أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد عصيد - التعامل الديني القاسي مع الأطفال يتعارض مع البيداغوجيا العصرية














المزيد.....

التعامل الديني القاسي مع الأطفال يتعارض مع البيداغوجيا العصرية


أحمد عصيد

الحوار المتمدن-العدد: 5792 - 2018 / 2 / 19 - 22:32
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يقوم التيار المحافظ بحملة ممنهجة ضدّ وزير الشبيبة والرياضة المغربي الذي صرح بأن إيقاظ الأطفال في الثالثة صباحا لصلاة الفجر في المخيمات عمل غير مقبول، كما أن تركهم في الشمس لمدة طويلة لأداء صلاة الجمعة سلوك لا يطابق وضعهم وسنهم، ويشكل خطرا على صحتهم.
ما صرح به وزير الشبيبة والرياضة سليم تماما من الناحية العلمية والبيداغوجية، وفيما يلي بيان ذلك:
إن ما يمارسه التيار المحافظ سواء الإخواني أو الوهابي السلفي يطابق أسس ومنطلقات التربية الدينية التقليدية كما كانت معتمدة في المراحل السابقة من تاريخ المجتمعات الإسلامية، وهي التربية التي كانت متداولة في "المسيد" أو في المدارس القرآنية، والتي فلسفتها متضمنة في العبارة التالية المعروفة في الدارجة المغربية "أنت تقتل وأنا ندفن"، العبارة التي كان ينطق بها الآباء معبّرين من خلالها لفقيه الكُتاب عن قبولهم بكل أشكال المعاملة القاسية التي تمارس على أطفالهم بحجة أن الهدف النبيل هو تحفيظهم القرآن وجعلهم مسلمين. وكان من مظاهر هذا التعامل إيقاظ الأطفال باكرا جدا عند الفجر وتحفيظهم القرآن بالعنف والضرب الذي كان في بعض الأحيان يتحول إلى مشاهد تعذيب مروعة، وإرغامهم على سلوكات دينية وتعبدية هي من اختصاص الكبار البالغين الذين يقومون بها عن طواعية واختيار حرّ لا بالإكراه والتعذيب.
غير أن هذا المنظور القائم على ثنائية العنف والاستظهار بدون فهم، أصبح اليوم يتعارض مع حقوق الطفل تعارضا تاما، كما يتناقض مع أسس التعليم الحديث الذي تعطى فيه الأولوية للطفل بوصفه إنسانا وليس للدين أو لأي عنصر آخر. فالاعتقاد في ضرورة إرغام الأطفال على سلوكات دينية مبالغ فيها حتى يتعودوا عليها ويحافظوا عليها في كبرهم هي مقاربة خاطئة تماما، لأنها تحرم الأطفال من أن يعيشوا طفولتهم التي لا يمكن استعادتها بعد أن تكون قد مضت إلى غير رجعة، ومن المظاهر الفاضحة في هذا النهج السلفي السلبي "تحجيب" الطفلات بذريعة جعلهن يتعودن على "الحجاب" أو "الخمار" أو "البرقع" دون انتباه إلى أن جسد الطفلة لا يمكن التعامل معه كما لو أنه جسد امرأة، إلا لدى المصابين بالأمراض النفسية الذين يرتكبون جرائم اغتصاب الأطفال. ومن ذلك إيقاظ الأطفال عند الفجر وإرغامهم على الصلاة وقراءة القرآن اعتقادا بأن الطفل سيحافظ على ذلك السلوك عند كبره، بينما الحقيقة أنه سيعمل على التخلص منه بمجرد اكتساب قدر من الاستقلالية والتحرّر، لأنه سلوك كان بالنسبة له في طفولته أقرب إلى التعذيب منه إلى ممارسة شعيرة دينية يُفترض أنها اختيار شخصي وليست أمرا قسريا.
إن التربية السليمة للأطفال إنما تقوم قبل كل شيء على احترام طفولتهم وسِنهم، وكل من لم يأخذ بعين الاعتبار عامل السنّ ومستوى النضج النفسي والذهني لدى الأطفال إنما يقوم بعملية تخريب خطيرة لشخصياتهم، ومن شأن ذلك أن يترك آثارا سلبية في أذهانهم قد لا تزول بسهولة، فمن أخطاء التيار المحافظ الإخواني والسلفي معا إسقاطهم لشخصية الكبار على الأطفال، والتعامل القاسي معهم دون اعتبار المرحلة التي يجتازونها، ومن ذلك الحديث إلى الطفلات الصغيرات عن الزواج و"واجبات الزوجة" وأن مسؤولية الزواج تبدأ مبكرا قبل سن العاشرة.
أما عن المخيمات فالهدف الرئيسي منها هو الترفيه واللعب والتثقيف الممتع، وذلك لتخفيف العبء النفسي عن أطفال قضوا مدة غير يسيرة داخل حجرات الدرس، واستحقوا بعدها فسحة من الزمن يرتاحون فيها ذهنيا وجسديا، فإرغامهم على الاستيقاظ في الفجر للصلاة وقراءة القرآن وتحفيظهم أذكارا وأناشيد دينية يؤدي بهم إلى الانغلاق داخل بنية ثقافية دينية ضيقة، مما يعرقل فهمهم للعالم، لأن الثقافة الدينية وحدها لا يمكن أن تمكن المواطن من فهم العالم فهما واقعيا وعلميا، إذ لا بد من الانفتاح على مكونات الثقافة المختلفة كالفنون والآداب والعلوم والتجارب الإنسانية الغنية.
إنّ تحفيظ الأطفال أناشيد أو تلقينهم أفكارا إيديولوجية لا تتلاءم مع مقام العطلة والمخيم ولا مع سنّ الطفل، هو سطو على حقهم في الراحة والمتعة واللعب والتثقيف الإيجابي والممتع، الذي يجعلهم مقبلين على الحياة والإبداع والعمل بروح مواطنة مفعمة بالمشاعر الإيجابية.
وإن كل ما يتعلق بالدين هو اختيار شخصي ينبغي أن يتم بكل حرية عند بلوغ سنّ النضج العقلي والجسدي لدى الفرد، ولا ينبغي أن يكون ترويضا إيديولوجيا قسريا أوتعذيبا جسديا للأطفال. وعلى الدولة أن تعمل على مراقبة المخيمات المختلفة فيما يخصّ مضامين الخطابات التي يتم تمريرها للأطفال من جهة، وكذا أساليب معاملتهم من جهة أخرى، حتى يتم التيقن من تطابقها مع التزامات الدولة ومع القوانين والقيم التي ينص عليها الدستور.
في هذا السياق وللاعتبارات المشار إليها، أعتقد أن وزير الشبيبة والرياضة لم يعبر إلا عما يتلاءم مع مهامه ومسؤولياته، ومع ما يمليه عليه واجبه.



