شفيق التلولي
الحوار المتمدن-العدد: 5789 - 2018 / 2 / 16 - 17:43
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
وداعاً صاحب الإبتسامة الجميلة
قبل أيام قليلة وفور سماعي نبأ فتح معبر رفح هاتفته، لعل زوجته استطاعت اجتياز المعبر وعادت إلى غزة، لم تتمكن من ذلك بعدما أغلق المعبر سريعاً، أغلقت الهاتف على ابتسامته المعهودة التي استقبل مكالمتي بها، ذات الإبتسامة التي ارتسمت على محياه منذ عرفته وعرفه المخيم وشوارعه وحاراته التي جابها طفلاً وشاباً فتياً.
اليوم يرحل بسام الأقرع قبل أن يفتح معبر رفح بوابته؛ فتعود زوجته للقائه حياً ولا حتى فتحت لها تلك البوابة لتوديعه وإلقاء النظرة الأخيرة عليه، مات بسام قبل أن يتم زهر اللوز ويكتمل نصاب الربيع، وليوارى الثرى قبل أن تهبه رفيقة دربه دنيا الأمل وردة حمراء؛ وظلت عالقة بعيداً خلف الحدود.
منذ سكت بسام وأنا أنبش الذاكرة العتيقة ذاكرة المخيم والصور، صور الماضي المعبق بالبساطة والعطاء والإنتماء إلى رمله وأزقته، وطرقاته التي طالما عمل على تنظيفها زمن حملات العمل التطوعي وصحبه ممن آمنوا بالفكرة الفكرة التي انجبل عليها وجعلت منه فكرة لا تموت.
نعم يشهد على ذلك سوق المخيم والشارع الممتد منه إلى سكة الحديد ومدارس وكالة الغوث وتشغيل اللاجئين الواقعة على جانب ذلك الشارع وبيت عائلته الذي يقابل مدرستي مدرسة الإعدادية "ب" آخر تلك المدارس، ودكان أبيه "علي" التي تقابلها، الدكان القديمة حيث كم جالس فيها عديد الأصدقاء الذين أحبوه وأحبوا ابتسامته الجميلة الهادئة التي تشي بالخير والمحبة.
ما أصعب موت البغتة الذي طال بسام وقصفه كوردة نضرة كانت في انتظار ربيع حلم به وهو يزرع بتلات الورد في أصص المخيم على أمل أن تشرق الشمس من خلف سكة الحديد السكة التي هجرها القطار وسكنت قضبانها يوم أن سكتت عجلات القطار ولم يعد يركض بسام إليها قبيل أن يمر من جوار مسكنه.
سكت كما سكت معبر رفح وجعل زوجته دنيا الامل تهذي في بعدها القسري دون وداعه، لكنها ترى البسام بقلبها وروحها تراه في قصائدة وهي تتقافز من قلبها الذي يتفطر حزناً ولوعة من فيض الأسى والحسرة على راحلها التي أحبت.
أما المخيم مخيم جباليا فهو اليوم حزين على من أحبه، نعم كل المخيم حزين على هذا البسام الجميل، وأنا مثلهم أشاطرهم وذويه الحزن والدعاء له بالرحمة ولآله الصبر والسلوان.
نم يا أبا علي البسام نم يا ابن المخيم وارقد في ثراه حتى تقوم بسلام.
#شفيق_التلولي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