أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد إنفي - الدرس الألماني في مفهوم الديمقراطية وفي تدبير المفاوضات السياسية















المزيد.....

الدرس الألماني في مفهوم الديمقراطية وفي تدبير المفاوضات السياسية


محمد إنفي

الحوار المتمدن-العدد: 5788 - 2018 / 2 / 15 - 02:03
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



الدرس الألماني في مفهوم الديمقراطية وفي تدبير المفاوضات السياسية
محمد إنفي
لتحديد مفهوم الديمقراطية وتعريفها، لسنا في حاجة إلى الرجوع للقواميس المتخصصة والنظريات السياسية والتعريفات الأكاديمية، بقدر ما نحن في حاجة إلى الاقتداء بغيرنا من البلدان التي سبقتنا بسنين ضوئية إلى هذا النظام (النظام الديمقراطي). والقدوة المقصودة، هنا، تعني جانب الممارسة؛ أي التطبيق الفعلي للديمقراطية، وليس التنظير لها أو التفلسف فيها، أو النظر إليها من زاوية المصلحة الضيقة، شخصية كانت أو حزبية.
والبلدان التي تكرَّست فيها الديمقراطية كنظام سياسي راسخ، معلومة ومعروفة لدى الجميع. ويأتي على رأس هذه البلدان، تلك المنتمية للاتحاد الأوروبي. وقد قدمت لنا ألمانيا، في الآونة الأخيرة، درسا تطبيقيا ناجحا ونموذجيا في الموضوع، سواء فيما يخص ما تمثله نتائج الانتخابات بمختلف أرقامها (الأصوات والمقاعد والترتيب) في نظام سياسي تعددي (الذي يناقض النزوع إلى الهيمنة والإقصاء)، أو فيما يتعلق بتدبير المفاوضات لتشكيل الأغلبية الحكومية.
وهذا الدرس مفيد جدا للطبقة السياسية المغربية وللمؤسسات الحزبية، سواء تلك التي تشكلت منها الأغلبية الحكومية أو تلك التي اختارت المعارضة. وبمعنى آخر، فهذا الدرس مفيد لنظامنا الديمقراطي الذي يحتاج بناؤه الهش إلى الدعم والتقوية.
ويمكن أن يُنظر إلى فائدة هذا الدرس من زاويتين؛ الزاوية الأولى تخص الحزب الفائز بالمرتبة الأولى. فهذا الوضع يُخوِّله، في إطار احترام المنهجية الديمقراطية المنصوص عليها في الدستور المغربي، ترؤس الحكومة؛ وبالتالي، قيادة المشاورات والمفاوضات لتشكيل هذه الحكومة. أما الزاوية الثانية، فتعني الأحزاب المحتمل التفاوض معها قصد مشاركتها في الحكومة.
ففي تجربتنا المغربية، عشنا، بعد الانتخابات التشريعية لأكتوبر 2016، فصلا سخيفا من المشاورات والمفاوضات مع السيد عبد الإله بنكيران الذي اعتقد أن بإمكانه أن يفرض على حلفائه المحتملين تصوره وإرادته، بسبب نظرته الاختزالية والضيقة للديمقراطية؛ معتقدا أن حصول حزبه على المرتبة الأولى، يعطيه الحق وكل الحق في فرض إرادته على الجميع(نتذكر كيف أقسم بأغلظ الأيمان أن لا يدخل الاتحاد الاشتراكي إلى الحكومة). وهكذا، تسبب في أزمة سياسية دامت حوالي ثمانية أشهر، كانت كلفتها الاقتصادية والاجتماعية والمؤسساتية باهظة.
وكان من الممكن أن يستمر الوضع مع الدكتور سعد الدين العثماني الذي خلف بنكيران بعد إعفائه بسبب فشله في تشكل الحكومة. ولولا الواقعية التي تحلى بها الطرفان، لعشنا فصلا آخر من العبث السياسي. فلو تمسك العثماني (وقادة العدالة والتنمية) بنفس تصور بنكيران للديمقراطية ولتدبير المفاوضات من قبل رئيس الحكومة المعين، وتمسك الحلفاء المحتملون بمطالبهم وحقهم في التمسك بشروطهم من أجل قبول المشاركة في الحكومة، لعرفت البلاد سنة سياسية بيضاء.
ولا يفوتني، هنا، أن أشير إلى أن الدرس الألماني مفيد أيضا للمناضلات والمناضلين الاتحاديين ولكل الذين ينتقدون (من داخل الحزب أو من خارجه) مشاركة الاتحاد الاشتراكي في حكومة يقودها حزب محافظ. ويستحق، في هذا الباب، الجهاز التقريري السابق (اللجنة الإدارية) تحية على قرار المشاركة في الحكومة (بعد تحليل نتائج الانتخابات وتسجيل غياب أي تأثير يذكر لمعارضتنا في الولاية السابقة على هذه النتائج، رغم المجهود التنظيمي والسياسي الذي بذله حزبنا) وتفويض القيادة الحزبية أمر تدبير المفاوضات مع رئيس الحكومة المعين.
لكن الجهات التي لا تبحث، في الاتحاد، إلا عن ذريعة للحديث(بنوع من التشفي والشماتة)عن ذبول "الوردة" وموت الحزب الذي ترمز إليه، لن يفيد في تخفيف تحاملها، لا الدرس الألماني ولا الفرنسي ولا غيرهما. فمن لا يرى في دور قيادة الاتحاد الاشتراكي إلا تمسكا بـ"لعبة ركوب مركب الحكومة بأي ثمن ومهما كانت الطريقة المؤدية إلى ذلك، ولعبة البقاء في الحكومة طويلا، ولعبة محاولة العودة إليها كلما أتيحت الفرصة"(جريدة "الأخبار"، عمود "في سياق الحدث"، الثلاثاء 13 فبراير 2018)، لن تسمح له سطحيته في التفكير وأفكاره المسبقة على السياسة والسياسيين بفهم الواقع السياسي على حقيقته وفي تعقيداته.
