أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد ابداح - الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ














المزيد.....


الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ


محمد ابداح

الحوار المتمدن-العدد: 5776 - 2018 / 2 / 3 - 13:37
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لطالما وقفت طويلا أمام تلك الآية الكريمة (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ)، وبالطبع فلم تغب ظلال كتب التفسير عن التأثير في محاولتي لاستيعابها جيدا، ولم تزدها تلك الكتب سوى غموضا وتشويها، بدءا من توقيت التنزيل في حجة الوداع يوم عرفة ومكانه بمكة، مرورا بأحكام الناسخ والمنسوخ وعلاقتها بتفسير الآية المذكورة باعتبارها نسخا للأديان السابقة أم مكملة لها!، إلى أقوال الفقهاء بانتفاء التحريم والتحليل بعد نزول تلك الآية (تفسير ابن كثير-5 /246) ومخالفة البعض الآخر بدليل نزول آية الربا لاحقا، وآية الكلالة في المواريث (أحكام القرآن لابن العربي -2/ 40-41)، وما هو المقصود بالكمال هل هو كمال الصفة أم المعنى، وانتهاءا بالمخاطب بتلك الآية، فهل هم أتباع محمد عليه السلام أم كافة البشر، وفي الحقيقة فإن المخاطب أو المقصود بالآية السابقة هو سبب بحثي هذا، وبعد استعراض أقوال أهم المفسرين كابن كثير والقرطبي والبهيقي وابن جرير وغيرهم في قوله الله تعالى: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإسْلامَ دِينًا ﴾ المائدة- 3، وجدت بأن المخاطب هم أمة محمد فقط (فتلك أكبرُ نِعَم الله على هذه الأمَّة؛ حيث أكمل الله لهم دينَهم، فلا يحتاجون لدينٍ أو نبي غيره، ولا حلالَ إلاَّ ما أحلَّه، ولا حرام إلاَّ ما حرَّمه) (ابن كثير 5 /248). وعن ابنُ جرير عن ابن عبَّاس حين قرأ: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِينًا ﴾، قال يهودي: لو نزلتْ هذه الآية عليْنا لاتَّخذنا يومَها عيدًا، فقال ابنُ عبَّاس: فإنَّها نزلتْ في يوم عيدَينِ اثْنَين: يوم عيدٍ ويوم جمُعة (تفسير ابن جرير 4 /419 )، وذات الرواية في صحيح البخاري ومسلم على التوالي ص 32 برقم 45، ص 1207 برقم 3017.
فإن كان الخطاب في الآية الثالثة من سورة المائدة موجّه لأتباع محمد عليه السلام فقط وهو كذلك وفقا لاجماع فقهاء المسلمين، حيث لم ينزل دين الآسلام دفعة واحدة، بل نزل على جرعات حتى اكتمل، وعليه فلا حجة للمسلمين على اليهود والنصارى وغيرهم بهذا الدين الذي يسوّق للجميع على أنه عالمي، كما أن تمام النعمة المقصود في الآية هي نعمة الإسلام وهي مطلقة بذاتها ومقيدة بأتباعها فقط ، لذا قد يعرج بنا هذا المفهوم للتساؤل عن أي دين هذا الذي اكتمل، فأغلب سكان جزيرة العرب كانت تدين إما باليهودية أو النصرانية وما تبقى كانوا يعبدون الأصنام تزلفا وتقربا للتواصل مع الإله الأعظم في السماء وفق معتقداتهم، يضاف لما سبق العديد من الآيات القرآنية مخاطبة أهل مكة التي تشير لذات التفسير {كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ}.. [البقرة : 151].
إن الغموض الذي قد يظهر هنا مردّه بعض كتب التفسير الفقهي باعتبار أن دين ابراهيم وموسى وعيسى وفقا لآيات القرآن الكريم هو الإسلام، بمعنى أن الخطاب في آية المائدة قد يتّسق مع القول بشموله لليهود وبأن محمدا قد أرسل لليهود وسار بالفعل إلى مدنهم وقراهم (كما فعل عيسى ومن قبله موسى) ولاقى منهم ما لاقى من الذل والضرب والإهانة إلى أن أمر بطردهم من الجزيرة العربية بعد أن يأس من تلبيتهم لدعوته، ولم ينل منهم سوى الغدر ونقض العهود، واكتفى بمن نصره وتبعه من مكة والمدينة وغيرها، وهنا يكون الدين قد كمُل.
وأما عن الجزء الثاني من الآية (وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي) فما قول اليهودي (لو نزلتْ هذه الآية عليْنا لاتَّخذنا يومَها عيدًا) إلا إبعادا لفكرة شمول اليهود بهذا الدين، وتلك لفتة ذكية ودهاء من قبل اليهودي وقع في فخّها أغلب فقهاء التفسير الإسلامي، وخصوصا أن ذلك اليهودي عمّق الهوة بين (وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ( البقرة-150) و(يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ (البقرة-47)- أي أن نعمة الله على اليهود قد تمت بالفعل- من جهة، وبين ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي﴾ من جهة ثانية، ولم يتمكن فقهاء التفسير من تجسير تلك الهوة بين شمولية الدين وبين حصره في فئة معينة من الناس.
وإن كان الدين قد كمُل فعلا، فلا يحتاج إذن إلى زيادة، وما يفعله جلّ أهل السنة والشيعة والصوفية والزيدية وغيرهم من بدع ليست سوى تكريس لمفهوم نقص الدِّين وتشويها له، وهذا يقودنا للجزء الثالث من الآية (وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإسْلامَ دِينًا)، رضاء الله للمؤمنين بدين الإسلام يعني بالضرورة اختياره من جملة أديان سابقة وهي بلا شك أديان سماوية غير دين الإسلام، ومن يحاجج بغير ذلك فعليه أن يراجع نفسه أولا وأن يقرأ بتأنّي ثانيا، وإلا فسيكون مفهوم الآية مشوها كأن تقول وأتممت عليكم نقمتي وليس نعمتي، لأنني رضيت لكم الإسلام دينا وأعلم بأنكم لم ولن ترضو به أبدا.



