم من عام 1994’خطف الموت فجأة
’شقيقي الفنان والانسان الكبيرستارالشيخ
نتيجة جلطة دموية لم تمهله سوى ساعات قليلة ’وعن عمر يناهزال 51
حيث كلن قد ولد في 20كانون اول(ديسمبر)عام 1942
ظهر نبوغه في وقت مبكر من عمره’
حيث ان المرحوم والدي كان انسانا شديد التدين
ولذلك حرص على ان يلحقنا’بالكتاتيب قبل سن المدرسة’
وهكذا ما ان بلغ عبد الستارالرابعة حتى قام بتسجيله لدى صديقه امام جامع عبد الله النوري القدريب جدا من دار سكننا’المرحوم الملا اسماعيل
والذي سلمه بدوره الى زوجة ابنه الملا صالح لتعلمه اساسيات واصول الدين
كان واجب على المتعلم ان يصمت ويتلقى (العلم)من الملا
وان لايسأل او يناقش’خصوصا عندما يكون طفلا غضا( هذا الوضع لم يلائم المرحوم ستار’حيث كان كثيرا مايقاطع الملاية’ويسأل اسئلة محرجة ولانه لم يكن لدى معلمته جوابا مناسبا’
ناهيك عن انه يتجاوزعلى القانونين والتعليمات’فقد فقامت بما كان يحتمه عليها عملها وواجبها’فربطت رجلية بالحبل وضربته بالعصا على اسفل قدميه(كانت تسمى فلقة)
’فاصيب بالخوف والرهاب’وامتنع عن الذهاب الى الملا رغم التهديد والترغيب’الذي مارسه معه والدي’الا انه لم يفلح في جعله يعود الى الملاية’’
والتي بدورهااعلنت انهاغيرمستعدة لقبوله مرة اخرى لان اسئلته شيطانية وقد يفسد افكار بقية الاطفال بعد ذلك طلب المرحوم والدي من صديقه مديرالمدرسة العدنانية ان يقبله كمستمع’’في الصف الاول(وكان ذلك الامر واردا لقلة رياض الاطفال في ذلك الوقت)فوافق’واخذه مع التلاميذ المسجلين رسميا’وذلك في السنة الدراسية 1947-1048) واظب على الدوام بشغف’
وفي نهاية السنة الدراسية’وعندما كان المعلم يجري الامتحانات الشفهية لتلاميذ صفه’كان يراقب كل تلميذ’وعندما يخطأ يصلح له’فانتبه له المعلم واجرى معه عدة اختبارات ’وكانت اجاباته اكبر واكثر واعمق مما توقعه المعلم’فندهش من اجوبته وسأله غير مصدق:-هل انت الذي تنطق ام هناك جن داخلك يتحدث نيابة عنك؟! من اين لك هذه المعلومات وانت لازلت طفلا لم تقبل حتى في الصف الاول؟ ثم استدعى بقية المعلمين واجروا معه مناظرة في نهايتها اتفقوا جميعا على انه انسان فائق الذكاء’ التقط بقية الاطفال من زملائه في المدرسة ملاحظة معلمه واطلقوا عليه لقب (عبد الجن) تقول المرحومة والدتي كنت عائدة من بيت اهلي القريب من دار سكننا’فرأيت تظاهرة لمجموعة من الاطفال تلاميذ مدرسة العدنانية’فاقتربت منهم لارى ايني عبد الستار محمولا على اكتافهم وهم يرددون (هذا العبد عبد الجن)هذا هو عبد الجن) فاردت ان ااخذه منهم واصحبه الى البيت’
لكنهم رفضوا ان ينزلوه من فوق اكتافهم حتى اوصلوه البيت في فرح ومرح’واجواء احتفالية’وبعدها ولعدة سنوات كان الجميع يطلقون عليه عبدألجن’لقلة الوعي والثقافة انذاك ومع ذلك لم يرحل الى الصف الثاني’وزبسبب القوانين التي كانت تمنع ذلك لصغر سنه نمى وترعرع في محلة المكاوي في الموصل,ولانه كان ديالكتي التفكير’فقد اعجب بالماركسية وتثقف على ذلك الاساس,كما انه تبين لاحقا انه يملك موهبة في الرسم’مثله مثل شقيقه الاكبر لقمان’وابدع في هذا المجال’رغم انه لم يدرس الرسم كما فعل قبله شقيقه’بل اكتفى بالموهبة وتفوق فيها’واصبح من اشهر مدرسي الرسم في الموصل’وقبلها في المقدادية(شهربان) واقام عدة معارض’خصوصا في الملحقية الثقافية الفرنسية في بغداد حيث كان السفير الفرنسي معجبا باعماله واشترى