|
لكن أية ثقافة تدافع عنها الجزيرة ؟
مارك صايغ
الحوار المتمدن-العدد: 17 - 2001 / 12 / 25 - 20:22
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
الحياة 23-12-2001
لا بد من العودة الي الحديث عن قناة الجزيرة ، والعودة الي هذا الموضع رغم تكرارها، واحياناً رتابتها، مؤلمة بالفعل، علي الأقل تؤلمني أنا. فانتقاد محطة غدت مصب آمال المجتمعات العربية ليس بالسهل خاصة وان للجزيرة حسنات لا يمكن التغافل عنها. تقنيات الجزيرة حثت باقي المحطات العربية علي تقديم صوت وصورة بشكل معقول، ومن يتذكر بث الفضائية المصرية منذ سنوات، لا بد ان يشكر احتراف زميلتها القطرية في هذا المجال. بيد ان حسنات الجزيرة لا تقتصر فقط علي التقنيات. فالمحطة خلقت اسلوباً جديداً في التعامل مع الحدث فتح آفاق العالم العربي الي ابعد من الثنائية المعتادة: العالم العربي - الغرب. لقد ادخلت آسيا الي بيوتنا، ووحدت لأول مرة المجتمعات العربية مُزيلة عائق اللغة، وهي الاولي التي الغت من عناوينها الرئيسية أخبار الزيارات البروتوكولية للرؤساء والحكام و استقبل وودع . الجزيرة احتضنها الشارع العربي، ورأي فيها متنفساً عن غضبه وافتخر بها وكأنها سي. إن. إن العرب، كما وجد لاول مرة في تعامله مع المحطات الاعلامية حساسية يألفها، فلم يشعر بعدوانية او عنصرية كان يلمسها بين اسطر نشرات الاعلام الغربي. واذا اردنا انتقاد الجزيرة، كان من الواجب التأكيد، لمنع اي التباس، علي ان هذا النقد لا يأتي ليدافع عن وجهة نظر مَن اراد خلال السنوات الخمس الاخيرة إحكام الرقابة علي المحطة، او حتي اغلاقها، اكان هذا الطرف عربياً او اميركياً. نقد الجزيرة يأتي من الدفاع عن مهنة الاعلام بحد ذاتها والتذكير بقوانينها وبقيمها، وايضاً للدفاع عن مجتمعات عربية اخذت تناصر الجزيرة علي حسناتها وسيئاتها. حرب الخليج واكاذيبها والانتقادات التي وجهت لآحادية الاعلام ولسيطرة سي. إن. إن عليه فرزت العديد من الحوارات والنقاشات والمقالات والكتب في العالم اجمع. كذلك فالحرب التي ما زالت تدور في افغانستان والرقابة الذاتية التي فرضت علي الاعلام الاميركي باسم الوطنية ومصلحة البلاد الخ... فتحت ايضاً نقاشاً في الصحافة الغربية (وهذا الموضع قد اشرنا مراراً الي خطورته في هذه الصفحات). كها اظهرت ان لهجة الاعلام السمعي - المرئي الاميركي، التي قد يحبها الرأي العام في الولايات المتحدة، اخذت تنفر العديد من المشاهدين في الدول الاوروبية والاسيوية، حتي بين الذي يؤيدون الحملة العسكرية الاميركية علي نظام الطالبان وبن لادن وقاعدته. العودة الي موضوع الجزيرة سببته مقابلة اجرتها الزميلة الرأي العام مع تيسير علوني، مراسل المحطة القطرية في كابول والذي، علي غرار مراسل سي. إن. إن بيتر ارنت في بغداد خلال حرب الخليج، كان الاعلامي الوحيد الذي استطاع تغطية ذيول احداث 11 ايلول (سبتمبر) من العاصمة الافغانية حتي سقوط نظام الطالبان ووصول قوي التحالف الشمالي الي كابول. ماذا يقول علوني في مقابلته؟ عن السؤال كيف يمكن شرح اسباب ما آلت الية الاوضاع في افغانستان، يرد ارنت العرب : برأيي ان المجتمع الدولي شن حرباً علي حركة طالبان لافشال هذا النموذج الذي وفر الامن والامان لشعبه... . اذاً الدول الغربية الشريرة قُضّ مضجعها عندما علمت ان المجتمع الافغاني ينعم بالأمان، ولذا قررت معاقبته؟ اما السؤال عن وضع المرأة، فيجيب عنه علوني: ان قسماً ضئيلاً تضايق من فرض لبس الحجاب ومنع عمل المرأة. والحقيقة ان هذا القرار الذي اصدرته حركة طالبان كان تأثيره السلبي علي فئة لا تتجاوز الواحد في المئة، ولكن لسوء حظ هذه الحركة ان هذه النسبة الضئيلة تمكنت من الوصول الي الاسواق الاعلامية الغربية التي شوّهت صورة طالبان... . اللهم نجنا من كيد النساء! هل يدري السيد علوني انه في حقل التعليم فقط، كان 40 في المئة من المعلمين معلمات، ام هل يجهل ان الطالبان فرضوا البرقع - وليس الحجاب - كما فرضوا اللحي، ام هل يتناسي ان الابواق الاعلامية الغربية الذي ينعتها لاحقاً بالغبية، هي التي كانت في طليعة من صفق لتجربة الجزيرة وشجعها؟ اما بشأن تعليم الفتيات الذي مُنع في افغانستان فيجد علوني عذراً له قائلاً: نائب وزير التعليم (الافغاني) ذكر لنا ان المتوافر فقط مبانٍ مهدمة، والصالحة منها تمكننا من تعليم 15 في المئة من اطفال افغانستان، لذلك نركز علي الاولاد بسبب خصوصيتنا كمجتمع شرقي... . هل تساءل يوماً السيد علوني لماذا الخصوصية تأتي دائماً علي حساب الحرية وحقوق الانسان في عالمنا العربي؟ اما عن حقيقة ما جري، فالصوت الاعلامي الوحيد الذي وصلنا من كابول رأي: الحقيقة ان جميع اعداء الاسلام يريدون إفشال هذا النموذج (الطالبان) الذي يطبق الشريعة الاسلامية بالطريقة السليمة... اعود لقناعتي، ما حصل يوم 11 سبتمبر قد يكون اكبر من قدرة منظمة او دولة عربية ان تنفذ عملية ضخمة اعد لها منذ سنين طويلة... . هل نفسهم من ذلك ان العرب، بحكم ضعفهم التاريخي، عاجزون علي اختطاف طائرة؟ ام ان الافضل البحث علي الجاني عبر صدفة عدم ذهاب مئات اليهود الي اعمالهم يوم 11 سبتمبر، حسبما بشّرت ابواق الاعلام العربية؟ هناك شعور عربي سائد معادٍ للعولمة لأنها قد تقضي علي ثقافتنا... فأي ثقافة تدافع عنها الجزيرة؟ الثقافة التي ترفض الموسيقي والسينما والتلفزيون والحرية وحقوق المرأة... هل هذه ثقافة؟
#مارك_صايغ (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رصدتهما الكاميرا.. مراهقان يسرقان سيارة سيدة ويركلان كلبها ق
...
-
محاولة انقلاب وقتل الرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا.. تهم من ا
...
-
ارتفاع قياسي للبيتكوين: ما أسباب دعم ترامب للعملات المشفرة،
...
-
الكربون: انبعاثات حقيقية.. اعتمادات وهمية، تحقيق حول إزالة ا
...
-
قائد القوات الصواريخ الاستراتيجية يؤكد لبوتين قدرة -أوريشنيك
...
-
روسيا تهاجم أوكرانيا بصاروخ جديد و تصعد ضد الغرب
-
بيع لحوم الحمير في ليبيا
-
توقيف المدون المغربي -ولد الشينوية- والتحقيق معه بتهمة السب
...
-
بعد أيام من التصعيد، ماذا سيفعل بوتين؟
-
هجوم بطائرات مسيّرة روسية على سومي: مقتل شخصين وإصابة 12 آخر
...
المزيد.....
-
فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال
...
/ المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
-
الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري
...
/ صالح ياسر
-
نشرة اخبارية العدد 27
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح
...
/ أحمد سليمان
-
السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية
...
/ أحمد سليمان
-
صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل
...
/ أحمد سليمان
-
الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م
...
/ امال الحسين
المزيد.....
|