وحري بنا، في الاتحاد الاشتراكي، أن نهتم بالدرس الألماني، خاصة وأن الاتحاد، رغم حداثة سنه (58 سنة) مقارنة مع الحزب الاشتراكي الديمقراطي الألماني العريق(حوالي 180 سنة)، شبيه، في مساره وفي محطاته التاريخية، بالحزب الألماني، من حيث الصعود والهبوط، والقمع والانشقاق، بالإضافة إلى الانتقال من صفوف المعارضة إلى كرسي الحكم...ومن شأن الدرس الألماني أن يعيننا على تطوير ممارساتنا التنظيمية والسياسية، ويفيدنا في بناء علاقاتنا مع التنظيمات الأخرى على أسس واضحة، قوامها التعامل الديمقراطي الذي يناهض الهيمنة والإقصاء.
لنتفق على أن الديمقراطية، بمفهومها اللبرالي، تعني التعددية؛ والتعددية (وأقصد التعددية الحزبية) تعبير عن توجهات مذهبية وسياسية، قد تتقارب في رؤاها بهذا القسط أو ذاك، أو تتباعد وتتعارض كليا وجذريا. ومن هذا المنطلق، يتم تصنيف الأحزاب السياسية، حسب خطها الإيديولوجي، إلى يمين ويسار ووسط. ولكل صنف من هذه الأصناف تفريعاته من قبيل اليمين المتطرف واليسار المتطرف؛ وكذا وسط اليمين ووسط اليسار.
ورغم وجود الفارق، فإنه من الأهمية بمكان أن نقارن بين ما حدث عندنا بعد انتخابات 7 أكتوبر 2016، وما حدث في ألمانيا بعد انتخابات شتنبر 2017؛ أو لنقل بين ائتلاف ميركل و ائتلاف بنكيران الذي لم ير النور. فمركل لم تستكثر مطالب الحزب الاشتراكي الديمقراطي ولم تستصغره بسبب تراجعه في الانتخابات. أما صاحبنا، فلا يستحق مني، على عنجهيته وغروره، إلا عدم الاحترام، كما عبرت عن ذلك في مقالات سابقة، ولأسباب موضوعية، فصَّلت وأفضت فيها.
لكن، حين تقرأ لكاتب وباحث في العلوم السياسية والقانون الدستوري وقيادي سياسي وبرلماني سابق(قد أعود لهذا الموضوع، إن سمحت الظروف بذلك، في مقال خاص، لكون الكاتب المذكور قد فاق بوعشرين في البصبصة والانتهازية وممارسة التضليل باسم التحليل)، مقالا على شكل سيناريو حول دائرة انتخابية بالشمال- يركز فيه على الانتخابات العامة لأكتوبر 2016 والانتخابات الجزئية ليناير 2018، من أجل إبراز الفرق بين خطاب وزيرة في مهرجان خطابي لدعم مرشح حزبها (المدعوم من الرباط، حسب ما جاء في المقال:"يملك أكتافا دافئة في العاصمة") في الانتخابات الجزئية (يُذكر أن المرشح المعني، هو من فاز في 2016؛ لكن الغرفة الدستورية ألغت مقعده)، وبين خطاب رئيس الحكومة السابق (الذي "يمسك بزمام خطابه الانتخابي" ويتفاعل مع "الجماهير المنصتة إليه. يوزع قفشاته الناجحة بين جمله الصغيرة النافذة"...ثم "يقدم ما يشبه الإشراقة...") في مهرجان خطابي لدعم مرشح حزبه في الانتخابات العامة- وتقف، بعد كل هذا، على مفهوم "الإرادة الشعبية" (وبالتالي، مفهوم الديمقراطية)عند هذا الكاتب والباحث، لا تملك سوى أن تلتمس بعض العذر لبنكيران الذي زاده المعرفي (ومساره الدعوي) لا يسمح له بأن يرى أبعد من أنفه، لا في السياسة ولا في غيرها؛ إلا إذا كان هذا الكاتب (وأمثاله) يعتبر التهريج و"تعمار السوارج" ودموع التماسيح وكل الأساليب التضليلية والخداعية من صميم السياسة ومنتهاها. ففي هذه الحالة، علينا أن نراجع كل المفاهيم.
وفي ارتباط بالنموذج الألماني وما يقدمه من عبر ودروس (في معنى الديمقراطية والتعددية السياسية والتفاوض والتحالف...) للطبقة السياسية المغربية والباحثين في مجال العلوم السياسية والعلوم القانونية والقانون الدستوري... ينتابوني، وأنا أعيد قراءة المقال المشار إليه في الفقرة أعلاه، شعور بالخجل مكان هذا الباحث في العلوم السياسية والقانون الدستوري والأستاذ الجامعي والفاعل السياسي...الذي أصبح همه الأساسي، هو تلميع صورة بنكيران بأي ثمن وتقديمه كبطل وكضحية في نفس الآن (يبدو أن خطاب المظلومية، المحبب لرئيس الحكومة السابق، قد أصبح له أتباع وضحايا بين النخبة المغربية).
ويظهر ذلك جليا في الفقرة الأخيرة من مقاله حين يتحدث عن "النفَس النضالي الذي يعرف كيف يحوِّل السياسة إلى تدافع مجتمعي ومقاومة مدنية [والذي] سيعود بقوة خلال اقتراعي 2015 و2016، من خلال الأداء الانتخابي للأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية، عبد الإله بنكيران". ثم يردف، قبل وضع نقطة النهاية، قائلا: "اليوم، بعد أن وقع ما وقع من انقلابات مكشوفة على الإرادة الشعبية - كذا- وتعبيراتها السياسية والانتخابية، يبدو أن المعركة الرمزية بين التحت و الفوق آلت إلى من يملك أكتافا دافئة في العاصمة".
أعتقد أن الدرس الألماني من شأنه، من جهة، أن يوسع المفهوم الديمقراطي ببلادنا ويعزز التصور الذي يعمل على القطع مع التطبيق الميكانيكي للديمقراطية العددية؛ ومن جهة، أخرى، سوف يعمق جراح وآلام أيتام بنكيران، لكون هذا الدرس يعطي مصداقية لما حدث في بلادنا يوم 5 أبريل 2017.
مكناس في 14 فبراير 2018