منه عدة لوحات’اقتنى منها لشخصه وزين باخريات السفارة والملحقية الثقافية ودار سكن السفير والحقيقة انني لااملك معلومات او صور للوحاته لكوني اعيش خارج العراق منذ عقود’لكني واثق من انه اقام معارض كثيرة’وحصل على جائزة احسن بوستر سياسي على مستوى العراق’عام 1988 كما انه كان يفوزبجائزة افضل موكب من خلال مواكب مهرجانات الربيع الاحدى عشر جميعها بالاضافة الى كونه رساما من الدرجة الممتازة’فقد مثقفا رائعا’قرأ الاف الكتب’وكتب قصص كثيرة ’واشترك مرة واحدة في مسابقة القصة القصيرة ’والتي اطلقتها جريدة فتى العراق التي كانت تصدر في الموصل’وفازعن قصته المعنونة(المراهق الخجول)عام 1965كذلك كتب قصة رائعة عن شخصية غريبة ظهرت في الموصل في اواسط الستينات’وكان رجلا قويا صلب البنية’يرتدي ملابس غريبة وفي ايديه وارجله اسورة’يزعم انه عنترة ابن شداد’بعنوان(شهيد المحبة البيضاء)وذلك بعد ان جلس معه واجرى لقاءا مطولا’
كانت التفاتة رائعة وذكية من المرحوم ستار’والذي ماكانت تفوته ظاهرة تستدعي التوقف امامها وتسجيلها
وانا لاادري لماذا لم يلتجئ الى النشر رغم قوة وغزارة انتاجه الادبي الرائع بكل المقاييس
مارس مهنة تدريس مادة التربية الفنية في عدة مدارس في الموصل’واخرها كان ثانوية الزهور للبنين
واستطاع ان يحصل على الكثيرمن جوائز شانكار العالمية لتلاميذه الموهوبين كان لافتتاح محطة تلفزيون الموصل فرصة ممتازة للمرحوم ستار حيث ظهر في برامج حوارية مع مجموعة كبيرة من المثقفين والمختصين في كافة مجالات الثقافة العامة’فجذب انتباه واهتمام اعداد غفيرة من مثقفي الموصل خاصة وجماهيرها عامة ومع ذلك فقد حورب وحوصر من قبل اجهزة النظام بسبب ميوله الماركسية وعدم موافقته على الارتباط بحزب البعث رغم الضغوطات والاغرائات’ وقد قام الدكتور حميد الصائغ امين سر حزب البعث في محافظة نينوى باستدعائه الى مكتبه شخصيا’وكان على معرفة جيدة به حيث انهما في نفس السن’وكانا يوما جيرانا’’عرض عليه الانتماء للحزب’مع اغراات كثيرة’الا انه لم يستطيع ان يقنعه’بل تمكن المرحوم ستار من اقناع الصائغ بأنه لافائدة من الالحاح’لانه من المستحيل ان يغير افكاره لانها احاسيس ومشاعرلا ىيمكن ان تباع ولاتشترى’ابدا’
وخرج من مكتبه بعد ان اكد له انه غير مرتبط بأي حزب’وليس له نشاط سياسي حوصر كثيرا واستفز من قبل اجهزة الامن’ومنظمة الحزب’وصودرت جوائز كان قد حصل عليها واوقف صرف مستحقاته’وسجلت بعض اعماله باسم غيره باختصار مورست ضده كل انواع الضغوط’لكنه لم يلين او يستسلم لااردة الاخرين’بل انه غامر بترشيح نفسه نقيبا للفنانين في نينوى’ونافس حزبيين مدعومين بقوة من قبل السلطة’’وفاز يوم 20 شباط(فبراير)1994’بالاغلبية المطلقة من اصوات المقترعين لكنه للاسف لم يعلم ذلك’حيث ان الذي حضر لتبشيره بالنتيجة وجد انه قد فارق الحياة قبل دقائق من اعلان النتيجة! اما لماذا توفي وهو ففي هذا العمر المبكر’فلتلك القضية قصة لابد من ذكرها
لانها ذات دلالة ومعنى ففي تموز 1962خرج المرحوم ستار في تظاهرة جماهيرية في بغداد تنادي باعطاء الكرد حقوقهم’وقامت اجزة الامن بتفريقها’والقت القبض على بعض المشاركين فيها’ومن ضمنهم ستار الشيخ,
اودع في سجن رقم واحد بانتظار التحقيق والمحاكمة وبسبب برودة الارض التي اجبرعلى النوم فوقها’اصيب بالتهاب اللوزتين’ومن سوء حظه ان الجرثومة التي اصابته كانت من نوع المكورات العنقدودية’والتي ان لم تعالج بمضادات حيوية’ملائمة ,تبقى في الدم وتتطور وتسكن’اما في المفاصل او في شغاف القلب’’وفي حالته سكنت القلب
