أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد علي العامري - لماذا تخلّف المسلمون -- الحلقة الثانية















المزيد.....

لماذا تخلّف المسلمون -- الحلقة الثانية


محمد علي العامري

الحوار المتمدن-العدد: 5792 - 2018 / 2 / 19 - 13:28
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قال شاعر الحكمة جميل صدقي الزهاوي :
قال : أترك المعقول ، لا تعمل به .... حتى يؤكد حكمه المنقولُ
قلت: أترك المنقول ، لا تعمل به .... حتى يؤكد حكمه المعقولُ
إغلاق العلوم العقلية
" في الفكر الديني يكون العقل نسبي ، وبما إنه نسبـي فيجـب أن يكـن تابـع للنـص الدينـي المطلـق ، ولا يخرج عن هذا الإطار " (1). يعنى هذا أن العلوم الطبيعية تكون محدودة ولا قيمة لها إذا لم تدخل بإطار النص الديني المطلق المنزل من السماء المغلف بهالة المقدس . والنـص المقـدس إلاهيـاً لا يمكـن تحكيـم العقل به لأن العقل نسبي إذا ما قارناه بالنص الديني المطلق ، وحسب الفكر الديني ، أن يخضـع النسبـي للمطلق، يعنى ذلك إلغاء العقل أمام النص الديني المقدس . ولهذا أصبح المسلم مقلِّـد تابع مطيـع لما يأتي به مشايخ الدين من فتاوى تكون أحياناً خارج تغطية العقل ، أو مضادة للعلم ، كرفضهم دوران الأرض أو إختراق الفضاء وغيرها من الإكتشافات العلمية التي لا تتفق مع الفكر الديني . ففضّلوا أن يبقى الفكر الديني وخطابه ولغته وطريقته متكلّساً مترهلاً منغلقاً ألف مرة عن أن تناله يد التجديد أو تطالـه بواعـث التحديث والعقلنة .
بينما نرى العالم المتحضر يسرع نحو التقدم العلمي والتكنولوجي ويخصص له أموال طائلة في سبيل أن نبقى بشراً ، وبينما الكل يرهق نفسه وعقله سعياً لمزيد من التقدم والرقي .. نجد العالم الإسلامي يفرض غبارة سوداء كي تحجب عنه الأبصار والبصيرة ، وتدخله في ضلام وعتمة تقوده الى مزيد من التخلف واللاعقل ، ويُطلى العقل المسلم بمثل هذه الغشاوة والجهالة التي تحرمه حتى من التفكير وحق الإنتقاء ، وحتى رفض ما هو مرفوض بطبعه ، ليتم تحصين العقل المسلم ضد العلم والإستنارة ، حيث غلـب طبـع المسلمين على قبول التطبع والتطبيع ليس من أجل التطور والرقي بل مـن أجـل صد كـل ريــاح التغييـر السياسي والإقتصـادي والإجتماعـي والثقافـي ، وتغليـب القدامة علـى الحداثـة ، وتغليـب التعليـم الدينـي المتحجر الظلامي على التعليم المتنور المتجدد دائماً . لقد غلب ( التأسلم البدوي ) ومنهج الرعوية على العقلانية .
وعلى أصوات دوي مدافع تكنولوجيا الإنترنت وشبكات التواصل الإجتماعـي إهتـز المسلمـون وإنتبهـوا أثناء يقظتهم المفاجئة بأنهم متخلفون عن العالـم الآخـر بمئـات السنيـن . وإذا مـا حـاول البعـض منهـم أن ينهض من جديد ليلحق بركب المجتمع البشري المتقدم والمتحضر ، نرى البعض الآخر المتزمت بالنص المقدس يستميت لرد الإعتبار بإعادة المخزون التقليدي الماضوي ليعرقل طموح الجيل الجديـد للحداثـة ، لأن الحداثة في نظرهم هي إختراق غربي للإسلام وإبعـاد المسلميـن عـن دينهـم وتقالـيده التـي يجـب أن يحافظوا عليها ويجاهدوا من أجلها لنيل رضى الله والفوز باليوم الآخـر { والآخـرة خير لـك من ألأولى } سورة الضحـى.
ولهذا بقي وضع المسلمين على نفس الحال منذ 1400 سنة وليومنا هذا دون أن يتقدموا خطـوة واحــدة، ويمكننا أن نستثني الفترة الذهبية التي مر بها العالم الإسلامي خلال الخلافة العباسية ، وهي فترة إتسمت بالطابع التنويري . وإذا أتيحت لهم الفرصة أن يتقدموا ، تبدأ نيران الشتائم على الغـرب الكافـر ، ويلصقـون به شتـى أنـواع التهـم ، ويُرجعون الى تأثيراتها جميع المفاسد والقبائح والكبائر ، كما ينددون بالتأثيـرات (الهدامة) الآتيـة مـن ذاك الغرب الذي " أستبدل الروحانية الربانية بالمادة والمادية" (2) وهي العقل وإبداعاته .
