|
حرمان زويل من الدكتوراه .. ومنع أبو الغار من الكلام!
سعد هجرس
الحوار المتمدن-العدد: 1482 - 2006 / 3 / 7 - 10:58
المحور:
حقوق الانسان
لا أعرف الدكتور هانى هلال وزير التعليم العالى معرفة شخصية، ولم أتشرف بلقائه من قبل .. ولا توجد – بالتالى – ضغينة أو عداوة مسبقة. وقد طالعت شأنى شأن ملايين القراء وقائع كثيرة وغريبة منسوبة إليه فى الفترة القصيرة التى قضاها على مقعد الوزارة. وهى وقائع – إذا صحت – لا تتناسب مع مقام منصبه الوزارى، ولا تتناسب من باب أولى مع المقام الأكاديمي الذى ينظر إليه المجتمع بكل احترام وتوقير. فإذا بنا – والعهدة على الراوى – إزاء تبادل عبارات بين الوزير وأستاذة جامعية من قبيل "إنتى تروحِّى تقشرى بصل فى بيتكم" .. الخ. والمصيبة الكبرى أن مثل هذه المهاترات قد أصبحت أهم ما نسمع من "أخبار" عن التعليم العالى، فى وقت كنا نتطلع فيه إلى أن نسمع من الوزير "الجديد" خطته للإصلاح فى هذا القطاع الحيوى والاستراتيجي المسئول عن "عقل" الأمة، خاصة بعد ان تردت فيه الأوضاع بصورة غير مسبوقة، ووصل الحال إلى أن تأتى قائمة أفضل خمسمائة جامعة فى العالم خالية من اسم واحد لجامعة مصرية، بينما ظهرت على قائمة "الشرف" أسماء كثيرة لجامعات من بلدان العالم الثالث بل من بلدان كان لمصر دور فى بناء قاعدة التعليم فيها فى العصور الخوالى! وبينما كنا ننتظر من وزير التعليم العالى الجديد ان يعلن لنا الخطوط العريضة لـ "ثورة" حقيقية تخرج التعليم العالى من أزمته وتضعه على طريق اللحاق بالثورة العلمية والمعلوماتية التى بدأت تغير وجه العالم بالفعل .. أصبحنا نفاجأ كل يوم بأخبار تكرس هذه الأزمة. خذوا على سبيل المثال تلك الفضيحة التى حملتها الصفحة الأولى من العدد الحادى والعشرين لجريدة "الكرامة" الصادرة يوم 28 فبراير 2006. يقول الخبر "بدأت الفضيحة عندما اقترح عدد من أساتذة الجامعة – أى جامعة قناة السويس – اسم الدكتور محمد أبو الغار لالقاء محاضرة فى إطار النشاط العلمى والثقافى للجامعة. وأمام رفض الدكتور فاروق عبد القادر، رئيس جامعة القناة، وإعلان غضبه بوضوح على الاقتراح والمقترحين، حاول أحدهم تخفيف الصدمة، وإرضاء عبدالقادر . فاقترح دعوة الدكتور أحمد زويل لالقاء المحاضرة، وبالتالى تزداد فرصة الاهتمام الاعلامى. وافق رئيس الجامعة متهللاً، واتصل الأساتذة بالدكتور زويل، الذى اشترط أن تمنحه الجامعة الدكتوراه الفخرية لكى يوافق على الحضور، وعلى الفور اجتمع مجلس الجامعة، وقرر منح زويل الدكتوراه الفخرية فى جلسة بتاريخ 24 يناير الماضى، وتم نشر الخبر بالصحف القومية، مع التأكيد على موعد المحاضرة فى منتصف شهر فبراير. فجأة اتصل الوزير هلال ، موبخا ومحذرا من إتمام الزيارة ومنح الدكتوراه لزويل، لأن "الجماعة فوق" غضبانين عليه، بسبب انتقاداته المستمرة لنظام التعليم، وخطوات البحث العلمى فى مصر، والتى أفشلت مشروع الجامعة التكنولوجية، الذى كان يحلم بتنفيذه فى مصر. وبمجرد أن وضع هلال سماعة التليفون، كان عبد القادر قد جمع مجلس جامعته، واتخذ قرارا بالغاء منح الدكتوراه الفخرية للعالم أحمد زويل، بالسهولة نفسها التى اتخذه بها". إنتهى الخبر المنشور على الصفحة الأولى من "الكرامة". وإذا صح هذا الخبر فإنه ينطوى على عدد من الكوارث. الكارثة الأولى – هى "الفيتو" على شخص الدكتور محمد أبو الغار. والدكتور أبو الغار – لمن لا يعلم – واحد من أكبر أساتذة الطب فى مصر والعالم العربى وله إنجازات علمية وأكاديمية مشهود بها ومسجلة حتى قبل أن تظهر جامعة قناة السويس الى الوجود. وفضلا عن ذلك فانه مفكر له العديد من الإسهامات والاجتهادات المثيرة للتأمل والمحركة للتفكير فى زمن التكفير والجمود. أضف إلى ذلك دوره "كناشط" أكاديمى فى إطار حركة 9 مارس التى تضم عددا من اساتذة الجامعة، وتكتسب كل يوم تعاطفا وتأييدا من أعضاء هيئات التدريس بالجامعات المصرية. وهى حركة تستمد اسمها من التاريخ الذى قدم فيه أحمد لطفى السيد استقالته من رئاسة الجامعة المصرية احتجاجا علي انتهاك الدولة لمبدأ استقلال الجامعة وقيامها بالتحريض على فصل أستاذ جامعى شاب يدعى الدكتور طه حسين! هذه الحركة، أى حركة 9 مارس، تناضل من أجل استعادة التقاليد الأكاديمية المحترمة، بما فيها الدفاع عن الحرية