وهكذاعاش بعدها يعاني من تلك الاصابة’حتى استطاعت ان تصرعه الجدير بالذكر ان موعد محاكمته كان في تموز1963’وحكم بالسجن لمدة شهرين’واطلق سراحه فورا لانه كان قد امضى سنة كاملة في السجن اي يطلب الحكومة عشرة اشهر لم يعوض ولم يرد اعتباره هذا الامر اذكرة لمن لازال يمجد عصرعبد الكريم قاسم الحديث عن ستارالشيخ طويل لكني ساكتفي بماكتبته’دون ان انسى بأن اسمه قد خلد في كتاب موسوعة مشاهير نينوى في القرن العشرين
#مازن_الشيخ (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مقترحين اضعهما امام انظار مؤتمرالكويت للمانحين
-
18 عاما على رحيل والدتي الحبيبة’ذكرى فيها عبرة
-
لا لاعادة انتخاب اي من اعضاء البرلمان العراقي الحالي’نعم لحك
...
-
امريكا تنفذ جيلاجديدا من الحروب باسلحة دمار شامل سايكولوجية-
...
-
امريكا تنفذ جيلاجديدا من الحروب باسلحة دمار شامل سايكولوجية-
...
-
الى منتقدي احتفالات المسلمين بعيد رأس السنة
-
ترامب اصدق واشجع رئيس امريكي معاصر
-
توقيت اعلان ترامب’عن القدس’هو تأكيد اخر لصحة نظرية المؤامرة
-
الوقائع تؤيد نظرية المؤامرة
-
علي عبد الله صالح’حصد ماكان قد زرعه
-
هل بدأ العد التنازلي لضرب حزب الله؟
-
كيف استطاع الدواعش استعادة البوكمال؟
-
الامير محمد بن سلمان’هل سيكون الشخصية الاكثرشهرة لعام 2017؟
-
العراق دولة اتحادية لايمكن ان تتجزأ
-
هل السيد مسعود البرزاني’هو رمز’وقائد تاريخي للثورة الكردية؟ت
...
-
هل حان الوقت لتحرر الكورد من الهيمنة البرزانية؟
-
اما كفا العراقيين حروبا ودمارا وتشردا؟
-
ذكريات كوميدية من ايام خدمتي العسكرية
-
امريكا تنفذ جيلا جديدامن الحروب’باسلحة دمارشامل سايكولوجية
-
السياسة فن الممكن’وليس لوي الاذرعة’كما حدث في استفتاء كردستا
...
المزيد.....
-
تحليل: رسالة وراء استخدام روسيا المحتمل لصاروخ باليستي عابر
...
-
قرية في إيطاليا تعرض منازل بدولار واحد للأمريكيين الغاضبين م
...
-
ضوء أخضر أمريكي لإسرائيل لمواصلة المجازر في غزة؟
-
صحيفة الوطن : فرنسا تخسر سوق الجزائر لصادراتها من القمح اللي
...
-
غارات إسرائيلية دامية تسفر عن عشرات القتلى في قطاع غزة
-
فيديو يظهر اللحظات الأولى بعد قصف إسرائيلي على مدينة تدمر ال
...
-
-ذا ناشيونال إنترست-: مناورة -أتاكمس- لبايدن يمكن أن تنفجر ف
...
-
الكرملين: بوتين بحث هاتفيا مع رئيس الوزراء العراقي التوتر في
...
-
صور جديدة للشمس بدقة عالية
-
موسكو: قاعدة الدفاع الصاروخي الأمريكية في بولندا أصبحت على ق
...
المزيد.....
-
سيرة القيد والقلم
/ نبهان خريشة
-
سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن
/ خطاب عمران الضامن
-
على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم
/ سعيد العليمى
-
الجاسوسية بنكهة مغربية
/ جدو جبريل
-
رواية سيدي قنصل بابل
/ نبيل نوري لگزار موحان
-
الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة
/ أيمن زهري
-
يوميات الحرب والحب والخوف
/ حسين علي الحمداني
-
ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية
/ جورج كتن
-
بصراحة.. لا غير..
/ وديع العبيدي
-
تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|