|
في تحديات العيش - الأقوامي - المشترك
صلاح بدرالدين
الحوار المتمدن-العدد: 5792 - 2018 / 2 / 19 - 17:31
المحور:
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
في منطقتنا وبالبلدان المتعددة الأقوام والأثنيات التي نالت استقلالها منذ القرن العشرين تحت ظل دساتير وضعتها القوميات السائدة الغالبة حسب مقاسها متجاهلة الآخر القومي المختلف أصولا ولغة وتاريخا وثقافة كما هو الحال في بلادنا وبعد مرور الزمن واستعصاء حدوث التحولات الديموقراطية وسير الحياة القانونية والسياسية والاجتماعية على هذا المنوال وظهور النزعات الشوفينية من قوى وتيارات ومجموعات حاكمة مستبدة وتماديها في تحويل الخطأ الدستوري التاريخي القاتل الى حقائق قانونية ادارية على الأرض من خلال اللجوء الى سلطة القانون وقوة التنفيذ وذرائع ( الأمن القومي ) ووحدة الوطن وما تفتقت بها عقول العنصريين من مخططات ومشاريع في اطر تغيير التركيب الديموغرافي والتهجير والحرمان من حقوق المواطنة وتزوير التاريخ وتبديل أسماء البشر والمناطق والمدن والقرى نقول بعد كل ذلك والذي دام حوالي القرن ألحق الأذى بالقضية الوطنية والديموقراطية والتقدم والتنمية وزرع ألغاما أمام تحقيق العيش المشترك والوئام من الصعوبة جدا تخطيها الا بعد انجاز مهام انقاذية عاجلة . قبل نحو اسبوعين وبمناسبة السنة الأمازيغية الجديدة شاركت في ندوة علمية بمكناس – المغرب تحت عنوان ( حوار الثقافات وتعايش الهويات ) أقامها " مركز الذاكرة المشتركة من أجل الديمقراطية والسلم " وقد لمست مدى التشابه بين الأزمة المتفاقمة في بلدان المغرب والمشرق حول قضية تعايش الشعوب والقوميات وكيف أنها تحتاج الى المزيد من الحوار الهادىء والتفاعل المعرفي للوصول الى القواسم المبدئية المشتركة والاعتراف المتبادل بالوجود والحقوق وكما هو الحال في بلدان المشرق هناك لدى كل الأطراف توجهات ورؤا مختلفة وأحيانا متناقضة فلدى القومية السائدة من يسعى الى تمثلية واذابة الآخر ومن يميل الى تحقيق التفاهم والمساواة من دون آليات واضحة وأقصد هنا الالتزام بمبدأ حق تقرير المصير أما لدى شعب الأمازيغ فهناك تياران أحدهما غالب يؤمن بالتشاركية والعيش المشترك على قاعدة الحل الديموقراطي لقضيته والتعددية وانتزاع الحقوق المشروعة كما تجد تيارا متشددا فقد الأمل من القومية السائدة ولكن الآفاق مازالت رحبة من أجل الحلول الوطنية عبر الحوار السلمي . في سوريا وبالعودة الى الوراء قليلا وفي باكورة نضال الجناح اليساري في حركتنا الكردية قبل نحو خمسة عقود اخترنا درب الحوار والتفاهم حيث لاسبيل غيره وواجهنا المواقف المتناقضة والغريبة وتعقيدات لاتحصى ليس في مجال التفاهمات السياسية العامة مع القوى السياسية السورية بل بخصوص الاعتراف بوجود شعب كردي شريك يشكل القومية الثانية وبالرغم من اعتبارنا الشيوعيين الأقرب الينا ( نظريا ) ولكن لم نحظ منهم بأي اعتراف أو تعاون خاصة الحزب الرسمي المنضوي بجبهة النظام بعكس شيوعيي ( رابطة العمل ) الذين تعاوننا سوية وأصدروا وثائق تلتزم بحق تقرير مصير الكرد السوريين حتى أجنحة من حركة القوميين العرب مثل ( حزب العمل الاشتراكي ) سار على المنوال ذاته وكذلك جناح حزب البعث اللبناني الموالي لمجموعة صلاح جديد أما الاسلامييون والناصرييون والقومييون التقليدييون فوقفوا ضد الحقوق الكردية على طول الخط . منذ اندلاع الانتفاضة الثورية في آذار 2011 حصلت تطورات عميقة ومن ضمنها نوع من الانفتاح السوري على الكرد وقضيتهم وتوسع الحوار بين شباب التنسيقيات والحراك الوطني الثوري لدى الكرد والعرب وحتى بعد ظهور كيانات المعارضة من مجلس وائتلاف وتحفظاتها كونها انقادت من الاسلام السياسي والأحزاب التقليدية ( الاسلامية والقومية والشيوعية ) التي لم تحمل يوما تراثا تاريخيا يشي بالانفتاح على الكرد أو الالتزام بحقوقهم الا أنها لم تنجح في وقف المد الانفتاحي والتواصل الكردي العربي وتحول الحقوق المشروعة للكرد جزءا من مهام الثورة الوطنية الديموقراطية من أجل الحرية والكرامة . للأسف الشديد وضعت جماعات – ب ك ك – ذرائع جديدة بأيدي شوفينيي – المعارضة – وخصوصا جماعات الاسلام السياسي منها حتى تتمادى في انكار الحقوق الكردية المشروعة وذلك عندما ظهرت تلك الجماعات ومن بدايات نشوب الانتفاضة بدعم واسناد نظام الاستبداد وايران كطرف معادي لارادة السوريين وثورتهم ضد نظام الأسد ونقل معركتها مع تركيا الى الأراضي السورية كما طبقت سلطتها الأمر واقعية في المناطق الكردية على أساس الدكتاتورية الحزبية ورفض مشاركة المختلفين معها وبينهم الشباب والمستقلون والأحزاب والجميع كانوا من أنصار الثورة السورية بشكل أو آخر وقد أنتجت هذه السياسات الخاطئة عدم الثقة وخلقت العداوات ودقت أسافين في جسم العلاقات الكردية العربية الى درجة غياب الحوار الهادىء حتى بين أطراف من نخب الشعبين وحل محله أسلوب الصدام والنزعة العنصرية الخطيرة وجاءت الاعتداءات التركية الأخيرة وبمشاركة فصائل – المعارضة – المسلحة لتزيد الطين بلة . رغم كل ماقيل في الأسابيع الأخيرة في نطاق التراشق اللاحضاري بين عناصر كردية وعربية الا أننا نقول أن التعميم خاطىء ولاأساس له ولم نفقد الأمل ولم تحصل نهاية للحياة خاصة وأن متشددي الطرفين ليسوا من المقيمين في الداخل بغالبيتهم الساحقة وبالتالي لايعبرون عن حقيقة مصالح الشعبين ولا ينطلقون من المزاج الوطني العام طبعا حرية الرأي تشمل أيا كان ومن حق أي كان عرض مايراه مناسبا ولكن لاحظنا على سبيل المثال ولدى المناوشات الكلامية بين متشددي الشعبين بالخارج حصول عقد ندوات حوارية بالوقت ذاته بالقامشلي بين مثقفي وناشطي الكرد والعرب والمكونات الأخرى تدعو الى التكاتف والاعتراف المتبادل بالحقوق والتشاركية . أكرر ما ظهرت في الأسابيع الأخيرة من مهاترات تفوق التصور وتخترق كل المبادىء التي قامت عليها الحركة الديموقراطية الكردية والعربية ولن يستفيد من حالات العداء تلك سوى نظام الاستبداد والقوى الخارجية التي لاتريد الخير للسوريين فبالأخير سنبقى نحن الكرد والعرب والتركمان والمسلمون والمسيحييون وأتباع سائر الأديان والمذاهب الوطنية في عيش مشترك بوطن واحد تعددي وتفاعل ايجابي مهما كانت الحلول المطروحة لمصير البلاد .
#صلاح_بدرالدين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من أجل عفرين وأهلها
-
ولكن لماذا - عفرين - ؟
-
- حوار الثقافات وأسئلة الهوية - حوار الثقافات وتعايش اله
...
-
مأساة - عفرين - : هل هي خاتمة الاستهتار الحزبي ؟
-
الجميع يتلاعبون بمصير السوريين
-
( سوتشي – تظاهرات ايران – ارتداد الأحزاب الكردية )
-
من جديد حول مؤتمر - سوتشي -
-
في - المعارضة - ومستقبل سوريا
-
عود الى بدء : سوريا الى أين ؟
-
رسالة مفتوحة الى - المجلس الوطني الكردي -
-
فدرالية تحت الاحتلال ولا فناء في ظل الاستبداد
-
جولة بين مواضيع الساعة
-
الرياض 2 خطوة أخرى الى الوراء
-
سوريا وكردها والمستقبل الغامض
-
لعنة كركوك
-
أزمة الكرد السوريين في - أحزابهم -
-
أربيل - دير الزور - بيروت أو طريق - الحشد - السالكة
-
لا لاملاءات الطائفيين والعنصريين
-
على هامش تطورات كردستان العراق
-
( هيئة التفاوض – قاسم سليماني )
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية
/ نجم الدين فارس
-
ايزيدية شنكال-سنجار
/ ممتاز حسين سليمان خلو
-
في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية
/ عبد الحسين شعبان
-
موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية
/ سعيد العليمى
-
كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق
/ كاظم حبيب
-
التطبيع يسري في دمك
/ د. عادل سمارة
-
كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟
/ تاج السر عثمان
-
كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان
/ تاج السر عثمان
-
تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و
...
/ المنصور جعفر
-
محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي
...
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|