|
حول مفهوم الدولة المدنية والدينية والعلمانية واختلافاتها
رياض عبدالله عباس
الحوار المتمدن-العدد: 5792 - 2018 / 2 / 19 - 11:45
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
المقدمة :- في ظل تطور قوى الانتاج نشأت في هذه المرحلة تناقضات وخلافات لمصالح اقتصادية معينة "تناقضات بين وسائل الانتاج وعلاقات الانتاج" أي دخول المجتمع الى تشكيلة أقتصادية واجتماعية في مرحلة جديدة من مراحل التطور وهذا الدخول أفرز نشوء طبقة تتبنى مصالحها الشخصية على حساب استغلال الطبقة الاخرى ، كانت هذه الصراعات قابلة للتطور والاستمرار والتضخم ولا يمكن حلها إلا بأنشاء نظام يقف فوق هذا المجتمع لحل هذه الخلافات القائمة ويبقيها ضمن حد معين لتجنب استهلاك نفسها , أطلق عليه مفهوم الدولة. أي أن المجتمع اتاح لنفسه وضع سلطة اعلى منه ،لا يمكن أي (الدولة) أن توافق بين الطبقتين وتبقى على الحياد فهي تنحاز الى الطبقة المهيمنة اقتصادياً وتكون نظام يجيز لها الحياد ويخفيه بالقانون. (1) مفهوم الدولة المدنية :-
مصطلح الدولة المدنية أو مفهوم هذا المصطلح ليس له تعريف منهجي دقيق ولم يدخل الى علم السياسة الى الان رغم الجذور التاريخية له قد تكرس هذا المفهوم بدولة المواطنة التي تعطي لاصحابها حقوق دون تميز على اساس العرق او الدين تجلى مفهوم الدولة المدنية حينما قامت الثورة الفرنسية ورفعت شعار ( المساواة والاخاء والحرية ) وهي من اسس المدنية التي سنضعها لاحقاً في مقارنة مع باقي المفاهيم .وقبلها في زمن الامبرطورية الرومانية حينما كانت مجالس الحكم والتشريع فقط للمواطنين دون العبيد فلما طالب العبيد بحق المساواة من خلال قيامهم بعدة ثورات منحهم الامبرطور حق المواطنة والمشاركة في المجالس شأنهم شأن المواطنين الرومان . هنا يمكن ان يعرف مفهوم الدولة المدنية على انه دولة لكل الناس بغض النظر عن دياناتهم ولونهم او اختلافاتهم الفكرية ويكون حاكمها لا يخضع لسلطة دينية. لما كان قرار الامبرطور بادخال العبيد واعطائهم حق المشاركة في المجالس هذا يدل على الطابع المدني أي ان يستمد الحاكم سلطته من الشعب ونلاحظ ان هذا التصور لمفهوم الدولة المدنية قد تطور بتطور الدولة الاوربية صناعياً. (2)
مفهوم الدولة الدينية :-
كل دولة تعتمد الدين في مرجعيتها الدينية ولا تقبل بغير الدين كمصدر للتشريع وترتكز هذه الدولة على قدسية السلطة ( قدسية الحاكم معتبرته ممثلا للأله وقرارته) وعند الضرورات التي يقع فيها حكام الدولة الدينية فهم يتجهون الى الاخذ بالقوانين الوضعية نتيجة ضعف او غياب النصوص الدينية او تشريعات الفقهاء . أن حصر هذه التشريعات بيد فرد او جماعة ممثله للسلطة هذا يعتبر مصادرة لحقوق وحريات الاديان الاخرى. مثال على الدولة الدينية (أسلامية) كما يتصورها الكاتب الباكستاني المودودي هي دولة تقودها طبقة مكونة من رجال الدين ولا تستمد شرعيتها من أي سلطة مدينة وليست لها أي أنتماءات أجتماعية انها طبقة دينية ممثله لالله وليست للشعب ولا تحكم باسم احد وانما تحكم باسم الله فقط . باستخدام الدين كوسيلة للحكم هنا تم تغريب الانسان عن حقائق واقعه الموضوعي وطمس الحقائق والصراعات المختلفة وطمس بعض المفاهيم والقيم والمواقف المعترضة فضلاً على تنمية روح الانقسام الطائفي بين الناس وتغذية للتعصب. (2)
مفهوم الدولة العلمانية :-
الدولة التي تفصل المؤسسة الدينة عن السياسة مع الاحترام الكامل للدين عكس ما روج له بعض المفكرين لينالوا منها والدولة العلمانية تضمن حرية الراي والتعبير لكافة مواطنيها كما وتسمح لهم بممارسة شعائرهم الدينية. تصنف العلمانية الى صنفين
1. العلمانية المرنة : التي تتنازل فيها المؤسسة الدينة عن سلطتها الكلية او الجزئية وفقط منطق اعادة توزيع السلطة 2. العلمانية الصلبة : اي هي اخذ السلطة بالقوة وفق صراع تناحري من المؤسسة الدنية التي لم تتنازل عن سلطتها. (2)
الدولة المدنية
1. تعتمد على القوانين الوضعية (قوانين يضعها الشعب لمصلحته)
2.الدين لله والوطن للجميع (أي ليس لرجال الدين اي سلطة او تدخل بامور الساسية بالاضافة لهذا انها دولة تحترم الدين وحرية الاعتقاد)