الأكاديمية والدفاع عن استقلال الجامعة. وهى بهذا النحو تعد إحدى منارات الإصلاح التى تستحق الدعم والتشجيع. وقد فرحت واستبشرت خيرا حينما علمت أن الدكتور هانى هلال وزير التعليم العالى، التقى بالدكتور أبو الغار وزملاءه فى حركة 9 مارس، فى بداية تسلمه لمنصبه الوزارى. لكنها "فرحة ما تمت" كما يقول المثل، فها هو الدكتور أبو الغار يتعرض للنبذ وتتم إلغاء محاضرته فى جامعة قناة السويس تحت سمع وبصر الوزير! وتلك كارثة. الكارثة الثانية هى أن يتم إلغاء محاضرة أبو الغار بقرار فردى، وكأن جامعة قناة السويس "عزبة" خاصة. الكارثة الثالثة أن يتم استبدال محاضرة ابو الغار بمحاضرة زويل بنفس الصورة الفردية والارتجالية، والاخطر أن يتم اتخاذ قرار بمنحه الدكتوراه الفخرية – بناء على طلبه! – بنفس الصورة العشوائية. ثم يتم التراجع عن منح الدكتوراه الفخرية بناء على مكالمة تليفونية من الوزير، وان تستند مكالمة الوزير على غضب "الجماعة فوق"! هل يليق هذا الأسلوب البدائى بأرفع المؤسسات الأكاديمية وبوزير التعليم العالى؟ وهل يليق هذا الأسلوب الفج فى التعامل بالذات مع إحدى القمم العلمية المصرية النادرة كالدكتور أحمد زويل؟ لقد نجحنا بامتياز فى أن نجعل زويل "يطفش" من قبل بعد أن أغرقنا مبادرته لبناء قاعدة تكنولوجية وعلمية وطنية مصرية فى محيطات من البيروقراطية والتفاهات والسخافات. وها نحن نواصل السير على نفس الطريق "باقتدار" غريب، لنهين الرجل ونمنع عنه دكتوراه فخرية لن تزيده شيئا ولن تمثل له شيئا يعتد به. لكن الخطير فيها أنها تمثل إهانة للعلم والبحث العلمى وتكريسا للعشوائية والتخبط وانتهاك استقلال الجامعة. بينما كنا ننتظر من الوزير هلال خطة، ورؤية، للخروج من أزمة التعليم العالى واللحاق بركب ثالث ثورة عرفتها البشرية!
#سعد_هجرس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
السجن .. للصحفيين!
-
وزارة الثقافة تلبس العمامة .. وعمرو خالد يرتدى البدلة الإفرن
...
-
بنك الطعام .. الأمريكى
-
حرمان زويل من الدكتوراه .. ومنع أبو الغار من الكلام
-
إنهم يستقيلون .. بسبب النجاح!
-
البعض يفضل الكلابشات على الأقلام .. فى أيدى الصحفيين
-
نتيجة لعبة شد الحبل بين أمريكا وطهران .. تقرر مستقبل العرب!
-
هل استرحت الآن يا سيادة الوزير؟!
-
قانون -عشش الفراخ-!
-
الدكتورة كوندوليزا.. وسهامها المراوغة!
-
الرئيس الكذاب
-
بعد رسوم الإساءة صور التعذيب!
-
سولانا يذرف دموع التماسيح فى القاهرة .. لا تصدقوه
-
حلف شمال الاطلنطى فى ميدان التحرير .. يا للهول
-
سفينة -السلام- الدامس
-
كيف تحول الاحتجاج علي الإساءة للرسول.. إلي إساءة للإسلام؟
-
مصر والسودان لنا.. والدنمرك إن أمكنا!
-
إعدام جمعية أهلية تجاسرت على الدفاع عن هوية مصر الثقافية (2-
...
-
غيرة ماجد عطية علي الأقباط.. دفاع عن المسلمين وعن مصر
-
هند الحناوى .. فريسة محمود سعد .. أيضاً
المزيد.....
-
ليندسي غراهام يهدد حلفاء الولايات المتحدة في حال ساعدوا في ا
...
-
بوليفيا تعرب عن دعمها لمذكرة اعتقال نتنياهو وغالانت
-
مراسلة العالم: بريطانيا تلمح الى التزامها بتطبيق مذكرة اعتقا
...
-
إصابة 16 شخصا جراء حريق في مأوى للاجئين في ألمانيا
-
مظاهرة حاشدة مناهضة للحكومة في تل أبيب تطالب بحل قضية الأسرى
...
-
آلاف الإسرائيليين يتظاهرون ضد نتنياهو
-
مسؤول أميركي يعلق لـ-الحرة- على وقف إسرائيل الاعتقال الإداري
...
-
لماذا تعجز الأمم المتحدة عن حماية نفسها من إسرائيل؟
-
مرشح ترامب لوزارة أمنية ينتمي للواء متورط بجرائم حرب في العر
...
-
لندن.. اعتقال نتنياهو ودعم إسرائيل
المزيد.....
-
مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
/ عبد الحسين شعبان
-
حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة
/ زهير الخويلدي
-
المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا
...
/ يسار محمد سلمان حسن
-
الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نطاق الشامل لحقوق الانسان
/ أشرف المجدول
-
تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية
/ نزيهة التركى
-
الكمائن الرمادية
/ مركز اريج لحقوق الانسان
-
على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
المزيد.....
|