إعادة إنتاج التخلف
المحنة الكبرى تتمثل فيما ينتشر في مجتمعاتنا العربية والإسلامية عامة من مناخ ديني لا عقلاني متخلف شبه أسطوري لا صله له بالواقع الذي يعيشه المجتمع البشري اليوم ، ولا بدعوته للتعقل والتدبر والتفكير ، ولا بمراجعة الذات . فأصبح القيمون على الدين الإسلامي مصدراً من مصادر نشر اللامعقول " بتعبئة دينية مجردة إطلاقية يغلب عليها الطابـع الإنفعالـي " (3) يشحنـون بهـا المجتمعـات الإسلامـي البسيطـه عاطفياً ، ويغيّبون عن أبنائها الحلول الموضوعية لمشاكلهـم الحقيقيـة ومعاناتهـم اليوميـة والعراقيـل التـي تقـف حائـلاً دون رؤيـة مستقبلهـم . فتراهـم يفرضـون آراءهـم الأصوليـة الجامـدة المتعصبـة الإقصائيـة بإستـخدام النـص الديني المقدس الذي لا يمكن المسـاس أو التحــرش بـه . وللتعويـض عـن ذلـك يلجـأون الى الجنوح للخرافة والشعوذة والقضاء والقدر ، لأن العلـوم العقلية فـي نظرهـم لا تنفـع ولا تفيد المسلـم أمام العلوم الشرعية ، لذلك نراهم يحاربـون المدارس المدنية وأساليـب التعليم الحضاري وكل ما له صله بالحداثة، فأصبحت المدارس والجامعات فـي البـلدان العربيـة والإسلاميـة مؤسسـات ذات منهـج الملالـي للتعليم التلقيني الببغاوي الذي يستخدم للذاكـرة القصيرة ، وحالمـا ينتهي فصل الدراسة يتبخر فوراً كل ما تعلموه خـلال الأثنـي عشـر سنـة أو أكـثر ، ويذهـب تعبهـم أدراج الريـاح . وهـذه الجامعـات يتخـرج بها سنويـاً آلاف الشبـاب ، ليجـدوا أنفسـهم أما بالشـوارع عاطلين عن العمل أو موظفين فـي الدوائر ذات الإدارة المتخلفـة والبدائيـة ، التي تعتمد على ذهنيـة التحريـم وتكبيـل العقـل المفكـر مـن ناحيـة ، وســوء إعـداد البرامـج التنموية العلمية لتطويرهؤلاء الدارسين فكرياً ومهنياً لما تتطلبه الحداثة والعصرنة ، من ناحية أخرى .
وأنا على يقين بأن هذا التخلف في مجتمعاتنا لم يأتي بشكل عفوي ، بل هو مخطط لـه ومبرمـج بمـا يتـلاءم ومصالح الدول المتقدمة التي من مصلحتها أن تكبر المسافـة بينها وبيـن الـدول ذات المجتمعـات الغارقـة بالتخلف والتي إذا أردنا أن نجمّل صورتها ممكن أن نطلق عليها مصطلح " البلدان النامية " .
"لاحظوا ازدياد بناء المؤسسات الدينية من جوامع ومعاهـد ومدارس طائفيـة أكثر بكثير مـن المؤسسـات العلمية والتقنية والبحثية ، فهـذا لم يأتي عفوياً أو من فـراغ " (4).. وكذلـك فتح عشرات محطات التلفـزة الفضائية لبث الشعوذة والتخريف ذات البرامج الهابطة ، يقابلهـا صفـر مـن المحطـات العلميـة والتربويـة العصرية الحضارية ، وهـذا أيضاً ليـس عفوياً أو جاء من فراغ .. طباعة الكتب التافهة والمتدنية الملوثـة والمخربـة لعقـول الأطفال والشباب وتوزيعها مجاناً أو تباع بأقل من تكلفتها ، لم يأتي هذا عفوياً .
وبما أن مفتاح التجديد والتغيير والتطور هو الوعي ، إذاً لا بد مـن عرقلـة سعـي الشعـوب الإسلاميـة المتخلفة لإكتشاف أسباب تخلفها عن طريق إعادة إنتاج التخلف بما يتناسب مع مصالح الـدول المتقدمـة التي نجحت بتوسيع الهوة بين الطرفين ، معتمدةً على الإسلام السياسي ، وتكوين أنظمـة حاكمـة مستبدة تابعـة لها وقادرة على تخدير شعوبها الى الحد الذي يجعلها تستميت للدفاع عن تخلفها بحجة أن الإسلام في خطر .
الهوامش :
1 – كيف نواجه التحديات – د. أحمد عصيد
2 – محاضرة للشيخ يوسف القرضاوي
3 – ذهنية التحريم – د. صادق جلال العظم
4 – الإرهاب والفتنة الطائفية – د. رفعت السعيد
يتبع الحلقة الثالثة



