أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبد الملك بن طاهر بن محمد ضيفي - نقد وتحليل وجوه عزازيل














المزيد.....

نقد وتحليل وجوه عزازيل


عبد الملك بن طاهر بن محمد ضيفي

الحوار المتمدن-العدد: 5782 - 2018 / 2 / 9 - 21:00
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


عزازيل تحفر عميقا في تاريخ المقدس لتجتث من الأعماق بذر الوهم برأسيه عقدة الكهنوت وعقيدة الكهان ثم تفصل بينهما وبين الإيمان في أجمل ملحمة نقدية لتسييس ثم تطويع الأديان وهي من الروائع السردية ليوسف زيدان الذي ألبسها لبوس الدراسة اللاهوتية ونفخ فيها روح محقق المخطوطات التراثية ليتسنى له محاكمة التاريخ واستنطاق الماضي متحررا من كل القيود التي تحد من حرية المؤرخ وتمنع المحقق حتى من مجرد ابداء الرأي ليحافظ عملهما الأكادمي على سمتيْ الحياد والتجرد وهذا ما لا يُشترط في عمل الأديب والروائي والقاص فما لا يقوله المؤرخ وما يتهيبه المحقق ينطق به الروائي لا يخاف اللوم ولا التثريب لا لجهله بالوقائع أو لعدم اطلاعه على المصادر بل لأنه ليس مطالبا بكل هذا التحري والتدقيق فذا أمر متروك لأهل الدراية والتحقيق لذلك تجد يوسف زيدان الروائي يذكر أحداثا لم تقع وأخرى وقعت على وجه غير الذي ذكره في روايته وهذا ما ينطبق على عزازيل الذي تحمل الرواية اسمه لكنها تقدمه بوجه غير الذي ظهر به في الكتاب المقدس حيث ظهر بصورة أشبه ما تكون بصورة السامري في القران لكن الراوي ذكر أن عزازيل شيطان ثم جعل منه صوتا للحقيقة يحب الحياة ويتكلم بالحكمة بعد أن كان في الكتاب المقدس مغضوبا عليه مهددا بالذبح كقربان من قرابين عيد الكفارة ثم طُرد وعزل فاعتزل الجميع وهام على وجهه في الصحراء
هذا هو بطل الرواية بوجوهه الثلاثة
-يظهر مرة بوجه شيطان
-وأخرى بوجه حكيم
-وثالثة بوجه ضحية
وهذه الوجوه الثلاثة هي الأكثر ظهورا في الرواية وعليها مدار أحداثها وشخصياتها وقد اجتهد زيدان في تعريتها وإماطة اللثام عنها واسقاط كل أقنعتها لتظهر على حقيقتها أي أن عزازيل قد ظهر في كل أحداث وأشخاص الرواية فهو أظهر معالمها واللبنة الأهم في تشكيل عالمها
لقد ظهر عزازيل في كل مكان وأطل بوجهه من خلال كل إنسان
-ظهر عزازيل بوجوهه الثلاثة في بيت " هيبا " الشخصية الأهم في الرواية ظهر هناك في الصعيد في بيت ريفي يسكنه صياد مسيحي وزوجه وابنهما هيبا الذي يحدثنا عن أهل قريته المسيحيين الذين كانوا يقاطعون الوثنيين ويعتزلونهم لينزوي كهان المعبد الفرعوني في جزيرة يقيمون عليها معبدهم ويتفرغون لعبادتهم وكان والد " هيبا " يبيعهم سمكه فوشت به زوجته وحدثت أهل القرية بصنيعه فبادروا إلى قتله أمام كهان المعبد الذين وقفوا عاجزين وكان " هيبا " يراقب هذا المشهد الدامي في عجز تام واستسلام لقد فقد والده وأمه التي تزوجت أحد قتلة أبيه ومع ذلك لم يحدثنا عن باقي التفاصيل بعد أن كشف لنا في أمه أقبح وجوه عزازيل لقد اجتمع في أمه وأبيه وجهي الشيطان والضحية وفيه ظهر وجه الحكيم الذي فقد أمه ووالده ولم يفقد عقله لم يواجه قتلة أبيه بل هجرهم على أمل أن يخلصهم يوما من عللهم بعد أن يتعلم الطب والرهبنة فيداوي بالطب أجسامهم ويشفي بالدين أرواحهم لم يدر الانتقام ولا القصاص بخلده ولم يبيت الشر لأهل بلده بل عقد العزم على أن يصبح من الكهان ليخلص أهله وأمه من أقبح وجوه عزازيل ألا وهو وجه الشيطان
كيف سيحقق هذا اليتيم المكلوم هدفه وماذا سيفعل هيبا المضطرب المذبذب المبلبل
لن يتخلص هذا الحكيم من الاضطراب الذي يعمق فيه كل حين الاحساس بالاغتراب وهذا ما يظهر جليا في كل مراحل حياته وفي معلوماته
ولنضرب لذلك أمثلة
كان هيبا يمقت رق الرهبنة وأغلالها ومع ذلك يسعى جاهدا ليصبح من رجالها ولما نالها حرص على اعتزالها مزق ثيابها أكثر من مرة لكنه كان يعود إليها في كل مرة ليرتدي سربالها متناسيا رقها وأغلالها ولعله ما غاص في اليم إلا ليتخلص من الألم
ومذ دخل الإسكندرية بدأت رحلة المتناقضات روح تحلق في سماء الفضيلة وجسد متلطخ بدنس الرذيلة
صاحب القداسة هيبا يستعذب خيانة أوكتافيا ويعذب مرتا أما هيباتيا فتشعره لأول مرة بوحشية القتل على الهوية وتذكره مصيبته المنسية فيغضب على المسيحية ولولا نسطور لطمس كل مشاعل النور ومع كل هذا الجد والتشمير فإن مواقف هيبا تظهره بمظهر الغر الساذج الصغير الذي يعتقد أنه سينال الخلاص والقداسة في هذه الدنيا وينسب إلى شعائر دينه ما ليس منها
-يوجب الحج عنده إلى بيت المقدس
-يقدم عيد القيامة على أسبوع الآلام
-ينسب إلى الكتاب المقدس ما ليس منه ويخلط بين الأناجيل والأسفار
-يخبر أن يوحنا إبن خالة المسيح عليه السلام
وهذا دليل على أن عزازيل ظهر في هيبا بكل وجوهه ظهر فيه بوجه الحكيم كما أسلفنا وظهر فيه بوجه الضحية الذي يتجرع ألم القتل ولوعة الفراق فيحيا مضطربا في غاية الاضطراب والحيرة ولا أدل على ذلك من فلتات لسنه التي ذكرنا بعضها ولعل أبرزها إحساسه بالموت قبل الموت كيف يحس بهذا الإحساس راهب مدار حياته على المجاهدة والتزكية لولا ما يعانيه من الاغتراب والتيه بسبب مآسيه
" لماذا نموت قبل أن نموت؟ "
وكل هذا الألم لم يعصمه من أقبح وجوه عزازيل الذي ظهر فيه بوجه الشيطان في أكثر من مكان صاحبه من بيت أوكتافيا إلى كوخ مارتا أو مرتا
لذلك وغيره فراهبنا هيبا لا يشبه رجل الدين المسيحي يحن إلى أرض تتجاور فيها المعابد يحزن لأفول دين الفراعنة وخراب معابدهم وغياب الهتهم
كأن هيبا أراد منا أن نقول للكهان
" لا تنظروا إلى معبد الإنسان ولا إلى كنيسته بل انظروا فقط إلى إنسانيته "



