ربما كان من حق العراقيين ان يفرحوا ب"تعثر" القرار التركي في مشاركة القوات الاميركية في غزو العراق، وربما كان فرح الاكراد اكبر لان القبضة التركية كانت ستخنقهم قبل غيرهم نتيجة "قسوة الجغرافية" حسب تعبير السيد مسعود البارزاني، الا ان هذه الفرحة ليس مقدرا لها ان تدوم، خاصة بعد ان صرح المسؤول العسكري التركي بان عدم مشاركة القوات التركية في غزو العراق سيحرم تركيا من منع مالاتريد حدوثه.
ويرى مراقبون ان الاتراك يفضلون دخول العراق برفقة الامريكان لما لهذه "الرفقة" من مكاسب ومغانم لم تعد خافية على احد، الا ان الاتراك سوف لاينتظرون اذنا من احد اذا ما تخلخل الوضع في شمالي العراق، فلهم خططهم الجاهزة للتحرك، وان واشنطن سوف تحاول مداراة الاتراك وتبرير تصرفهم كما يفعلون مع الصهاينة في فلسطين.
فقد عقد الجنرال فرانكس، قائد العمليات العسكرية الاميركية في منطقة الشرق الاوسط، اول من امس لقاء مع مسؤولين بارزين في وزارة الدفاع (البنتاغون) ركزوا خلاله على الخيارات ذات الصلة بتأسيس جبهة في شمال العراق في حال استمرار رفض تركيا السماح للقوات الاميركية بالمرور عبر اراضيها. وكان من المقرر ان يطلع الجنرال فرانكس الرئيس بوش امس على الجوانب المتعلقة بخطط الحرب. وأوضح الجنرال مايرز ان الولايات المتحدة لا تزال تواصل عملها مع تركيا التي صوت برلمانها يوم السبت الماضي ضد السماح للقوات الاميركية بتحريك قواتها عبر الاراضي التركية، بيد انه اكد على وجود جبهة شمالية «بتركيا او بدونها»، على حد تعليقه.(الشرق الاوسط 6/3/2003)، وهذا معناه بان الجبهة الشمالية ضرورية للقوات الاميركية فاذا لم يتم فتحها بموافقة رسمية تركية فان هناك "طرق التفافية" اخرى تحقق الغرض نفسه اميركيا، وبتنسيق تركي خفي.
فلم يعد سرا ان الخبراء الاميركان يعملون منذ مدة في" اعادة تأهيل" بعض المطارات العسكرية في شمالي العراق، وهذه المطارات ستكون هي نقطة الارتكاز الاولى للانزال الاميركي، وهي مأمونة لانها خاضعة لسيطرة مجموعة البارزاني،وهي تصلح لطائرات عسكرية خفيفة وطائرات الهليكوبتر، وبعد هذا الانزال الاميركي وتخلخل الوضع العراقي تدخل القوات التركية
لحماية التركمان من مذابح محتملة على الاكراد
ومنع سيطرة الاكراد على كركوك والموصل
، او الحيلولة دون حصول عناصر حزب العمال الكردستاني على السلاح
، او الحيلولة دون قيام دولة كردية في شمالي العراق
، او حماية الامن القومي لتركيا
او اي عذر او مبرر اخر.
ان المشاركة التركية وان لم يغلق ملفها بعد، فالوقت لازال مبكرا لصدور مثل هذا الحكم النهائي، الا ان لتركيا بدائلها، واوراقها الخاصة بها والتي ستلعبها " مع الولايات المتحدة او بدونها"، والمحصلة في كلا الحالتين واحدة وهي نزول الطامة الكبرى على العراق.