#محمد_علي_العامري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا تخلف المسلمون -- الحلقة الأولى
- إستهتار أبناء المسؤولين ، هل هو سلوك شخصي أم مكتسب من آبائهم ...
- لماذا ينتخب العراقيون من يسرقهم
- هل الحجر الأسود مازال في مسجد الكوفة - الحلقة الثانية
- هل الحجر الأسود مازال في مسجد الكوفة
- كلهم يدّعون الوصل بالله
- نظام الحكم الحالي ، غير شرعي وغير دستوري
- تهمة الإلحاد بالشيوعيين والعلمانيين
- إعادة إنتاج التخلف
- التآمر ، و ( نظرية المؤامرة )
- إلى أين ، أزمة اليسار العرابي ؟
- الإسلام ليس هو الحل
- - الشريعة الإسلامية - سلاح ذو حدين ( الحلقة الرابعة )
- - الشريعة الإسلامية - سلاح ذو حدين - الحلقة الثالثة
- - الشريعة الإسلامية - سلاح ذو حدين - الحلقة الثانية
- - الشريعة الإسلامية - سلاح ذو حدين
- سألوني .. لماذا لا تكتب عن مشكلة قطر
- ولكن .. يأتي الإرهاب لنا من هنا
- يمر الظلام علينا من هنا ...
- هل هناك إمكانية لتغيير الخطاب الديني وتجديده


المزيد.....




- آخر ضحايا فيضانات فالنسيا.. عاملٌ يلقى حتفه في انهيار سقف مد ...
- الإمارات تعلن توقيف 3 مشتبه بهم بقتل حاخام إسرائيلي مولدافي ...
- فضيحة التسريبات.. هل تطيح بنتنياهو؟
- آثار الدمار في بتاح تكفا إثر هجمات صاروخية لـ-حزب الله-
- حكومة مولدوفا تؤكد أنها ستناقش مع -غازبروم- مسألة إمداد بردن ...
- مصر.. انهيار جبل صخري والبحث جار عن مفقودين
- رئيس الوزراء الأردني يزور رجال الأمن المصابين في إطلاق النار ...
- وسيلة جديدة لمكافحة الدرونات.. روسيا تقوم بتحديث منظومة مدفع ...
- -أونروا-: إمدادات الغذاء التي تدخل غزة لا تلبي 6% من حاجة ال ...
- رومانيا: رئيس الوزراء المؤيد لأوروبا يتصدر الدورة الأولى من ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد علي العامري - لماذا تخلّف المسلمون -- الحلقة الثانية