#عبد_الملك_بن_طاهر_بن_محمد_ضيفي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الكلمات والمعاني
- الطائفية الدستورية
- تميمة الجهاد
- سؤال العقل؟
- أرضك يا إسرائيل من الفرات إلى النيل كذبة صهيونية وأحموقة عرب ...
- التسامح يبعدك عنك ليقرب الآخر منك
- أمت أناك تنهض أمتك وتتحقق رؤاك
- مَا المُقَدَّسُ مَنِ المُقَدِّسُ وَلِمَاذَا يُقَدَّسُ؟
- ما علاقة المتأول بالمعنى الأول؟
- ما الذي يجمع بين أبي عثمان وبين نابغة اليونان؟
- التحرش ينتهك حرمة المكان والزمان ويهدر كرامة الإنسان
- وليد التليلي: شاعر بلا نخبة أديب بلا مرتب ولا رتبة مبدع في ز ...
- لماذا تعج أرض العرب والمسلمين باللاجئين الأوربيين؟
- مت أيها العربي ولا تبالي
- لا نموت ولا تحجبنا القبور
- نعي براقش
- التاريخ المشين لطائفة الإخوان المسلمين
- لا تسلمهم عقلك
- اذا لو عاملوكم بالمثل وطالبوكم بالعدل؟
- استعتاب


المزيد.....




- الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي ...
- -من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة ...
- اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
- تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد ...
- صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية ...
- الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد ...
- هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
- الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
- إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما ...
- كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - عبد الملك بن طاهر بن محمد ضيفي - نقد وتحليل وجوه عزازيل