محمد عبد القوي
الحوار المتمدن-العدد: 5787 - 2018 / 2 / 14 - 10:06
المحور:
سيرة ذاتية
أحياناً أكتب مقالاً لو قرأه أحدهم لصنَّفني علي أني أكفر زنديق في العالم، وأحياناً أخري أكتب مقالاً لو قرأه أحدهم لصنَّفني علي أني أتقي مؤمن في العالم، لكني في الحقيقة لست هذا ولا ذاك، إني أفعل نفسي وأتلائم مع وجداني ومشاعري فقط
إن الأم أحياناً تبطن لوليدها كل الغضب والحقد الدفين لدرجة تصل بها إلي إيذاءه، إنها تغضب وتدعي علي إبنها وتؤذيه لأنها تتلائم مع وجدانها ومشاعرها، لكن فعلها هذا هو إستناءٌ لحياتها - إستثناءٌ لوجودها، أما القاعدة فهي المحبة - هي حب الأبناء والزوج والبيت - حب إستمرار الحياة كما هي طبيعتها، لهذا لا يجب أن ينزعج أحد من مقالٍ أكتبه يصدم ثوابته وإيمانه بما إعتاد عليه لأني أتلائم مع وجودي تماماً مثلك في تعاملك مع زوجتك وأبيك وأخيك وإبنك ...إلخ
لكن لماذا أحب الكتابة ؟! ما هو سر هذا العشق ؟!
دعني أسرد عليك هذا التتابع لتعرف : TGCCTGGACTTCGCGCGACTATAGAGCGCGAGCGGCGTGAGC
إن هذا التتابع من الجينوم المكتوب بداخلك والذي يختص بالتواجد في عينيك تحديداً، يتم ترجمته فوراً مع كل رمشة عين ترمشها وأنت تقرأ هذه الكلمات
إن جسدك وكل ما فيه من خصال عبارة عن معلومات مكتوبة، لهذا لم تكن الكتابة إختراعاً جديداً يؤدي إلي تطور الإنسان فحسب، وإنما هي - أي الكتابة - في ذاته - أي في ذات الإنسان - في داخله - في كل نبضة ينبضها قلبه - وفي كل نظرة من عينه إلي الكون والحياة، ومن يكتشف تلك الحقيقة ويحسُّها ويستشعرُ بها سيحب الكتابة، بل سيعشقها عشقاً لأنها المعبر عن كل شيء حتي عن ذاته
لهذا أنا أحب الكتابة وأتعشقها عشقاً ...
إني أكتب كلما أحيا وأتغذي وأجوع وأنام وأصحو وأحب وأتعاطف وأشعر وأنظر إلي الباسمين والباكين والمضروبين والمشنوقين والمتألمين والملتاعين والثكالي
إني أكتب كلما أنظر إلي الأقمار والنجوم والكواكب المتسكعة في سماء لا تهتم لبكاء طفل أو أنين إمرأة أو إهتزاز كهل عجوز متألم من ضعفه وكهولته
إني أكتب كلما يعوي الذئب ويغني الطير - كلما يئن الجريح الأليم
إني أكتب بالهدف والحافز والأسلوب الإضطراري الذي تكون به الطبيعة برقاً أو رعداً أو مطراً أو فيضاناً أو زلزالاً أو حياةً أو موتاً أو سروراً أو دموعاً
إني أفعل نفسي والكون، إني أغني حين أكتب وأغني بالكتابة لأخاطب الموتي والحياة والديار الخالية
ليست الحياة وقيمتها سوي كتابة وتعبير، وعظمتها تتوقف علي مدي عظمة الكتابة وعظمة التعبير .
#محمد_عبد_القوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