#أحمد_عصيد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل أصبحت مهمة سائقي التاكسي نشر الجهل والتطرف ؟
- إلى أحمد الريسوني: من أوصل الجامعة المغربية إلى حافة الإفلاس ...
- مشكلتنا مع الدّعاة وفقهاء التشدّد
- عندما يعتلي الجهلُ منابر المساجد
- لماذا لا يحسن المسلمون الدعاية لرأس السنة الهجرية ؟
- نهاية مقامر
- القدس عاصمة الديانات الثلاث، ينبغي أن تكون منطقة دولية
- مقترح قانون حزب العدالة والتنمية بشأن العربية نكوص ذهني متأخ ...
- في الحاجة إلى الفلسفة، ضد العنف والوصاية
- حِجّية الحديث (بصدد النقاش حول البخاري)
- ما الذي يمكن للبهائية أن تقدمه للمسلمين اليوم ؟
- الاعتراف بالتعددية الدينية وحرية الضمير من أوليات الحياة الد ...
- وحدة العراق، مطالب الكُرد، وموقف الحركة الأمازيغية
- معاني الدولة، السلطة، والوطن
- أي مغرب نريد ؟
- الشعور الوطني والنشيد الوطني
- الاقتتال بسبب الدين من مظاهر غباء البشر وانحطاطهم
- التحرش الجماعي الأسباب والأبعاد
- لماذا لا تنفع انتفاضات الشارع في تغيير واقعنا ؟
- جمعيات -الطابور الخامس-


المزيد.....




- ماذا نعرف عن الحاخام اليهودي الذي عُثر على جثته في الإمارات ...
- الاتحاد المسيحي الديمقراطي: لن نؤيد القرار حول تقديم صواريخ ...
- بن كيران: دور الإسلاميين ليس طلب السلطة وطوفان الأقصى هدية م ...
- مواقفه من الإسلام تثير الجدل.. من هو مسؤول مكافحة الإرهاب بإ ...
- الإمارات تعلق رسميا على مقتل -الحاخام اليهودي-.. وتعلن القبض ...
- الإمارات تعلق رسميا على مقتل -الحاخام اليهودي-.. وتعلن القبض ...
- من هم المسيحيون الذين يؤيدون ترامب -المخلص-؟
- المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرتا اعتقال نتنياهو وجال ...
- الأميرة المسلمة الهندية -المتمردة- التي اصطادت النمور وقادت ...
- تأسست قبل 250 عاماً.. -حباد- اليهودية من النشأة حتى مقتل حاخ ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - أحمد عصيد - التعامل الديني القاسي مع الأطفال يتعارض مع البيداغوجيا العصرية