#محمد_ابداح (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أولستَ بخير!
- يفعلون ما يؤمرون -2
- أصحاب السمو والفخامة !!
- أماني العرب
- بطولة حمل الأثقال السياسية
- يَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ-1
- قانون الميراث الروسي
- قانون الميراث الفلبيني
- قانون الميراث البريطاني
- موانع الميراث وفقا لقوانين الأحوال الشخصية في الدول العربية ...
- موانع الميراث وفقا لقوانين الأحوال الشخصية في الدول العربية ...
- موانع الميراث وفقا لقوانين الأحوال الشخصية في الدول العربية
- تحليل الجدل الفقهي والقانوني حول موانع الميراث في الشريعة ال ...
- تدابير الحرية
- لو.. وأخواتها
- العلمانية وفقه التدليس
- الحرب والخوف - واقع اللاجئين السوريين في مخيمات اللجوء- الجز ...
- الحرب والخوف - واقع اللاجئين السوريين في مخيمات اللجوء- الجز ...
- الحرب والخوف - واقع اللاجئين السوريين في مخيمات اللجوء- الجز ...
- توحيد قوانين الميراث في دول الاتحاد الاوروبي


المزيد.....




- “السلام عليكم.. وعليكم السلام” بكل بساطة اضبط الآن التردد ال ...
- “صار عندنا بيبي جميل” بخطوات بسيطة اضبط الآن تردد قناة طيور ...
- “صار عنا بيبي بحكي بو” ثبت الآن التردد الجديد 2025 لقناة طيو ...
- هل تتخوف تل أبيب من تكوّن دولة إسلامية متطرفة في دمشق؟
- الجهاد الاسلامي: الشعب اليمني حر ويواصل اسناده لغزة رغم حجم ...
- الجهاد الاسلامي: اليمن سند حقيقي وجزء اساس من هذه المعركة
- مصادر سورية: الاشتباكات تدور في مناطق تسكنها الطائفة العلوية ...
- إدانات عربية لعملية اقتحام وزير إسرائيلي باحة المسجد الأقصى ...
- افتتاح الباب المقدس في كاتردائية القديس بطرس بالفاتيكان إيذا ...
- زيلينسكي يحتفل بعيد حانوكا اليهودي بحضور مجموعة من الحاخامات ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد ابداح - الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