3.المساواة والمواطنة (لا تميز على اساس الدين او المعتقد او اللون)
4.تضمن الدولة حق التعبير وتغير الديانة وممارسة الشعائر الدينية على الفضاء العام .تحترم الدولة المدنية التعددية في الرأي
5.أبقاء صراع العقائد الدينية سلميا ويمنع تحويله الى صراع سياسي
6. تلغي الدولة المدنية تميز بين الرجل والمرأه باي مكان سواء في العمل او الارث والجوانب الاخرى
7.الحكم مدني وليس عسكري وتعتمد على دستور تأسيسي تعاقدي وعلى اجهزة حكم ليست عسكرية
8. للشعوب حق تقرير المصير هذا ما تتيحه الدولة المدنية
9. تشجع الدولة المدنية نشر الافكار الابداعية التي تعزز من ثقافة الشعب مثل الفن وغيره
الدولة الدينية 1. تعتمد الدين في مرجعيتها وتشريعاتها
2. السلطة لرجال الدين ( لا حاكمية الا الله ولا شريعة الا من الله ولا سلطان لاحد على احد الان السلطان كله للالله غياب الحياد تجاه الاديان والمذاهب الاخرى)
3.حصر حق التاويل بفئة معينة او حزب معين وهذا يتنافى مع المساواة والموطنة كما وانها تجرم حرية المعتقد
4.تعادي الحريات الفردية او الجماعية وتجرم تغير الديانة كما وتدمج الفضاء العام مع الفضاء الخاص والتدخل في الامور الشخصية للمواطن
5.تحول الصراع العقائد الدينية من سلمي الى سياسي خدمة لمصلحتها العامة فهي تقوم وتستمر على اساس خلق الازمات
6.لا تساوي بين الرجل والمرأة ولها موقف متشدد ضد ضدها مثلاً من شروط الرئيس الايراني ان يكون رجلاً
7. يكون الحكم مدنياً او عسكرياً لكن شرط ان يكون لسلطة رجال الدين
8. انكارها للفدرالية والحقوق القومية والتاكيد على الهوية الدينية
9. لها موقف معادي من النشاط الابداعي كالفن والتصوير وغيره
وبعد هذه المقارنة البسيطة نجد أن الدولة الدينة هي مرادفة للاستبداد ومصادرة الحريات ونقيض للدولة الديمقراطية والمواطنة التي يحتاج لها نضال مستمر بلا كلل او ملل فالدولة المدنية هي الاخيار الانسب لتكون بديلة عن الدولة الدينية الطائفية . النظام الديمقراطي اليوم في العراق غير ناضجة تماماً كما والعمل على استبعاده وانهاكه بكافة السبل لغرض نفيه او تقويضه من قبل حركات واحزاب الاسلام السياسي الموجودة اليوم كونه نظام يخالف مشاريعهم السياسية ومحاصصاتهم الحزبية . يمر العراق اليوم في صراع جوهري لاجل الهوية والطرف الذي سيكسب هذا الصراع هو من سيحدد او يكون الاقدر على تحديد ايدلوجية الدولة العراقية فبالرغم من وجود البعض القليل من اسس النظام الديمقراطي لكن لا نستطيع اعطائه الاسم الكامل للديمقراطية لكون هذه المرحلة ليست ديمقراطية بل هي محاولة للعبور الى هذا النظام ، تخلق الديمقراطية عن طريق مؤسسات الدولة المدنية لانها ستكون قادرة على العبور بنا الى مهمات المرحلة الانتقالية وتعاملها تعامل ايجابي في متناقضاتها . شرط الحصول على مرحلة التحول الديمقراطي يكون عبر بناء دولة المؤسسات والقانون وهذا يتطلب جهود ونضالات مستمرة وتثقف عن مفهوم الدولة المدنية والاخيار الانسب لعراق ديمقراطي اتحادي تسوده العداله الاجتماعية.
المصادر :-
(1) الدولة والثورة / لينين
(2) التغير الدولة المدنية الديمقراطية الاتحادية والدالة الاجتماعية / جدل المقولات رهانات الواقع واشتراطات المستقبل / د.صالح ياسر
#رياض_عبدالله_عباس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قائد الثورة الاسلامية يستقبل حشدا من التعبويين اليوم الاثنين
...
-
144 مستعمرا يقتحمون المسجد الأقصى
-
المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرة اعتقال نتنياهو بارقة
...
-
ثبتها الآن.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 علي كافة الأقم
...
-
عبد الإله بنكيران: الحركة الإسلامية تطلب مُلْكَ أبيها!
-
المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الأراضي
...
-
المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي
...
-
المقاومة الاسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي
...
-
ماذا نعرف عن الحاخام اليهودي الذي عُثر على جثته في الإمارات
...
-
الاتحاد المسيحي الديمقراطي: لن نؤيد القرار حول تقديم صواريخ
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|