#محمد_إنفي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كلام في البلطجة السياسية: بنكيران نموذجا
- خسئ الملفِّقون ولو... !!!
- تاريخ الاتحاد الاشتراكي، نزيف داخلي دائم وهدم ذاتي قائم؛ ومع ...
- بين -سيكوم- و-سيكوميك-، يكمن سر المؤامرة: فأين نحن من المقاو ...
- النصب والتحايل على العمال وعلى الدولة ومؤسساتها: -سيكوم- و-س ...
- عيِّنة من الفساد الاقتصادي والاجتماعي والإداري: النصب على ال ...
- هل -كرة القدم مثلها مثل السياسة- ؟
- على هامش محاكمة نشطاء -حراك الريف-: سؤال الدفاع بين أخلاقيات ...
- ما أحوجنا إلى سقراط!!!
- من وحي الحلقة الأخيرة من برنامج -ضيف الأولى-
- في ربط المسؤولية بالمحاسبة
- الإعلام الإليكتروني بين تنفيذ التعليمات وتصفية الحسابات: -هس ...
- المغربي وثقافة التعميم
- في الفرق بين الولاء للمؤسسات والولاء للأشخاص أو للمصالح الشخ ...
- آهٍ من هذه الحسيمة التي عطلت تفكيري !!!
- عن اللغو والغلو في شأن قرار تعويض بنكيران بالعثماني على رأس ...
- السكيزوفرينا السياسية
- التحليل السياسي بين الرغبات الذاتية ومعطيات التاريخ والواقع
- في السلفية الحزبية
- بنكيران والاستقواء بالغوغاء


المزيد.....




- السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
- الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
- معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
- طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
- أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا ...
- في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
- طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس ...
- السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا ...
- قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
- لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد إنفي - الدرس الألماني في مفهوم الديمقراطية وفي تدبير المفاوضات السياسية