|
الوحدة القومية بين الفكر الراديكالي الآشوري وبين حذف الواوات
حبيب تومي
الحوار المتمدن-العدد: 1481 - 2006 / 3 / 6 - 11:16
المحور:
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير
مقدمة اهمية الوحدة القومية لشعبنا هي بمثابة حليب الأم للطفل الرضيع ، ولا يوجد من يخالف هذه الفرضية ، فنحن شعب مغلوب على امره ، وقد لحق به الظلم والأستبداد لقرون طويلة ، فبات شعباً ممزقاً الى طوائف دينية ، مهاجراً او مهجّراً الى دول وقارات العالم . ومن هنا فإن وحدة كلمته ووحدة كيانه القومي تعدان ضرورة من ضرورات كينونته وديمومته . الغائية الواحدة وتباين الوسيلة نحن في القرن الواحد والعشرين وتتصدر الأفكار الديمقراطية والليبرالية وحقوق وحرية الأنسان في الدين والمعتقد ، تسود هذه الأفكار النيرة لتزيح عن إناء الفكر الأنساني ، مبادئ الأستبداد والألغاء والأقصاء والأستعلاء ، ونحن جميعاً نزعم حرصنا على مبادئ الديمقراطية والحرية واحترام الرأي وقبول الأخر واحترام مشاعره ، لكن حينما نريد ترجمة الأقوال الى الأفعال نلاحظ عكس ذلك يجري على ارض الواقع مع الأسف . في شأن الوحدة القومية ننسى مبائ احترام الرأي الآخر ومشاعره ونبقى نتشبت بأفكارنا الراديكالية ، ونسعى جاهدين في تطبيق اسوأ النظريات الشوفينية من الأقصاء او احتواء او الغاء الآخر كلياً . ان هذه الوسائل مدرجة في برامج وأنظمة داخلية لأحزاب قومية آشورية سياسية تعمل على الساحة العراقية . ان هؤلاء لا يعيرون أي اعتبار لمشاعر الكلدانيين وسواهم ، انهم يسبحون في فضاء الأله الآشوري ، ومشاعر الآخرين لتذهب الى الجحيم ... الأحزاب الراديكالية الآشورية لا أشك في المشاعر القومية الجياشة لهذه الأحزاب ، وهي تشترك جميعاً في هذه المشاعر ، لكن هذا الخطاب القومي لا ينعكس على الخطاب السياسي ، فنرى عشرات الأحزاب الآشورية الصغيرة يجمعها فكر واحد وتفرقها تنظيمات حزبية هي اقرب الى تنظيمات اسرية ممتدة . وعن الهدف المشترك لهذه الأحزاب انها تؤمن بالوحدة القومية الآشورية لكنها تتسم بنوع من النرجسية الأستعلائية لمن لا يقبل بالتسمية الآشورية ، ويحاول مفكريهم جاهدين وعلى حساب تزوير التاريخ ان يلغوا كل التسميات الآخرى [ الكلدانية ، السريانية ، الآرامية ] ، او التكرم السخي ، بإبقاء هذه التسميات على انها اسماء لمذاهب دينية دون المساس بالمقدس الآشوري . المظلومية الآشورية استطيع ان ازعم ان الآشوريين قد ( هجّروا ) من اوطانهم في عشية الحرب الكونية الأولى الى العراق وايران وروسيا وأمريكا وبلدان اوروبية ، ومدار رأيهم : انهم مهددين بالضياع إن لم يحافظوا على اسمهم القومي . ( ولا ندخل هنا في اشكالية الأسم ) وهذا رأي صائب ، وكانت ولادة هذا العدد الكبير من الآحزاب والمنظمات التي تحمل الأسم الآشوري . ان الأحساس بالمظلومية امر مشروع لهذا القوم وليس بوسعهم اخذ ثأرهم من اللذين هجّروهم ، لكن الغريب ان يختار هؤلاء الكلدانيون ليثأروا منهم ، وعلى الكلدانيين ينبغي دفع فاتورة هذه المظلومية ، والمثل عندنا في القوش يقول : ( ككّي ليبي ألا لدادي ، KaKKI Lebe Ella Ldadi ) ، أي ابي لا يقدر ألا على أمي المسكينة . والكلدانيون اما الكلدانيين وفي مقدمتهم يأتي التلاكفة فإنهم في الغالب قد ( هاجروا ) الى اميركا ، وخوفاً من ضياع الهوية احتفظوا باسمهم القومي الكلداني ( Chaldean ) ، ومن اجل ذلك شكلوا منظمات اجتماعية وثقافية وأنشأوا محطات إذاعية وأصدروا مجلات وصحف .. . لكن الفرق هنا ان هؤلاء المهاجرين كان لهم طموح في تعزيز وضعهم المالي ، وفعلا استطاع الشباب الرواد منهم من تحقيق مكاسب مادية محترمة وأصبحوا رجال اعمال يشار لهم بالبنان . لقد كان هؤلاء بتواصل دائم مع اهاليهم في العراق . في اواسط الخمسينات من القرن الماضي كنت طالباً في الصف الأول المتوسط في متوسطة تلكيف ، ومن اصدقائي حينها أتذكر صباح عتّيشا ومسعود بطرس كلشو ووديع دنحا ، والأخير كان يحدثني عن الهجرة الى امريكا ، وفي وقتها ايضاً كانت تعرض افلام سينمائية على الجدار الخلفي للكنيسة ، وكانت هذه الأفلام تظهر الجالية الكلدانية التلكيفية المهاجرة الى اميركا . وما اريد هنا التنويه عنه : انهم كانوا دائمي التواصل مع العراق . بعكس الآثوريين المهجّرين حيث قطعت كل صلة لهم بأرضهم بعد مغادرتهم لها . الكلدانيون اليوم بعد ان طغى مفهوم الهوية الدينية والقومية في الساحة السياسية العراقية ، وباتت ضرورة للحضور والأستحقاق السياسي ، ينهض الكلدانيون ، لتثبيت شخصيتهم وذاتيتهم ولغتهم وآدابهم وتقاليدهم وأزيائهم و .. و .. الخ لكي يكون لهم شخصية مستقلة ، ففي التبعية والذيلية لغيرهم يمحي شخصيتهم وهويتهم وقوميتهم على مر الزمن ، انهم يعتقدون ان الوحدة هي التعامل الندي بين كل الأطراف ، ومن هذه النظرة الموضوعية يعترفون ويسعون الى الوحدة . التي نتفق على اهميتها جميعاً . الوحدة الحقيقية الوحدة الحقيقية هي التي تجري بين أطراف ( موجودة ) على الساحة فإذا شئنا الوحدة بين مكونات شعبنا ينبغي ان تكون بين الكلدانيين والسريان والآشوريين ، وإذا تم اقصاء طرف من هذه المعادلة ستكون وحدة اقصائية ، أي ان التنافس سيكون احترابي ويسود منطق النرجسية والطغيان ، وهذا منطق لا يقبله الفكر الوحدوي الندي المتكافئ ، إذ كيف تجري وحدة بين كيانات لا يعترف بوجود احداها على الخارطة ؟ الخطاب الاشوري العام يتلخص في احقية الأسم الآشوري وبطلان الأسماء الأخرى ، وأشخص في هذا الشأن الحركة الديمقراطية ألاشورية [ الزوعا ] باعتبارها اكبر حزب آشوري ، وتحتفظ بمنهجها الآشوري وتعلن شعارات كلدواشوريةسريانية لكسب الناخب الكلداني وقد نجحت الحركة الى حد ما بهذه المناورة السياسية . ان الحركة تسعى الى حذف الواوات بين الكلدانية والآشورية والسريانية ، وبعد حذف هذه الواوات ترى الحركة [ الزوعا ] ان الوحدة قد تحققت وانتهت كل المشاكل العالقة دون رجعة . بتقديري انه تقدير سطحي طفولي سياسي غير مدرك لأبجدية العمل الوحدوي المبني على التعامل الأخوي الشفاف . ان الحركة الديمقراطية الآشورية بصورة خاصة تهاب النهوض القومي الكلداني ، وهي تضع العراقيل امام تكوين تنظيمات كلدانية ، ومحاربة التنظيمات الكلدانية تأتي في مقدمة واجباتها . أقول : ان الوحدة القومية هي بنبذ ( الأحقاد ) والأعتراف الكامل بمكونات شعبنا من كلدانيين وسريان وآشوريين وهذه اسماء قومية تاريخية يعتز بها شعبنا ، والوحدة هي بالتعامل المتكافئ بين هذه المكونات الثلاث وليس [ بلفلفة ] الأمور وإلغاء الواوات . مثل هذه الوحدة الهزيلة هي انتقاص لوحدة شعبنا الحقيقية واستخفاف بوعيه ومشاعره وتاريخه . حبيب تومي / اوسلو
#حبيب_تومي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مام جلال .. جنّبوا العراق شبح حرب اهلية قذرة
-
البيت الكلداني القومي والسياسي .. كيف نبني ؟
-
ايران تتحدى امريكا وحلفائها من موقع قوة
-
العراق بين العودة الى العصر الجاهلي واللحاق باليابان
-
المصداقية في بيث نهرين اثري 752 والامل في العراقية الوطنية 7
...
-
تكهنات الفوز واحتمالات الفشل قوائم شعبنا 752 :740 :800
-
الخطاب السياسي الكلداني .. الى اين ؟
-
القومية الكلدانية بعد ان تبوأت مكانها الطبيعي في الدستور
-
انه زمن الجنون العراقي
-
الأقليات العراقية وإنصافهم بمقاعد ثابتة في الجمعية الوطنية
المزيد.....
-
أمريكا تصادر طائرة ثانية لرئيس فنزويلا.. ومسؤول: كنز من المع
...
-
آيسلندا: مكتب الأرصاد الجوية يصدر تحذيرا بالطقس الأحمر بسبب
...
-
روسيا لترامب.. حل نزاع أوكرانيا بالأفعال
-
لبنان.. غارات إسرائيلية ليلية عنيفة تستهدف البقاع وإقليم الت
...
-
كوريا الجنوبية تطور مدمرات بحرية لجيشها
-
متصفح Firefox الجديد يحصل على ميزات الذكاء الاصطناعي
-
أسوشيتد برس: مصر أبلغت واشنطن أن اتفاقية السلام مع إسرائيل ف
...
-
تبادل للأسرى بين إدارة العمليات العسكرية السورية وعشائر لبنا
...
-
صحف عالمية: خطة ترامب لغزة طوق نجاة لنتنياهو وتشتت مسار الأح
...
-
أزمة الإيواء بغزة تتفاقم مع تنصل إسرائيل من تنفيذ البروتوكول
...
المزيد.....
-
الرغبة القومية ومطلب الأوليكارشية
/ نجم الدين فارس
-
ايزيدية شنكال-سنجار
/ ممتاز حسين سليمان خلو
-
في المسألة القومية: قراءة جديدة ورؤى نقدية
/ عبد الحسين شعبان
-
موقف حزب العمال الشيوعى المصرى من قضية القومية العربية
/ سعيد العليمى
-
كراس كوارث ومآسي أتباع الديانات والمذاهب الأخرى في العراق
/ كاظم حبيب
-
التطبيع يسري في دمك
/ د. عادل سمارة
-
كتاب كيف نفذ النظام الإسلاموي فصل جنوب السودان؟
/ تاج السر عثمان
-
كتاب الجذور التاريخية للتهميش في السودان
/ تاج السر عثمان
-
تأثيل في تنمية الماركسية-اللينينية لمسائل القومية والوطنية و
...
/ المنصور جعفر
-
محن وكوارث المكونات الدينية والمذهبية في ظل النظم الاستبدادي
...
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|